محلل أمريكي: رفض زيادة إنتاج النفط أبعد من بغض بن سلمان لبايدن

السبت 19 مارس 2022 01:22 م

لماذا لا يضخ السعوديون المزيد من النفط بالسوق رغم حظر واردات النفط الروسية ضمن حزمة العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو جراء غزو أوكرانيا؟

تتصدر إجابة هذا السؤال اهتمامات مراقبي الشأن السعودي في ظل تداول أنباء متواترة عن تمنع السعودية عن التجاوب مع مطالبة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بزيادة الإنتاج لكبح جماح الأسعار المرتفعة.

وفي تحليل نشره الخبير البارز في السياسة السعودية بجامعة برينستون "برنارد هيكل"، وهو أمريكي من أصل لبناني، بموقع منظمة "بروجيكت سنديكيت" الدولية للصحافة، سلط الضوء على أسباب التمنع السعودي، مشيرا إلى أن جذور موقف الرياض أبعد من مجرد غضب ولي عهد المملكة، الأمير "محمد بن سلمان" من مواقف "بايدن" إزاء حرب اليمن أو قضية اغتيال الصحفي "جمال خاشقجي".

وذكر "هيكل"، في تحليله، أن "بايدن" يبحث عن مصدر آخر لضخ كميات من النفط بالسوق، بهدف كبح الأسعار، ووجد في فنزويلا بديلا محتملا، رغم أن الولايات المتحدة قطعت العلاقات الدبلوماسية معها عام 2019.

لكن "لا فنزويلا ولا إيران يمكن أن تعوض بشكل واقعي خسارة حوالي 2.5 مليون برميل يوميًا من الخام الروسي"، حسبما يؤكد "هيكل"، مشيرا إلى أن حقول النفط المتهالكة في البلدين وشركات النفط الوطنية ستحتاج إلى إعادة تنشيط قبل زيادة الإنتاج، وهي عملية قد تستغرق عدة أشهر، إن لم يكن سنوات.

ولما كانت السعودية، التي تقود تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، والإمارات هما المنتجان الوحيدان اللذان يمتلكان فائضا كبيرا من النفط، فإن كلا منهما فقط لديه القدرة على ضمان استقرار السوق، وبالتالي منع الأسعار من الوصول إلى 150 دولارًا للبرميل، وهو ما يضع "بايدن" في مأزق.

ويشير "هيكل"، في هذا الصدد، إلى أن عدم رغبة السعودية في تلبية طلب أمريكا بزيادة إنتاج النفط لا يعكس مجرد ضغينة ضد "بايدن"، بل يعكس مسارا هبوطيا للعلاقات الأمريكية السعودية بشكل عام قبل فترة طويلة من تولي "بايدن" الرئاسة.

فقد بدأت هذه العلاقة في التدهور منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، والذي عارضته السعودية.

وتسارع التدهور في العلاقات السعودية الأمريكية خلال رئاسة "باراك أوباما" للولايات المتحدة، إذ تبنى الآخير سياسية خارجية تقوم على "التحول نحو آسيا"، حتى وصفه حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط بأنه "تخلى عنهم".

 ومع إبرام أمريكا اتفاقا نوويا مع إيران عام 2015، بات السعوديون يعتقدون أن الولايات المتحدة ترفض تحالفهم الاستراتيجي طويل الأمد.

من هنا قامت السعودية بتعميق علاقتها مع روسيا منذ نهاية عام 2016، حسبما يشير "هيكل"، لافتا إلى أن هذا التوجه كان سابقا حتى على تنصيب خليفة "أوباما"، الرئيس السابق "دونالد ترامب".

في هذا التوقيت، توصلت "أوبك" وروسيا إلى اتفاق لخفض إنتاج النفط، وواصلت الرياض وموسكو التنسيق بشأن حصص الإنتاج من خلال اتفاق تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+" لمدة 3 سنوات.

ورغم أن خليفة "أوباما"، الرئيس السابق "دونالد ترامب"، حافظ على علاقات شخصية جيدة مع "بن سلمان"، لكن العلاقات الثنائية بين أمريكا والسعودية استمرت في التدهور تحت قيادته أيضًا.

