ياسين مهداوي- الخليج الجديد
من دعوته لمحو بلدة حوارة الفلسطينية إلى زعمه عدم وجود شعب فلسطيني من الأساس، يكشف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (43 عاما)، وفقا لمراقبين، الوجه الحقيقي للاحتلال بدون القناع، حتى ولو حاولت الدبلوماسية الإسرائيلية التبرؤ علنا من تصريحاته شديدة التطرف.
فخلال فعالية في باريس الأحد، قال زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف إن "العرب "اخترعوا شعبا وهميا ويطالبون بحقوق وهمية في أرض إسرائيل لمجرد محاربة الحركة الصهيونية.. من هو الفلسطيني الأول؟ أي لغة كانت للفلسطينيين؟ هل يوجد عملة فلسطينية؟ هل يوجد تاريخ أو ثقافة فلسطينية؟"، بحسب موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي.
قبل أن يجيب سموتريتش عن تساؤلاته زاعما أنه "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني.. الشعب الفلسطيني اختراع لم يتجاوز عمره 100 عام".
Speaking yesterday in Paris, #Israel's overlord of occupied #Palestinian territory, Minister #Smotrich denied the very existence of a Palestinian people, while speaking from a podium adorned with a map of Israel straddling the West Bank and #Jordan. Context follows: pic.twitter.com/6dGrn9KLnu
— Itay Epshtain (@EpshtainItay) March 20, 2023
الخارجية الفلسطينية سارعت إلى التنديد بتلك "التصريحات غير المسؤولة والتحريضية للوزير الإرهابي الحاقد والعنصري والنابعة من الكراهية والإرهاب والحقد وادّعاء التفوّق العرقي لليهود على حساب بقية شعوب المعمورة وتحديدا الشعب الفلسطيني".
وأضافت: "سنطلب من المحكمة الجنائية الدولية أن تتحرك فورا لإصدار أوامر اعتقال بحق هذا الإرهابي العنصري الذي انتهك كل القوانين وارتكب بتصريحاته ما يستحق استصدار قرار اعتقاله فورا".
ويتمسك الفلسطينيون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها مدينة القدس الشرقية المحتلة، وهو ما ترفضه إسرائيل، مما أوقف مفاوضات السلام منذ أبريل/ نيسان 2014.
ومستنكرا تصريحات سموتريتش، وصفها منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأنها "خاطئة وغير محترمة وغير مسؤولة وتؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة في ظل الوضع المتوتر بالفعل"، وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
خريطة مغلوطة
ولم يكتف سموتريتش خلال الفعالية الباريسية بمزاعمه بشأن الشعب الفلسطيني، إذ استخدم خريطة مغلوطة تضم حدود الأردن وفلسطين وزعم أنها لإسرائيل التي أقامتها عصابات صهيونية مسلحة عام 1948 على أراضٍ فلسطينية محتلة.
خارطة مزعومة لإسرائيل الكبرى تضم #الأردن وإنكار لوجود الشعب الفلسطيني.. وزير المالية الإسرائيلي المتطرف سموتريتش يثير غضب الأردنيين والفلسطينيين#فلسطين #هنا_المملكة pic.twitter.com/2bltQc09AK
— قناة المملكة (@AlMamlakaTV) March 20, 2023
هذا التصرف أثار غضب عمان، فاستدعت السفير الإسرائيلي لديها إيتان سوركيس، وأبلغته "رسالة احتجاج شديدة اللهجة لنفلها على الفور إلى حكومته"، بحسب بيان لوزارة الخارجية الأردنية.
استدعت #وزارة_الخارجية_وشؤون_المغتربين السفير الإسرائيلي في #عمّان، مساء اليوم، إثر استخدام وزير المالية الإسرائيلي خريطة لإسرائيل تضم حدود #المملكة_الأردنية_الهاشمية و #الأراضي_الفلسطينية_المحتلة، وأبلغته بأن ذلك يمثل تصرفاً عنصرياً متطرفاً وخرقاً للأعراف الدولية ومعاهدة السلام. pic.twitter.com/0SCjIn9AhS
— وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية (@ForeignMinistry) March 20, 2023
تلك الرسالة يبدو أنها وصلت سريعا إلى تل أبيب، إذ حاولت وزارة الخارجية الإسرائيلية التنصل من خريطة سموتريتش بتأكيد اعتراف إسرائيل بوحدة الأراضي الأردنية وتمسكها باتفاقية السلام مع المملكة لعام 1994، بحسب بيان مقتضب.
Israel is committed to the 1994 peace agreement with Jordan. There has been no change in the position of the State of Israel, which recognizes the territorial integrity of the Hashemite Kingdom.
