طلبت السلطات التركية من القنوات المصرية المعارضة التي تبث من تركيا، تجنب الإساءة إلى الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" وحكومته، فيما أكد مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي (الحاكم) "ياسين أقطاي"، أن بلاده لن تغلق القنوات المصرية، ولن تسلم أيا من المعارضين إلى مصر.
يأتي ذلك في ظل تفاهمات أمنية بين البلدين، بعد حدوث تطور إيجابي في العلاقات التي ظلت في جمود منذ 2013.
وكشف السياسي المصري "أيمن نور" رئيس مجلس إدارة قناة "الشرق" (معارضة)، إن "هناك لقاء تم بين مسؤولين أتراك وممثلين عن المعارضة المصرية في تركيا".
وذكر أنه تم الحديث خلال اللقاء عن التطورات الأخيرة في العلاقات بين مصر وتركيا، مشيرا إلى أنه تم التطرق إلى أداء القنوات المصرية التي تعمل في تركيا.
وأضاف "نور"، في لقاء مع برنامج "بعد منتصف الليل"، على قناة "الجزيرة"، الجمعة، إن ممثلي المعارضة المصرية فهموا من المسؤولين الأتراك وجود رغبة في تعديل خطاب هذه القنوات، بما يتسق مع مواثيق الشرف الإعلامية والصحفية.
وأشار إلى وجود حوار مع المسؤولين الأتراك بشأن "لغة الخطاب"، و"ليس طبيعة القنوات"، مؤكدا عدم طلب الجانب التركي إغلاق القنوات أو إلغاء البرامج.
د. أيمن نور للجزيرة مباشر: حوارنا مع الأتراك لم يتطرق إلى مسألة إغلاق القنوات أو إلغاء برامج أو تسليم معارضين pic.twitter.com/KrCsRewdb7
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 18, 2021
ونفى "نور" الحديث عن إغلاق القنوات التلفزيونية المصرية التي ثبث من تركيا أو ترحيل معارضين أو إعلاميين، مؤكدا أنه لن يقبل مجرد طرح هذا الأمر.
وأضاف أنه ناقش ما دار في هذا اللقاء مع العاملين في قنوات "الشرق"، وطالبهم بالحرص على المهنية والموضوعية.
ولم يستبعد "نور" انتقال القنوات للعمل من خارج تركيا، إذا كان هناك ضرورة، مؤكدا أنه لا يريد أن يستبق الأحداث.
وجدد "نور" تأكيده على أن المساس برسالة القنوات الرئيسية "لن يكون مقبولا"، مشيرا إلى أنها ستبحث وقتها عددا من الخيارات.
د. أيمن نور للجزيرة مباشر: #معتز_مطر سيواصل تقديم برنامجه بكل أريحية فور تعافيه من فيروس كورونا pic.twitter.com/cL5SfIlp3z
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 18, 2021
والقنوات المعنية بالأمر، بالإضافة إلى "الشرق"، هي "مكملين"، و"وطن".
ولم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات التركية، حول ما ذكره "نور"، لكن مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي (الحاكم) "ياسين أقطاي"، نفى إغلاق القنوات المصرية المعارضة.
وقال في تصريحات، الجمعة، للجزيرة، إن السلطات لم تكن تتابع ما تبثه القنوات، ولكن بعد تلقي طلب مصري بشأنها، أصبحت لديها ملاحظات، وهو ما دفع السلطات التركية إلى نصح هذه القنوات بتجنب التحريض والانتقاد الشديد للنظام المصري.
وحول الأخبار التي تحدثت عن إمكانية تسليم تركيا لمعارضين مصريين من "الإخوان المسلمون" للسلطات المصرية، قال "أقطاي"، إن تركيا لن تسلم أعضاء جماعة الإخوان، أو أي مطلوب لمصر ودول أخرى.
