كارنيجي: تعهد مصر بتقليص دور الجيش في الاقتصاد ضرب من الخيال

الجمعة 13 يناير 2023 08:03 ص

"مجرّد قبول الحكومة المصرية بإدراج الشركات العسكرية رسميًا تحت سقف اتفاقها مع صندوق النقد الدولي،  وإخضاعها إلى القواعد الضريبية وقواعد الإبلاغ المالي نفسها التي تنطبق على نظيراتها المدنية، هو أمر يخطف الأنفاس، ولكنه قد لا يتجاوز كونه نسيجًا من الخيال".

هكذا يعلق مركز "مالكوم كير-كارنيجي للشرق الأوسط"، في تقرير له كتبه الباحث "يزيد صايغ" حول تعهد مصر لصندوق النقد الدولي بتقليص دور الجيش في الاقتصاد، من أجل تسريع الحصول على القرض المنتظر، والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار.

يقول التقرير إنه "بمراجعة توسع النشاط التجاري العسكري منذ يونيو/حزيران الفائت فحسب، على سبيل المثال لا الحصر، يدل على أن الشركات والهيئات العسكرية لم تتأخر في نقض وعد الحكومة بأن تأسيس الشركات الجديدة المملوكة للدولة ينبغي أن يستند بصورة شفافة إلى سياسة ملكية الدولة".

ويشير إلى مسألة أخرى ستولّد دفعًا عسكريًا معاكسًا بالتأكيد هو تشديد صندوق النقد على ضرورة الإفصاح الصحيح عن الديون والمستحقات.

ويضيف: "يلحظ تقرير الصندوق عجزه عن تقدير الاستحقاقات المترتبة على آلاف الصناديق الخاصة التي يحتفظ بها الكثير من هيئات الدولة، والتي لا بد من شمولها في الإفصاح عاجلًا أم آجلًا، ولكن تتمسّك الهيئات العسكرية بصناديقها الخاصة وبسريّتها بشدة بالغة للغاية".

ويشير التقرير إلى عدم اتسام المشتريات العامة (للسلع والخدمات) بِـ"التنافسية وعدم التمييز والشفافية"، كما يسعى صندوق النقد.

ويضيف: "لكن قيام مذكرة الحكومة بمنح شركات هامشًا لتوضيح الشروط التي تبرّر اللجوء إلى التعاقد المباشر بين الهيئات العامة بموجب القانون رقم 182 المتعلق بالعطاءات العامة، يترك الباب مفتوحًا لاستمرار تمتع المؤسسة العسكرية بالسلطة المُربِحة للحصول على العقود ولمنحها على أساس غير تنافسي".

وبالتالي، وفق التقرير، "قد يصعب على صندوق النقد الدولي معالجة هذه العقبة في الوقت الحالي".

ويلفت إلى أنه على صندوق النقد الدولي أن يجبر مصر على تعديل الأطر القانونية والتنظيمية التي تمكّن الشركات العسكرية والهيئات العسكرية الأخرى الناشطة اقتصاديًا، لتكون هناك فرصة حقيقية لإلزامها بالتعهدات التي قطعتها الحكومة المصرية على نفسها.

ويتابع تقرير "كارنيجي"، بالقول إن "المقاومة العسكرية هي بالتأكيد السبب الرئيسي في التأخير المستمر في تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية أم بيع أسهمها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري، ويخالف ذلك تبنّي الرئيس عبدالفتاح السيسي المتكرر والعلني لهذا الخيار منذ العام 2018 (إن لم يكن منذ العام 2016)".

ولاحقا وتحديدا في 2019، أعلن "السيسي" عن البدء بتحضير عرض 10 شركات عسكرية في السوق، وتصدرت تصريحات حكومية رسمية بقرب عرض شركتَي "الوطنية" لمحطات الوقود و"صافي" للمياه المعدنية على رأس القائمة، لكن ذلك لم يحدث.

