«فورين بوليسي»: كيف سيتمكن «لورانس العرب» من هزيمة «الدولة الإسلامية»؟

السبت 17 أكتوبر 2015 12:10 م

قام زميل لي مؤخرا بمشاهدة الفيلم الحاصل على جائزة الأوسكار الكلاسيكية عام 1962 وهو فيلم «لورانس العرب». وقد قام بالتعليق حول مزايا الفيلم في فهم الشرق الأوسط حاليا عبر هز كتفيه بلا مبالاة ساخرة والقول: «يبدو أنه لا شيء قد تغير».

من الواضح، في المجمل، أن تغييرات كبرى قد وقعت منذ بداية القرن العشرين وهو شيء يدركه صديقي تماما في الواقع. ولكن كبد الحقيقة في تعليقه أنه يمكننا استثمار بعض الوقت للنظر في حياة «توماس إدوارد لورانس»، المشتهر باسم «لورانس العرب»، والحقبة الزمنية التي عاش فيها. خلال قصته تبرز بعض الملاحظات المفيدة والأفكار التي يمكن أن تفيد بشأن سياساتنا التي تم بناؤها بشكل شيء تجاه المنطقة عموما، وفي سوريا على وجه الخصوص.

ولد «لورانس» في بريطانيا، وانتقل والداه إلى أكسفورد عندما كان طفلا. خاض دراسة مكثفة عن العالم العربي بين عامي 1907 و1910 وحصل على الترتيب الأول مع مرتبة الشرف في تخصص الآثار. أمضى وقتا في الاستكشاف والسفر حول الشرق الأدنى في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى. في الأشهر التي سبقت اندلاع الحرب، كان يعاين صحراء النقب (وهو أمر مهم استراتيجيا، لأن الجيش العثماني كان عليه عبورها من أجل مهاجمة بريطانيا في مصر).

عندما بدأت الحرب، كان «لورانس» معروفا كما نعرفه اليوم كضابط أجنبي مؤهل تأهيلا عاليا يحمل خبرة عميقة في بلاد الشام والدولة العثمانية والعالم العربي. وكما تم تصويره في الفيلم بعد ذلك، فقد لعب «لورانس» دورا هاما في المساعدة على قيادة ثورة العرب ضد الدولة العثمانية.

ماذا يمكننا أن نتعلم من تجربته في ما أصبح اليوم مسرحا لأسوأ الحروب التي نواجهها؟ ما الذي كان ليخربا به «توماس إدوارد لورانس»  عن كيفية التعامل مع التحديات التي نواجهها اليوم في بلاد الشام والعالم العربي؟

خمسة دروس

في البداية، وربما النصيحة الأكثر أهمية، فإنه سيقول إن علينا أن نفهم التضاريس الاستراتيجية بشكل أكثر اتساعا وعمقا مما نفعل الآن. معرفة اللغة والتاريخ والثقافة في المنطقة. وكان «لورانس» قد أمضى عشر سنوات التحضير لدوره، بدءا من الفصول الدراسية في أكسفورد. كان يعلم أن أي مشاركة ناجحة في المنطقة سيتم بناؤها على قاعدة من المعرفة والفهم قبل اتخاذ قرار بشأن مسارات العمل.

في عالم اليوم، فإن هذا يعني القيام بعمل أفضل في فهم التاريخ الطويل في المنطقة، والاعتماد أكثر على آراء الخبراء الإقليميين، ودراسة الخطط السابقة الناجحة والفاشلة بشكل أفضل بكثير مما نفعل. برنامج وزارة الدفاع في باكستان وأفغانستان الذي يبني كادر من الخبراء في آسيا الوسطى، يمكن تطبيقه بشكل جيد هنا بهدف زيادة أعداد الخبراء في الشرق الأوسط ضمن صفوف موظفي التخطيط العسكري.

ثانيا: سوف يوجهنا «لورانس» نحو عقد تحالفات مع القادة الإقليميين وبالأخص السنة. كان هذا هو المسار العام الذي سلكه هو، وعلى الرغم من أنه كان هناك العديد التقلبات والمنعطفات المتعرجة، فقد اعترف بأن السبيل الوحيد لتحقيق النجاح في نهاية المطاف سيكون من خلال توظيف وتدريب وتنظيم ونشر المقاتلين المحليين. ولكنه يعرف أيضا أن وجوده كمعلم وزعيم سوف يكون حاسما.

