«ستراتفور»: ما الذي يعنيه تشكيل جبهة تفاوض موحدة للمعارضة السورية؟

السبت 12 ديسمبر 2015 09:12 ص

على الرغم من الخلافات الكبيرة وتعدد وجهات النظر ضمن الطيف الواسع للمعارضة السورية، فقد استقرت مجموعات المعارضة التي اجتمعت مؤخرا في الرياض على مجموعة موحدة للتفاوض. الاتفاق، الذي تم بضغط كبير من السعوديين، سيسمح للمجموعات بالظهور كجبهة أكثر توحدا قبل محادثات السلم في فيينا بين الحكومة والمعارضة السورية، والتي من المنتظر في الأول من يناير/ كانون الثاني القادم. ومع ذلك، لا تزال الانقسامات بين جماعات المعارضة موجودة، وآفاق التفاوض الحل الناجح للصراع السوري لا تزال ضئيلة.

تحليل

وتضم مجموعة التفاوض ممثلين عن فصائل المتمردين الرئيسية، بما في ذلك الجيش السوري الحر، تجمع أحرار الشام وجيش الإسلام. إدراج هذه الفصائل الثلاثة كان له أثر كبير في توجه جزء كبير من المتمردين إلى طاولة المفاوضات. والجدير بالذكر، أن عددا من فصائل المعارضة المسلحة مثل القوى الديمقراطية السورية وجبهة النصرة والدولة الإسلامية قد تم استبعادها من المحادثات. تضم المجموعة الجديدة أمينا عاما جديدا وكذا متحدثا إعلاميا،وتضم الهيئة العليا المسؤولة عن التفاوض 25 عضوا. ومع ذلك، فإن الأفراد الفعليين الذي سوف يشكلون فريق التفاوض لم يتم الاتفاق عليهم حتى الآن.

وقد نجحت مجموعة التفاوض في الالتئام بعد أن صلبت جميع الفصائل مواقفها بشأن التدابير التي يتفق عليها الجميع بما في ذلك الإطاحة السريعة بالرئيس السوري «بشار الأسد». ومع ذلك، فإن هذا الموقف قد يصعب التوفيق بينه وبين موقف الحكومة السورية وحلفائها، لذا فإنه لا يبشر بالخير للتوصل إلى نتيجة تفاوضية ناجحة للصراع. على سبيل المثال، فإن تجمع «أحرار الشام»، واحدة من أبرز الجماعات المتمردة المسلحة التي تشارك في العملية التفاوضية، قد أعلن في 9 ديسمبر/كانون الأول أنه يتسمك بـ«التطهير الكامل للأراضي الروسية من الاحتلالين الروسي والإيراني والميليشيات الطائفية التي يقدمان الدعم لها». وقال التنظيم أيضا أنه لن يتنازل عن موقفه بحتمية الرحيل الفوري للأسد عن السلطة، هذه المواقف السياسية هي ليست مواقف هامشية؛ ولكنها تمثل الموقف الرئيسي للأطياف الأوسع من المعارضة السورية.

في الواقع، فإن مجموعة أحرار الشام كانت قد أعلنت انسحابها من المفاوضات مؤقتا، قبل أن تغير رأيها في اللحظة الأخيرة بالعودة والتوقيع على الاتفاق. وكما لاحظت «ستراتفور» من قبل، فإن واحدة من العقبات الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق هو معرفة أي المجموعات المتمردة ينبغي أن يكون ممثلا للمعارضة في المفاوضات. كان من السهل إجبار جماعات مثل الجيش السوري الحر وجيش الإسلام، التي تعتمد بشكل كبير على رعاية الأجنبية، على المثابرة في عملية التفاوض على الرغم من المسافة الأيديولوجية الكبيرة بين الجيش السوري الحر العلماني وجيش الإسلام صاحب التوجه الإسلامي. و على الرغم من تلقيها الدعم من تركيا وقطر، وبصورة أقل من المملكة العربية السعودية، فإن أحرار الشام كانت أقل استعدادا للاستجابة للضغوط الخارجية.

