«بروجيكت سينديكت»: كيف يمكن التعامل مع حربين مختلفتين في سوريا؟

السبت 21 نوفمبر 2015 11:11 ص

يجري حاليا العصف بسوريا في أتون حربين مختلفتين. واحدة تجري بين رئيس النظام السوري «بشار الأسد» وما يطلق عليها الجماعات المتمردة (المعارضة) مثل الجيش السوري الحر، وهي حرب لا يمكن حلها إلى عن الطريق السعي للتوصل إلى حل دبلوماسي بالضبط من نوعية الحلول التي تسعى إليها محادثات السلام في فيينا التي تنطوي على مجموعة واسعة من القوى العالمية والجهات الفاعلة الإقليمية. الحرب الثانية هي تلك التي يشنها تنظيم «الدولة الإسلامية» وهي تتطلب نهجا مختلفا.

وبطبيعة الحال، حرب «الدولة الإسلامية» هي، بمعنى من المعاني، أيضا حرب أهلية سواء أكانت بين السنة والشيعة أو بين السنة وبعضهم البعض، وهي مرتبطة أيضا بالكفاح ضد «الأسد» بشكل ما. لكن الهجمات الإرهابية الوحشية التي تشنها «الدولة الإسلامية» في بيروت وباريس (ناهيك عن السلوك الهمجي لمقاتليها في سوريا والعراق)، يجعل من المستحيل القول إنه يمكن إجراء محادثات أو الوصول لتفهمات مع قيادتها. لا توجد أي ترتيبات سياسية ودبلوماسية، عالمية أو حتى إقليمية مع مثل هذه المجموعة التي تتعارض مع المعايير الأساسية لكل المجتمعات المتحضرة.

من المؤكد أننا سوف نحتاج إلى الدبلوماسية في هذا المعترك. ونظرا لأن الحرب هي غالبا أحد عناصر الدبلوماسية، كذلك يمكن للدبلوماسية في بعض الأحيان أن تكون عنصرا من عناصر الحرب. في حالة «الدولة الإسلامية»، تعد الدبلوماسية أمرا حيويا لحشد تحالف من الدول مخصص للقضاء على المجموعة، رغم أن العمل كله يفترض أن يجري على أرض المعركة.

«الدولة الإسلامية»، كما تتفق جميع الدول المعنية، لا يوجد لديها أي شرعية للعب أي دور أيا كان هذا الدور. على حد تعبير الرئيس الأمريكي «جورج دبليو بوش»: على جميع البلدان أن تتخذ قرارها: فهي إما أن تكون معنا أو تكون مع «الإرهابيين».

الأمر ليس مجرد محاولة صناعة جبهة موحدة. بقدر ما يحلو للبعض أن يلقي اللوم في إذكاء صعود «الدولة الإسلامية» على فشل زعماء الشيعة في العراق في إشراك السنة بشكل كاف، فإن هذا التفسير يعد غير مكتمل. ومن المؤكد أنه لا يوجد «نيلسون مانديلا» في صفوف القيادة الشيعية الخرقاء والمتهورة في العراق. ولكن إذا كان «الدولة الإسلامية» مجرد وسيلة للنضال ضد الحكم السني الشيعي، فلماذا توسع الصراع إذا إلى أبعد من المناطق التي يقطنها الشيعة؟

مع تحرك «الدولة الإسلامية» إلى مناطق لا تتحكم فيها قيادات شيعية فقيرة، فإن هذا قد يمنحنا بعض الأمل أن الحكومات السنية القومية سوف تضطلع بالمسؤولية. قبل كل شيء، فإن «الدولة الإسلامية» هي أحد الإصدارات الراديكالية للإسلام السني المحافظ المتشدد الذي تعتمده بعض دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية.

لقد آن الأوان للعالم الإسلامي السني للعمل أكثر بحزم تجاه هذه الحركة الوحشية التي ساعد بقصد أو بدون قصد في تفريخها. تحقيقا لهذه الغاية، يجب على السعودية أن تتراجع عن قرارها الأخير بتحويل غضبها نحو المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن بدلا من «الدولة الإسلامية».

