ضربة للغرب.. هل تكسر عضوية منظمة شنغهاي عزلة إيران الدولية؟

السبت 9 أكتوبر 2021 06:32 م

انضمت إيران رسميًا إلى منظمة شنغهاي للتعاون في سبتمبر/أيلول الماضي. ويمثل ذلك لحظة تاريخية في علاقات طهران المتنامية مع الصين وروسيا وهما القوتان الرئيسيتان في الاتفاقية الأوروبية الآسيوية.

وبالرغم من وجود حدود لما ستقدمه عضوية منظمة شنغهاي لإيران، فمن المؤكد أنها ستحصل على بعض المكاسب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية. ومن أهم هذه المكاسب تعزيز موقف طهران أمام الغرب لا سيما فيما يتعلق بالمحادثات النووية المتوقفة حاليا.

وفي عام 1996، تأسست منظمة شنغهاي بعضوية 5 دول (الصين وكازاخستان وقيرغيزستان وروسيا وطاجيكستان) كمظلة أمنية وسياسية واقتصادية. وتحولت في 2001 إلى "منظمة شنغهاي للتعاون" عندما انضمت إليها أوزبكستان. وكان هدف المنظمة متعددة الأطراف هو مراقبة التطورات في المنطقة الأوسع مع مكافحة "الشرور الثلاثة" وهي "الإرهاب والتطرف والانفصال".

واليوم، أصبحت منظمة شنغهاي للتعاون أكبر منظمة إقليمية في العالم ويشكل أعضاؤها ثلث مساحة الأرض و 40% من سكان العالم.

وبحلول عام 2005، أصبحت إيران "عضوًا مراقبًا" في منظمة شنغهاي للتعاون. وقد فشلت الجهود الإيرانية السابقة لتصبح عضوًا كامل العضوية بسبب عقوبات الأمم المتحدة ضد طهران. وكان العامل الآخر هو علاقة إيران الإشكالية مع طاجيكستان التي اتهمت الجمهورية الإسلامية بدعم الحركة الإسلامية في طاجيكستان.

وفي 2016 - 2017، عندما امتثل جميع الموقعين على الاتفاق النووي للاتفاق، أعلنت كل من الصين وروسيا دعمهما للعضوية الكاملة لإيران في منظمة شنغهاي للتعاون. وحتى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، حافظت بكين وروسيا على مواقفهما المؤيدة لضم إيران إلى الاتفاق الأوراسي.

ومن خلال الحصول على العضوية الكاملة في المنظمة، ستنخرط إيران مع الدول غير الغربية بطرق يمكن أن تساعدها جزئيًا في موقفها أمام واشنطن والحكومات الغربية الأخرى.

وقال الأكاديمي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية "حميد رضا عزيزي": "في السنوات الأخيرة، حاولت إيران دائمًا أن تظهر للولايات المتحدة أن الضغط السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لا يمكن أن يعزل إيران على الساحة الدولية وأن إيران لديها خيارات بديلة".

ومن الواضح أن هناك رغبة حقيقية لدى الصين وروسيا في تكوين شراكة أعمق مع طهران. ولم يكن بإمكان إيران الحصول على العضوية الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون إلا بضوء أخضر من بكين وموسكو.

وقال المبعوث الرئاسي الخاص لموسكو لشؤون منظمة شنغهاي للتعاون "بختيار خاكيموف": "في ضوء التصريحات والتعهدات التي قدمتها القيادة الإيرانية السابقة وخطاب الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي بأن إيران مستعدة لمشاركة جميع قدراتها مع منظمة شنغهاي للتعاون، فهناك أسباب جدية للغاية للاعتقاد بأن طهران ستكون مفيدة للغاية". وأضاف أن موسكو راضية عن "استعداد إيران للانخراط في أنشطة مثل مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والعمل من أجل الاستقرار والأمن في المنطقة وعلى نطاق أوسع".

ويرى الخبراء أن اهتمام روسيا المتزايد بتعزيز العلاقات مع إيران مرتبط بالإدارة الجديدة في طهران. وقال "سينا ​​توسي" من المجلس الوطني الإيراني الأمريكي: "تبدو روسيا أكثر راحة في تعميق العلاقات مع إيران بعد انتخاب إبراهيم رئيسي. فقد ركزت الإدارة السابقة لحسن روحاني على تحسين علاقات إيران مع الغرب". 

وقد أوضح وزير الخارجية الإيراني السابق "محمد جواد ظريف" في مقابلة تم تسريبها في وقت سابق من هذا العام، أن روسيا لم تكن داعمة حقًا للاتفاق النووي بسبب مخاوف موسكو من أن علاقات إيران مع القوى الغربية ستنمو على حساب العلاقات الإيرانية الروسية.

وقد قال "توسي": "مع  وجود رئيسي في السلطة، لم تعد روسيا قلقة من أن إيران ستميل إلى الغرب على حسابها". ويعكس "رئيسي" بقوة نظرة "خامنئي" للعالم عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية الإيرانية.

وبعد أن تراجعت الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي، قال "خامنئي" صراحةً "إن إيران يجب أن تفضل الشرق على الغرب في علاقاتها الخارجية".

علاوة على ذلك، فإن انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون سيساعد في تعزيز مكانة إيران في التجارة الإقليمية من خلال زيادة ترابط إيران مع جيرانها والدول الآسيوية الأخرى. وكما قال "توسي"، تتمثل أولوية "رئيسي" في السياسة الخارجية في تعميق العلاقات مع جيران إيران وليس استعادة الاتفاق النووي وتحسين العلاقات مع الغرب.

