السيسي وبن زايد وبينت.. قمة الأهداف والمصالح الخفية

الثلاثاء 22 مارس 2022 10:18 ص

يحمل توقيت القمة بين زعماء مصر والإمارات وإسرائيل، على وقع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، دلالات ذات مغزى، وسط ظروف اقتصادية صعبة يمر بها نظام الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي".

وتتعدد الملفات المطروحة على طاولة القمة التي عقدت بمنتجع شرم الشيخ، شمال شرقي مصر،  وسط تكتم إعلامي حول أجندة اللقاء، ونتائج مشاورات "السيسي"، وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، ورئيس وزراء إسرائيل "نفتالي بينيت".

ومن إيران إلى التطبيع، ومن النفط إلى حرب أوكرانيا، ومن سوريا إلى مصر، تحاول الأطراف الثلاثة إعادة ترتيب أوراقها، بشأن ملفات عدة، متشابكة ومعقدة، وكذلك تنسيق المواقف بما يخدم أجنداتها السياسية والاقتصادية، ويقلل من تبعات الهزة الحاصلة في العالم جراء الأزمة التي قد تطول في أوروبا بين موسكو وكييف.

محاصرة إيران

لم يكد يمر شهران على زيارة "السيسي"، إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، 26 يناير/كانون الثاني الماضي، لتأتي زيارة "بن زايد" للقاهرة، على عجل، دون الإعلان عنها مسبقا؛ ربما لترتيب أمر ما، أو صياغة تفاهمات جديدة مع الحليف المصري، وداعمه الإسرائيلي.

كذلك، التقى "السيسي" في سبتمبر/أيلول الماضي "بينيت"، في اجتماع عُقد بمدينة شرم الشيخ، وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بـ"المهم جدًا والجيد للغاية"، لافتًا إلى أنهما وضعا خلاله الأساس لـ"تعميق الروابط وتعزيز المصالح".

مبررات القمة غير معلنة، ولم يكن مخطط لها مسبقا، لكن قناة "كان" الإسرائيلية ربطت بين انعقادها وبين الاتفاق النووي المتبلور مع إيران، خلال مفاوضات فيينا الجارية منذ شهور، والإعلان عن قرب توصلها لاتفاق نهائي.

وتوصف القمة بـ"خطة محاصرة إيران"، وفق تعبير أطلقته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، محذرة من أن الولايات المتحدة تعتزم شطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الإرهابية، مقابل تعهد علني من إيران بوقف التصعيد في المنطقة.

وترفض تل أبيب الخطوة الأمريكية، ومن مصلحتها حشد أطراف فاعلة في المنطقة إلى جانب موقفها، إضافة إلى فرملة التقدم نحو الاتفاق النووي مع إيران، أو على الأقل إلزام طهران بضمانات تراعي مصالح تل أبيب وأبوظبي.

وتشارك أبوظبي الكيان الإسرائيلي، الانزعاج من الخطوة الأمريكية المرتقبة، كما تشاركه الرغبة في تشكيل تحالف ضد إيران بدعم من الولايات المتحدة، والذي قد يضم مصر والأردن ودول الخليج وإسرائيل، وفق مصدر سياسي إسرائيلي تحدث لصحيفة "هآرتس" العبرية.

ويحمل اللقاء وهو القمة الثلاثية الأولى، بمشاركة "السيسي" و"بن زايد" و"بينيت"، رسالة احتجاج إلى الإدارة الأمريكية، مع قرب التوصل لاتفاق مع إيران، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.

وتقول تقارير إعلامية إسرئيلية، إن "بينيت" يحاول توحيد القوى في المنطقة، ضد إيران؛ واصفة قمة شرم الشيخ بأنها "جزء من هندسة إسرائيلية كاملة لمحاصرة الإيرانيين".

دعم "الأسد"

لا يمكن بحال من الأحوال فصل أهداف القمة عن لقاء "بن زايد" مع رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، في أبوظبي ، قبل أيام، لتكون  الإمارات أول وجهة له إلى بلد عربي منذ اندلاع الثورة ضد حكمه العام 2011، وهي الزيارة أغضبت واشنطن.

وتحاول أطراف القمة إعادة هندسة المشهد القائم في المنطقة، وجذب دمشق بعيدا عن طهران، وتعزيز قربها من الإمارات ومصر، حيث تبذل الدولتان جهودا مكثفة لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية.

