الحظر النفطي على موسكو.. تحرك أمريكي وتردد أوروبي وتهديد روسي

الثلاثاء 8 مارس 2022 09:40 ص

رغم صعوبة وخطورة فرض عقوبات نفطية على روسيا، لكن تصلب الأخيرة إزاء الحرب بأوكرانيا قاد تحركات في الكونجرس الأمريكي إزاء تفعيل هذه الخطوة، وذلك وسط تردد أوروبي وتهديد وتحذير من قبل موسكو.

وتبدو الخطوة مؤلمة للغرب، باعتبار أن نقص المعروض في السوق العالمية سيؤدي حتما إلى ارتفاع كبير في الأسعار، لكن مؤشرات التحركات الأمريكية الأخيرة تفيد بأن الخطوة باتت قيد الدراسة الفعلية ولا يمكن استبعاد تطبيقها تماما، بل إن هناك إشارات على التمهيد لها.

تحرك أمريكي

فقد أعلن مجموعة من النواب الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي، الإثنين، أنهم يقومون حالياً بصياغة مشروع قانون لتعليق العلاقات التجارية مع روسيا وبيلاروس، رداً على التدخل الروسي في أوكرانيا.

وقال 4 من كبار المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين في "لجنة الوسائل والطرق" بمجلس النواب، ولجنة الشؤون المالية بمجلس الشيوخ، في بيان، إنهم سيطلبون أيضاً من الممثل التجاري الأمريكي في منظمة التجارة العالمية "محاولة تعليق مشاركة روسيا في المنظمة".

وأوضح البيان أن مشروع القانون "سيمنح الرئيس جو بايدن سلطة استعادة العلاقات التجارية الخاضعة لشروط معينة".

وأفاد البيان بأن المشرعين اتفقوا على إبرام اتفاق يحظر استيراد "منتجات الطاقة" من روسيا.

وقع البيان كل من النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس "ريتشارد نيل"، والنائب الجمهوري عن ولاية تكساس "كيفن برادي"، والسيناتور الديمقراطي من ولاية أوريجون "رون وايدن"، والسيناتور الجمهوري "مايك كرابو" من ولاية أيداهو.

وأشار النواب الأربعة إلى أن اتخاذ هذه الإجراءات "سيرسل رسالة واضحة إلى بوتين مفادها أن حربه غير مقبولة، وأن الولايات المتحدة تقف بحزم مع حلفائها في الناتو".

وفي نفس السياق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض "جين ساكي"، الإثنين، إن "بايدن لم يتخذ قرارا بعد" بشأن حظر واردات النفط الروسية، لكنه ناقش الفكرة مؤخرا مع القادة الأوروبيين في مؤتمر عبر الهاتف.

ومنذ أن بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، والتي قوبلت بغضب من المجتمع الدولي، فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا واليابان والولايات المتحدة مجموعة من العقوبات الاقتصادية على موسكو.

وفي إطار التمهيد الأمريكي للخطوة، أفاد مصدر أمريكي مطلع بأن إدارة "بايدن" تدرس إمكانية تخفيف العقوبات عن فنزويلا كي تزيد من إنتاج النفط وبيعه في السوق الدولية.

ونقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مصدر (لم تسمه) قوله إن هذه الخطوة تهدف إلى تقليل الاعتماد العالمي على النفط الروسي وسط الغزو الروسي لأوكرانيا، وعزل روسيا عن أحد حلفائها الرئيسيين في أمريكا الجنوبية.

وأضاف المصدر أن مسؤولي إدارة "بايدن"، بمن فيهم مدير مجلس الأمن القومي لنصف الكرة الغربي "خوان جونزاليس" والمبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن "روجر كارستينز"، تم إرسالهم إلى كاراكاس خلال عطلة نهاية الأسبوع لإجراء محادثات حول هذه القضية.

يشار إلى أنه في 2019، فرضت واشنطن عقوبات على النفط الفنزويلي، وأغلقت سفارتها في كاراكاس بعد أن اعتبرت فوز الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" في الانتخابات عام 2018 خدعة.

تردد أوروبي

ورغم التنسيق الأوروبي الأمريكي فيما يتعلق بالعقوبات التي فرضت على روسيا مؤخرا، فإن أوروبا لا زالت مترددة فيما يتعلق بالعقوبات النفطية.

