السيسي وتعديلات قوانين الجيش المصري.. قبضة حديدية جديدة

الأحد 25 يوليو 2021 12:51 م

على الرغم من التكتم السياسي والإعلامي على طبيعة وأهداف التعديلات التي أجريت أخيرا على قوانين تخص القوات المسلحة المصرية، فإن علامات الاستفهام والريبة، ظلت تتردد في الفضاء الإلكتروني، حول أهداف ومكاسب الرئيس "عبدالفتاح السيسي" من تمرير تلك التعديلات.

ولا تحظى قوانين القوات المسلحة بأي نقاش مجتمعي، أو تناول في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، كذلك يتم تمريرها على عجل، وبأغلبية كبيرة، داخل أروقة مجلس النواب دون اعتراض.

وتبرر الحكومة تلك التعديلات في مذكرتها الإيضاحية للقانون، برغبتها في ضخ دماء جديدة في الوظائف الرئيسية الكبرى في القوات المسلحة، لكن مراقبون يرون أن وراء التعديلات "حاجة في نفس يعقوب".

تعديلات جوهرية

يقضي القانون الجديد رقم 134 لسنة 2021، بإدخال تعديلات في 3 قوانين تخص القوات المسلحة، كان أهمها قصر مدة بقاء رئيس أركان حرب وقادة الأفرع ومساعدو وزير الدفاع في مناصبهم على سنتين بدلًا من 4 سنوات ما لم يقرر الرئيس مد خدمتهم بها.

وبموجب القانون، يجوز لـ"السيسي" مد الخدمة في هذه الوظائف لمدة سنة قابلة للتجديد وذلك لمن اكتسبوا خبرة ممتازة أثناء شغلهم هذه الوظائف، على أن لا تسري في شأنهم الأحكام الخاصة بقصر مدة الإحالة للمعاش لـ"اللواء" و"الفريق" على سنتين من تواجدهم بالمنصب أو 4 سنوات في حال موافقة رئيس الجمهورية على مد خدمتهم سنتين بحد أقصى.

كذلك جرى تمرير تعديلات في مجلس النواب المصري، الشهر الماضي، تتعلق بتعديل 3 قوانين هي؛ شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة، رقم 232 لسنة 1959، وخدمة ضباط الشرف والصف والجنود بالقوات المسلحة رقم 123 لسنة 1981، إضافة إلى قانون القيادة والسيطرة على شؤون الدفاع عن الدولة وعلى القوات المسلحة، رقم 4 لسنة 1968.

وتضمن القانون الجديد تعديل 7 مواد بالقانون الأول، وإضافة مادتين له، وإلغاء مادة، ليتضمن قصر تشكيل القوات الفرعية للقوات المسلحة على قوات حرس الحدود بدلًا من قوات السواحل والحدود والقوات البحرية بالموانئ في القانون القديم.

وشملت المواد المعدلة كذلك، تعديل فئات القوات الإضافية بالقوات المسلحة لتشمل قوات الاحتياط والاحتياط التكميلي (الضباط والأفراد المكلفون)، إضافة إلى قوات الدفاع الشعبي والعسكري، والقوات الأخرى التي تقتضي الضرورة إنشاءها بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتصديق رئيس الجمهورية، وذلك بعد أن ألغيت قوات الحرس الوطني التي كان منصوصا عليها في القانون القديم.

كما أضافت التعديلات نصا يتضمن آلية استحداث قوات عسكرية جديدة أو تعديل القوات الحالية وذلك بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وتضمنت التعديلات أيضًا إلزامًا يخص الضباط الفنيين (الأطباء والمهندسين و..) العائدين من بعثات أو إجازات دراسية في الخارج يمنعهم من التقدم بطلب للإحالة للتقاعد (المعاش) قبل مرور سبع سنوات، ويجوز زيادتها إلى عشر سنوات بحد أقصى بقرار من لجنة الضباط المختصة وتصديق وزیر الدفاع.

سيطرة حديدية

ويضمن تعديل قانون القيادة والسيطرة، للرئيس المصري، التحكم المطلق في اختيار قيادات الجيش وأعضاء المجلس العسكري، والإطاحة بالقادة غير المرغوب في بقائهم.

ويتيح التعديل، الإسراع بإجراء إنهاء الخدمة لبعض القادة في حال عدم الصلاحية بعد عامين فقط بدلا من 4، وفي الوقت ذاته تمكين "السيسي" من الإبقاء على رئيس الأركان أو قادة الأفرع الرئيسية، لأكثر من 8 سنوات، بعد إلغاء شرط الحد الأقصى لاستمرار أي منهم في موقعه سلفا.

