الثراء السريع وعدم الثقة بالبنوك.. لماذا تنتشر ظاهرة المستريح بمصر؟

الأربعاء 18 مايو 2022 05:33 م

ظاهرة "مستريح" أسوان، جنوبي مصر، والذي استولى على نحو 5 مليارات جنيه (274 مليون دولار) من مواطنين بقرية ريفية، لم تكن هي الأولى من نوعها، ولكنها فصل جديدة من فصول جمع أموال البسطاء بزعم استثمارها في مجالات مختلفة، نظير عوائد مالية ضخمة نادراً ما تتحقق، ثم يختفي فجأة.

ويمكن تتبع أصول ظاهرة "المستريح" في مصر، بالعودة إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والتي شهدت بروز ما كان يعرف بـ "شركات توظيف الأموال"، وأشهرها "الريان"، "السعد" و"الهدى".

عمدت هذه الشركات إلى أخذ الأموال من "المودعين" بغرض "استثمارها" مقابل عائد مادي عال، خاصة بالمقارنة بأسعار الفائدة في البنوك المصرية التي كانت منخفضة حينها.

وتمتعت هذه الشركات أيضا بغطاء ديني، قدمه عدد من المشايخ، الذين قدموا خدماتها كوسيلة للربح الحلال مقابل "البنوك الربوية".

انتهت ظاهرة "شركات توظيف الأموال" بهروب أو سجن من كانوا يعملون فيها، بعد أن عجزوا عن الوفاء بوعودهم بدفع الفوائد أو رد أموال المودعين.

وتسببت قضاياهم وقتها في هزة اقتصادية واجتماعية كبيرة للمجتمع المصري، بعد أن تبخرت أموالُ الناس في مُضاربات وهمية وتجارة في أسواق الذهب والبورصات العالمية بطريقة عشوائية غير مدروسة.

عادت هذه الظاهرة لتطل برأسها من جديد عام 2014، من خلال "أحمد مصطفى"، الذي اشتهر بلقب "المستريح"، واستطاع أن يجمع من أهل قريته في صعيد مصر أكثر من 53 مليون جنيه (3 ملايين دولار) لاستثمارها في تجارة بطاقات شحن الهواتف المحمولة، وتم القبض عليه في 2015، وحصل على حكم نهائي بالحبس لمدة 15 عاماً ورد 266 مليون جنيه (14.6 مليون دولار) للمدعين بالحق المدني في قضايا تتعلق بالاحتيال المالي.

وقد تكررت وقائع النصب والاحتيال المالي من خلال أشخاص يجمعون أموال الناس لتوظيفها في مجالات تجارة العقارات أو المحاصيل الزراعية والسيارات وغيرها خلال السنوات القليلة الماضية.

ووفقا لبعض الإحصاءات الصادرة عن إدارة الأموال العامة التابعة لوزارة الداخلية المصرية، فقد بلغت حصيلة ما جمعه 25 محتالا من المواطنين خلال الأعوام الماضية نحو 5 مليارات جنيه مصري، حيث يتم اجتذاب الضحايا تحت ستار ديني أو وهم الكسب الحلال بعيدا عن فوائد البنوك التي يراها البعض ربا محرما في الإسلام.

وفي تحليل لهذه الظاهرة، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة "سعيد صادق"، إن هناك اختلافات شاسعة بين سكان المدن والتجمعات السكنية للأغنياء، وسكان الريف والمناطق الشعبية والأحياء الفقيرة.

وأشار في حديثه لـ"بي بي سي" إلى أن سكان المناطق الفقيرة هم أكثير ميلا لعدم الثقة في البنوك، إذ يرى بعضهم أن أموالها حرام لأنها تقوم على الربا المُحرَم في الإسلام.

ولفت إلى وجود بعض الحالات لأشخاص يختارون عدم وضع أموالهم في البنوك سعيا للتهرب من الضرائب، أو نتيجة للحصول عليها بطرق غير مشروعة من خلال التجارة في المخدرات أو الآثار أو التربح من الوظيفة العامة من خلال الرشوة والفساد، فضلا عن اعتقاد البعض بالحسد والخوف منه، ولذلك فإنهم، بحسبه، يقومون باستثمار هذه الأموال لدي "المستريح" ومن هم على شاكلته، بعيدا عن القنوات الشرعية.

من جانبه، قال رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية وأستاذ إدارة البنوك بجامعة القاهرة "رشاد عبده"، إن ظاهرة تجنب وضع الأموال في البنوك متجذرة بالمجتمع المصري.

وأشار إلى أن المصريين قاموا خلال السنوات القليلة الماضية بضخ مليارات الجنيهات من خارج البنوك في اكتتاب تفريعة قناة السويس الجديدة أو شهادات بنكي مصر والأهلي ذات العائد المرتفع، متسائلا أين كانت هذه الأموال؟ ولماذا كانت خارج البنوك والجهاز المصرفي المصري؟.

ولفت إلى استمرار هذه الظاهرة، رغم أن أموال المودعين في البنوك العاملة في السوق المصرية مضمونة بمعرفة البنك المركزي المصري وغير معرضة للخسارة أو الضياع كما يحدث مع أصحاب شركات توظيف الأموال أو "المستريح" الذي يلعب على عنصر عدم الثقة في الحكومة والبنوك لدى المواطن العادي، ويقوم بإعطاء وعود المكسب السهل وحُلمِ الثراءِ السريع للبُسطاء الذين يقتنعون بسهولة ويقومون بتسليم جميع أموالهم أو "شقاء العمر" لهؤلاء المحتالين.

ويطالب كثيرون بتغليظ العقوبة على مرتكبي جرائم النصب على المواطنين، إذ أنها تندرج حاليا في قانون العقوبات تحت باب "الجُنحَة" التي تصل أقصى عقوبة فيها إلى الحبس لمدة 7 سنوات.

كما يشير آخرون إلى ضرورة رفع الوعي المعرفي بمجالات الاستثمار الآمن للأموال، وتوسيع مبادرة الشمول المالي لإقناع أكثر من 80% من المصريين بفتح حسابات بنكية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر المستريح النصب الاحتيال

مصر.. القبض على "مستريح" جديد للزيوت وآخر للجوالات

"مستريح" جديد في مصر.. احتال على مواطنين بمبالغ تجاوزت مليار جنيه

مصر.. "مستريح جديد" يجمع 100 مليون جنيه ويهرب بها