— Israel Foreign Ministry (@IsraelMFA) March 20, 2023
واعتبر نشطاء تصريحات سموتيريش الجديدة تحديا لمخرجات مؤتمر أمني استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية، الأحد، وضم ممثلين رفيعي المستوى عن كل من مصر وفلسطين وإسرائيل والأردن والولايات المتحدة.
الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي أكدا في شرم الشيخ على ما اتفقا عليه في اجتماع خماسي سابق بمدينة العقبة جنوبي الأردن، في 26 فبراير/ شباط الماضي، وهو استعدادهما والتزامهما المشترك بالتحرك بشكل فوري لإنهاء الإجراءات الأحادية لفترة من 3 إلى 6 أشهر.
لم يكن وضع الخارطة التي تضم الأردن محض صدفة، بل إن هذا ما يؤمن به سموتريتش وأركان #حكومة_نتنياهو تجاه الأردن!
— المهندس مراد العضايلة (@muradadaileh) March 20, 2023
أهذا هو الكيان الذي تسعى حكومتنا للتهدئة معه في مؤتمر العقبة وشرم الشيخ!!#قمة_العقبة_الأمنية #قمة_شرم_الشيخ
#فلسطين #الأردن pic.twitter.com/UxtGVaG1Xa
محو حوارة
سموتريتش وصل إلى العاصمة الفرنسية قادما من واشنطن عقب زيارة قاطعته خلالها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد انتقادات أمريكية حادة لدعوته إلى محو بلدة حوارة شمالي الضفة الغربية المحتلة.
وفي 1 مارس/ آذار الجاري، قال سموتريتش إن "قرية حوارة يجب أن تُمحى، أعتقد أن على إسرائيل أن تفعل ذلك وليس أفرادا عاديين (يقصد المستوطنين)"، مما أثار انتقادات وإدانات فلسطينية وعربية ودولية وحتى من المعارضة ومنظمات حقوقية إسرائيلية.
تلك الدعوة لمحو حوارة جاءت عقب هجمات شنها مئات المستوطنين الإسرائيليين في 26 فبراير/ شباط الماضي على البلدة، مما أدى إلى مقتل فلسطيني وإصابة العشرات وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية.
وأعقبت تلك الهجمات مقتل إسرائيليين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها بالقرب من البلدة، بعد أيام من قتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيا في اقتحامه مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية في 22 فبرابر/ شباط الماضي.
وكاشفا عن عدم ترحيب أمريكي باستقبال سموتريتش، قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نيدس حينها: "أنا حقا غاضب من سموتريتش، هو أحمق. سيقوم برحلة إلى واشنطن، وإذا كنت قادرا لألقيت به من الطائرة".
سموتريتش حاول التنصل من دعوته إلى محو حوارة بقوله: "لم أقصد إيذاء الأبرياء عندما قلت إنه يجب محو حوارة.. يستخدم الناس أحيانا تعبيرات قاسية لا يقصدونها لنقل رسالة حادة".
ابن الاستيطان
ويتولى سموتريتش حقيبة المالية ومنصبا مستحدثا هو وزير إضافي بوزارة الدفاع في حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو منحها الكنيست الثقة في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتوصف بأنها "الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل"، لاسيما على مستوى سياساتها المتطرفة بحق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وتصريحات سموتريتش شديدة التطرف تمثل انعكاسا صادقا لنشأته، إذ ولد عام 1980 في إحدى مستوطنات هضبة الجولان السورية المحتلة، ووالده هو حاييم يروحام الحاخام السابق لمدرسة كريات أربع الدينية، والتي كانت أحد معاقل حركة كاخ الإسرائيلية الإرهابية.
وحاليا يستوطن سموتريتش مستوطنة "كدوميم" بالضفة الغربية المحتلة. ولا تعترف الأمم المتحدة بأنشطة البناء الإسرائيلي الاستيطانية وتؤكد أنها تقوض فرص حل الصراع وفقا لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
وجرى انتخابه في الكنيست للمرة الأولى عام 2015، وهو مدير "جمعية رغافيم" اليمينية المتطرفة العنصرية، التي تلاحق الفلسطينيين في المناطق المحتلة عامي 1967 و1948، وتنشط في مجال الأراضي والبناء، وتحث السلطات على استصدار أوامر هدم لبيوت عربية.
وكان من قيادة حركة التمرد على خطة إخلاء الاحتلال لمستوطنات قطاع غزة في أغسطس/ آب 2000 وجرى اعتقاله آنذاك، وفقا لتقارير فلسطينية، بعد العثور في بيته على 700 لتر من الوقود بهدف القيام بأعمال تخريبية ضد الفلسطينيين.