ونحن ننظر في أنحاء الشرق الأوسط اليوم، فإن أفضل رهان لدينا هو العمل مع أصدقائنا وشركائنا السنة المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والأردن ومصر. ومن المفارقات أننا سوف نحتاج أيضا إلى العمل بشكل وثيق مع ورثة الإمبراطورية العثمانية، وأعني دولة الأتراك الحديثة. دون تعاون جيد بين هذه الدول، فإن القليل يمكن أن يتحقق. تحتاج الولايات المتحدة للعب دور في المساعدة على ربطهم معا بالمعنى التكتيكي والاستراتيجي.

وهذا يعني أيضا النظر فيما وراء التجارب غير المشجعة التي خضناها ومنها مؤخرا برنامج تدريب المعارضة في سوريا وانهيار قوات الأمن العراقية، والنكسات التي نراها مع قوات الأمن الأفغانية. كانت هناك برامج وأماكن أكثر نجاحا حيث قامت الولايات المتحدة بتشكيل وتدريب فرق قوية ، بما في ذلك الأردن، ومصر، ودول الخليج.

ثالثا، هناك دور مركزي للعمليات الخاصة على مستوى الحملة في كثير من ما نحتاج إلى تحقيقه. حتى ينفذ «لورانس» خطته فقد كان بحاجة إلى قوات خاصة قوية وحاسمة. نحن بحاجة إلى التفكير في خطة استراتيجية متماسكة تمزج بين قدرات الولايات المتحدة وشركائها. ليس فقط الشركاء السنة هم من لديهم قوات قادرة ولكن أصدقاء الولايات المتحدة في إسرائيل يملكون القوة كذلك. المزج بين بعضهم البعض من المحتمل أن يكون بعيدا في المرحلة الحالية ولكن التفكير في القوات الخاصة هو أمر بالغ الأهمية. والقيادة المركزية للعمليات الخاصة الأمريكية مجهزة بشكل جيد للقيام بذلك وربما العمل مع مقر العمليات الخاصة لحلف الناتو.

الرابع، كان «لورانس» ليقول أن عليك أن تفعل ما هو غير متوقع عسكريا. لقد قال ذات مرة: « تسعة أعشار التكتيكات محددة وهي تدرس في الكتب ولكن العشر غير العقلاني هو الاختيار الحقيقي للقائد العسكري».

بالنسبة للمبتدئين، وهذا يمكن أن يشمل الجمع بقوة بين العمليات السيبرانية والنشاط الحركي بشن غارات القوات الخاصة المشتركة مع الشركاء الأكراد والسنة، خلق وفرض مناطق حظر الطيران على طول الحدود بين سوريا وتركيا وزرع أجهزة الاستشعار عبر طرق الخدمات اللوجستية وطرق التهريب.

الدرس الخامس وربما الأهم من ذلك، مثل «لورنس» يجب علينا التحلي بالتواضع والاعتراف بالقيود المفروضة على النفوذ الغربي في تلك المنطقة الأكثر تقلبا. في معرض تقييم التأثير الكلي لأنشطة بريطانيا في المنطقة كتب لورانس ذات مرة: «لقد تم الزج ببريطانيا في فخ في بلاد ما بين النهرين سيكون من الصعب الخروج منه بكرامة وشرف». ليس من الضروري أن تصبح المنطقة فخا في النهاية ولكن علينا أن نقدر بالتأكيد تعقيدات التحديات التي نواجهها وندرك أن النتائج المثالية قد تعود بعيدة المنال.

لا توجد حلول سحرية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط المضطربة. ويتطلب النجاح النظر في كل أدوات القوة الصلبة والناعمة التي نملكها في جعبتنا. لأجل تحديد ما يجب علينا القيام به بعد ذلك، يمكننا أن نقوم بعمل أفضل من خلال النظر بعين الاهتمام إلى أفكار أولئك الذين يعرفون المنطقة بشكل جيد، بما في ذلك القرن الماضي وحياة لورانس العرب.

  كلمات مفتاحية

سوريا الدولة الإسلامية التحالف الدولي لورانس العرب

«الدولة الإسلامية» ليست لغزا: كيف نفهم تحركات التنظيم الاستراتيجية؟

انسوا «سايكس بيكو» .. معاهدة «سيفر» هي ما يشرح الاضطراب في الشرق الأوسط

وثائق «دير شبيجل»: القصة الكاملة لـتأسيس «الدولة الإسلامية» على يد ضابط مخابرات عراقي

«ستراتفور»: اتجاهات السياسات العالمية وتحولات الشرق الأوسط خلال عشر سنوات قادمة

«ناشيونال إنترست»: البحث عن استراتيجية جديدة لهزيمة «الدولة الإسلامية»

العرب وروسيا .. مواجهة حتمية في سوريا

وثيقة مسربة تكشف كيف يبني «الدولة الإسلامية» مملكته في سوريا والعراق

ما لا يحكيه التاريخ عادة: نساء أسهمن في صناعة الشرق الأوسط