الولايات المتحدة والخليج واليمن.. موسم الإحباط وتفكك العلاقات

السبت 2 أبريل 2022 09:52 م

وعد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بتحويل السعودية إلى "دولة منبوذة" خلال حملته الانتخابية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وجاءت تصريحات "بايدن" في إشارة إلى دور ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" في مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" وكذلك سلوك السعودية خلال الحرب في اليمن.

وحاول "بايدن" في البداية تنفيذ وعده وإن كان من خلال نهج أكثر دبلوماسية قليلاً. وأوضحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض "جين ساكي" في الأسابيع الأولى لإدارة "بايدن" أن الرئيس لن يتحدث مع ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان". وقالت: "نظير الرئيس هو الملك "سلمان". وأعلن "بايدن" أيضًا في فبراير/شباط 2021 أن الولايات المتحدة ستنهي "كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة". وبعد بضعة أشهر، سحبت الولايات المتحدة بطاريات صواريخ باتريوت من السعودية.

وكان من الواضح أن "بايدن"، الذي شغل منصب نائب الرئيس في إدارة "أوباما" عندما بدأت السعودية حرب اليمن، يشعر بالإحباط من المملكة وكان الشعور متبادلاً حيث أن السعودية رأت أن الولايات المتحدة لا تأخذ المخاوف الأمنية للمملكة على محمل الجد، لا سيما التهديد من الهجمات الصاروخية للحوثيين، والتي تزايدت في السنوات الأخيرة مع قيام إيران بتهريب الأسلحة إلى اليمن.

كما أن الإمارات، الشريك الأساسي للسعودية في اليمن، تشعر أيضًا بالإحباط من الولايات المتحدة. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، شن الحوثيون هجومين صاروخيين منفصلين على الإمارات. وأسفر الهجوم الأول الذي استهدف صهاريج وقود ومطار أبوظبي عن مقتل 3 أشخاص. واستهدف الهجوم الثاني بعد أسبوع قاعدة عسكرية يتمركز فيها 2000 جندي أمريكي. وقد أطلقت الولايات المتحدة والإمارات صواريخ اعتراضية لإحباط هجوم الحوثيين.

وأعرب المسؤولون الإماراتيون عن إحباطهم من أن الاتصال بولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" استغرق من "بايدن" 3 أسابيع. وعندما وصل الجنرال "كينيث ماكنزي"، قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة آنذاك، إلى الإمارات بعد 22 يومًا من هجمات الحوثيين الأولي، رفض "بن زايد" مقابلته. ومنذ ذلك الحين، نمت مشاعر الإحباط وأدت إلى موجات من الاستياء والإهانات المحسوبة التي تجعل إصلاح العلاقات أمرًا صعبًا بشكل متزايد.

أدت حرب روسيا على أوكرانيا إلى تفاقم التوترات. وبعد يوم من بدء الحرب امتنعت الإمارات عن التصويت على مشروع قرار في مجلس الأمن يدين روسيا. وفعلت الإمارات ذلك لسببين.

أولاً، احتاجت الإمارات إلى دعم روسيا في تصويت آخر في مجلس الأمن بعد 3 أيام لتوسيع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن ليشمل جميع المتمرّدين الحوثيين. وبالرغم أن بعض مقترحات الإمارات تم رفضها من قبل بعض الأعضاء، إلا أنها تمكنت من تضمين لغة تصف الحوثيين بأنهم "جماعة إرهابية"، وهو أمر غير معتاد لقرار من مجلس الأمن الدولي. (في السنوات السابقة، استخدمت روسيا حق النقض ضد مقترحات مماثلة).

ثانيًا، من خلال ازدراء "بن زايد" لـ"ماكنزي" في أوائل فبراير/شباط، أرادت الإمارات إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أنها محبطة من ردها البطيء على الهجمات التي تعرضت لها، بينما تحركت الولايات المتحدة بسرعة تجاه أوكرانيا.

وفي أوائل مارس/آذار، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "بن زايد" و"بن سلمان" رفضا التحدث مع "بايدن". وكان من الواضح أن التوترات تتزايد. وبعد أيام قليلة، رحبت الإمارات علناً بالرئيس السوري "بشار الأسد" في أول زيارة له إلى دولة عربية منذ اندلاع الانتفاضة والحرب الأهلية في سوريا في 2011. وكان المشهد صارخاً، حيث رحب "بن زايد"، الذي رفض لقاء "ماكنزي"، بـ"الأسد" المسؤول عن قتل مئات آلاف من السوريين.

