استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«دربكة» أمام مرمى الاقتصاد السعودي

الجمعة 22 يناير 2016 06:01 ص

بلغة معلقي كرة القدم، تحدث «الدربكة» عندما تصطدم كرة المهاجم بعارضة مرمى الخصم، وتعود ليسددها لاعب آخر لتصطدم بجسم مدافع الفريق الواقف على خط المرمى، وتعود للمهاجم الثالث الذي يسددها في القائم الأيمن بدلاً من إدخالها الشباك، وتعود بدورها للرابع الذي يصوبها بكل ما أوتي من قوة لتصطدم بلا قصد في ظهر زميله المهاجم الواقف أمامه، لتقع الكرة في النهاية أمام المدافع الذي آثر مبدأ السلامة وركلها باتجاه خط التماس بعيداً عن مرمى فريقه، لتنتهي الهجمة الخطرة من دون تحقيق الهدف. ومع كل هذا الحدث الآني السريع داخل خط «الستة» الذي حركت رأسك مرات لمتابعته وقلبت عينيك بسرعة حتى كاد أن يصيبهما الحول بسببه، فلا صوت آخر في هذه اللحظات يعلو على صوت المعلق وهو يصيح «دربكة» «دربكة».

مشهد «الدربكة» الكروي هو ما يسود الاقتصاد السعودي اليوم، فالوضع كله «دربكة» في «دربكة»، فأسعار النفط تتساقط متسارعة حتى لم نعد ندري كم وصلت اليوم (غالب الظن أنها تحت 25 دولاراً للبرميل). ومؤشر الأسهم ينزف بشكل حاد، ولا يظهر اللون الأخضر ولو على شركة واحدة من شركاته الـ169 (أغلق الأربعاء ساعة تسليم المقالة بانخفاض قدره 5%)، منها 28 شركة تتداول دون قيمتها الاسمية، وبأسعار تقارب ما يعرض في محال «أبو ريالين» المنتشرة في شوارع السعودية. والمضاربات المزعجة على مستقبل الريال تسود في سوق العملات الأجنبية التي تتكهن بضعف قوته في المستقبل. والتوظيف شبه متوقف في القطاع الخاص، ومن تمت ترقيتهم في الحكومة صدر قرار إلغاء ترقياتهم لتزامنها مع الفترة المنهي عنها بأمر وزارة المالية. ووكالة ستاندارد آند بورز تبشر المصارف السعودية «بانتهاء عصر الازدهار وتطالبهم بالاستعداد للأصعب» (صحيفة مال الاقتصادية، الأربعاء). والمصارف بدورها ترفع سعر الفائدة تماشياً مع رفع الفيديرالي الأميركي بربع نقطة لترتفع كلفة الحصول على السيولة في السوق. وأحاديث المكاتب والاستراحات والمجالس يسودها طابع الترقب والخوف والانقباض، والتكهنات والإشاعات عن إلغاء عقود وتسريح موظفين، وخفض قريب لقيمة الريال في مقابل الدولار، ووقف للتوظيف والترقيات والابتعاث تسري عبر أسلاك الحواسيب و«قروبات واتساب». وبالتأكيد لا يخلو هذا الجو من أصوات بعض المرجفين، وصيحات بعض المغرضين، وتحذيرات كثير من المتشائمين، وربما كان على رأس الطائفة الأخيرة اقتصاديون يسمى علمهم الذي انتسبوا له بـ«العلم الكئيب».

ولكن أمام مشهد «الدربكة» السائد اليوم أمام مرمى الاقتصاد السعودي، هل يمكن القول إن كل شيء على ما يرام؟ لا بالتأكيد لا يقول بذلك أحد. ولكن في المقابل، هل اقتصادنا في خطر؟ بالطبع وجزماً لا. فالاقتصاد السعودي على المستوى الكلي قوي ومتين وتجاوز أزمات كانت أشد وطأة مما يمر به اليوم.

لكن التأثير سيكون على مستوى الاقتصاد الجزئي، فأرباح الشركات والمؤسسات والمصارف ستنخفض بقدر ليس بالصغير، والوظائف ستشح أكثر، وحركة الاقتصاد ستتباطأ، ومعدلات النمو ستنخفض (بافتراض بقاء الوضع على ما هو عليه).

لكن مع هذا فلا أحد سيفقد دخله، وستبقى الحكومة تصرف رواتب موظفيها وتكمل بناء مشاريعها التنموية وتصرف الضمان الاجتماعي حتى لو استدانت أو لجأت للفوائض أو مولت مصاريفها من طريق الرسوم والضرائب.

وما يحدث حالياً ليس إلا هجمة مرتدة سريعة نتج منها «دربكة» مزعجة أمام مرمى الاقتصاد، وستضج معها الأصوات حتى يعتاد الناس على وضع الركود الذي بدأ يضرب الاقتصاد، وهو ما يتطلب فعلياً أن يبدأ الجميع بالتصرف بعكس ما كانوا يفعلونه خلال أوقات الازدهار والتوسع، سواءً أكانت حكومة أم أفراداً.

ختاماً، لعل السؤال الملح حالياً هو كم ستأخذ هذه «الدربكة»؟ وكيف يتم تخليص مرمى الاقتصاد من وطأتها السيئة على المزاج العام بشكل سريع؟

الإجابة تتلخص في كلمة واحدة هي الشفافية. فالملاحظ أن كل ما يصلنا اليوم من أخبار عن اقتصادنا السعودي يكون من طريق وسائل الإعلام الأجنبية، وللأسف فإن غالبية الأخبار والآراء والتحليلات هجومية أو سلبية عن وضعنا الاقتصادي. ولوقف هذه «الدربكة» فليس مطلوباً  من المسؤولين عن اقتصادنا سوى الحضور الإعلامي الفاعل والسريع، لنفي الإشاعة، وتفنيد المعلومة، وشرح الخبر، وتوضيح ما تجمله التقارير.

فيا مسؤولو الاقتصاد، افتحوا مكاتبكم، وردوا على الإشاعات، وادرأوا التخبط بالمعلومة الصحيحة، وأخبرونا بخططكم للتعامل مع الوضع، وعاملونا كشركاء يهمهم الوطن وأمنه واقتصاده وتنميته. ومتى فعلتم، فلا أحد سيستمع للمعلق الذي يصيح وسيصيح مراراً بأن هناك «دربكة» و«دربكة» و«دربكة»، لأنه سيكون كالذي يؤذن في مالطا، فلن يصلي خلفه أحد إن جهر بأذانه أو أسره في نفسه.

* د. عبد الله بن ربيعان أكاديمي متخصص في الاقتصاد والمالية.

  كلمات مفتاحية

السعودية الاقتصاد السعودي أسعار النفط النفط الميزانية السعودية عجز الموازنة أزمات الاقتصاد

«الجبير» يرفض «نظرية المؤامرة»: السعودية لا تقبل خفض إنتاج النفط لرفع الأسعار

«النقد الدولي» يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في 2016 من 2.2% إلى 1.2%

«هافينغتون بوست»: الاقتصاد السعودي .. قنبلة موقوتة

«ديلي تليغراف»: لا داعي للقلق .. الاقتصاد السعودي ليس على وشك الانهيار

«سيلفي» الاقتصاد السعودي!

الجرائم الاقتصادية

اللاعبون الجدد في الاقتصاد السعودي (2-2)

الخليج: تحولات اقتصادية مؤلمة

عملية تجميل للاقتصاد السعودي

الشأن الاقتصادي والصوت الرسمي