متحدث النهضة التونسية لـ"الخليج الجديد": اعتقال الغنوشي تلهية للشعب.. ونتمسك بانتخابات رئاسية مبكرة

الأربعاء 19 أبريل 2023 12:15 م

مصطفى الزواتي - الخليج الجديد

وصف المتحدث باسم حركة النهضة التونسية عماد الخميري، في مقابلة مع "الخليج الجديد"، اعتقال السلطات لرئيس الحركة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي (82 عاما)، بأنه "خطوة إلى الوراء" تستهدف "تلهية الشعب" في ظل "عجز سلطة الانقلاب" عن "إدارة الأوضاع"، مشددا على تمسك المعارضة بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة للخروج من "الوضع الصعب" الراهن.

ومساء الإثنين، اعتقلت قوة أمنية الغنوشي بعد أن داهمت وفتشت منزله، وقال مسؤول بوزارة الداخلية إنه سيتم التحقيق معه في "تصريحات تحريضية". وجاء الاعتقال بعد يومين من مشاركته في اجتماع للمعارضة اعتبر خلاله أن "تونس من دون النهضة بلا إسلام سياسي ولا يسار ولا أي مكون آخر هي مشروع حرب أهلية".

وأضاف الخميري أن الغنوشي "أحد قادة المعارضة الرئيسيين الذين يقاومون هذا المسار الخاطئ منذ 25 يوليو، ويعتبره مسارا أضاع على البلاد فرصة إنجاح انتقال ديموقراطي فريد في المنطقة العربية والإسلامية".

وفي 25 يوليو/ تموز 2021، بدأ الرئيس التونسي قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية أبرزها حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها القوى الرافضة لهذه الإجراءات، وبينها "النهضة" صاحبة أكبر كتلة في البرلمان المنحل.

وتعتبر قوى تونسية وازنة، في مقدمتها "النهضة"، تلك الإجراءات "انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011). أما سعيد، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر خمس سنوات، فقال إن إجراءاته "ضرورية وقانونية" لإنقاذ الدولة من "انهيار شامل".

وحول تجربة "النهضة" في الحكم خلال السنوات العشر بعد الثورة، قال الخميري إنه توجد "نجاحات وإخفاقات"، مضيفا أن الحركة ستعمل على نقد وتقييم هذه التجربة وإصدار "كتاب أبيض" يتحدث عنها "بكل وضوح وشفافية"

وشدد على أن النهضة خرجت من مقاربة الإسلام السياسي، وهي "مقاربة هلامية وعامة"، حيث غادرت مربع الإسلام السياسي منذ مؤتمرها العاشر (2016) وبحثت لها عن وعاء أسمته بـ"الإسلام الديموقراطي".

وفي ما يلي نص مقابلة الخميري الخاصة مع "الخليج الجديد":

الاعتقالات التي طالت مجموعة من رموز الحركة وعلى رأسها الشيخ الغنوشي.. كيف تنظر إليها؟

سياسة سلطة الانقلاب هي الهرولة والهروب إلى الامام وتلهية الشعب والاعتقالات باتت العنوان السياسي الأكبر. اعتقال رئيس الحركة الغنوشي هو اعتقال سياسي وخطوة إلى الوراء في انتهاك الحقوق والحريات وإغلاق الفضاء العام. تلك السياسة لن تعالج مشكلات تونس والأوضاع الاجتماعية للتونسيين، وسيفيق جزء من الشامتين من الذين يطبلون لقيس سعيد على حقيقة مفادها أنه أضاع العنوان الكبير لثورة الحرية والكرامة وهو الحريات والحقوق.

هذا المسار سيفشل والانتصار سيكون لأنصار الحرية والمتمسكين بعودة الديموقراطية واستئناف الحياة الدستورية. اعتقال الغنوشي في سنه الذي تجاوز 82 عاما لن يزيده إلا وسام شرف وعزة، فهو أحد قادة المعارضة الرئيسيين الذين يقاومون هذا المسار الخاطئ منذ 25 يوليو ويعتبره مسارا أضاع على البلاد فرصة إنجاح انتقال ديموقراطي فريد في المنطقة العربية والإسلامية.

