«ميدل إيست بريفينج»: ما الذي تفعله روسيا في العراق الآن؟

الجمعة 23 أكتوبر 2015 02:10 ص

اختتم الجنرال في مشاة البحرية الأمريكية «جوزيف دانفورد»، رئيس هيئة الأركان المشتركة، الأسبوع الماضي زيارته الهامة إلى العراق. في حين أن الارتباك في بغداد حول السماح لطائرة «دانفورد» من طراز C-17 لا يزال غير مبرر فإن الجنرال عامة لا يضيع الوقت في الوصول إلى عمله. مهمته الأولى، كما قال في بغداد، كانت أن يوضح لرئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» أن السماح للروس بالتحليق فوق مناطق الحرب في العراق سوف يعقد من المهمة الأمنية للولايات المتحدة في العراق وربما ينتهي إلى خفضها أو إلغائها.

قبل فترة قليلة من سفر الجنرال إلى بغداد وأربيل، كانت جميع خطوط الهاتف بين كبار المسؤولين الأمريكيين ورئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» وكبار مساعديه مشغولة دوما. وقال «دانفورد» في الأول أكتوبر/ تشرين الأول إنه يعتقد أن التقارير التي تفيد بأن الحكومة العراقية طلبت من الروس تنفيذ ضربات جوية في العراق »لم تعد مدرجة على جدول الأعمال«. حتى الآن لا يعتقد، حتى في بغداد نفسها، أن الروس على استعداد لإجراء أي من الطلعات الجوية الكبيرة هناك. السحابة الكاملة من الشائعات حول دور وشيك للقوات الجوية الروسية كان هناك مجرد انعكاس للمناخ السياسي وأداة في الصراع السياسي الدائر في العراق.

قامت مصادر في لجنة الأمن في البرلمان العراقي بتسريب معلومات حول أن روسيا تقوم بالفعل بالتحليق بكثافة في جميع المواقع الاستراتجية، وأن غرفة عمليات المربع الأمني المكون من روسيا وإيران وسوريا والعراق تعمل بكامل نشاطها. «لم يكن بإمكاننا تطهير بيجي من الدولة الإسلامية بدون مساعدة من مركز المخابرات الجديد الذي يتضمن الروس»، وفقا لأحد أعضاء اللجنة.

رئيس اللجنة، «حاكم الزاملي»، قام بتأكيد هذه التسريبات بشكل أو بآخر. « بدون مساعدة روسيا، معركة بيجي كان يمكن أن تكون أطول وأصعب .. معركة الموصل ي خطوتنا القادمة» وفقا لقوله. ولكن «الزاملي» اعترف بأن مساعدة موسكو ليست في شكل غارات جوية.

لا يوجد أي دليل على الإطلاق على أن الروس قد لعبوا أي دور تنفيذي في بيجي أو في أي مكان آخر في العراق. تقييم «غرفة العمليات» من قبل ضباط الجيش المحترفين هو أنها لم تحدث فارقا حقيقيا حتى الآن. المعلومات لدى الروس من العراق هي ذات الصلة أساسا بقتالهم الأساسي في سوريا.

ولكن تقارير أخرى تشير إلى أن معركة بيجي لم تنته تماما. عندما طلب منه التأكيد أن بيجي قد صارت نظيفة تماما فقد كان المتحدث باسم قوة الحشد الشعبي، «أحمد الأسدي»، مترددا بشأن إعطاء مثل هذا التأكيد. «أستطيع أن أقول إن 90٪ من بيجي قد صارت خالية من أي وجود لتنظيم الدولة الإسلامية».

يمكن تلخيص الديناميكية في العراق فيما يتعلق بدور روسيا بالمثل الشعبي العربي القائل: «عدوك يتمنى لك الخطأ وصديقك يبلع لك الزلط» وبعبارة أخرى، فإن قوة الحشد الشعبي تفسر كل التقدم الحادث الآن أنه نتيجة للدور الروسي في حين أنها تؤكد أن كل الهزائم الماضية كانت بسبب الولايات المتحدة. حتى أنه لم تتم الإشادة بالغارات الجوية على بيجي كما تم مع روسيا.

بعد، فإنه من اللافت أن نلاحظ أن بغداد مليئة بالمضاربات والتخمينات في هذه الأيام حول تقسيم العمل بين الولايات المتحدة وروسيا في العراق. المعلق العراقي، «هشام الهاشمي»، قال إن هذا التقسيم للعمل هو "سر" على ما يبدو. «لا ترى الولايات المتحدة أنه من المناسب التنسيق مع قوات الحشد الشعبي طالما أنها ليست جزءا من قوات الأمن الحكومية». ولذلك، اختار الأمريكيون جبهة الرمادي وتركوا بيجي للحشد الشعبي: وهذا يعني ضمنا أن وحدات الحشد الشعبي لن تشارك في معركة الرمادي.

والحشد الشعبي هوة قوة طائفية مع أقنعة سنية رقيقة. وتتزايد بين صفوفه معدلات العداء للولايات المتحدة. عندما رفضت القوات الأمريكية الوحشية الطائفية التي ترتكب ضد أهل السنة في المعارك السابقة، اتهم قادة الحشد الشعبي الولايات المتحدة بالانحياز. عندما أصرت الولايات المتحدة على استبعاد هذا الجيش من المتعصبين الذين يرفعون لافتات طائفية حادة من المعارك في الأنبار، فقد اتهموا الولايات المتحدة بدعم «الدولة الإسلامية».

