يجب وقف الحرب القادمة في غزة

الأحد 4 أكتوبر 2015 05:10 ص

أنشأت عمليات إطلاق النار الأربع من قطاع غزة باتجاه (إسرائيل)، الشهر الماضي، شعورا صعباً عند سكان الجنوب. ويُضاف إليه الشعور بأن الردع الذي تحقق قبل عام فقط وبثمن باهظ قد يتلاشى. لماذا؟.

الردع بقي ناجعا، وما ينقصه هو الخطوة المكملة. قبل عام مع انتهاء عملية الجرف الصامد اتفق الجميع على أنه خلال شهر ستجتمع لجنة دولية تهتم بإعادة إعمار اقتصاد القطاع. وقد قيل أيضا إن مصر ستترأس اللجنة، أما أموال إعادة الإعمار فسيتم نقلها للسلطة الفلسطينية.

لقد مر منذ ذلك الحين 13 شهرا، وليس هناك مؤشر على هذه اللجنة. السبب بسيط: مصر والسلطة الفلسطينية اللتان لهما الدور الأبرز لا تريدان إعادة إعمار القطاع. إضافة إلى ذلك فإن هذين اللاعبين غير مباليين بإمكانية تجدد الصدام العنيف بين (إسرائيل) وبين قطاع غزة.

في المقابل، وبشكل غريب، توجد مصالح مشتركة بين (إسرائيل) وبين قيادة «حماس». فلإسرائيل مصلحة أمنية فقط في غزة وليس لها أي مصالح اقتصادية أو سياسية. ما يهمنا هو الهدوء على مدى بعيد، وأن تكون قدرة «حماس» على التسلح محدودة.

«حماس» من ناحيتها لديها في هذه المرحلة مصلحتان: الأولى، الحصول على الشرعية الدولية لسلطتها في غزة. الثانية، إعمار الدمار في غزة وتحسين الوضع الاقتصادي. هذان الأمران سيعززان «حماس» في مواجهة خصومها بما في ذلك مؤيدو «داعش» في القطاع.

ونظرا لأن هاتين المصلحتين لـ«حماس» لا تتعارضان مع المصلحة الإسرائيلية الأمنية الخالصة، يمكن التوصل الى تفاهمات تضمن الهدوء فترة من الزمن.

إن انجازاً كهذا يجب ألا يعتمد على الردع فقط، بل على العمل المواظب لإعمار قطاع غزة. وهذا العمل للأسف لا يحدث. إضافة الى ذلك، ولأجل قول ذلك صراحة، فإن مصلحة (إسرائيل) هي في سلطة مستقرة لـ«حماس»، وكل بديل آخر سيكون اكثر سوءاً بالنسبة الينا.

في ظل هذا الوضع يجب على السياسة الإسرائيلية الاعتماد على خطوتين: خطوة لاستمرار قصف غزة ردا على أي إطلاق نار نحو (إسرائيل)؛ ومن جهة اخرى يجب على (إسرائيل) دفع لاعبين دوليين، ليسوا مصريين، إلى المبادرة لمفاوضات على المرحلة الثانية التي هي إعمار القطاع. الاتحاد الاوروبي يمكنه أن يكون لاعبا مناسبا. وفي إطار هذه المفاوضات توافق (إسرائيل) ليس فقط على إعمار المنازل المهدمة في غزة، بل أيضا على بناء البنى التحتية للطاقة والمياه والاتصالات وما أشبه.

طالما أنه ليس هناك كهرباء في القطاع في معظم ساعات اليوم ويوجد تقليص في مصادر المياه ونسبة البطالة تتجاوز 40%، فإن الوضع لن يستقر في غزة. خيبة الأمل تساعد التنظيمات المتطرفة أكثر من «حماس» على أن تزدهر، وتستعد لإطلاق النار نحو (إسرائيل).

يجب القول إن «حماس» في هذه المرحلة لا تطلق الصواريخ على (إسرائيل)، لكن قدرتها على منع الآخرين لفعل ذلك في تراجع. وفي ظل هذا الوضع ما زال بالامكان وقف التصعيد قبل الوصول إلى «الجرف الصامد 2».

من الصحيح الإشارة إلى أمرين: المصالح المشتركة بين (إسرائيل) و«حماس» تتعلق أيضا بموضوع بناء الميناء في غزة.

من ناحية «حماس»، الميناء هو رمز لنجاحها في رفع الحصار. أليس هذا مصلحة إسرائيلية ايضا؟ وجود الميناء لا يسبب خطرا أمنيا لأن الأمن لا يتحدد بعدم وجود الميناء، بل حسب سلاح البحرية.

يمكن الموافقة على ميناء بحري لا يهددنا. ثانيا، هناك مبالغة في خوفنا من التنسيق مع «حماس» خشية تفسير هذا الأمر وكأننا نتفاوض مع منظمة «إرهابية». صحيح أن «حماس» هي منظمة «إرهابية» لكنها تسيطر على «دولة غزة» – تنسيق كهذا بين الجيران، حتى لو كانوا أعداء، شرعي ومطلوب.

الخلاصة: مشكلة (إسرائيل) ليست تراجع الردع، بل إهمال الذراع الثانية التي يجب عليها ضمان الهدوء فترة من الزمن. آمل أن هذا ليس متأخرا.

* غيورا أيلند رئيس مجلس الامن القومي الإسرائيلي السابق 

  كلمات مفتاحية

غزة (إسرائيل) مصر السيسي حماس فلسطين الاحتلال الجرف الصامد

«بان كي مون» يدعو مصر و(إسرائيل) لفتح المعابر مع غزة

الاحتلال الاسرائيلي يشن غارات جوية على مناطق متفرقة في قطاع غزة

صحيفة مصرية معارضة تزعم تمويل الإمارات مشروع إغراق حدود غزة بالمياه

مركز أبحاث إسرائيلي: قيادة الجيش لم تكن منسقة في حرب لبنان الثانية وحروب غزة

إسرائيل واللعبة المزدوجة في سياسة التفريق بين قطاع غزة والضفة الغربية