السيسي وإنقاذ الاقتصاد المصري.. مهمة صعبة تعرقلها هيمنة الجيش

الجمعة 5 أغسطس 2022 08:24 ص

في اعتراف نادر، قال وزير المالية المصري "محمد معيط"، إن الاعتماد على "المال الساخن" كان خطأ، لكن الكاتب والمحلل السياسي "ماجد مندور"، رأى أن أي محاولة لتغيير الأمر الواقع ستنطوي على تخفيف قبضة العسكر على الدولة، وصدام مباشر مع قاعدة السلطة التي يرتكز عليها الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

وجاء حديث الوزير في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة شهدت ارتفاع مستوى الدين الخارجي لمصر إلى 158 مليار دولار في مارس/آذار الماضي، مقارنة بمبلغ 145.5 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول من العام 2021.

واعتمد "السيسي" برنامجا ضخما للخصخصة، سيتم من خلاله بيع ما قيمته 44 مليار دولار من أصول الدولة خلال السنوات القادمة، لكن من المتوقع أن يستمر النظام في الاقتراض، الأمر الذي يجعله أضخم مصدر للدين السيادي في الأسواق الناشئة في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث سيصدر هذا العام 37 مليار دولار.

ويتزايد الضغط على ميزانية الدولة والهبوط التدريجي في الاحتياطيات الأجنبية، حيث تجاوزت تكاليف سداد الفوائد والديون على ميزانية مصر للسنة المالية 2022-2023 حوالي 90 مليار دولار، مقارنة بمبلغ 63 مليار دولار في السنة المالية السابقة، وهو ما يستهلك أكثر من نصف الإنفاق الحكومي.

منظومة رأسمالية عسكرية

ويضع ذلك ضغوطا هائلة على قدرة الحكومة على توفير الخدمات الاجتماعية والوفاء بالتزامات الدين المستقبلية بدون اللجوء إلى مزيد من الاقتراض.

ومن أجل إصلاح حقيقي للاقتصاد، ينبغي بشكل تام إصلاح المنظومة الرأسمالية العسكرية للنظام، بحسب مقال "مندور" في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

فقد أثبت هذا النموذج، الذي يعتمد على استثمار مدفوع بالمديونية في مشاريع بنى تحتية عملاقة ذات فوائد اقتصادية مريبة - يقوم الجيش بإدارتها أو بتنفيذها، ليس فقط أنه غير فعال في التخفيف من حدة الفقر، ولكن أيضاً أنه كارثي بالنسبة للوضع المالي في البلاد، إذ إنه يترك مصر في وضع بالغ الخطورة.

ومن أجل التخفيف من حدة الأزمة الحالية، يقترح "مندور" تنفيذ ثلاثة تغييرات في السياسة المتبعة. 

أولاً، ينبغي أن تسحب استثماراتها من عدد ضخم من المشاريع التي يملكها الجيش، وخاصة في القطاعات التي كبد فيها تدخل الجيش القطاع الخاص خسائر ضخمة.  

ثانياً، يجب أن تبتعد عن الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الضخمة، وبدلاً من ذلك عليها أن تركز على زيادة قدرة الاقتصاد المصري على المنافسة وعلى تعميق قاعدته الصناعية.

وثالثاً وأخيرا، ينبغي أن تصلح الحكومة نظام الضريبة، وتحويله من نظام تنازلي يفرض ضرائب مرتفعة على الاستهلاك إلى نظام تصاعدي.

ووفق "ميدل إيست آي"، يتطلب وضع حد للكم الهائل من الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها الشركات المملوكة للجيش، ووضع تلك الشركات رهن التحكم المدني.

حلول يعيقها الجيش

وفي وقت خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، في شهر مايو/أيار الماضي، النظرة المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سالبة، يتفاوض النظام على قروض جديدة من صندوق النقد الدولي من أجل الوفاء بما عليها من التزامات متراكمة. 

كما تعهدت دول الخليج بما يقرب من 22 مليارا من المساعدات المالية لمصر خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك اتفاق استثماري مع المملكة العربية السعودية تقدر قيمته بما يقرب من 10 مليارات دولار.

لكن ما يعيق الاستفادة من هذه الأموال، سياسات ذات طبيعة سياسية لا اقتصادية، ناجمة عن هيمنة الجيش على جهاز الدولة وعدم وجود حزب حاكم مدني يوازن الجيش الذي يضعف موقف الرئيس.

ويعد تسلط الجيش على النظام السياسي منصوص عليه في الدستور، مع إضافة وردت في تعديل عام 2019 تنص على أن واجبات الجيش تتضمن "حماية الدستور والديمقراطية والدولة وصفتها العلمانية، والحريات الشخصية"، الأمر الذي ضاعف من نفوذه وسلطانه.

وتشير جميع الدلائل إلى تكثيف العسكرة في البلاد؛ بدليل أنه في منتصف شهر يوليو/تموز، أدى رئيس القضاء العسكري الجنرال "صلاح الرويني" القسم كنائب لرئيس المحكمة الدستورية، في سابقة خطيرة تأخذ بعسكرة القضاء إلى ذروة جديدة.

ويترك ذلك النظام مقيداً جداً من حيث قدرته على تنفيذ الإصلاحات، خاصة في مجال الاقتصاد، نظراً لأن الجيش يجني فوائد جمة من استمرار الوضع القائم.

المصدر | الخليج الجديد + عربي 21

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد المصري ديون مصر عبدالفتاح السيسي أزمة مصر

مسؤول مصري: الاستثمارات السعودية لدينا تجاوزت 53 مليار دولار

محاولات مصرية للبحث عن حلول غير تقليدية لتعزيز وفرة الدولار

فورين بوليسي: لهذه الأسباب يجب رفع الدعم عن بيت الورق الذي يبنيه السيسي

اقتصاد مصر بين دوامة الديون والخصخصة والخوف من ثورة جياع.. ما الحل؟

صحيفة: محاولات لإقناع الجيش المصري ببيع بعض أصوله لتوفير الدولار

مؤتمر مصر الاقتصادي بلا معارضين وشكوك حول جدواه

مصر وقروض صندوق النقد.. مصالح الجيش تحدٍ يواجه السيسي لأول مرة

يزيد صايغ: السيسي غير قادر على كبح شهية الجيش الاقتصادية

السيسي يعلن طرح شركات للجيش بالبورصة.. لماذا الآن؟ وهل ينفذ وعده هذه المرة؟

كارنيجي: تعهد مصر بتقليص دور الجيش في الاقتصاد ضرب من الخيال

طرح شركات الجيش المصري بالبورصة.. مشكلات مرتقبة وسيناريوهات متوقعة