والغنوشي موجود في ثكنة العوينة وممنوع من مقابلة المحامين، في مخالفة صريحة للترتيبات القانونية، ولا نملك معطيات دقيقة عن وضعه الصحي، والسلطة السياسية تتحمل المسؤولية عن صحته. المحامون لن يتمكنوا من مقابلته خلافا للقانون، فكل مشتبه فيه يخول له القانون أن يكون معه لحظة التحقيق المحامون الذين يوكلهم.

بعد 48 ساعة سنرى ظروف الغنوشي وسينقل محاموه فكرة للرأي العام عن أوضاع التحقيق وملابسات الإيقاف. وقد شمل الإيقاف قيادات بارزة في الحركة وهم عضوي مكتبها التنفيذي محمد القوماني وبلقاسم حسن، ومسؤول العمل الطلابي السابق بالحركة محمد شنيبة.

كما مُنعت جبهة الخلاص الوطني (ائتلاف لأحزاب معارضة بينها النهضة) من القيام بأنشطتها وحوصر مقرها، وهي خطوة تستهدف الحريات والحقوق وكل مكتسبات الثورة.

النهضة لم تُفاجئ بحملة الاعتقالات الأخيرة، فالسلطة كلما يضيق عليها الخناق وكلما تعجز عن إدارة أوضاع الشعب تلجأ إلى مثل الوسائل لتلهية الرأي العام ولإرضاء أنصار سلطة 25 يوليو المتعطشين للانتقام ويغذيهم خطاب سياسي مشحون بالكراهية ودعوات الانقسام.

تجربة الحكم

كيف تقيّم تجربة مشاركة النهضة في الحكم لما يزيد عن 10 أعوام؟

النهضة تيار اجتماعي له جذور في المجتمع وامتداد في تاريخ البلاد، وهي حركة سياسية مرت بمراحل عديدة في تاريخ تونس الحديث أبرزها صراعها مع أنظمة الحكم المستبدة منذ الاستقلال إلى اندلاع الثورة.

نجحت النهضة في تكريس البعد السياسي المطالب بالحقوق والحريات وبتكريس الدولة الديموقراطية ومناهضة أنظمة الاستبداد، ونجحت في تجاوز كل مخططات اجتثاثها من المجتمع عبر أجندات كانت موجودة في أنظمة الحكم التي تعاقبت على الدولة منذ 1956.

وفتحت الثورة ليس للنهضة فقط وإنما لكل التونسيين والأحزاب السياسية مجالات جديدة للنشاط والعمل والحضور السياسي. ومثلت هذه السنوات العشرة اختبارا لتجربة الحكم بالنسبة للنهضة وكان فيها نجاحات وإخفاقات.

وأبرز النجاحات هي تكريس الحياة الدستورية ودولة القانون والمحافظة على نَفس الثورة في الحقوق والحريات، وهو ما يحسب للنهضة ولحلفائها ولكل النخبة التي آمنت بالعمق السياسي للنهضة.

وتجربة العشر سنوات كان فيها أيضا إخفاقات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي ونوع من عدم الاستقرار السياسي الذي لم ينتج حكومات قادرة على تنفيذ برامجها من خلال الأغلبية الواضحة داخل المجلس النيابي.

ومن الإخفاقات الكبيرة موضوع النظام السياسي والانتخابي الذي لم ينتهي إلى تكريس حكم فيه استقرار سياسي يمكن أن يتولد عنه نجاح على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

وهذه النقطة هي التي دخل من خلالها الانقلاب في 25 يوليو 2021، حيث تعلل بجائحة "الكوفيد" (فيروس كورونا) وتداعياته على الاقتصاد التونسي، وتعلل بعدم النجاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ليعلن هذا المشروع الانقلابي.

ونعتبر أن هذا المشروع الانقلابي بعد عامين من تطبيقه على الأرض لم ينته إلى نجاحات جديدة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، بل آلت الأمور إلى أسوأ مما كنت عليه قبل 25 يوليو.

والنهضة في مؤتمرها القادم ستعمل على تقييم تجربة الحكم وستخرج للتونسيين بكتاب يمكن أن نسميه "كتاب أبيض" يتحدث عن هذه التجربة بكل وضوح وشفافية ويقدم نقدا وتقييما ذاتيا.

