هل تتطور حرب أوكرانيا إلى نسخة جديدة من سوريا؟

الخميس 28 أبريل 2022 06:18 م

في 24 فبراير/شباط، بدأ الاتحاد الروسي الحرب ضد أوكرانيا وهو أكبر هجوم في تاريخ أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وردا على ذلك، فرض "الناتو" والولايات المتحدة عقوبات كبيرة على روسيا شملت قطاعات متعددة بما في ذلك قطاع الطاقة الروسي، وتم استبعاد روسيا من نظام "سويفت" وحث الدول على الحصول على الطاقة من مصادر بديلة لتقليل اعتماد العالم على النفط الروسي.

وفي 7 أبريل/نيسان، جرى التصويت لصالح إخراج روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مع استمرار بيانات الإدانة للسلوك الروسي في أوكرانيا.

لكن هناك عددا من الدول صوت ضد طرد روسيا من مجلس حقوق الإنسان من ضمنها بيلاروسيا والصين وإيران وكازاخستان وسوريا. وقد تعززت علاقات روسيا مع هذه الدول منذ بدء الحرب في أوكرانيا، لكن أهم هذه الدول الداعمة لروسيا هي سوريا بسبب التداعيات الحالية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها.

حكاية متشابكة

ومنذ عام 2015، حافظت روسيا على وجود عسكري قوي في سوريا. وذكرت موسكو في أغسطس/آب 2018 أنها نشرت أكثر من 63 ألف جندي في الدولة الشرق أوسطية في مقطع فيديو لوزارة الدفاع الروسية.

ومنذ هدأت الحرب، احتفظت روسيا بقواعد استراتيجية في مدينتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين، وقواعد أخرى في المنطقة الشمالية الغربية، فضلا عن القواعد المنتشرة بالقرب من المعالم الشهيرة مثل مدينة تدمر القديمة.

ولعبت أنظمة الدفاع الجوي والقاذفات الأرضية والسفن الحربية والغواصات أدوارا مهمة في الوجود الروسي في سوريا ودعمها المستمر للديكتاتور "بشار الأسد". وبينما تراجعت الأنشطة الروسية في سوريا، استمر وجودها وتصاعدت مشاريعها مؤخرا وصولا إلى حرب أوكرانيا.

ووفقا لمعلومات من مدينة دير الزور السورية، تعمل ميليشيا "فاجنر" الروسية والجيش الروسي الرسمي بنشاط على تجنيد السوريين الذين قاتلوا في ليبيا للقتال في أوكرانيا مقابل 200 إلى 300 دولار فقط.

كما قامت ميليشيا "فاجنر"، التي نفذت مهام داعمة لـ "الأسد" في ذروة الحرب الأهلية مثل السيطرة على حقول النفط، بنشر مقاتليها في أوكرانيا خلال الأشهر القليلة الماضية.

وتاريخيا، لم تكن محادثات "بوتين" مع "الأسد" عسكرية بحتة. فقد وقع الاثنان العديد من اتفاقيات الطاقة والتجارة، بما في ذلك تسليم السيطرة على طرطوس، أكبر ميناء في سوريا، لشركة روسية يرأسها "فاديم غورينوف".

وتشمل الصفقات الأخرى استخراج الفوسفات، وتطوير حقول النفط، وبرامج التبادل الثقافي التي تدرس اللغة والثقافة الروسية للطلاب المحليين.

صداقات معقدة وأعداء مشتركون

وتعود العلاقات الروسية السورية إلى الحرب الباردة عندما دافعت الجمهورية العربية السورية بقوة عن موسكو ضد القوى الغربية. ومع تطور علاقتهما، نما الدعم المالي لحزب البعث السوري في نفس الوقت.

وبعد انقلاب سوريا عام 1966، قدم صعود حزب البعث فرصة للسوفييت لتأمين موقعهم الاستراتيجي الأول في الشرق الأوسط عبر ميناء طرطوس. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حافظت روسيا على علاقات مع نظام "الأسد".

وقبل اندلاع الربيع العربي مباشرة، أجرى السفير الأمريكي "روبرت فورد" عدة محادثات مع المسؤولين السوريين، بما في ذلك المناقشات حول الاحتجاجات المتنامية. وكان "فورد" يعتقد أن "الأسد" قد يختار  دعم الانتقال الديمقراطي لتكون سوريا الديمقراطية المأمولة التالية في الشرق الأوسط، والحليف الغربي الجديد.

وعلى العكس من ذلك، شجع الموقف الروسي "الأسد" على الرد بعنف على الاحتجاجات، وهو ما سحق الآمال الأمريكية، حيث تفاقمت الجرب الأهلية، مما خلق بيئة مثالية لنمو تنظيم "الدولة الإسلامية" وتأجيج المزيد من العنف، وتسبب ذلك في إرسال موجات من اللاجئين إلى أوروبا، ومنح روسيا فرصة لإنشاء قواعد عسكرية في جميع أنحاء البلاد.

