مؤتمر مصر الاقتصادي بلا معارضين وشكوك حول جدواه

السبت 22 أكتوبر 2022 07:49 م

تنطلق الأحد فعاليات "المؤتمر الاقتصادي مصر 2022"، الذي تنظمه الحكومة المصرية، ويستمر على مدار 3 أيام، لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصري.

ويُعقد المؤتمر تحت شعار "خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية"، سعيا إلى "التوافق على خارطة الطريق الاقتصادية للدولة خلال الفترات المقبلة، واقتراح سياسات وتدابير واضحة تسهم في زيادة تنافسية ومرونة الاقتصاد المصري"، حسب موقع المؤتمر.

وعلى خلاف ما روّج له النظام المصري بأنّ المؤتمر الاقتصادي، المقرر عقده في فندق "الماسة" التابع للجيش بالعاصمة الإدارية الجديدة، سيشهد حضور المئات من خبراء الاقتصاد من جميع التيارات السياسية والفكرية، فإنّ دعوات حضور المؤتمر الصادرة عن مؤسسة الرئاسة، اقتصرت على رؤساء الأحزاب والجامعات والأكاديميين ورجال الأعمال المؤيدين لسياسات الرئيس "عبدالفتاح السيسي" الاقتصادية.

ولم يُعلن أي من خبراء الاقتصاد المحسوبين على تيار المعارضة، ممثلاً في أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية، عن تلقيهم دعوات لحضور المؤتمر الاقتصادي حتى الآن.

في حين قالت مصادر حزبية مطلعة لصحيفة "العربي الجديد"، إنّ الهدف الرئيسي من المؤتمر هو الترويج لـ"الإنجازات الاقتصادية للسيسي"، من دون السماح للمدعوين بالحديث عن رؤى أو سياسات اقتصادية بديلة للحالية.

وأضافت المصادر أنّ "جميع جلسات ومحاور المؤتمر الاقتصادي معدة سلفاً، ولن يُسمح بإبداء الآراء المعارضة لسياسات النظام في ملفات مهمة مثل تفاقم الدين، أو السياسة النقدية، أو أولويات الإنفاق العام".

وتابعت بالقول إنه "من الوارد دعوة بعض المحسوبين على تيار المعارضة في اللحظات الأخيرة، مع التنبيه عليهم بعدم الحديث عن ملفات بعينها خلال فعاليات المؤتمر، وإبداء آرائهم فقط في الملفات المطروحة عليهم".

وعبّر محللون لموقع "الجزيرة.نت"، عن خشيتهم من أن يكون المؤتمر في أيامه الثلاثة، مجرد جلسات للتنظير، من دون ثمار فعلية تساعد الاقتصاد.

ولا يقتصر القلق لدى المعنيين بالاقتصاد من النقاشات غير العملية فحسب، بل ينبع كذلك من خشية ألا تجد التوصيات طريقها إلى أرض الواقع، فربما تصطدم التوصيات والمطالب بمحظورات صندوق النقد وشروطه الاقتصادية "القاسية" أو بمعوقات واقعية لا يمكن التخلص منها دفعة واحدة، وفقا لمحللين.

وطرح مسؤولون مشاركون في جلسات المؤتمر تطمينات بشأن هذه المخاوف تؤكد أن الحكومة يمكن أن تصدر قرارات فورية أثناء عقد المؤتمر بما سيجمع عليه المجتمعون.

بيد أن رجل الأعمال والخبير الاقتصادي "ممدوح حمزة"، استبعد إمكانية صدور قرارات فورية حاسمة خلال المؤتمر "لانعدام واقعية هذا الأمر".

وأعرب "حمزة" عن اعتراضه على "مشاركة من يدعون خطأ برجال الأعمال" حسب تعبيره، مؤكدا أن "رجال الأعمال الحقيقيين نسبتهم قليلة وسط أسماء لا هم لها غير المكسب، من دون تنمية ولا عائد على البلاد".

وطالب "حمزة"، في حديثه لـ"الجزيرة.نت" بالتركيز على تنشيط السياحة أولا لأنها النشاط الأسرع في جلب العملة الصعبة، وهي المعضلة الملحّة حاليا للحكومة، مع ضرورة إشراك رجال الفكر الاقتصادي السليم في المؤتمر، إلى جانب أعضاء متخصصين بالاقتصاد في الأحزاب السياسية المختلفة.

وكان "السيسي" شدد في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي على أهمية حل جميع المعوقات التي تقابل المستثمرين ورجال الأعمال، قائلا: "نضع أيدينا في أيدي بعض، ونجتهد، وكل المعوقات التي تقابل المستثمرين ورجال الأعمال نحلها".

وتأتي الدعوة لانعقاد المؤتمر في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه الاقتصاد المصري ضمن أزمات عالمية تضرب اقتصادات الدول النامية.

وتسعى مصر إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في وقت تجد صعوبة في توفير العملة الصعبة لاستيراد الأغذية ومستلزمات الإنتاج، مع خروج نحو 22 مليار دولار من سوق الديون المحلية، منذ مارس/ آذار الماضي، وارتفاع معدلات التضخم، التي بلغت على أساس سنوي إلى نحو 15.3%، في أغسطس/ آب الماضي.