د. ياسين أقطاي للجزيرة مباشر: مستحيل أن تسلم تركيا أي شخص لا لمصر ولا لأي دولة تنفذ عقوبة الإعدام pic.twitter.com/P031BBQL4Q
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 19, 2021
ولفت إلى أن مصر لم تطلب من تركيا تسليم أي من المعارضين، مشددا على أن حقوق الإنسان مكفولة في تركيا.
وأشار إلى أن الاتفاقية بين مصر وتركيا تقتصر على قضية شرق المتوسط.
وعقب اجتماع القنوات المصرية والمسؤولين الأتراك الذي تحدث عنه "نور"، أعلنت قناة "الشرق" عبر مواقع التواصل الاجتماعي إيقاف عرض حلقة الخميس من برنامجي "الشارع المصري" و"ابن البلد".
متابعينا الاعزاء
— قناة الشرق (@ElsharqTV) March 18, 2021
نعتذر لحضراتكم عن عرض حلقة الليلة من برنامج الشارع المصري
من جانبهم، أكد صحفيون مصريون معارضون البلاغ التركي الذي تلقته وسائل الإعلام المصرية المعارضة.
ونقل الصحفي "عبدالمنعم محمود"، عن "دعاء حسن" من إدارة قناة "الشرق"، قولها إن "اجتماعا حصل مع مسؤولين أتراك ومسؤولي القنوات المعارضة"، مؤكدة أنه طلب منهم تخفيض أسلوب المعارضة من استخدام ألفاظ سيئة أو معلومات غير صحيحة.
وأضافت "دعاء"، أنه طلب منهم عدم الإساءة لأركان النظام بالسب أو القذف، وأن برامجهم السياسية مستمرة مع الحفاظ على لغة الخطاب، لافتة إلى أنه ستكون هناك فرصة شهرين أو ثلاثة لاختبار هذه الخط الجديد.
دعاء حسن من إدارة قناة الشرق تقول أنه طلب منهم عدم الاساءة لأركان النظام بالسب أو القذف وأن برامجهم السياسية مستمرة مع الحفاظ على لغة الخطاب، وتقول أن ستكون هناك فرصة شهرين أو ثلاثة لاختبار هذه الخط الجديد
— abdelmoneim Mahmoud عبدالمنعم محمود (@moneimpress) March 18, 2021
وتوجد في مدينة إسطنبول التركية عدة منصات ووسائل إعلام مصرية معارضة لنظام "السيسي".
ويبدو أن جبال الجليد بين القاهرة وأنقرة، بدأت في الذوبان بعد سنوات من الخصام والتصعيد المتبادل سياسياً وإعلامياً.
فمنذ بضعة أشهر، بدأ البلدان في إطلاق تصريحات مشجعة حول العلاقات بينهما وإمكانية العودة الى التعاون الإيجابي، منها تصريحات السفير التركي في قطر، والذي أشاد بتعامل البلدين في المجال الاقتصادي.
والأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، إن تعاون بلاده مع مصر في المجال الاقتصادي والدبلوماسي والمخابراتي "متواصل ولا توجد أي مشكلة في ذلك".
بينما أعلن وزير خارجيته "مولود جاويش أوغلو"، بدء الاتصالات الدبلوماسية مع القاهرة والانفتاح على تحسين العلاقات معها.
بيد أن مصر، قالت إن ما يصدر من تصريحات من مسؤولين أتراك من مختلف المستويات في الآونة الأخيرة، لا يمكن أن يطلق عليه توصيف "استئناف الاتصالات الدبلوماسية".
وكانت الأزمة بين أنقرة والقاهرة، قد انفجرت عام 2013 بعد قيام الجيش المصري بالانقلاب على "محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، الأمر الذي واجهته القيادة السياسية التركية بنقد لاذع للغاية.
كما احتدمت الأمور مع الخلافات المتصاعدة بين تركيا وعدة دول من بينها مصر على تقاسم الثروات النفطية والغازية في شرق المتوسط، ما نتج عنه جمود شامل للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتصعيد تعلو وتيرته أحياناً وتخفت أحياناً أخرى.