وأدى ذلك إلى صدمة لدى الولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس": "لقد شعرت الولايات المتحدة بخيبة أمل عميقة من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على بشار الأسد". وقال مسؤول إماراتي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لموقع "أكسيوس"، إن زيارة "الأسد" كانت جزءًا من استراتيجية جديدة لخفض التصعيد تشمل "التحدث إلى الجميع في المنطقة ومحاولة عدم خلق أعداء".

ولا تزال كيفية ربط هذه الاستراتيجية بعلاقات الإمارات مع إيران غامضة بعض الشيء، لكن مساعي إدارة "بايدن" لإحياء الاتفاق النووي لا تحظى بدعم كبير في أبوظبي. وتشعر كل من السعودية والإمارات بالقلق من صفقة جديدة قد تخفف العقوبات على إيران، مما قد يوفر لإيران المزيد من الأموال لدعم حلفائها ووكلائها في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الحوثيون.

ورغم ذلك، فإن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات بحاجة إلى بعضها البعض. ويعود ذلك إلى الصفقة القديمة لمقايضة النفط بالأمن والتي كانت مكونًا رئيسيًا للعلاقات الأمريكية الخليجية لعقود. ولكن هناك أيضًا ما هو أكثر من ذلك، حيث تحتاج الولايات المتحدة إلى كل من السعودية والإمارات الآن لزيادة إنتاج النفط، في ظل العقوبات المتزايدة على روسيا وارتفاع أسعار النفط المحلية.

وفي منتصف شهر مارس/آذار، أظهرت الإمارات مدى تأثيرها، عندما أعلن سفيرها في واشنطن "يوسف العتيبة" أن بلاده  تدعم ضخ المزيد من النفط، مما تسبب في أكبر انخفاض في الأسعار في يوم واحد منذ ما يقرب من عامين حتى ناقضه وزير الطاقة الإماراتي، قائلاً إن الإمارات ستلتزم باتفاقية إنتاج "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا. لكن الرسالة الأصلية وصلت وهي: الإمارات مهمة لأسواق النفط وأسعاره في الولايات المتحدة.

في المقابل، تحتاج كل من الإمارات والسعودية إلى مظلة أمنية أمريكية. وعندما هاجم الحوثيون الإمارات في يناير/كانون الثاني، كانت صواريخ الولايات المتحدة الاعتراضية هي التي تم استدعاءها للعمل، وبالرغم أن "بن زايد" رفض مقابلة "ماكنزي"، أعلنت الولايات المتحدة تجديد مخزوناتها من صواريخ الاعتراض وإرسال طائرات "إف22" إلى المنطقة. كما أرسلت الولايات المتحدة مؤخرًا بعض بطاريات صواريخ باتريوت إلى السعودية لدعم دفاع المملكة ضد هجمات الحوثيين.

وبعد 7 سنوات من الحرب، لا تزال السعودية والإمارات غارقتين في اليمن، وستحتاجان إلى مساعدة الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، وهو هدف معلن لإدارة "بايدن". على سبيل المثال، تضمن عرض السعودية الأخير للحوثيين دعوة للتحدث في اجتماع مجلس التعاون الخليجي. واستجاب الحوثيون في البداية للعرض بشكل إيجابي، لكنهم قالوا إن المحادثات يجب أن تُعقد خارج السعودية والإمارات. وقد رفضت السعودية، التزحزح عن اللقاء المقرر في الرياض، ورفض الحوثيون الحضور.

بالطبع، ليس هناك ما يضمن أن الدور الأمريكي كان سيؤدي إلى حدوث تسوية مع السعودية. ولكن من الأسهل كثيرًا تقديم المشورة عندما تكون هناك خطوط اتصال مفتوحة. ومن غير المؤكد أيضا إذا كانت الإمارات ستستمر في استضافة "الأسد" إذا لم تكن محبطة من الولايات المتحدة. لكن في حال عدم توتر العلاقات كانت ستناقش زيارته مسبقًا على أقل تقدير، حيث ناقشت خطوات مماثلة منذ عام 2018، عندما أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق، مما أتاح للولايات المتحدة فرصة لثنيها.

وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنها تحتاج إلى الحفاظ على حلفائها وشركائها في جميع أنحاء العالم، لا سيما في الشرق الأوسط، مع تصاعد المنافسة العالمية مع الصين. فلن تقتصر هذه المنافسة على المحيط الهادئ.

المصدر | جريجوري دي جونسن - معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الخليجية الأمريكية بايدن محمد بن زايد محمد بن سلمان الحوثيون

بعد قمة النقب.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من بلينكن

هادي يناشد دول الخليج دعم اليمن بحزمة اقتصادية عاجلة