أفغانستان

تتمتع الصين بعلاقات ثنائية قوية مع جميع دول آسيا الوسطى، لكن منظمة شنغهاي للتعاون هي أهم منصة بالنسبة للصين لمناقشة القضايا الإقليمية التي تحتاج إلى معالجة بطريقة أكثر تعددية. واليوم، تعد أفغانستان إحدى هذه التحديات الرئيسية. ومن المحتمل أن تلجأ بكين إلى منظمة شنغهاي للتعاون كمنظمة إقليمية لمعالجة المشاكل في الدولة التي مزقتها الحرب والتي تهدد بدفع أفغانستان إلى حرب أهلية دموية تخشى الصين وجميع أعضاء المنظمة من تداعياتها.

ومع كون معظم أعضائها جيرانًا لأفغانستان، فمن المرجح أن تكون منظمة شنغهاي للتعاون تأثير في تشكيل مستقبل أفغانستان خاصة أنها كانت دولة مراقبة في منظمة شنغهاي للتعاون منذ عام 2012.

بالطبع، هناك خلافات بين أعضاء هذه المنظمة عندما يتعلق الأمر بأفغانستان. على سبيل المثال، هناك باكستان وهي أقرب دولة مجاورة لطالبان، وطاجيكستان وهي الدولة الإقليمية التي تدعم المقاومة المناهضة لطالبان. ولكن بالرغم من هذه الاختلافات، فإن جميع أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون لديهم نفس المخاوف بشأن مشهد أفغانستان ما بعد الولايات المتحدة.

وقال "علي أحمدي"، المحلل الجيوسياسي المقيم في طهران إن عضوية منظمة شنغهاي للتعاون ستسمح لإيران بالمشاركة في التنسيق الأمني ​​مع الدول الآسيوية بطريقة أكثر تنظيماً وهو أمر مهم بشكل خاص الآن فيما يتعلق بأفغانستان. ومع ذلك، فإن الوضع المتقلب والمتوتر في أفغانستان سيشكل تحديات هائلة لمنظمة شنغهاي للتعاون.

والآن بعد أن حصلت إيران على عضوية المنظمة، ستكون أفغانستان أول اختبار رئيسي لإيران ما بعد 1979 من حيث قدرتها على العمل ضمن كتلة إقليمية رئيسية لمعالجة وضع بالغ الحساسية والخطورة.

ويتفق الخبراء على أن هذا لن يكون سهلاً على إيران أو منظمة شنغهاي للتعاون التي لا يوجد إجماع بين أعضائها على أفغانستان ما بعد أمريكا. وبينما تحاول دول مثل الصين وباكستان بالفعل تعزيز نفوذها في أفغانستان الجديدة، فإن الهند - كحليف وثيق للحكومة السابقة في كابل - لها مصالح مختلفة.

لهذا السبب، هناك شكوك حول القدرة الفعلية لمنظمة شنغهاي للتعاون على التأثير على الوضع في أفغانستان.

الآثار المترتبة على الاتفاق النووي

وبالرغم من عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، سيظل الإيرانيون يدفعون ضريبة الحياة تحت وطأة العقوبات الأمريكية. ولا تزال الولايات المتحدة طرفًا فاعلًا أكثر شرعية على الساحة الاقتصادية العالمية كما أن معظم البلدان (حتى القوى الشرقية مثل روسيا والصين) غير قادرة حتى الآن على إنشاء آليات فعالة بشكل كافي لمكافحة العقوبات.

وقد أثبتت تجربة سياسة "أقصى ضغط" الأمريكية أنه حتى أكثر البلدان النائية في العالم تعطي الأولوية لمصالحها الاقتصادية مع الولايات المتحدة على التجارة مع إيران. ونتيجة لذلك، لا يمكن لعضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون أن تؤثر على الفور على قدرة واشنطن على ممارسة ضغوط اقتصادية على إيران.

في النهاية، من الآمن أن نستنتج أن انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون لن يكون بديلاً عن إحياء الاتفاق النووي خاصة أن الإجراءات الرسمية لتسجيل عضوية منظمة شنغهاي للتعاون قد تستغرق عام على الأقل.

لذلك، قال "بيجان خاجبور" الخبير الاقتصادي في شركة "أوراسيان نكساس بارتنرز" الاستشارية الإستراتيجية ومقرها فيينا: "لن يكون لعضوية منظمة شنغهاي للتعاون عواقب عملية قصيرة المدى على الاقتصاد الإيراني". علاوة على ذلك، لا تزال القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي تمثل مشكلة بالنسبة لطهران، والتي لن تجد حل لها من خلال عضوية منظمة شنغهاي للتعاون.

وقال "توسي": "لتعظيم الفوائد الاقتصادية التي ستكسبها من خلال الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، تحتاج إيران إلى الاتفاق النووي والعلاقات المصرفية الدولية الطبيعية التي تأتي معها".

في المقابل، فإن عضوية طهران في منظمة شنغهاي للتعاون ستقوض قدرة واشنطن على عزل الجمهورية الإسلامية دبلوماسيًا وجيوسياسيًا، حتى لو استمرت العقوبات الاقتصادية.

المصدر | جورجيو كافيرو - إنسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

شنغهاي منظمة شنغهاي الاتفاق النووي العلاقات الإيرانية الصينية أفغانستان

دول شنغهاي تعتمد التعامل بالعملات الوطنية بديلا للدولار

قطر ومصر تحصلان على صفة "شريك حوار" في منظمة شنجهاي للتعاون

الرئيس الروسي يرحب بمصر و5 دول خليجية في منظمة شنجهاي

كيف تستفيد إيران سياسيا واقتصاديا من عضويتها في منظمة شنغهاي؟

انضمام إيران لمنظمة شنغهاي للتعاون.. ماذا يعني؟