إذ أعلن المستشار الألماني "أولاف شولتز"، الإثنين، أن واردات الطاقة الروسية "أساسية لحياة الأوروبيين اليومية"، مشيرا إلى أنه لا يمكن ضمان إمدادات القارة من دونها في هذه المرحلة.

وقال في بيان: "لا يمكن ضمان إمدادات الطاقة الأوروبية لإنتاج الحرارة والتنقل والكهرباء والصناعة بأي طريقة أخرى في الوقت الحالي".

وأوضح المستشار الألماني أن أوروبا "تعمدت" استثناء إمدادات الطاقة الروسية من العقوبات على موسكو  حتى الآن لأن مثل هذا الإجراء سيحدث بلبلة في الأسواق وسينعكس بشدة على اقتصاد الدول الأوروبية.

وألمانيا من بلدان الاتحاد الأوروبي التي تعول بشدة على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا.

ويستورد الاتحاد الأوروبي 40% من حاجاته من الغاز من روسيا، ولا تؤيد بلدان عديدة فرض حظر بهدف حرمان موسكو من عائدات أساسية لها، وعارض عدد من الوزراء في حكومة "شولتز" حتى الآن اتخاذ تدابير ضد الغاز الروسي.

وفي ظل التردد الأوروبي يبدو أن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك بمفردها.

إذ قال مصدران مطلعان لـ"رويترز" إن إدارة "بايدن" مستعدة للتحرك قدما في فرض حظر على واردات النفط من روسيا إلى الولايات المتحدة بدون مشاركة حلفائها في أوروبا.

وقال مسؤول أمريكي بارز إنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي لكن "من المرجح إذا حدث أن يقتصر على الولايات المتحدة."

وقفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2008 بسبب تأجيلات في العودة المحتملة للخام الإيراني إلى الأسواق العالمية بينما تدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون حظر الواردات الروسية.

وتعتمد الولايات المتحدة بدرجة أقل بكثير على الخام والمنتجات النفطية من روسيا لكن فرض حظر سيساعد في دفع الأسعار لمزيد من الصعود والإضرار بالمستهلكين الأمريكيين الذين يعانون بالفعل من أسعار عند مستويات تاريخية مرتفعة في محطات الوقود.

روسيا تحذر وتهدد

وفي مقابل التحركات الأمريكية، حذر نائب رئيس الوزراء الروسي، "ألكسندر نوفاك"، من أن التخلي عن النفط الروسي سيؤدي إلى عواقب وخيمة على السوق العالمية، محذرا من أن سعر البرميل قد يصل إلى 300 دولار.

وقال "نوفاك"، في مؤتمر صحفي: "من الواضح تماما أن التخلي عن نفط روسيا سيؤدي إلى عواقب وخيمة على السوق العالمية".

ورأى أنه "من المستحيل استبدال نفط روسيا في السوق الأوروبية بسرعة. سوف يستغرق الأمر أكثر من عام، وسيكون أكثر تكلفة بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين، الذين سيكونون الضحايا الأساسيين في هذا السيناريو".

ونوه "نوفاك" إلى أن موسكو قلقة من تصريحات الغرب بشأن التخلي عن النفط الروسي، مستدركا "أنه لديها القدرة على إعادة توجيه صادراتها من السوق الأوروبية".

وهدد "نوفاك"، بأن روسيا قد تقطع إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب نورد ستريم-1 إلى ألمانيا، لكنها لم تتخذ حتى الآن مثل هذا القرار.

وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.

وقُتل أكثر من 2000 مدني منذ بداية الحرب، وفقًا لخدمة الطوارئ الحكومية في أوكرانيا، بينما تقدر وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن أكثر من 874 ألفا فروا من أوكرانيا إلى البلدان المجاورة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

النفط النفط الروسي روسيا أوكرانيا أمريكا أوروبا

تحذيرات متصاعدة من موجة ركود تضخمي.. شبح أزمة الطاقة بالسبعينات يرعب العالم

تركيا: سنواصل شراء النفط الروسي ويجب رفع العقوبات عن إيران

أوروبا تقر بوصولها إلى الحد الأقصى من العقوبات المالية ضد روسيا