ويقول مراقبون، إن التعديلات الجديدة، تخدم المقربين من "السيسي"، مثل رئيس الأركان الحالي، الفريق "محمد فريد حجازي"، الذي يقترب من إتمام 4 سنوات في منصبه.

ويعني قصر مدة بقاء رئيس أركان حرب وقادة الأفرع ومساعدو وزير الدفاع في مناصبهم على سنتين بدلًا من 4 سنوات، الحد من تمدد نفوذهم، أو تحولهم إلى مراكز قوى داخل المؤسسة العسكرية.

كذلك فإن المعنيين بهذا التعديل سيكونون أكثر ولاء لـ"السيسي" لضمان التمديد لهم واستمرارهم في منصبهم لأجل غير مسمى بعد إتمامهم أول عامين.

اللافت هو ذلك التعديل الذي يتيح للمرة الأولى للرئيس المصري، إصدار قرارات بإنشاء "قوات جديدة أو تعديل الأسلحة القائمة"، وذلك بعد موافقة المجلس، الأمر الذي يشي بقرب إصدار "السيسي" قراراً بإنشاء قوة جديدة بقيادة جديدة، بحسب "العربي الجديد".

بشكل أكثر وضوحا، يزيد التعديل من صلاحيات "السيسي" للتحكم في مفاتيح إدارة الجيش والقيادة العملية له، والإمساك بزمام إعادة هيكلة الجيش، وتعديل مهام أفرعه في أي وقت، بما يعني تفريغ مهام وزير الدفاع ورئيس الأركان من مضمونها.

رسالة خاصة

يتساءل الكاتب المصري "جمال سلطان"، عن مغزى تلك التعديلات، قائلا عبر "تويتر": "هل يمكن أن يشرح السيسي للشعب الحكمة وراء هذا التعديل الغريب، وأثره على كفاءة القوات المسلحة، أو ما الذي يقلق السيسي في الجيش؟".

ويقول الخبير العسكري "عادل الشريف"، إن التعديلات الأخيرة تحمل رسالة خاصة لقادة الجيش، مفادها أنهم تحت الضرس ليزدادوا انصياعا لـ"السيسي"، إضافة إلى إفساح المجال لآخرين يتعلقون بأمل الصعود إلى هذه المناصب، بحسب "عربي 21".

وفي السابق، جرى تعديل قانون المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يحصر العضوية في عدد معين من القيادات بصفاتهم العسكرية، حيث أضيفت فقرة "تجيز لرئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ضمّ أعضاء للمجلس من قيادات القوات المسلحة وفقاً للحاجة"، ما يعني تحكم "السيسي" في عدد وهوية الأعضاء.

وبينما كان القانون ينص على اختصاص المجلس العسكري بالموافقة على تعيين وزير الدفاع لدورتين رئاسيتين كاملتين بعد دستور 2014، تم التعديل ليكون المجلس مختصاً بـ"الموافقة على تعيين وزير الدفاع طبقاً للقواعد والإجراءات التي يحددها رئيس الجمهورية".

ولا يمكن تجاهل التعديل السابق، الذى جرى العام الماضي، بإضافة فقرة للمادة 103 من قانون شروط الخدمة والترقية، تنص على "عدم جواز الترشح للضباط، سواءً الموجودين بالخدمة أو من انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة".

واحتوى التعديل على 3 إضافات لمجمل حظر العمل السياسي على ضباط الجيش، هي: تضمين الترشح لكل مستويات الانتخابات العامة في قائمة المحظورات "إلا بإذن من المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، وحصر ولاية الطعن على قرار المجلس في القضاء العسكري، وشمول القانون للضباط المتقاعدين، وهي التعديلات التي جرى تمريرها لمنع تكرار إقدام قيادات عسكرية على الترشح للرئاسة، على غرار ما فعله رئيس الأركان الأسبق "سامي عنان" والعقيد "أحمد قنصوة" حينما أعلنا ترشحهما لرئاسيات 2018.

من جديد، يحكم "السيسي" قبضته على مقاليد المؤسسة العسكرية المصرية، ومجلسها الأعلى، بتعديلات قانونية، تمنحه قبضة حديدة للحيلولة دون تكرار ما فعله هو مع الرئيس المصري الراحل "محمد مرسي" حينم انقلب عليه بعد عام واحد فقط من ولايته الرئاسية الأولى، 3 يوليو/تموز 2013.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجيش المصري عبدالفتاح السيسي سامي عنان شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة محمد فريد حجازي

النواب المصري يقر منع ترشح ضباط الجيش إلا بموافقة القوات المسلحة

الجيش المصري يحكم قبضته على العاصمة الإدارية الجديدة

بعد تسريب مستشاري السيسي.. وسم جمهورية مرفت‬ يتصدر تويتر في مصر