مسار قيس سعيد

حاليا أين تقف الحركة بعد أن دعت مؤخرا الحكومة إلى الاستقالة عقب إعلانها عدم وجود حلول لإنقاذ البلاد من إفلاس وشيك وفي ظل رفض الرئيس التخلي عن السلطة؟

منذ 25 يوليو 2021 كنا من السابقين في إعلان أن ما حدث هو انقلاب بكامل الأركان على ثورة 2011، رغم كل الاستنادات لبعض الإخفاقات الاجتماعية والاقتصادية والمالية للدولة وبعض الممارسات التي انطلقت منها سلطة الانقلاب في تكريس الأمر الواقع.

والمادة التي كرست للمسار الاستثنائي، بحسب الرئيس، مادة وقع تعسف في فهمها، وهي مادة 80 من دستور 2014، فكانت مادة واضحة في أن الاستثناء لا يمكن أن يجمد أو يلغي أو يحل البرلمان بصريح النص ولا يمكن أن يحل الحكومة، وأن التكريس الاستثنائي يكون بموافقة المحكمة الدستورية، والأحكام الاستثنائية ينبغي أن تكون معللة الأسباب وتزول بزوال أسبابها.

ما حدث في 25 يوليو هو مسار ليس للإصلاح، وإنما لتكريس الحكم الفردي ولتجميع كل السلطات بيد الرئيس، ويأتي في خط رجعي إلى ما قبل 2011 بضرب الحريات والحقوق واستهداف الحالة الحزبية.

كل إجراءات الرئيس التي تحدث فيها عن الاستثناء مست الحياة والهيئات الدستورية ودستور 2014 الذي هو جماع التعاقد الوطني الواسع بناء على حوار وانتخابات 2011.  والنهضة كرست جهودها مع كل القوى المناهضة للانقلاب لمعارضته والدعوة إلى عودة الحياة الدستورية.

واليوم بعد نحو عامين من حكم الرجل الواحد وتجميع السلطات بيد الرجل الواحد نعتبر أن هذا المسار دمر الحياة والمؤسسات الدستورية ولم ينجز شيئا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

التونسيون اليوم في ضنك العيش ويعيشون أوضاعا لم يعيشوها في تاريخهم منذ الاستقلال في البحث عن المواد الأساسية وفي ظل غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق. ويزيد في هذه الأوضاع عزلة تونس عن محيطها الإقليمي والدولي وعدم قدرتها على التفاوض مع الصناديق الدولية المانحة لسد الثغرة في الموازنة المالية لـ2023؛ وهي ثغرة كبيرة.

السلطة القضائية

وكيف تنظرون إلى قضية اعتقال رئيس الحكومة الأسبق ونائب رئيس النهضة علي العريض برفقة الغنوشي أمام "الوحدة الوطنية لجرائم الإرهاب" بخصوص شبهات تورطهما في تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر؟

لتلهية الرأي العام، في ظل إدارتها السيئة للحكم وعجزها عن إدارة أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية، تبحث سلطة الانقلاب عن أكباش فداء، سواء في الأحزاب أو الصحفيين والمدونين.

وقضية علي العريض جاءت بعد الفشل الذريع في الاستحقاق البرلماني (مقاطعة واسعة للانتخابات)، تحت شعار "المحاسبة"، وهي كلمة حق أريد بها باطل، فبعد عامين من الانقلاب لم يتم فتح أي ملفات فساد حقيقية، والقضايا المنشورة ضد السياسيين ومنها قضية العريض وضد ما سُمي بقادة المعارضة، كلها قضايا سياسية خاوية.

وتأتي في سياق تطويع السلطة للقضاء حتى يكون أداة لمحاربة الخصوم السياسيين، وكل هذه القضايا فتُحت بعد أن تمّ حل المجلس الأعلى للقضاء وإعفاء عدد كبير من القضاة الذين رفضوا الانسياق للتعليمات، وكلها تأتي في إطار إخافة القضاة تحت شعار: "من يبرؤهم فهو شريك لهم". وهذه كلمة مشهورة لقيس سعيد في سياق تخويف وتطويع القضاة لتنفيذ أجندة ضرب الخصوم السياسيين.

