أسفر اجتماع فصائل المعارضة السورية في المؤتمر الذي نظمته السعودية في الرياض عن الاتفاق على تشكيل هيئة مكونة من 23 عضوا ستقوم بتشكيل وفد يمثل المعارضة في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة مع النظام.
وقد جاء مؤتمر الرياض بعد اتفاق دولي في فيينا أكد على ضرورة البدء بتطبيق خطط الحل السياسي، ولكن الخلاف كان متعلقا بمسألة «رحيل الأسد» الذي اتفقت الفصائل في الرياض على ضرورة رحيله وعدم وجوده في أي نظام جديد.
وقد اتفقت فصائل المعارضة السورية المجتمعة في العاصمة السعودية الرياض على تشكيل هيئة عامة تضم 23 عضوا وأمينا عاما ومتحدثا لهذه الأمانة، كما اتفقت على وفد سيمثل المعارضة في المفاوضات المرتقبة مع ممثلي النظام الشهر المقبل.
ومن الأمور الأخرى التي تم الاتفاق عليها هو رفض وجود مقاتلين أجانب والتمسك بمدنية الدولة ووحدة أراضيها والالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان ورفض الإرهاب، وهذه كلها رسائل لتطمين المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية.
ونظرا لما سبق، فقد رحب وزير الخارجية الأمريكي بنتائج مؤتمر الرياض، معتبرا أن ما تم تحقيقه في فيينا والرياض سيسهل التوصل إلى حل إلا أنه أكد وجود صعوبات.
إن من أهم ما حققه مؤتمر الرياض هو أنه بالرغم من التعدد والتشظي الموجود ضمن فصائل المعارضة فقد أثبت أن توحيد المعارضة السورية في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة أمر ممكن، خاصة أن هذا الأمر قد صار أكثر إلحاحا بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا، لكن هذا أيضا لا يلغي احتمال التعارض بين الهيئة الجديدة، والمكونات الموجودة سلفا مثل ائتلاف المعارضة السورية، فكل جهة لها توجهاتها ورؤاها المستقلة وشبكة علاقاتها المختلفة عن الآخرين.
أهم الأمور الجديرة بالاهتمام أيضا هو أن الاتفاق على رحيل «الأسد» هو محاولة لقطع الطريق على المشروع الروسي الذي كان يهدف لإنشاء معارضة شكلية تقوم بخلط الأوراق وتضمن الفصائل المستأنسة المستعدة للعمل تحت مظلة النظام. وبالرغم من ذلك، فقد كان هناك اعتراض من قبل حركة أحرار الشام على دعوة شخصيات وصفتها بأنها أقرب إلى النظام منها إلى الثورة. كما صرحت الحركة أنها سترفض أي صيغة لا تتضمن الإشارة إلى خروج القوات الأجنبية من سوريا.
وفي هذا الإطار، فإن مؤتمر الرياض كان من المنتظر أن يواجه اعتراضات روسية وإيرانية، وفقا لما تشير به مخرجاته. وهو أمر طبيعي في ظل الترحيب الأمريكي والرعاية السعودية.
يعد الاتفاق الأولي للمعارضة السورية أمرا جيدا، لكنه جاء متأخرا كثيرا، ويأتي بعد 4 سنوات على النزاع فرضت خلالها أطراف عديدة نفسها كأمر واقع. إلا أن هذه الخطوة من الممكن أن يكون لها دور في إحباط المخططات التي تدعم النظام أو عرقلتها على الأقل.
تكمن الخطورة في اتفاق الرياض إلى أن جلوس المعارضة مع «الأسد» قد يعطيه شرعية نسبية، إضافة إلى مهلة زمنية للاستراحة من أجل التزود والاستعداد لما بعد الفترة الانتقالية المحتملة، وهذا يتماشى مع التفكير الروسي والإيراني. إذ من غير المرجح تماما أن روسيا وإيران سوف تتركان الطريق مفتوحا أمام المعارضة الحالية التي تتهم «بوتين» بأنه مجرم حرب كما جاء على لسان «خالد خوجا».
من الأمور التي يمكن الإشارة إليها أن الاطلاع على قائمة الحضور في المؤتمر يعطي صورة مهمة عن طبيعة الشخصيات التي من الممكن أن تلعب دورا مهما في السياسة السورية الحالية والمستقبلية.
أما عن أبرز المخاطر الداخلية فتكمن في أن الأطراف المعارضة الرافضة للاتفاق. مثل جبهة النصرة التي تمثل قوة حقيقية على الأرض، وفي أحرار الشام التي تحمل تحفظات على الاتفاق ظهرت خلال المؤتمر وربما تزداد لاحقا. ويؤكد هذا أن الحركة أعلنت انسحابها من المؤتمر بعد توقيع ممثلها على البيان الختامي.
في الواقع فإن مؤتمر الرياض هو أحد تجليات مؤتمر فيينا. ويبدو أن التحديات التي كانت تواجه فيينا هي نفسها التي تواجه مؤتمر الرياض. وهي من الكثرة والصعوبة بمكان بحيث تجعل وزير الخارجية الأمريكي يقول بإن هناك صعوبات، وتمنعه من أن يبدو، كعادته ربما، شديد التفاؤل.