فالولايات المتحدة لم تقرر فقط عدم الدفاع عن السعودية ضد هجوم إيراني عام 2019 على منشآتها النفطية المركزية، ما أدى إلى توقف مؤقت لـ50% من إنتاج المملكة؛ بل أدلى "ترامب" بتصريحات منتظمة تضمن تحقيرا من المملكة "غير القادرة عن الدفاع عن نفسها" ووصفها بأنها "بقرة مربحة لصناعة الأسلحة الأمريكية".

وفي مارس/آذار 2020، ومع تسبب جائحة "كورونا" في خفض الطلب العالمي على النفط، طالبت "أوبك" بتخفيضات كبيرة للإنتاج ورفضت روسيا، لترد السعودية بإغراق السوق، ما أجبر روسيا في النهاية على العودة إلى اتفاقية "أوبك+".

وإلى جانب تنسيق الأهداف بشأن إنتاج النفط، شهدت العلاقة السعودية الروسية ترتيبات مالية وسياسية، إذ باتت روسيا، من وجهة نظر السعودية، موردًا محتملاً للأسلحة، والدولة الرئيسية الوحيدة التي يمكنها ممارسة الضغط على إيران.

وقد أثبتت موسكو للسعوديين أنها قادرة على كبح مسار الاتفاق النووي مع إيران على الأقل، إذ رهنت فعليًا المفاوضات بشأنه بجهود الكرملين لتخفيف العقوبات الغربية على روسيا.

وروسيا ليست الدولة الوحيدة التي تأمل السعودية في أن تكون بمثابة "وسيلة تحوط" ضد تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، حسبما يؤكد "هيكل"، مشيرا إلى أن المملكة أقامت أيضا علاقات أوثق مع فرنسا وبريطانيا، لا سيما من خلال زيادة مشترياتها من الأسلحة. كما تسعى السعودية لإقامة مشاريع مشتركة مع الصين ودول أخرى لإنتاج أنظمة تسليح محليًا.

يأتي ذلك فيما وضعت الولايات المتحدة عقبات أمام بيع المعدات العسكرية إلى المملكة، ورفضت تقديم دعم استخباراتي ولوجستي في اليمن، حيث تحاول السعودية وحلفاؤها منع الحوثيين، المدعومين إيرانيا، من استيلاء كامل عليها.

كل ذلك دفع السعودية لرفض تلبية طلب سابق لإدارة "بايدن" بزيادة إنتاج النفط في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في محاولة واضحة لخفض الأسعار، وبالتالي تحسين فرص الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي، ومن المتوقع أن ترفض طلبه الجديد أيضا، حسبما يرجح "هيكل".

وخلص الخبير في الشأن السعودي إلى أن السعوديين سيرفعون الإنتاج فقط "عندما يكون ذلك في مصلحتهم الخاصة"، ولن يخاطروا بعزل روسيا عبر الانحياز إلى جانب أمريكا.

لكن السعوديين لن يخاطروا أيضا بمستقبلهم الاقتصادي، إذ استوعب قادتهم "دروس السبعينات" عندما أدت الأسعار المرتفعة إلى انخفاض الطلب على النفط، ولذا فإن آخر شيء يريدونه هو تحفيز الولايات المتحدة وحلفائها على تسريع تبني مصادر إنتاج الطاقة المتجددة. والسؤال الوحيد في هذا الصدد بات متعلقا بسعر برميل النفط الذي سيحفز قادة السعودية على العمل لزيادة الإنتاج، بحسب "هيكل".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

السعودية روسيا النفط جو بايدن دونالد ترامب محمد بن سلمان أوبك

الطاقة الدولية: بدائل النفط الروسي موجودة لكن عقبات تعرقل استغلالها

بلومبرج: التعطش للنفط يجبر بايدن على التوجه للسعودية

ف.تايمز: السعودية والإمارات طلبتا دعما عسكريا وأمنيا للتعاون مع بايدن

دول الخليج النفطية تسعى لإبرام معاهدة أمنية أمريكية بعد ضربات الحوثيين

مسؤول سعودي يقترح زيارة بايدن الرياض في رمضان

سفير إسرائيل بأمريكا: إصلاح علاقات الرياض وواشنطن مهم لنا وللمنطقة

دبلوماسية أمريكية سابقة: حان الوقت لترك السعودية للذئاب

واشنطن بوست: حلفاء أمريكا في الخليج أصبحوا أدوات تمكين لبوتين

بن سلمان: قررنا زيادة إنتاجنا من النفط إلى 13 مليون برميل يوميا