أزمة غذاء محتملة.. غزو أوكرانيا يضع العرب تحت مقصلة القمح

الاثنين 14 فبراير 2022 10:04 ص

ربما تكون الحرب المرتقبة بين روسيا وأوكرانيا بعيدة عن المنطقة العربية جغرافيا، لكن التداعيات الاقتصادية المحتملة تنذر بأزمة غذاء تهدد دولا عربية تعتمد بشكل كبير على القمح الروسي والأوكراني.

وفي وقت ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية حول العالم، بسبب اضطرابات سلسلة التوريد المرتبطة بتفشي فيروس "كورونا"، فإن غزو أوكرانيا من شأنه أن يزيد من خطر انعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية.

وفي الوقت الذي تتجه فيه أعين المراقبين لأزمة الطاقة المحتملة حال توقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، تبدو أزمة توقف واردات القمح أكثر خطورة، وقد تزعزع الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويقع جزء كبير من الأراضي الزراعية الأكثر إنتاجية في أوكرانيا في مناطقها الشرقية، وهي تلك الأجزاء الأكثر عرضة لهجوم روسي محتمل.

واردات مليونية

لغة الأرقام تحمل مؤشرات خطيرة، تفيد بأن العرب يستوردون سنويًا أكثر من 40 مليون طن من القمح، رغم كل المقومات التي يمتلكونها من مياه وأراض خصبة وموارد بشرية.

ووفق بيانات صادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية، فإن 9 دول عربية استوردت نحو 40.2 مليون طن من القمح خلال عام 2019-2020، وهو ما يمثل 21.9% من واردات القمح العالمية.

وتعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم بحجم واردات 12.5 مليون طن، تليها الجزائر بـ7 ملايين طن، والمغرب بنحو 5 ملايين طن، والعراق 3.3 ملايين طن، واليمن 3.3 ملايين طن، والسعودية 3.2 مليون طن، والسودان 2.7 ملايين طن، والإمارات 1.8 ملايين طن، وتونس 1.6 ملايين طن.

وتعد مصر والمغرب من بين أكبر مستوردي القمح الأوكراني، بينما تبقى الجزائر أكبر مستورد للقمح الروسي.

وتستورد مصر من أوكرانيا أكثر من 14% من إجمالي استهلاكها، بينما تستورد اليمن وليبيا 22 و43% على التوالي من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا.

في المقابل تتصدر روسيا قائمة أكبر 5 دول مصدرة للقمح في العالم، بحجم يصل إلى 37.3 ملايين طن سنويا، تليها الولايات المتحدة بـ26.1 مليون طن وكندا بـ26.1 مليونا، فرنسا بـ19.8 ملايين طن، أوكرانيا 18.1 مليون طن.

وهناك الأرجنتين 10.6 ملايين طن، وأستراليا 10.5 مليون طن، ألمانيا 9.2 مليون طن، كازاخستان 5.2 مليون طن، وبولندا بنحو 4.7 مليون طن.

عواقب وخيمة

يرى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (مقره لندن)، أن قلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستنجو من آثار الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا، مرجحا أن تواجه دول عربية مثل اليمن ولبنان (كلاهما مشتر رئيس للقمح الأوكراني)، أسوأ العواقب.

كذلك سيفاقم ارتفاع أسعار القمح عالميا حال اندلاع الحرب، من الأزمات الاقتصادية في مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر، ما يضغط على المحفظة المالية لتلك البلدان، ويرفع فاتورة وارداتها بالعملة الأجنبية، حيث تصدر روسيا وأوكرانيا وحدهما أكثر من 35% من شحنات القمح والشعير العالمية.

وهناك مخاوف جدية من أن يؤدي الهجوم الروسي على أوكرانيا، إلى ارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي، ومن ثم اشتعال الصراع وزيادة التوترات العرقية، وزعزعة استقرار الحكومات في دول عربية، دون تهوين من خطورة هذه السيناريوهات، بحسب تحذيرات مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.

ووفق تصريحات الخبير الاقتصادي الجزائري "عبدالمالك سراي" لموقع "الحرة"، فإن مصر والجزائر والمغرب، هي الدول التي ستتأثر أكثر في حالة اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وخليجيا تبرز السعودية كأبرز دول مجلس التعاون الخليجي تضررا حال اندلاع الحرب، وقد تلقت شحنيتين من القمح الروسي، العام 2020، الأولى حجمها 60 ألف طن، والشحنة الثانية 61 ألفا و700 طن.

