طرابلس.. هدوء حذر وسيطرة لقوات الدبيبة ودعوات متصاعدة لوقف إطلاق النار

الأحد 28 أغسطس 2022 06:27 ص

هدوء حذر تشهدها العاصمة الليبية طرابلس، الأحد، بعد ساعات من الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في مناطق بوسط طرابلس وضواحيها، وسط دعوات دولية وإقليمية لوقف إطلاق النار، الذي تسبب في مقتل 32 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.

ووفق تقارير محلية، فإن قوات الوحدة الوطنية برئاسة "عبدالحميد الدبيبة"، تمكنت من السيطرة على جميع المناطق التي حدثت فيها الاشتباكات منذ صباح السبت.

ونقلت وكالة "رويترز" عن وسائل إعلام ليبية محلية، أن قوات داعمة لحكومة "عبدالحميد الدبيبة"، تسيطر على معسكر 7 أبريل ومنطقة بوابة الجبس جنوب طرابلس، بعد انسحاب القائد العسكري "أسامة الجويلي" الموالي لـ"فتحي باشاغا" إلى العزيزية.

جاء ذلك، رغم ورود أنباء ليلة السبت/الأحد، عن قصف متفرق حول بعض المعسكرات الواقعة في محيط العاصمة الليبية، وبعض أحياء المدينة الواقعة في غرب ليبيا.

واندلعت المواجهات المسلحة، السبت، بين قوات موالية لـ"الدبيبة"، وأخرى تابعة لرئيس الحكومة المكلف "فتحي باشاغا"، الذي يسعى لدخول طرابلس، وباءت محاولاته السابقة بالفشل بعد أن تسببت في اشتباكات أوقعت قتلى.

وتوقّفت المواجهات مع حلول الساعات الأولى للصباح، وعادت قوات موالية لـ"باشاغا" أدراجها بعد أن كانت في طريقها من مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق طرابلس) باتجاه العاصمة.

وكانت وسائل إعلام ليبية قد قالت إن أرتالا عسكرية موالية لحكومة "باشاغا" تتحرك من مصراتة نحو العاصمة طرابلس، في وقت اتهمت فيه مصادر بحكومة الوحدة "هيثم التاجوري" قائد الكتيبة 777 المؤيدة لحكومة "باشاغا"، بالتمهيد لاقتحام العاصمة من خلال زعزعة الاستقرار فيها.

ومع ظهر الأحد، شهدت العاصمة، عملية انتشار واسعة لمركبات تحمل أسلحة ثقيلة، خاصة في شارعي الجمهورية والزاوية، وحي غوط الشمال، ومنطقة الدريبي، بالإضافة إلى محيط رئاسة الوزراء في طريق السكة.

وأفادت مصادر محلية، بأن شوارع مدينة طرابلس خالية تماماً من حركة السكان، مع إغلاق عدد كبير من المحال التجارية.

وأشارت إلى أن "عدة قطاعات حكومية طالبت موظفيها بعدم التوجه إلى أعمالهم خوفاً على حياتهم".

وأفادت وزارة الصحة الليبية، بمقتل 32 شخصا وإصابة 159 آخرين، جراء الاشتباكات التي اندلعت في العاصمة طرابلس ظهر السبت، في حين قال مصدر حكومي ليبي، إن 18 مدنيا من بين القتلى.

كما أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية، عن حاجة مصرف الدم المركزي للتبرع بالدم، من جميع الفصائل وبشكل عاجل.

وأطلق جهاز الإسعاف والطوارئ، نداء عاجلا ومناشدة إنسانية، يطالب فيها بهدنة لساعات من أجل إجلاء الأسر العالقة.

وقال المتحدث باسم خدمة الإسعاف في طرابلس "أسامة علي" لتليفزيون "الأحرار"، إن عددا غير معروف من المدنيين أصيب، كما أن خدمة الإسعاف "تواجه صعوبات في التنقل".

وعلى الرغم مما جرى، أعلنت إدارة مطار معيتيقة بطرابلس أن المطار مفتوح أمام حركة الملاحة الجوية بصورة طبيعية ابتداء من صباح الأحد، رغم توقف الحركة السبت.

