استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ما لا يحدث عندنا

الأربعاء 16 ديسمبر 2015 05:12 ص

لم أصدق عينيّ حين رأيت تسجيلا مصورا لعدد كبير من الأطفال الكنديين وهم ينشدون «طلع البدر علينا» ترحيبا بوصول أول مجموعة من المهاجرين السوريين إلى بلدهم. ولا صدقت أن رئيس الوزراء الجديد «جاستن ترودو» وقف بنفسه لاستقبالهم، فداعب الأطفال وحيا الأمهات بالمصافحة حينا وبوضع الكف على الصدر احتراما لمشاعر اللاتي يتحرجن من مصافحة الرجال في حين آخر.

كما أنني استغربت لافتات الترحيب التي استقبلتهم في المطار حيث أشك كثيرا في أنهم توقعوها. ولا أعرف ماذا كان شعورهم حين قوبلوا بتلك الحفاوة، في حين أنهم هاربون من البراميل المتفجرة التي ألقتها عليهم حكومة بلادهم، إلى جانب أنهم لا يحملون ذكريات طيبة سواء لبعض البلاد العربية التي مروا بها، أو البلدان الأوروبية التي لفظتهم وعاملتهم كمجرمين أو منبوذين.

لم أنسِ ذلك الثرى الكندي الذي تبرع بمليون ونصف المليون دولار لاستضافة وإعاشة 50 أسرة سورية في ضواحي تورنتو، ولا قرينه الذي تبرع بتأثيث 12 شقة لإيواء اللاجئين في فانكوفر، ولا العروسين اللذين ألغيا حفل زفافهما وقررا توجيه المبلغ الذي خصصاه لأجل تلك المناسبة لصالح تغطية نفقات أسرة سورية لاجئة.

هذه الأجواء التي لم تر لها مثيلا في أي بلد عربي أو مسلم تبهرنا وتثير دهشتنا، وتدفعنا إلى مراجعة بعض انطباعاتنا عن تلك المجتمعات، بحيث نرى فيها وجها آخر يفيض بالمودة والنبل. بوجه أخص فقد استوقفتني طويلا فكرة الكورال الذي ضم أكثر من مائة طفل وطفلة حين رددوا بعربية مكسرة أنشودة «طلع البدر علينا» التي تغنى بها أهل المدينة المنورة أثناء استقبالهم للنبي (صلى الله عليه وسلم) وصحبه بعدما هاجروا إليها من مكة.

إذ حين تتردد الأنشودة في استقبال الهاربين من سوريا إلى كندا فإن المعنى يصبح أخاذا وعميق الدلالة، ذلك أن الرسالة تتجاوز نبلا عبر عنه بعض الأفراد الخيرين لتصبح تعبيرا جميلا عن مشاعر الدولة والمجتمع.

لا أعرف إلى أي مدى تأثر رئيس الوزراء الكندي بموقف المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل». لكن الحديث في الموضوع لا ينبغي أن يتجاهل شجاعة هذه السيدة ونزاهتها في التعامل مع قضية اللاجئين. ذلك أنها أعلنت في الصيف الماضي ما لم يعلنه زعيم عربي أو غربي. حين تفردت بموقف مغاير لكل السياسيين الأوروبيين وقالت إنها ستفتح حدود بلادها لإيواء اللاجئين الهاربين من الجحيم، الذين تنكر لهم الآخرون.

وتحدَّت رموز اليمين الألماني الذين اتهموها بالخيانة، وهددت بالعقاب أولئك الذين اعتدوا على بعض مراكز الإيواء، ووصفت سياسة المعارضين بأنها مخزية وخبيثة، من حيث إنها توجه إلى الآخرين رسائل الكراهية التي تتعارض مع ثقافة وقيم المجتمع الألماني. لذلك أعلنت بشجاعة أنه «لا تسامح مع الذين ينتهكون كرامة الآخرين. ولا تسامح مع الذين ليس لديهم استعداد لمد يد العون لمن هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والقانونية».

وهو الموقف الذي فاجأ الجميع وأثار إعجابنا ودهشتنا، الأمر الذي دفعني آنذاك إلى الدعوة لترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام، إلا أن مجلة «تايم» الأمريكية أنصفتها في وقت لاحق واعتبرتها شخصية عام 2015، «نظرا لوقوفها بحزم ضد الاستبداد وتقديمها نموذجا راسخا للقيادة الأخلاقية في عالم تراجعت فيه تلك القيم».

أضم موقف حكومة السويد إلى سجل «ما لا يحدث عندنا»، ذلك أن رئيس وزرائها «ستيفان لوفين» كان الوحيد بين زعماء العالم العربي وغير العربي الذي أعلن أنه وفقا للقانون الدولي فإن الطعن بالسكين في الأرض الفلسطينية المحتلة ليس إرهابا. وهو الموقف الذي لم يجرؤ «محمود عباس» رئيس السلطة الفلسطينية على الجهر به وكان السيد لوفين قد عبر عن ذلك الرأي في رده على سؤال بهذا الخصوص وجه إليه في مؤتمر صحفي.

وحين أحدث تصريحه صدمة في (إسرائيل) وفى بعض الدوائر السياسية الغربية فإنه اضطر في يوم لاحق إلى صياغة إجابته على نحو آخر، حيث قال إنه من غير المعروف ما إذا كان الذين ينفذون عمليات الطعن بالسكاكين ينتمون إلى منظمات إرهابية، إلا أن عملية الطعن تعد إرهابا.

مع ذلك فإن التصريح الأول الذي عبر عنه الرجل بدا منسجما مع الموقف النزيه الذي تبنته حكومة السويد إزاء القضية الفلسطينية، وتجلى في إعلانها الاعتراف بدولة فلسطين في شهر أكتوبر من العام الماضي (2014)، كما أن وزيرة الخارجية مارجوت والستروم دانت علنا سلوك سلطة الاحتلال واتهمتها بالقيام بإعدامات ميدانية ضد منفذي عمليات الطعن دون أن تقدمهم للمحاكمة.

ولا ينسى لها أنها الوحيدة التي ربطت في وقت سابق بين العمليات الإرهابية التي وقعت في باريس والتقاعس الذي يعطل حل القضية الفلسطينية وما يسببه من يأس وإحباط في أوساط الشباب الفلسطيني، الأمر الذي استقبلته حكومة إسرائيل بهجوم عاصف وتنديد مرير.

إذا أراد قارئ أن يتذاكى ويسألني لماذا يحدث كل ذلك عندهم ولا يحدث شيء منه عندنا، فلأنني واثق من أنه يعرف.. أكتفي بالرد عليه بكلمتين اثنتين هما: لا تعليق!

  كلمات مفتاحية

اللاجئون السوريون كندا جستن ترودو السويد سوريا ألمانيا أنغيلا ميركل اللاجئين

الأردن يرد على مناشدة الأمم المتحدة: «حدودنا مفتوحة أمام اللاجئين»

السعودية «قلقة» من تصاعد الخطاب العنصري ضد اللاجئين المسلمين

الاتحاد الأوروبي يقرر منح تركيا 3 مليار يورو لمساعدة اللاجئين السوريين

الإمارات تمول جسرا جويا لنقل معونات إنسانية للاجئين في اليونان

«أردوغان» يحذر من الخلط بين أزمة اللاجئين وهجمات «الارهاب»