العين على قمة المناخ.. مصر تترقب مظاهرات 11 نوفمبر وسط إجراءات أمنية مشددة

الخميس 10 نوفمبر 2022 01:51 م

على الرغم من الدور الريادي الذي تحاول مصر أن تلعبه من خلال استضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27) والصورة الإيجابية التي تسعى لإظهارها من خلال حضور كبار قادة العالم إلى هذه القمة المنعقدة في شرم الشيخ، تسيطر حالة من الضبابية على الشارع المصري إبان دعوات مجموعات معارضة للتظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، لإسقاط نظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، الذي يعتلي عرش السلطة منذ العام 2013.

ووانتشرت خلال الأسابيع الماضية، دعوات جديدة للتظاهر في مصر، الجمعة، بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام التي تبث من خارج مصر.

إلا أن هذه الدعوات تحمل بعض الخصوصية، مقارنة بدعوات مماثلة سابقة، حيث تتزامن مع وجود عدد من زعماء العالم للمشاركة في قمة المناخ بمدينة شرم الشيخ، وتأتي في وقت يعاني فيه المصريون من تزايد أعباء المعيشة.

واستبقت السلطات المصرية هذا اليوم بوجود أمني ملحوظ في شوارع القاهرة وبعض المحافظات، قبل أن تقوم الأجهزة الأمنية بفحص هواتف المارة في بعض الميادين الرئيسية، لمعرفة مواقفهم السياسية من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي، وإلقاء القبض على من يشتبه فيهم.

وتأتي الدعوات للاحتجاج في عموم البلاد وسط حالة من الغضب الشعبي من الظروف الاقتصادية وغلاء الأسعار لجميع السلع والمستلزمات الضرورية، وانهيار العملة المحلية، وإثقال كاهل المواطنين بالضرائب والفواتير الباهظة، وحالة القمع غير المسبوقة للحريات، والغلق التام للمناخ العام.

ومنذ بدء الدعوة للنزول، تصدر أكثر من وسم مواقع التواصل الاجتماعي.

وصاحبت دعوات النزول منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انتشار مقاطع مصورة قام أصحابها بتصويرها ونشرها على حسابات على مواقع التواصل، إما للتنديد بالغلاء والقمع، أو للمشاركة في تظاهرات 11 نوفمبر/تشرين الثاني المرتقبة.

أجج هذه الدعوات، تحذير أطلقته السفارة الأمريكية في مصر، لرعاياها من احتمالية حدوث احتجاجات كبيرة في البلاد، داعية إياهم إلى توخي الحذر، والابتعاد عن أماكن المظاهرات المحتملة.

الداعون للمظاهرات، حددوا أهم مطالبهم التي يجب أن يتبناها المتظاهرون، وكيفية تنفيذ تلك المطالب والخطط والآليات المتوقعة للتنفيذ، إضافة لتفادي انجرار المظاهرات إلى فوضى.

ولا يعٌرف على وجه التحديد أول من دعا إلى التظاهر يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني، غير أن محطات فضائية معرضة في الخارج، تروج للدعوات، حتى أن إحداها أطلقت على نفسها "الحرية - 11/11".

وحدد الكاتب والمعارض السياسي "أحمد حسن بكر"، أهم مطالب الثورة بعودة العسكر لثكناتهم، ورحيل الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإنقاذ الاقتصاد، وإطلاق سراح المعتقلين.

وقال إن نجاح المظاهرات مرهون بوجود كتلة صلبة من المتظاهرين تطلق الشرارة والنداء الأول للثورة، ويكون لدى تلك الكتلة رؤية وسيناريوهات لقيادة التظاهرات واستمرارها.

وشدد "بكر" على ضرورة وجود "قيادة ثورية تقود وتوجه الجموع الثائرة حتى تحقق الثورة مبتغاها"، محذرا من أنه "إذا تُركت الثورة بلا قيادة وتوجيه سيناريوهات وخطط معدة سلفا، فلن تؤتي ثمارها".

ودعا إلى "تشكيل مجلس رئاسي بقيادة وأغلبية مدنية مطلقة، لإدارة شؤون البلاد، والتجهيز لانتخابات رئاسية لا يخوضها أي عسكري سابق أو حالي، على أن يضم المجلس خبراء وأستاذة اقتصاد وسياسة، مشهود لهم بالنزاهة والوطنية".

من جهته، قال الفنان والإعلامي المعارض "هشام عبدالله"، إن "لدى المصريين الآن وعي كامل لم يحدث من قبل، ويعلمون أنها بلدهم ويجب الحفاظ عليها وعلى مؤسساتها وحمايتها من مؤامرات تخريب العصابة الحاكمة وميليشياتها".