فيما قرر رئيس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط "فرحات بن قدارة"، تعطيل عمل موظفي المؤسسة في طرابلس الأحد، على خلفية الاشتباكات في المدينة.

وتبادلت حكومتا "الدبيبة" و"باشاغا" الاتهامات بالمسؤولية عن المواجهات الجديدة في طرابلس.

حيث وصفت حكومة الوحدة الوطنية ما جرى بأنه "غدر" بعد أن كانت تخوض مفاوضات لتجنيب العاصمة الدماء، وحملت "باشاغا" بتنفيذ "ما أعلنه من تهديدات باستخدام القوة للعدوان على المدينة".

فيما رد المكتب الإعلامي لـ "باشاغا" متهما حكومة طرابلس  بـ"التشبث (...) بالسلطة"، معتبرا أنها "مغتصبة للشرعية"، قبل أن ينفي  ما جاء في بيان حكومة الوحدة بخصوص رفض حكومة "باشاغا" أي مفاوضات معها.

وفي خضم هذا التصعيد الجديد، قال المتحدث باسم مجلس النواب الليبي في طبرق "عبدالله بليحق" إن رئيس المجلس "عقيلة صالح" بحث مع عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، سبل التوصل إلى توافق ليبي ليبي، وإنهاء المرحلة الراهنة وتحقيق الاستقرار.

في وقت كشفت مصادر مقربة من "الدبيبة"، أنه سيجتمع، الأحد، مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي "محمد المنفي"، ورئيس الأركان العامة لحكومته "محمد الحداد"، بالإضافة لرئيس جهاز المخابرات "حسين محمد خليفة العائب" لمناقشة تصاعد الأحداث العسكرية بطرابلس.

يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه الدعوات الدولية والإقليمية، لوقف إطلاق النار، وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف.

الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيرش"، دعا إلى "الوقف الفوري للعنف" في طرابلس، وحث الأطراف الليبية على الدخول في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي المستمر، وعدم استخدام القوة لحل الخلافات.

وقال "ستيفان دوجاريك"، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان، إن الأمم المتحدة "لا تزال مستعدة لبذل المساعي من أجل الوساطة لمساعدة الأطراف الليبية على رسم مخرج من المأزق السياسي الذي يهدد بشكل متزايد استقرار ليبيا".

ودعا البيان الطرفين إلى "حماية المدنيين، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات يمكن أن تؤدي إلى تصعيد التوترات وتعميق الانقسامات".

بينما دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية".

فيما كتبت السفارة الأمريكية لدى ليبيا في تغريدة: "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء الاشتباكات العنيفة في طرابلس"، داعية الفرقاء الليبيين إلى محادثات تسيرها واشنطن، معربة عن إدانتها لتصاعد العنف الذي تشهده طرابلس.

وقال السفير الأمريكي، مبعوث واشنطن الخاص إلى ليبيا "ريتشارد نورلاند"، في بيان: "ينبغي إنشاء ممرات إنسانية لإجلاء الضحايا والمدنيين المحاصرين في تقاطع النيران لقد استمر الجمود السياسي لفترة طويلة جدا".

كما دعت السفارة البريطانية في ليبيا إلى وقف العنف فورا، واستنكرت ما وصفتها بأي محاولة للاستيلاء على السلطة أو التمسك بها بالقوة.

وفي نفس الإطار، دعا المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا الأطرافَ المتنازعة إلى وقف فوري لإطلاق النار في طرابلس وخفض التصعيد.

فيما دعا مدير شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية الألمانية "توبياس تونكل"، إلى وقف فوري للأعمال القتالية في طرابلس وحولها، مؤكداً على ضرورة حماية المدنيين، وقال عبر حسابه على "تويتر" إنه "لا يمكن حل أي من القضايا في ليبيا بالقوة".

وفي بيان لها، دعت وزارة الخارجية التركية، الأطراف الليبية إلى "ضبط النفس ووقف الاشتباكات فورا"، مؤكدة أن الحفاظ على الهدوء الذي تحقق بعد جهود حثيثة على الأرض في ليبيا، "يشكل أهمية كبيرة فيما يتعلق بأمن هذا البلد واستقراره ومستقبله".

