الصراع السوري: هل يمكن للضغط السعودي أن يؤمن السلام؟

الأربعاء 16 ديسمبر 2015 08:12 ص

مدفوعة إلى حد كبير بالاعتداءات التي ارتكبتها ما تسمى «الدولة الإسلامية»، يبدو أن عملية التسوية السورية قد تجاوزت أول عقبة رئيسية مع إعلان جماعات المعارضة والثورة السورية تعهدها و استعدادها للدخول في محادثات مع نظام «بشار الأسد».

ولكن العملية اصطدمت بأول عقبة رئيسية بعد يوم واحد فقط، عندما استبعد «الأسد» أن يشارك في محادثات مع من وصفهم بـ«الإرهابيين» الذين يشكلون منظمات سياسية.

تجاوز مؤتمر الرياض توقعات الكثيرين، الذين اعتقدوا أنه سوف يترنح أمام تناقضات الجماعات السياسية والقتالية المختلفة المشاركة، حيث إن كثيرا منها قد قاطعت جهود التسوية السابقة.

ولا تزال تلك التناقضات، موجودة ولكنها وضعت جانبا من أجل التزام مشترك لرؤية تعددية، ديمقراطية، شاملة والتي يجب أن تكون جهودها موجهة نحو محاربة الجماعات الإرهابية مثل «الدولة الإسلامية».

وقالت إحدى هذه الجماعات، وهي أحرار الشام، أنها ستنسحب من المفاوضات، لأن البيان الختامي «فشل في تأكيد الهوية الإسلامية للشعب». ولكن تم الإبلاغ في وقت لاحق أن لديها أفكار ثانية، لذا فقد وقعت «مع تحفظات»، و لا شك أن ذلك جاء نتاج الضغوط السعودية.

وأكدت هذه الواقعة الدور الرئيسي الذي يلعبه السعوديون في عملية التسوية، مع تحديد واضح بأن الدور الأمريكي حاضر أيضا الأمريكي على قدم المساواة، وله دور كامن وراء ذلك.

وقد قرر الاجتماع تشكيل «هيئة المفاوضات العليا»، وذلك من أجل توجيه مشاركة المعارضة في المحادثات المقترحة مع النظام في مطلع العام المقبل، واختيار فريق التفاوض. وسيكون مقر الهيئة القيادية في الرياض، وهو ما يعمل على إعطاء السعوديين قبضة على الأمر وقدرة دائمة على المتابعة.

خياران

ما هو ثمن هذا التفاني السعودي الواضح نحو البحث عن تسوية سلمية للصراع الذي لعبت فيه السعودية و قطر وتركيا دورا رئيسيا في دعم جماعات ثورية تقاتل القوات الحكومية؟

ربما يكون الهدف هو النيل من الرئيس السوري «بشار الأسد» والمقربين منه، أو «رموز وأركان نظامه»، كما أكد بيان المعارضة على ذلك مرتين.

وحتى أثناء انعقاد مؤتمر الرياض، فقد كرر وزير الخارجية السعودي، «عادل الجبير»، إصرار بلاده أن «الأسد لديه خياران: ترك السلطة من خلال المفاوضات، التي ستكون أسرع وأسهل، أو أنه سوف تتم إزالته بالقوة».

وقد ظهرت نتائج مؤتمر الرياض كحل وسط حول هذه النقطة، وهي مغادرة «الأسد»، حيث نحى جانبا الطلب طويل الأمد للثوار، وهو أن «الأسد» وشركاءه يجب أن يغادروا قبل أي محادثات.

لكن البيان الختامي أصر أنه وفريقه يجب ألا يكون لهم أي دور في مستقبل سوريا، وأنه يجب أن يتنحى عن السلطة في بداية الفترة الانتقالية التي تتفق عليها جميع القوى الخارجية الرئيسية، والتي ينبغي أن تبدأ فترة ستة أشهر في إطار مجلس الحكم الجديد.

يبدو أن هذا هو بيت القصيد بالنسبة للسعوديين وحلفائهم. لأنه من الصعب أن نظن أن الرياض سوف تتخلى عن الاستثمار الهائل الذي قامت به في محاولة للوصول إلى سوريا بدون «الأسد».