وأضاف: "لكي نصلح ما خربه النظام ونحل أزمة الديون فإن أولى مطالب شرفاء مصر؛ مجلس رئاسي مدني لأكثر من سنة يتولى إصلاح ما أفسده فاشلون حكموا وتحكموا بمصر وشعبها".

وشدد على "خروج معتقلي الرأي الأحرار من السجون للمشاركة بالإصلاح، فمنهم عباقرة وسياسيون وعلماء وكفاءات تحتاجها مصر".

ورأى عبد الله، أن مطلب "عود الجيش إلى ثكناته"، من أهم المطالب التي يجب أن يرفعها الثوار، مع "عودة إمبراطوريته الاقتصادية للدولة"، وأن يصبح "الشعب هو السيد ومصدر السلطات"، مع "استقلال القضاء، وعودة الصحافة كسلطة رابعة، وعودة مصر للحكم المدني".

وأما الناشطة السياسية المعارضة "غادة نجيب"، فقد رأت أن أهم المطالب التي يجب أن يرفعها المتظاهرون، هي "إسقاط النظام، والإفراج عن المعتقلين، وتدشين مجلس رئاسي مدني مع فترة انتقالية".

ودعت المتظاهرين، لـ"عدم ترك الميدان حتى تكوين مجلس رئاسي مدني مكون من 5 بينهم عسكري واحد، ممن لم تتلوث أيديهم بدماء المصريين، ولا جيوبهم بالمال الحرام، وتكون مهمته محددة بتكوين لجان من متخصصين وإدارة شؤون البلاد".

ولا تزال الدعوات صادرة من أشخاص، ولم يعلن أي حزب أو جماعة من المعارضة دعمه تلك الدعوات، وتشجيعه المواطنين على المشاركة بها، ليبقى السؤال المطروح هو: لماذا يجرى الترويج لهذه التظاهرات والنفخ فيها أكثر من اللازم؟.

سياسي مصري بارز، وهو قيادي حزبي سابق، قال إن "الظاهر حالياً هو أن الاهتمام والحديث عن تلك الدعوات لا يصدر سوى من جهة أجهزة ومؤسسات الدولة، فهي الوحيدة التي تتعامل مع الموضوع وكأنه أمر واقع، بينما المواطن العادي والقوى السياسية والمعارضة لا تتعاطى مع الأمر بجدية".

وأضاف السياسي المصري أن "المراقب والمتابع لوسائل الإعلام سوف يلاحظ توجهاً عاماً من قبل الإعلاميين والمذيعين بالتهويل والنفخ في تلك الدعوات وتصويرها وكأنها حقيقة واقعية خطيرة، تجب مواجهتها".

وسبق أن نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مصادر صحفية أن هناك حالة من التوتر داخل المؤسسات الإعلامية الرسمية، للتعامل مع دعوات التظاهرات المزعومة، ومواجهتها بأخبار تؤكد شعبية "السيسي" وتبرز إنجازاته.

مصادر سياسية وحزبية، وأخرى في تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، كشفت عن اجتماعات جرت خلال الأيام القليلة الماضية، بشأن ترتيب الظهور الإعلامي لعدد من ممثلي المحسوبين على المعارضة، للرد على ما وصفه بـ"الادعاءات" التي يروجها معارضو الخارج".

وأكد السياسي المصري أنه "إذا كانت هناك مخاوف لدى دوائر صناعة القرار المصري، فإنها تعود لأسباب كثيرة، أبرزها تزايد حالة الاحتقان في الشارع، والتي لم تعد خافية على أحد، بسبب الأزمة الاقتصادية والنقص الحاد في الدولار، قبل تعويم الجنيه من جديد، وتفاقم أزمة الديون بشكل كبير.

الحديث عن حالة القلق داخل المؤسسة الرسمية بشأن دعوات التظاهر هو أنها لا ترتبط بأسباب داخلية فقط، ولكنها ترتبط أيضاً بأسباب خارجية، تتعلق بالتزامن بين التاريخ المحدد للتظاهرات، وقمة المناخ التي تنظمها مصر، في ظلّ ضغوط خارجية مرتبطة بالأوضاع الحقوقية.

أمنيا، لجأت السلطات إلى 3 مسارات لمحاولة إجهاض دعوات النزول.