وأدت أزمات جائحة "كورونا"، والموجة التضخمية العالمية، والحرب الروسية على أوكرانيا، إلى زيادة وتيرة الاقتراض الخارجي، وهو ما دفع الحكومة إلى طرح فكرة بيع أصول الدولة على الدائنين، لا سيما مع ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 157.8 مليار دولار، في نهاية مارس/ آذار الماضي، من 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021، وبنسبة ارتفاع بلغت نحو 8.5% تقريباً خلال ثلاثة أشهر.

وتشارك في المؤتمر 21 جهة محلية ودولية، ويتوقع المنظمون أن يبلغ عدد المشاركين من القطاعين العام والخاص بين 400 إلى 500 مشارك.

وتشمل قائمة الجهات المشاركة في المؤتمر وزراء وقيادات اتحادات الصناعة والتجارة ومجالس التصدير وجمعيات استثمارية ورجال أعمال، ورؤساء جامعات وأعضاء اللجان المعنية بمجلسي النواب والشيوخ وسفراء، وخبراء وممثلين لأحزاب سياسية.

وتلقّى الموقع الإلكتروني الذي أطلق خصيصا للمؤتمر أكثر من 100 مقترح فور انطلاقه، كلف رئيس الوزراء بدراستها للاستفادة منها وتضمينها في سياق الرؤى والأفكار العملية التي ستُطرح في جلسات المؤتمر.

وحسب بيان صحفي، سجل الموقع 15 ألف مشاهدة في الأيام الثلاثة الأولى من تدشينه مطلع الشهر الحالي، متضمنا إمكانية البث المباشر لجلساته، لتسهيل إطلاع المعنيين عليها.

ويوفر الموقع الإلكتروني مساحات تفاعلية ومعلوماتية لتعزيز قنوات التواصل بين الحكومة والخبراء والمهتمين بالشأن الاقتصادي والاستفادة من آرائهم ومقترحاتهم.

ويفتتح جدول أعمال المؤتمر الاقتصادي بمناقشة سياسات الاقتصاد الكبيرة أو الكلية للدولة المصرية، ثم يناقش كيفية تمكين القطاع الخاص وتهيئة بيئة الأعمال، ليختتم أعماله بوضع خارطة طريق.

ولأن اليوم الأخير هو الأهم لتحديد المسار الذي ستسفر عنه توصيات المؤتمر، ستعقد فيه جلسات متخصصة بالتوازي، وتعنى كل جلسة بقطاع محدد مثل قطاعات الطاقة والطاقة الجديدة والمتجددة والاستثمار في مشروعات الطاقة الشمسية ومشروعات طاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

كما سيناقش كيفية تحريك الشراكة مع القطاع الخاص في هذا المجال والمجالات الأخرى مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والعقارات والمشروعات الخضراء والنقل والمواصلات والزراعة واستصلاح الأراضي ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني ومشروعات السياحة والطيران.

بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي "هاني توفيق"، أن المؤتمر مقدمة ضرورية للإجراءات التقشفية التي تنوي الحكومة اتخاذها في الفترة المقبلة.

وقال "توفيق" لوكالة "سبوتنيك": "هناك إجراءات تقشفية لا مفر من اتخاذها، لإتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مثل تحرير سعر الصرف، والذي سينعكس على التضخم، وهذه الإجراءات لا ينبغي اتخاذها بشكل فوقي، وطرح الأمور أمام الاقتصاديين ومناقشتها خطوة هامة قبل اتخاذ تلك الإجراءات".

وأضاف: "هناك بطبيعة الحال قضايا أخرى مهمة يجب مناقشتها على نطاق واسع، مثل جذب الاستثمارات ورفع معدل الصادرات وزيادة معدلات التشغيل، كلها أمور هامة مطروحة على المؤتمر، والدور الأهم للمؤتمر ليس طرح المشكلات فقط، ولكن إيجاد الحلول".

وعشية المؤتمر الاقتصادي، قررت لجنة تسعير الوقود، في اجتماعها الدوري، تثبيت أسعار الوقود بأنواعه. وجاء قرار اللجنة بعكسجميع التوقعات، التي ذهبت إلى رفع أسعار الوقود، بسبب ارتفاع أسعار الوقود العالمية، وتراجع سعر العملة المحلية.

وتواجه مصر مشكلات عدة، ناجمة عن الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع الأسعار عالميا، واضطراب سلاسل الإمداد، كما تراجع احتياطي النقد الأجنبي بحيث أصبح يكفي ثلاثة أشهر فقط.

ويرى خبراء أن مصر تواجه عجزا تمويليا بقيمة نحو 15 مليار دولار، في السنوات الثلاث المقبلة.

وبدأت مصر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في آذار/مارس الماضي، بهدف التوصل لاتفاق تحصل مصر بموجبه على حزمة تمويلية، لمواجهة الآثار العالمية الناجمة عن العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

وأعلن صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية، قبل أيام التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء، ومن المقرر أن يعلن الاتفاق النهائي قريبا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر مؤتمر اقتصادي السيسي أزمة اقتصادية

السيسي وإنقاذ الاقتصاد المصري.. مهمة صعبة تعرقلها هيمنة الجيش

مؤتمر مصر الاقتصادي.. شو دعائي وتوصيات لن تنفذ ومقدمة لإجراءات تقشفية

كيف تفاعل مصريون مع تصريحات السيسي خلال المؤتمر الاقتصادي؟