وفي العام 2021، اشترت المملكة 592 ألف طن من القمح الأوكراني، ما يمثل أربعة أضعاف ما اشترته في موسم 2020.

   بدائل عربية

يمكن القول إن أزمة الغذاء المحتملة وتحديدا القمح، لا تهدد دول الخليج في المقام الأول، بالنظر إلى تعداد سكانها القليل، إضافة إلى قدراتها المالية على توفير البدائل، مقارنة بدول شمال أفريقيا التي ستكون أكثر المتضررين.

وتعد السعودية ربما أحد أقل المتضريين عربيا من الأزمة، بالنظر إلى انتهاجها خططا لزراعة القمح في السوان وإثيوبيا، إضافة إلى دعم زراعة القمح محليا لتعويض نقص المعروض عالميا، وفق وسائل إعلام سعودية.

وقبل أكثر من عامين، تنتهج المؤسسة العامة للحبوب في السعودية (حكومية)، سياسي تقضي بالتوسع في الاستثمار الزراعي في الخارج لتنويع وزيادة مصادر الإمدادات الغذائية، وشراء 10% من احتياجاتها السنوية من القمح من شركات يسيطر عليها سعوديون، في الخارج.

وفي فبراير/شباط 2021، أعلنت المؤسسة ذاتها، المشتري الحكومي للحبوب في السعودية، عن استيراد 355 ألف طن من القمح من مزارع مملوكة لسعوديين في أستراليا وكندا وأوكرانيا للتسليم خلال العام ذاته.

وقبل شهور، اتجهت مصر لتنويع مصادر واراداتها، عبر طرح مناقصة لشراء كميات لم تحددها من القمح من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا وبولندا والأرجنتين وروسيا وكازاخستان ورومانيا وبلغاريا والمجر وباراجواي وصربيا.

وفي مناقصة سابقة في 28 يونيو/حزيران الماضي، اشترت الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية (حكومية)، 180 ألف طن من القمح الروماني للشحن في الفترة من 25 أغسطس/آب إلى 5 سبتمبر/أيلول من العام الماضي.

ووفق الخبير الاقتصادي المصري "عبدالنبي عبدالمطلب"، فإن البدائل المطروحة أمام مصر للتغلب على أزمة القمح المحتملة، ترتكز على زيادة الإنتاج المحلي من القمح، وتقليل الهادر من القمح المحلي، بحسب ما أوردته "الجزيرة".

وتبحث الجزائر الاتجاه إلى موردين آخرين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وكندا وفرنسا، بموازاة تشجيع الفلاحين على الاهتمام بزرع القمح خلال الخريف المقبل.

وينصح الباحث المغربي بالعلاقات الدولية "نبيل الأندلسي"، حكومة المغرب، بالاستعداد لأسوء السيناريوهات المحتملة، والبحث عن بدائل أخرى في السوق العالمية.

ويبقى زيادة الإنتاج المحلي من القمح، والوصول إلى حالة من الاكتفاء الذاتي، هو الخيار الآمن للدول العربية بشكل عام؛ لتحقيق الأمن الغذائي أولا، والنجاة ثانيا من تداعيات الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا، وغيرها من حروب المستقبل.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا القمح الأمن الغذائي العربي مصر الجزائر السعودية المغرب

الأزمة الأوكرانية.. اتصالات وزيارات لمسؤولين أوروبيين وأمريكيين

الأسواق المالية العالمية تتهاوى على وقع الأزمة الأوكرانية

أزمة أوكرانيا وروسيا.. كيف ستتأثر الدول العربية؟

تليجراف: غزو روسيا لأوكرانيا قد يتسبب بمجاعة بالشرق الأوسط

مركز إسرائيلي: الأزمة في أوكرانيا ستضرب الاستقرار بدول عربية مركزية بينها مصر

الغزو الروسي لأوكرانيا يرفع سعر القمح إلى مستوى قياسي 

أوكرانيا تحظر تصدير السكر واللحوم وأنواع من الحبوب

وزير الزراعة الأوكراني يرجح ارتفاع أسعار القمح عالميا بنحو 60%

حرب أوكرانيا تهدد جهود توفير الغذاء لـ125 مليون شخص