ومن الصعب، على قدم المساواة أيضا، أن نظن أن الروس والإيرانيين، الذين استثمروا على نطاق واسع في سوريا «الأسد»، سوف يقومون بالتخلي عن استثمارهم الاستراتيجي من أجل إفساح الطريق لنظام جديد ديمقراطي تحكم فيه الأغلبية السنية ، تماما كما فعل غالبية الشيعة في العراق.

مفتاح الحل الوسط يمكن أن يكمن في عبارة هامة في بيان المعارضة وهو تبني «مبدأ اللامركزية الإدارية» كأساس للدولة السورية المستقبلية.

يمكن أن يكون هذا بمثابة شفرة لمصطلح «التقسيم الناعم»، الذي يراه البعض الصيغة الوحيدة القابلة للتطبيق في مستقبل سوريا. حيث أن الأطراف المتحاربة ستبقي في الأساس محافظة على ما لديها بالفعل، ضمن اتحاد فضفاض، باستثناء «الدولة الإسلامية».

إنها معادلة التي قد تسمح للعديد من الجماعات الإسلامية، والأكراد أيضا، الذين يحملون اهتمامات متباينة، أن يمارسوا الإدارة الذاتية داخل سوريا موحدة.

هذا الخيار أو أي بديل مشابه له هو ما يراه الغرب و آخرون باعتبار أنه الاستراتيجية الواقعية الوحيدة لإنهاء «داعش». حيث إن الأدوات المتاحة، القوة الجوية والدعم الأرضي المحدود من الأكراد وغيرهم، لم تثبت نجاحا في السابق.

ولكن حتى في هذا السيناريو، يبدو أن السعوديين وحلفاءهم لا يزالون يصرون على رحيل الرئيس «الأسد» والدائرة المحيطة به، لكن هل سيكون ذلك عرضا لا يمكن لموسكو وطهران أن ترفضانه؟ أو هل يمكن تحمل التورط في فتح الباب لحالة أكثر كلفة من أي وقت مضى في الصراع المستعصي؟

في حين تبقى هذه الأسئلة الكبيرة معلقة، فإننا نتوقع أن تكون خلافات كثيرة في التحضير لمفاوضات يناير/كانون الثاني المقترحة.

بينما كتمت إيران وروسيا رد فعلهما حول إعلان الرياض، فإن هناك إشارات تصل حد التناقض الواضح على الفريق الآخر.

فجماعات مثل أحرار الشام هم «أخوة» في السلاح على الأرض مع جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة. وهي أيضا قد وصفت أنها جماعة إرهابية من قبل المجتمع الدولي بالرغم من قتالها للدولة الإسلامية. وهنا تبرز معضلة من هو «الإرهابي»، ومن هو «المعتدل» الذي يستحق إدراجه في عملية التسوية؟

الرئيس «الأسد»، بدوره، ضيع القليل من الوقت في تصنيف جميع المشاركين في الرياض بالإرهاب، سواء أولئك الذين يعتقد أنهم أجزاء من أجندة لقوى خارجية، أو أولئك الذين سيتفاوض معهم. وقد كان وزير الخارجية الأمريكية واضحا ومحقا عندما قال أنه «لا تزال هناك بعض الصعوبات أو مكامن الخلل ليتم التعامل معها قبل أن تمضي المحادثات قدما».

 

 

 

 

  كلمات مفتاحية

الرياض السعودية سوريا المعارضة السورية إيران بشار الأسد

«ستراتفور»: ما الذي يعنيه تشكيل جبهة تفاوض موحدة للمعارضة السورية؟

«كيري»: «نقطتان» في اتفاق «المعارضة السورية» بحاجة إلى معالجة

المعارضة السورية تتفق على فريق موحد للمحادثات وتصر على رحيل «الأسد»

المعارضة السورية تختتم مؤتمرها بالتأكيد على رحيل «الأسد» وعصابته

مؤتمر المعارضة السورية في الرياض بين الآمال والصعوبات

«سوريا»: خلافات المصالح تقوّض جهود الحرب ضد «الدولة الإسلامية»

«الأسد»: الصراع كلف سوريا أكثر من 200 مليار دولار