تونس على خطى لبنان.. موديز تخفض تصنيفها الائتماني مع نظرة سلبية

السبت 28 يناير 2023 07:58 م

خفضت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني العالمية، تصنيف تونس إلى درجة (Caa2)، التي تعني تعرض الحكومة والبنك المركزي إلى مخاطر مالية عالية، وهي نفس الدرجة التي منحتها الوكالة العالمية للبنان قبل شهر واحد من إعلانه التخلف عن سداد ديونه في مارس/ آذار 2020.

ومَثَّل قرار "موديز" الجمعة، مع آفاق "سلبية"، ضربة موجعة جديدة للاقتصاد التونسي الذي يعيش على وقع أزمات عديدة ويبحث عن تمويل من صندوق النقد الدولي.

وقالت "موديز" في تقريرها حول تونس، إن خفض التصنيف الائتماني "يعود لعدم وجود تمويل شامل حتى الآن لتلبية احتياجات الحكومة مما يزيد من مخاطر التخلف عن السداد".

وأضافت أنّ عدم تأمين برنامج تمويلي جديد من قبل صندوق النقد الدولي، على الرغم من التوصل إلى اتفاق إطاري مع تونس في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أدى إلى تفاقم وضع التمويل الصعب وزيادة الضغوط على احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.

وأشارت إلى أنّ ضعف الحوكمة والمخاطر الاجتماعية الكبيرة يفسران جزئياً وصول تونس إلى مثل هذا المنعطف الحرج.

وتقترب تونس من السيناريو اللبناني، إذ سبق أن خفضت "موديز" تصنيف لبنان في فبراير/شباط 2020 إلى درجة (Caa2)، لتخرج الحكومة اللبنانية بعدها بنحو شهر واحد وتشهر تخلفها عن سداد الديون، بعد أن بلغت احتياطات البلاد من العملة الصعبة مستويات حرجة في ظل انهيار مالي خطير.

وكانت الوكالة خفضت في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 تصنيف تونس إلى (Caa1) على وقع استمرار حالة الركود مع الفشل في الحصول على قرض من صندوق النقد، حيث تحدثت الوكالة حينها عن اختلال التوازنات المالية و مخاطر تخلّف تونس عن سداد ديونها لعدم وجود الموارد الكافية.

وقال الخبير الاقتصادي "معز حديدان"، في تصريح لإذاعة "شمس إف إم" (خاصة) السبت، إن تونس اقتربت من "التصنيف الخطير جدا"، وهو ما يجعلها مطالبة بتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد في أقرب فرصة.

وشدد على أن تونس تفصلها درجتين لتكون غير قادرة تماما على تسديد ديونها وما سيؤديه ذلك إلى إعادة هيكلة الديون والذهاب إلى نادي باريس ونادي لندن في حال تواصل نسق الأزمة.

وشدد على أن التخفيض سينعكس سلبا على القطاع الخاص ومعاملات الشركات الكبرى وقيمة الدينار.

وقال الخبير المالي التونسي "آرام بالحاج"، إن تصنيف "موديز" الأخير لتونس "مؤشر خطير"، مضيفاً أنّ هذا التصنيف "يعني للأسواق أنّ الدولة التونسية على حافة الإفلاس، وأنّ التمويلات التي ستُقدّم لتونس مستقبلاً تُعتبر مخاطرة كبيرة".

وأشار "بلحاج" إلى أنّه يفصل تونس عن أنه "بلد مفلس تماماً" درجة واحدة وهي (Caa3)، لافتاً إلى أنّ تقرير وكالة التصنيف الدولية واضح في تقديم الحلول لتفادي مرحلة الإفلاس.

وأوضح أن هذه الحلول تتمثل في ضرورة الوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي ورفع حالة الضبابية السياسية الموجودة في البلاد، إلى جانب التوافق حول الإصلاحات التي جاءت في برنامج الحكومة المقدم إلى صندوق النقد الدولي وضرورة دعم الاحتياطي من العملة الصعبة في المستقبل المنظور.

وتبحث تونس مع صندوق النقد الدولي، الحصول على قرض تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار للخروج من الأزمة، لكن الصندوق طالب بإصلاح اقتصادي يشمل أساسا رفع الدعم وتجميد الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية المتعثرة.

وهذه الإجراءات أثارت غضب الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد، مهددا بأنه لن يقف مكتوف الأيدي، مؤكدا أنه "غير ملزم باتّفاقيات لم يشارك فيها لا من بعيد ولا من قريب، فضلا عن كونها تزيد من معاناة الشعب وتضرّ بمصالح تونس".

وكانت الحكومة التونسية قد توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج القرض الذي سيصرف أقساطا على مدى 48 شهرا.

وكان مبرمجا أن يصدر الصندوق قراره في اجتماعه منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن مجلس إدارته قرر تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدده.

وتعاني تونس من أزمة مالية حادة أدت إلى نقص متكرر في بعض المنتجات الأساسية مثل السكر والحليب والبن والأرز وغيرها.

وتبلغ حاجيات التمويل لسدّ عجز الميزانية نحو 23.5 مليار دينار (7.5 مليارات يورو) في عام 2023 الذي توقع وزير الاقتصاد التونسي "سمير سعيد" أنه سيكون "عاما صعبا للغاية" مع تضخّم متوقع بنسبة 10.5%.

ولتحقيق التوازن المالي، تجد الدولة نفسها مضطرة إلى اقتراض أكثر من 4 مليارات يورو من جهات خارجية، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على قروض محليّة بنحو 3 مليارات يورو.

وتتصاعد المخاوف من ارتفاع نسبة الفقر في تونس بسبب تداعيات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى إطلاق تحذيرات جدية من تفاقم الظاهرة إثر زيادة مقلقة في عدد الفقراء، وسط دعوات ملحّة إلى ضرورة إيجاد الآليات والحلول اللازمة لمعالجتها.

وحذر مقال نشر في مدونة البنك الدولي تحت عنوان "ارتفاع معدل التضخم وأثره على أوضاع الفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" من "ارتفاع معدل الفقر في تونس بمقدار 2.2%، وتفاقم مستويات التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة".

 وجاء في التقرير "أن زيادة الأسعار العالمية أدت إلى ارتفاع معدل الفقر في تونس بـ1.1 نقطة مئوية وقد تم التخفيف من أثر ذلك على الأسر المعيشية من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس اقتصاد تونس موديز صندوق النقد