المسار الأول، هو شن حملات اعتقال موسعة في عموم البلاد بواسطة الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)، طالت نشطاء سابقين وحاليين ومعتقلين سابقين أفرجت عنهم السلطات في وقت سابق، واحتجازهم في مراكز شرطية، والتحقيق معهم.

أما المسار الثاني، فهو نشر قوات أمنية ومخبرين سريين في لباس مدني وسط العاصمة القاهرة وعواصم المحافظات والمدن، وتوقيف عشوائي للمارة في الشوارع، خاصة من الشباب، وتفتيش هواتفهم المحمولة دون إذن قضائي، واحتجاز بعضهم واستجوابهم، واعتقال البعض الآخر.

بينما لجأت إلى المسار الثالث، عبر مراقبة شبكات التواصل ورواد مواقع السوشيال ميديا، وتتبع حساباتهم، وملاحقتهم، والقبض على أصحاب تلك الحسابات.

وحصرت منظمات حقوقية محلية اعتقال المئات بشكل تعسفي في الحملات الأمنية التي تشنها السلطات في مصر، المرتبطة بالدعوات إلى احتجاجات 11/11، واحتجازهم في مقار أمنية متعددة، والتحقيق معهم من قبل جهاز الأمن الوطني، وإحالة بعضهم للنيابة.

ولم تعلق السلطات الأمنية المصرية على تقارير القبض على أشخاص بسبب ترويجهم للتظاهر أو إعلان عزمهم المشاركة فيه، كما لم تعلق على ما يروج من القبض على المارة بسبب مواقفهم وتوجهاتهم السياسية.

وتجرم القوانين المصرية التظاهر دون إذن مسبق من السلطات، كما ألقي القبض في عدة مناسبات خلال الأعوام الماضية على من حاولوا الخروج في مظاهرات ضد الحكومة.

وفي مقابل عمليات الانتشار الأمني، عممت الحكومة المصرية مجموعة من القرارات على الوزارات ذات الصلة، ضمن خطط أمنية موسعة للتعامل مع دعوات التظاهر ومنعها قبل حدوثها.

وفي شأن ترتيبات الأنشطة الرياضية، أصدر الوزير "أشرف صبحي" تعميماً، تم توزيعه على جميع مراكز الشباب، بإلغاء وتأجيل كل الأنشطة الرياضية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك لمنع أي تجمعات قد تتحول لاحقاً إلى شرارة تظاهرات.

المغني "محمد منير" أجّل هو أيضاً حفله الذي كان مقرراً في مدينة الإسكندرية مساء الخميس 10 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

كما أمرت السلطات، بإغلاق جميع المقاهي والكافيهات في الشوارع والميادين الرئيسية، حتى لا تتكرر موجة الاحتجاجات في 20 سبتمبر/ أيلول 2019، والتي خرجت فور الانتهاء من مباراة الأهلي والزمالك في كأس السوبر المحلي.

تحرك سياسي آخر يجري حالياً عبر لجنة العفو الرئاسي، بالتنسيق مع الجهة المسؤولة عن إعداد قوائم العفو عن السجناء السياسيين والنشطاء، وهو الترويج لأنه ستكون هناك قائمتان جديدتان للعفو خلال نوفمبر/تشرين الثاني، ولكن لن يتم إطلاق سراحهم قبل 11 الشهر الحالي.

ويواجه النظام المصري انتقادات متزايدة جراء أزمة اقتصادية عنيفة تضرب مصر، تمثلت في تهاوي الاحتياطيات الأجنبية وتفاقم الديون وارتفاع التضخم وغلاء الأسعار تقول الحكومة إنها ناتجة عن تداعيات حرب أوكرانيا، بينما يؤكد خبراء ومعارضون أنها ناتجة في الأساس عن سياسات خاطئة لـ"السيسي".

وازداد الزخم لدعوات الاحتجاج بعد قرار البنك المركزي، بتعويم ثالث للجنيه المصري، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 24 جنيها، ما سيفاقم مشكلة الغلاء التي تعاني منها الطبقات المختلفة في مصر، وذلك بالتزامن مع إعلان القاهرة عن التوصل لحزمة تمويلية من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وحزم أخرى من دول إقليمية ودولية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر مظاهرات السيسي قمة المناخ

"عمل المفسدين".. مغردون يبرزون إخفاقات مصرية في قمة المناخ

"موسم التأجيلات والتحويلات المرورية" يضرب مصر في 11 نوفمبر

على هامش قمة المناخ.. بيلوسي تبحث مع السيسي حرب أوكرانيا وسد إثيوبيا

مصر.. حبس 404 مواطنين بتهم متعلقة بالتظاهر في 11 نوفمبر