ووفق التقرير، فقد "قيل الكثير عن اهتمام المستثمرين الاستراتيجيين الخليجيين بشراء (الوطنية)، ولكن يظهر أنه يتم تجريد أصولها لصالح شركة (تشيل آوت) الشائعة في كل مكان، التي تستبدل محطات (الوطنية) بمجمعات بيع الوقود والخدمات والمأكولات وغيرها، ومن شأن ذلك تقليل جاذبية (الوطنية) للمستثمرين الخليجيين".

وإلى جانب معارضتها فقدان السيطرة على أصولها الاقتصادية، تعارض الجهات العسكرية كذلك التقيّد بمدى الإفصاح المالي الذي سيترتب بالضرورة على عرض أسهمها للبيع، ولو البيع الجزئي، حسب التقرير ذاته.

ويضيف: "المعروف أن المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عمومًا، وليس فقط أصولها هي، ويساعد هذا في فهم اعتراض البرلمانيين علنًا، والكثير منهم قام جهازا الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة بانتقائهم أصلًا، على خطة الحكومة لخصخصة الشركات والأصول الأخرى التابعة لهيئة قناة السويس، والتي تنظر إليها المؤسسة العسكرية على أنها منطقة اقتصادية حصرية خاصة بها".

ويزيد التقرير: "من المحتمل أن تعرقل مشاعر الريبة العسكرية محاولات الرئيس والحكومة جذب استثمارات إماراتية أضخم، بشكل خاص، حيث تشكّل منطقة قناة السويس المصلحة التجارية والاستراتيجية الحقيقية الأوحد للإمارات في مصر".

وفي شأن مقارب، يقول تقرير "كارنيجي"، إنه بخلاف المقاومة العسكرية، "تدل التجارب الماضية على أرجحية أن تستغل الحكومة أيضًا كل منفذ ومهرب لتؤخر تنفيذ بنود اتفاقها مع صندوق النقد، وأن تماطل ما تستطيع في جميع المجالات".

ويتوقع أن يتعرّض الاتفاق مع الصندوق إلى التأخير والتخفيف المتكرر، "ما قد يجعله طموحًا أكثر منه واقعًا".

يشار إلى أنه منذ وصول "السيسي" إلى السلطة عام 2014، بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب الراحل "محمد مرسي"، بدأت سيطرة الجيش على الاقتصاد تتوسع بشكل غير مسبوق، حتى أصبحت شركاته تعمل في كافة القطاعات الاقتصادية تقريبا.

ويقدر تقرير سابق في مركز كارنيجي، أن الكيانات المرتبطة بالجيش حققت ريعا عام 2019 ما بين 6- 7 مليارات دولار، ما يجعله يدافع عن استمرار هذه المداخيل المالية مهما كان الثمن.

وهذا الأمر، أدى لتدهور القطاع الخاص المصري، بسبب عدم قدرته على المنافسة مع المؤسسة العسكرية التي تتمتع بامتيازات اقتصادية هائلة، أبرزها وجود عدد ضخم من القوى العاملة شبه المجانية، والإعفاء من الضرائب والرسوم والتصريحات اللازمة لممارسة أي نشاط اقتصادي في مصر.

وسبق أن عبر رجال أعمال مصريون وأجانب عن تبرمهم من هذا الوضع، أبرزهم الملياردير "نجيب ساويرس"، والذي تعرض لهجمات إعلامية بسبب هذا الرأي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر اقتصاد الجيش السيسي قرض صندوق النقد صندوق النقد شركات الجيش

جيوبوليتكال: هذه معوقات التعافي الاقتصادي في مصر

ف.تايمز: ملايين المصريين يكافحون فقط لإطعام ذويهم.. ودولة الجيش خذلت مواطنيها

سي إن إن: لماذا تطلب الحكومة المصرية من شعبها أكل أرجل الدجاج؟

ف.تايمز: السيسي يؤخر المواجهة مع الجيش حول امتيازاته لكن الخليج لن يتسامح

تقرير: السيسي يستعد للتضحية برئيس وزرائه ويواجه تذمرا بين قادة الجيش

التعافي بالخصخصة.. مجلة إسبانية: السيسي على خطى مارجريت تاتشر

برلمان مصر يمرر قانونا يعزز دور الجيش في حماية المنشآت والمرافق العامة