عربيا، دعت قطر في بيان الأطراف كافة "إلى تجنب التصعيد، وحقن الدماء، وتغليب صوت الحكمة ومصلحة الشعب الليبي الشقيق، وتسوية الخلافات عبر الحوار".

كما أدانت الإمارات أعمال العنف المسلحة في ليبيا، ودعت كافة الأطراف إلى وقف العمليات العسكرية فورا، والحفاظ على سلامة المدنيين والمقرات الحكومية والممتلكات، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس، للخروج من الأزمة.

وأعربت البحرين عن قلقها وأسفها الشديد للاشتباكات المسلحة في طرابلس، مما يهدد أمن وسلامة المواطنين الليبيين ويعرض البلاد لخطر كبير.

ودعت وزارة الخارجية البحرينية في بيان، الفرقاء إلى تغليب الحكمة والعقل، ووقف الاشتباكات المسلحة وحقن الدماء وعدم التصعيد، وانتهاج الحوار السياسي لحل الخلافات الدائرة بين طرفي النزاع.

فيما دعت مصر، جميع الأطراف والقوى الوطنية والمكونات الاجتماعية الليبية إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس حقناً للدماء، معربة عن حرصها على التوصل إلى حل "ليبي ليبي" توافقي.

كما دعت وزارة الخارجية التونسية، إلى التهدئة وضبط النفس والوقف الفوري للعمليات المسلحة في ليبيا، "حقناً للدماء"، وحفاظاً على أمن البلاد واستقرارها.

وأضاف بيان الخارجية: "كما تدعو تونس إلى تغليب صوت الحكمة بين كافة الفرقاء الليبيين، وانتهاج الحوار سبيلاً لتسوية الخلافات، وإعلاء مصلحة ليبيا حفاظاً على أمنها واستقرارها ووحدتها".

من جهتها، أبدت الجزائر "قلقها البالغ من تطور الأوضاع في العاصمة الليبية طرابلس إثر تجدد المواجهات المسلحة ".

ودعت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، جميع الأطراف الليبية إلى "السعي الفوري لإيقاف العنف والاحتكام إلى لغة الحوار".

فيما قال الأمين العام لجامعة الدول العربية "أحمد أبوالغيط"، في تغريدة على "تويتر"، إنه يستشعر "قلقاً كبيراً إزاء الأوضاع في طرابلس".

وطالب "الجميع بتحمل مسؤولياتهم.. أدعو الجميع إلى الحوار وليس استخدام السلاح".

وفي السياق، حثّت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، الأطراف الليبية كافة على "وقف العنف، وحماية المدنيين وتجنب التصعيد"، داعية إلى "التهدئة واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات".

وشددت في بيان، على "حرص منظمة التعاون الإسلامي على أمن ليبيا واستقرارها وسلامة شعبها".

فيما أعرب البرلمان العربي، عن قلقه البالغ إزاء تطورات الأوضاع في العاصمة طرابلس.

ودعا في بيان، جميع الأطراف والمكونات الليبية إلى وقف العنف وموجات التصعيد وضبط النفس حقناً للدماء والعودة للحوار والحفاظ على مقدرات الشعب الليبي، والتوصل إلى حل ليبي ليبي يحقق الاستقرار في البلاد.

وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع بين حكومتين، الأولى حكومة فتحي باشاغا التي كلّفها البرلمان، والثانية حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.

وأثارت هذه الخلافات مخاوف من تحولها إلى حرب في ظل التحشيد المسلح المستمر في طرابلس من قبل قوات مؤيدة للحكومتين، ففي 16 مايو/أيار الماضي، وقعت اشتباكات مسلحة بينها عقب دخول "باشاغا"، للعاصمة آنذاك قبل الانسحاب منها.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ليبيا طرابلس اشتباكات طرابلس الدبيبة باشاغا

اشتباكات طرابلس.. خارطة المواجهات بين الدبيبة وباشاغا

الدبيبة يعلن عن تحركات أمنية ويتوعد بملاحقة مهاجمي طرابلس

ليبيا.. المدعي العسكري يأمر بالقبض على باشاغا وآخرين ومنعهم من السفر

بعد هدوء ليوم كامل.. تجدد الاشتباكات في ضواحي طرابلس