وتبدي تل أبيب هي الأخرى رغبتها في ضرورة تحييد سوريا، وعدم تركها حديقة خلفية للنفوذ الإيراني و"حزب الله" اللبناني، مع أهمية إعادة "الأسد" إلى الحضن الخليجي والعربي من جديد.

ومن المؤكد أن القمة الثلاثية كانت معنية بتعزيز مسار التطبيع مع "الأسد"، بما ينهي العزلة المفروضة على نظامه، ويشجع على إحداث عمليات تطبيع عربية واسعة مع سوريا.

ويبدو "بن زايد" ومن ورائه "السيسي" أكثر المتحمسين لدعم "الأسد" والإبقاء عليه كنموذج قهر الربيع العربي في بلاده، كما لم يمس مصالح إسرائيل، والأهم من ذلك أنه يعتبر طرفا مناوئا للنفوذ التركي في المنطقة.

إنقاذ "السيسي"

يبدو الرئيس المصري أكثر المستفيدين من القمة، أو إن صح التعبير الأكثر احتياجا لدعم حليفين قويين من وزن أبوظبي وتل أبيب.

ووفق مصدرين مصريين طلبا عدم الكشف عن اسميهما، قالا لـ"رويترز"، فإن المسؤولين الثلاثة عقدوا مناقشات شملت تداعيات حرب أوكرانيا.

ويمر "السيسي" بأزمة اقتصادية خانقة، مع ارتفاع أسعار النفط والقمح عالميا، جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، ما تسبب في ارتفاع الأسعار، وانخفاض تدفقات السياحة، وارتفاع منسوب الغضب الشعبي في البلاد.

وفي ترجمة عملية وسريعة لنتائج القمة، أقدمت أبوظبي على استثمار نحو ملياري دولار عن طريق شراء حصص مملوكة للدولة المصرية في بعض الشركات، من ضمنها أكبر بنك مدرج في سوق الأوراق المالية، بحسب "بلومبرج" الأمريكية.

وتضمن الاتفاق شراء نحو 18% من البنك التجاري الدولي، إضافة إلى شراء حصص في 4 شركات أخرى مدرجة بسوق الأوراق المالية في مصر، وضمن ذلك شركة "فوري" للخدمات المصرفية وتكنولوجيا الدفع.

وإضافة إلى الدعم الإماراتي لنظام "السيسي"، ناقشت القمة موضوع خط مطار بن جوريون وشرم الشيخ المباشر، بما يعزز حركة السياحة الإسرائيلية إلى مصر، وفق موقع "والا" العبري.

أما الإمارات فهي في حاجة إلى "بينيت" للمساعدة في تخفيف التوترات بينها وبين الولايات المتحدة، وكذلك إلى الحصول على منظومات صاروخية متقدمة تؤمن مجالها الجوي ضد الهجمات الحوثية، مقابل ما تبذله من تسريع لوتيرة التطبيع بين الخليج وتل أبيب.

وتعمل الحكومة الإسرائيلية على إقناع الإمارات والسعودية بزيادة إنتاجهما النفطي، وتهدئة الأسعار في سوق الطاقة، وهو مطلب أمريكي أوروبي في المقام الأول، عجز عن تحقيقه رئيس الوزراء البريطاني "بويس جونسون" الذي زار البلدين قبل أيام.

وتقاوم الإمارات والسعودية دعوات غربية لزيادة إنتاج النفط من أجل احتواء قفزة في أسعار الخام نتجت عن الصراع في أوكرانيا، ليقفز خام برنت فوق حاجز الـ110 دولارات للبرميل، وهو ما يشكل عبئا على دول العالم ومنها بالتأكيد مصر وإسرائيل.

قمة المصالح، هكذا يمكن وصفها بين العواصم الثلاث، القاهرة وأبوظبي وتل أبيب، في ظل مشهد عالمي معقد، وتداعيات ثقيلة لحرب دائرة بين روسيا وأوكرانيا، ومفاوضات قريبة من الانتهاء مع إيران، وسوق نفطي ملتهب، وحليف يعاني أزمة خانقة تستدعي التحرك لإنقاذه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السيسي بن زايد نفتالي بينيت قمة شرم الشيخ مصر الإمارات إسرائيل النفط حرب أوكرانيا الأسد

قمة السيسي وبن زايد وبينيت تبحث استقرار سوق الطاقة والأمن الغذائي