ولكن يبدو أن الحشد الشعبي قد وجد في التدخل الروسي متنفسا سياسيا. كما تم تنسيق هذه المشاركة مع طهران، وبما أن الروس لا يهتمون كثيرا بالحسابات الطائفية الحساسة في العراق أو حتى مستقبل الأنبار إذا تم إخضاعها مباشرة لسيطرة القوى الشيعية وحكومة بغداد، فقد بدا أن الأصدقاء كانوا على استعداد ليغفروا لبعضهم البعض أي أخطاء.

لم تجر أي ضربات جوية روسية في بيجي. ومع ذلك فإنه يتم نسبة الفضل إلى التقدم الحاصل هناك للسيد «بوتين». أجرت القوات الأمريكية غارات جوية مكثفة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» ورغم ذلك فإنه تم اتهامها علنا بمساعدة المجموعات الإرهابية.

هذا التوصيف المثير للسخرية للدور الأمريكي من قبل القوات الموالية لإيران الشيعية في العراق يتوازن مع توصيف لا يقل إثارة للسخرية حول الدور الروسي من قبل السياسيين السنة. واحد من هؤلاء الساسة أخبرنا أن «روسيا تعمل في العراق من أجل إفشال الجهود الأميركية لمحاربة الدولة الإسلامية. يجب أن تفهم أن وجود الدولة الإسلامية هو هدية بالنسبة لإيران وأنها تريد لها النمو. إنها تعطي لهم الفرصة للحشد الطائفي للشيعة وتقسيم العراق. عندما شعرت طهران بأن الأميركيين جادون في محاربة الدولة الإسلامية في الأنبار فقد طلبوا من الروس القدوم من أجل إبطاء ذلك».

أعرب الولايات المتحدة علنا عن قلقها بعد إعلان تشكيل اللجنة الرباعية الجديدة للأمن في العراق. التوقعات في بغداد تشير بغير دقة إلى قرار قريب يسمح لروسيا ببدء غاراتها الجوية الخاصة ضد «الدولة الإسلامية». هذا الأمر هو جزء من الحرب النفسية السياسية الجارية في بغداد.

الوضع في العراق واضح على الرغم من ذلك. قدم التدخل الروسي للقوى الشيعية الموالية لإيران دفعة نفسية هائلة. الجانب السلبي من هذه الديناميكية سوف يظهر في مرحلة لاحقة حين يتضح أن روسيا غير قادرة على شن أي حملة مستدامة وحين يصبح الحشد الشعبي تحت ضغط شديد في معاركه المستقبلية.

وقد أكد «العبادي» لـ«دانفورد» بشكل عام أن بغداد لم تقم بدعوة روسيا إلى شن حملة جوية في العراق. ولكن رئيس الوزراء ليس صاحب القرار الوحيد في بغداد. في بعض القضايا، فإنه حتى قد يكون صاحب القرار الأخير. الروس قد يجدوا أنفسهم واقعين تحت ضغوط لزيادة مشاركتهم. القوى الشيعية في الواقع سوف تواجه موقف حرجة في ميادين القتال. ويمكن أن تتغير الأمور.

وفي الوقت نفسه، فإن الدور الروسي، فعليا كان أو وهميا هو بطاقة جيدة لمحاولة الضغط على الولايات المتحدة كذلك. ولكن الولايات المتحدة يمكنها ببساطة أن تقول للعبادي «حظا موفقا» وتتجه إلى تسليح الأكراد لمواجهة «الدولة الإسلامية» وتراقب إلى أي مدى يمكن لروسيا حقا أن تذهب في العراق إذا قررت أن تضيفها مع سوريا إلى أجندتها التشغيلية.

والحقيقة هي أن الروس يفعلون القليل جدا في العراق اليوم. وترتبط أنشطتهم بشكل رئيسي بسوريا. أثر وجودهم هناك لا يعدو إلى الآن كونه أثرا نفسيا ولا يمكن التقليل من ذلك ولكنه يعني أن هذا الأثر سوف يكون قصير الأجل. سيكون مهما فقط في بقدر ما يشجع القوات الموالية للشيعة إيران، في نشوتها الحالية، لارتكاب أخطاء أكثر غباء.

  كلمات مفتاحية

سوريا روسيا العراق أمريكا الدولة الإسلامية التدخل الروسي العسكري

واشنطن: «العبادي» أكد أن العراق لن يطلب ضربات جوية روسية ضد «الدولة»

«ستراتفور»: هل تمتد الحملة الروسية في سوريا إلى العراق؟

«الصبر الاستراتيجي»: لا تطاردوا «بوتين» في سوريا .. دعوه يفشل من تلقاء نفسه

العراق يميل بقوة نحو الاعتماد على روسيا في الحرب ضد «الدولة الإسلامية»

«العبادي» من موسكو: نطالب روسيا بدور أكبر ضد «الدولة الإسلامية»

وزيرة الدفاع الألمانية تتعهد في العراق بمواصلة الدعم لمحاربة «الدولة الإسلامية»

العراق المحتل: العشوائية الأمريكية والتنظيم الروسي (2)

العراق المحتل: العشوائية الأميركية والتنظيم الروسي (1)

مسار التظاهرات العراقية من المرجعية الشيعية الى الشيوعية!

تفتيت المفتت في العراق

الكويت تدعو إلى دعم العراق في مواجهة «الدولة الإسلامية»