حذر مدير عام الاستثمار السابق بـ«مؤسسة النقد العربي السعودي»، «خالد السويلم» من أن الرياض قد تضطر إلى التخلي عن ربط الريال بالدولار مع الانخفاض الشديد الذي تشهده أسعار النفط.
وقال «السويلم» في تصريحات صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية: «إن عواقب اتخاذ مثل تلك الخطوة ستكون درامية»، مضيفا أنه مع تواصل انخفاض الاحتياطي الأجنبي لن يكون هناك بد من ذلك، على حد قوله.
تأتي التحذيرات في الوقت الذي أعلنت فيه، أمس الإثنين، وزارة المالية السعودية بلوغ العجز نحو 98 مليار دولار وهو الأكبر في تاريخ المملكة.
وانتقد «السويلم» الخبير بـ«معهد كينيدي» بجامعة هارفارد، الاستراتيجية التي تتبعها السعودية بإغراق الأسواق بالنفط بأسعار منخفضة مقارنة بمنافسيها، مشددا على أنها لن تحقق النتائج التي يرجوها المتفائلون الذين يأملون في تكرار سيناريو الثمانينات من القرن الماضي حين اتبعت الرياض الاستراتيجية نفسها حتى امتلكت زمام الأسواق وبدأت الأسعار في التعافي.
وأضاف أن السعودية تدفع ثمن عدم إنشاء صناديق سيادية ملائمة وهي الصناديق المسؤولة عن إدارة الثروات والاحتياطات المالية للحكومات على غرار ما حدث في النرويج والإمارات.
هذا وتنطوي موازنة العام المقبل 2016، التي أصدرتها وزارة المالية، أمس الإثنين، على أكبر تغيير في السياسة الاقتصادية للمملكة خلال ما يزيد على عشر سنوات، وتتضمن إصلاحات حساسة سياسيا أحجمت عنها السلطات في السابق.
وتشير خطة الموازنة إلى أن السعودية -أكبر مصدر للنفط في العالم- لا تعول على تعاف كبير لأسعار الخام قريبا، بل تستعد لبقاء أسعار النفط منخفضة لعدة سنوات.
وكان «صندوق النقد الدولي» قد حذر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من أن الاحتياطيات المالية للسعودية ستنفد في غضون خمس سنوات إن لم ترشد نفقاتها.
وقال مسؤولون إن الحكومة السعودية سجلت عجزا قدره 367 مليار ريال (97.9 مليار دولار) أو ما يعادل 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.
وتهدف خطة موازنة 2016 لخفض العجز إلى 326 مليار ريال بما يخفف الضغط على الرياض لتمويل المصروفات من خلال تسييل أصول خارجية وإصدار سندات.
وتقدر ميزانية العام المقبل الإنفاق بواقع 840 مليار ريال انخفاضا من 975 مليار ريال في 2015.
وتقدر الحكومة إيرادات العام المقبل بواقع 514 مليار ريال انخفاضا من 608 مليارات في عام 2015 الذي شكلت فيه إيرادات النفط 73% من إجمالي الإيرادات، وبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 54 دولارا للبرميل هذا العام لكنه يقترب حاليا من 37 دولارا للبرميل.
وسيلعب نجاح خطة الموازنة أو فشلها دورا رئيسيا في الحفاظ على ثقة أسواق المال في الرياض.
ومع اتساع العجز، نزل الريال في سوق العقود الآجلة إلى أدنى مستوياته منذ العام 1999 بسبب مخاوف من أن تضطر الرياض في نهاية المطاف إلى التخلي عن ربط عملتها بالدولار الأمريكي.