وقد بدت للعيان هذه الخلافات بين أحرار الشام والوسطاء الأجانب عندما قررت المجموعة الدولية لدعم سوريا استبعاد حليف أحرار الشام الوثيق، جبهة النصرة، من هذه العملية. وتشعر أحرر الشام بالقلق لما تصفه بأنه «التمثيل المتدني» للفصائل المتمردة الموجودة على الأرض مقارنة بالنفوذ الكبير لجماعات المعارضة الروسية في المنفى ومشاركة بعض الفصائل التي تتمتع بعلاقات مع روسيا. ويبدو أنه سوف يكون من الصعب الإبقاء على مشاركة المجموعة خلال هذه العملية.

وعلاوة على ذلك، فإن جماعات المعارضة السورية تجنبت الخوض في تسوية نقاط الخلاف الشائكة، بما في ذلك رؤى الجماعات المتباينة لسوريا ما بعد الصراع، فضلا عن أن كل ذلك لا يأخذ بعين الاعتبار رؤى الجماعات المعارضة غير المشاركة في المحادثات. على سبيل المثال، فإن الجيش السوري الحر لديه وجهة نظر مختلفة عن أحرار الشام وجيش الإسلام على الدر الذي ينبغي أن يضطلع به الدين في سوريا في المستقبل. حتى بين أحرار الشام وجيش الإسلام، رغم أن كل منهما يصنف من القوى الإسلامية، فإن هناك تباينا في الآراء حول مدى نفوذ كل مجموعة.

في هذه الأثناء، فإن الفصائل التي تم استبعادها من المباحثات لم يكن في وسعها أن تبقى هادئة. أطلقت جبهة النصرة حملة إعلامية من أجل إعادة تقديم نفسها، وقد أعلنت أن أميرها، «أبو محمد الجولاني»، سوف يعقد لقاءا صحفيا (نادرا) في وقت قريب. القوى الديمقراطية السورية، وهو ائتلاف من المقاتلين الأكراد والمتحالفين معهم، ويبرز في شمال شرقي سوريا، قد خلقت جناحها السياسي الخاص، المجلس الديمقراطي السوري، في الوقت الذي تسعى فيه لتهدئة المخاوف من الهيمنة الكردية وميول وحدات حماية الشعب الكردي تجاه الحكم الذاتي.

في نهاية المطاف، فإن إنهاء الحرب الأهلية السورية سوف يتطلب أكثر بكثير من مجرد اتفاق ناجح بين مجموعة التفاوض المعارضة التي أنشأت حديثا في الرياض وبين الحكومة السورية. وقد حاولت جماعات المعارضة السورية أن تقترب من بعضها البعض بدافع الرغبة في تشكيل جبهة قوية أثناء عملية التفاوض وتجنب إدراج أي منها في القائمة السوداء. في الواقع، فإنه لا يزال مطلوبا من جماعات المعارضة المختلفة تقديم تنازلات مهمة لبعضها البعض، ولكن إذا استطاعت هذه الفصائل أن تشارك بشكل موحد وفعال في المحادثات، فإن القوى الأجنبية، بما في ذلك القوى الغربية، سوف تنظر إليها من منظور أكثر حيوية. الاختبار الحقيقي،مع ذلك، لا يزال يتعلق بمدى قدرة المعارضة على إيجاد أي أرضية مشتركة مع النظام السوري.

  كلمات مفتاحية

السعودية سوريا المعارضة السورية الجيش الحر أحرار الشام مؤتمر المعارضة السورية في الرياض

«كيري»: «نقطتان» في اتفاق «المعارضة السورية» بحاجة إلى معالجة

المعارضة السورية تتفق على فريق موحد للمحادثات وتصر على رحيل «الأسد»

المعارضة السورية تختتم مؤتمرها بالتأكيد على رحيل «الأسد» وعصابته

انطلاق جولة اجتماعات مغلقة لمؤتمر المعارضة السورية في الرياض

انطلاق مؤتمر المعارضة السورية في الرياض الثلاثاء بمشاركة 15 مجموعة مقاتلة

واشنطن و«سياسة الاحتواء المزدوج» في سوريا

الصراع السوري: هل يمكن للضغط السعودي أن يؤمن السلام؟

مؤتمر المعارضة السورية في الرياض بين الآمال والصعوبات

المحادثات السورية .. من يريد ماذا؟

«سوريا»: خلافات المصالح تقوّض جهود الحرب ضد «الدولة الإسلامية»