أما بالنسبة للحرب أهلية بين «الأسد» ومعارضيه، فإن محادثات فيينا تقدم سببا للتفاؤل الحذر. لا تعد المحادثات بداية النهاية للصراع السوري وربما لا يصبح كذلك أيضا، ولكنها قد تكون نهاية البداية وفقا لعبارة «وينستون تشرشل» الشهيرة.

ولكنها ترقى إلى كونها خطوة جادة نحو النهج الدبلوماسي تشتد الحاجة إليها في حل هذا الجانب من الصراع لأسباب ليس أقلها مشاركة جميع اللاعبين الفاعلين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تركيا والمملكة العربية السعودية، وحتى روسيا وإيران.

ومع ذلك، فإن المحادثات لا تزال بعيدة عن الكمال. على الرغم من أنه من المبكر جدا أن تكون حاسمة، فإنه ليس من السابق لأوانه تسليط الضوء على بعض المخاوف المحتملة.

في البداية، فإن الانتخابات قد تكون هدفا جدير بالثناء للمحادثات ولكنه لا ينبغي أن يكون التركيز الوحيد. سوريا لديها العديد من الأقليات ذات الأعداد الصغيرة نسبيا والتي لا يمكنها ضمان التمثيل عبر صناديق الاقتراع.

وبالتالي يجب حمايتها بوسائل أخرى مثل الترتيبات السياسية والمؤسسات التي تهدف بشكل واضح إلى ضمان حقوق الأقليات. الركيزة الأولى للديموقراطية قد تكون هي حكم الأغلبية، ولكنها سوف تكون جوفاء وغير مستقرة إذا لم تكن مصحوبة بالركيزة الثانية وهي حقوق الأقليات.

ينبع أيضا مصدر آخر للقلق من التصريحات الصادرة من قبل العديد من المشاركين حول وجوب أن تكون عملية حل النزاعات تحت قيادة سورية. هذه هي فكرة طيبة، ولكنها تفتقر إلى الموضوعية. لا يوجد شيء في سلوك أي من الفصائل السورية التي تقاتل على مدى السنوات الأربع الماضية يشير إلى أن أنها مجهزة لقيادة عملية السلام.

في أوقات الأزمات، فإن الدول غالبا ما تنسى الدروس المستفادة من الأزمات السابقة. يصادف هذا الشهر الذكرى الـ20 لتوقيع اتفاق «دايتون» الذي أنهي الأزمة البوسنية. ظهرت هذه الخطوة الخطيرة، التي أنهت الصراع الوحشي الذي استهدف مدنيين بشكل غير متناسب، عبر عملية من خطوتين. الخطوة الأولى كنت اتفاق «مجموعة اتصال» دولية على إطار للسلام. ثم جاءت الخطوة الثانية عبر جلب الأطراف المعنية مباشرة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق إطار.

قد يبدو الأمر متسامحا أكثر من اللازم لكنه قابل للتحقق. أولئك الذين شاركوا في الصراع الذي قتل أو جرح مئات الآلاف من الناس الأبرياء وشرد الملايين ينبغي أن يقرروا أن يفعلوا ما بوسعهم لإنهاء الفوضى. ربما يمكن ساعتها للجميع أن يلتفوا إلى سحق «الدولة الإسلامية» مرة واحدة، وإلى الأبد.

 

  كلمات مفتاحية

سوريا الدولة الإسلامية محادثات فيينا بشار الأسد التحالف الدولي

«اجتماع فيينا2» وخيارات واشنطن

«ستراتفور»: قمة فيينا والقضايا الكبرى في الأزمة السورية

«الجبير»: «الأسد» سيرحل سياسيا أو عسكريا وسنختبر نوايا روسيا وإيران في فيينا

«اجتماع فيينا» .. قراءة في دلالات الصور

«الدولة الإسلامية» ليست لغزا: كيف نفهم تحركات التنظيم الاستراتيجية؟

هذا التدافع على التدخل العسكري في سوريا

«كيري»: عقد الاجتماع الثالث حول سوريا في نيويورك الشهر الجاري