ومع حلول الأسبوع السابع من حرب أوكرانيا، ظهرت ظروف مشابهة بشكل مخيف لتلك التي عانى منها السوريون، حيث شهد الأوكرانيون هجمات وقنابل عنقودية تضرب المدن المحاصرة وأفواج اللاجئين الذين يحاولون الخروج من البلاد، مثل الهجوم على محطة قطار في كراماتورسك والذي خلف أكثر من 50 قتيلا مدنيا.

وكانت القوى الغربية اتهمت روسيا بقصف اللاجئين الفارين من الحرب السورية في "مخيم الحدلات" للاجئين في يوليو/تموز 2016 مما تسبب في وقوع 40 مصابا.

ووجهت أوكرانيا اتهامات لروسيا بارتكاب جرائم حرب على غرار الاتهامات التي واجهتها موسكو في سوريا. وقد أسند الكرملين ملف سوريا لجنرال مألوف لدى السوريين وهو "ألكسندر دفورنيكوف"، المعروف باسم "جزار سوريا"، والذي قاد الأنشطة الروسية في سوريا وبدأ في قلب دفة الحرب لصالح نظام "الأسد" بعد الهزائم التي تعرض لها على يد الثوار.

والآن، مع مواجهة "بوتين" لهزائم مماثلة وفشل في اللوجيستيات، يوجه الجنرال أنظاره إلى أوكرانيا لمزيد من "الذبح".

وتكثفت العلاقات الروسية مع الحلفاء السوريين منذ بدء القتال في أوكرانيا، وحتى قبل ذلك بقليل. وتسارعت التدريبات العسكرية المشتركة وعمليات التفتيش العسكرية والاجتماعات بين مسؤولي الجيش ببطء في الفترة التي سبقت الغزو الروسي.

ومع غموض مستقبل أوكرانيا، تقدم الانتصارات الروسية في سوريا نظرة مثيرة للاهتمام حول طريقة تفكير "بوتين".

وكانت مواجهة النفوذ الغربي على أجندة موسكو منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وصعود الصين. ومع تزايد النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21 من خلال العلاقات مع إسرائيل والأردن، ومع إقامة الصين تحالفات مع لاعبين إقليميين مثل السعودية وإيران، بدأت روسيا تشعر بأنها مستبعدة من القوى المهيمنة وبدأت تفقد قدرتها على ممارسة النفوذ.

وهكذا، فإن الحصول على مواقع في البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأسود، أصبح الوجود في سوريا الدعامة الأساسية لـ "بوتين" لزيادة الوجود الروسي والتعبير عن آراء روسيا على الساحة العالمية.

وتشير مراقبة الوجود الروسي في سوريا إلى اتجاهات التحرك في أوكرانيا. ومع دوافع مماثلة، تهدف روسيا إلى نشر قوتها في أوكرانيا التي حاول "حلف الناتو" نشر قواته فيها مع إمكانية ضم أوكرانيا إلى عضوية الحلف.

وكما هو الحال مع شبه جزيرة القرم، من المحتمل ألا يتنازل "بوتين" عن أي شبر من الأراضي الأوكرانية بمجرد توقف القتال. وسوف تعرب روسيا باستمرار عن رفضها للتوسع الغربي على حدودها، محاكية وجودها الحالي في سوريا.

وفي حالة أوكرانيا، من غير المعروف مدى قدرة الروس على تثبيت وجود دائم بالنظر إلى اختلاف موقف القوى الدولية في الحالتين. ولكن المؤكد أن روسيا ستواصل احتجاجها على رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى "الناتو" وستستخدم العدوان العسكري كأسلوب للتعبير.

لقد تم تأسيس مستقبل النفوذ الروسي هناك إلى أجل غير مسمى، لكن مصير الحرب مازال غير واضح، ويجب على العالم الانتظار ليرى ما إذا كانت ستتطور إلى نسخة جديدة من سوريا لتصبح أوكرانيا ضحية أخرى لمجال النفوذ الروسي الوحشي.

المصدر | كلير فوكس/إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات السورية الروسية الغزو الروسي غزو أوكرانيا الحرب الأوكرانية بشار الأسد فلاديمير بوتين حلف الناتو حرب أوكرانيا

الاستخبارات الأوكرانية تعلن وصول "مرتزقة سوريين" إلى روسيا

الجارديان: فنيون سوريون في روسيا لتدمير أوكرانيا بـ "البراميل المتفجرة"

عقوبات أوروبية تستهدف ضباط ومنظمات أمنية سورية بسبب الحرب الأوكرانية