يعني ذلك أنكم ترون القضاء برمته مُسيسا من السلطة؟

منذ 25 يوليو قيس سعيد أعلن أنه سيمسك النيابة العمومية ثمّ تراجع ودخل في خط هرسلة (مضايقة) القضاء بدعوى أنه غير مستقل ولا يدخل ضمن ما يسميها "أجندة المحاسبة". وكل إجراءات السلطة هدفت إلى أن تكون السلطة القضائية وظيفة، وهذا ما أعلنه دستور الرئيس نفسه، حيث لم يتحدث عن سلطة وإنما عن وظيفة بيد السلطة التنفيذية.

القضاء تعرض لهرسلة كبيرة مست خاصة المجلس الأعلى للقضاء، وهي مؤسسة مستقلة بنيت من خلال العملية الانتخابية، فتمّ استهداف السلطة القضائية لأول مرة بعد 10 سنوات من الثورة، حيث يُعين المجلس الأعلى للقضاء بمرسوم أصدره الرئيس.

ولذلك كل القضايا الأخيرة التي عُرضت على القضاء كانت محكومة بإرادة السلطة التنفيذية في تصفية خصومها السياسيين.  ونؤمن بوجود قضاة شرفاء مستقلين، لكن العدالة اليوم بعيدة وتوفير محاكات عادلة للمشتبه بهم في كل القضايا المعروضة بات بعيد المنال، فالسلطة القضائية واقعة تحت هيمنة وتأثير وضغط السلطة التنفيذية.

انتخابات واصطفافات

هل تعتقدون أن الرئيس قيس سعيد وصل إلى طريق مسدود ولا يمكنه الاستمرار؟

السلطة التنفيذية عجزت عن إدارة وتحسين أوضاع التونسيين وفشلت في استحقاقاتها، وقامت على إجراءات استثنائية ضمن خارطة للطريق وضعها قيس سعيد دون أن يستثير فيها مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية.

وفشل هذه الخارطة هو فشل لقيس سعيد وفشل في إدارة العودة إلى الحياة الدستورية وإدارة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. هناك أزمة انقسام حقيقي داخل المجتمع ولا يمكن حلها إلا بالعودة إلى أصل الشرعية الذي هو الشعب عبر انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها (مبكرة) حرة ونزيهة تعيد الشرعية لصاحب الشرعية وهو الشعب، وتكون المفتاح للخروج من هذا الوضع الصعب.

الاصطفافات السياسية في تونس.. هل تسير في الاتجاه الصحيح أم أنها ولدت مشوهة بعد الثورة وبعد أحداث 25 يوليو 2021؟

اليوم يوجد إجماع واسع داخل الطبقة السياسية والنخبة  وشرائح واسعة من المجتمع المدني على أن هناك انقلاب على الدستور والشرعية، وأن كل الإجراءات التي اتخذها قيس سعيد تأتي في سياق عودة إلى ما قبل الثورة وما قبل الحياة الدستورية التي فيها تعددية وأحزاب وديموقراطية.

لكن هناك اختلافات في علاقة الأحزاب ببعضها وفي تقييمات الأحزاب لبعضها، وهذا كله بسبب تجربة العشر سنوات من الانتقال الديموقراطي، بل أن هناك انقساما حتى في علاقة الأحزاب بعضها ببعض.

وهذا لا يمنع أن هناك تقييما موضوعيا رغم اختلافات الأحزاب حول ما يحدث اليوم وما يحمل في طياته حلا للبلاد، فأوضاع البلاد تزداد سوءا على كل المستويات.

وهناك نوع من الاصطفاف حول الرئيس بمكونات لا تحمل مشروعية شعبية بدليل أن هؤلاء مضوا في الانتخابات التشريعية ولم يحظوا بثقة الناخب، حيث شارك في الاستحقاق الانتخابي نحو 11% من الناخبين. وهذا يبين أن مشروع قيس سعيد اليوم ومنظومته لا يحظى بتأييد الشارع.

ولذلك النهضة وبقية مكونات جبهة الخلاص الوطني، الإطار الأوسع للمعارضة، دعت مرارا إلى مؤتمر حوار وطني، فكل القضايا محل التجاذب والانقسام لا يمكن حلها إلا بالحوار الوطني الجامع الذي يمكن أن يكون محطة من محطات توحيد القوى السياسية والمقاربات للذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية تكون المخرج.

في ظل الخلافات والانقسامات بين المعارضة كيف ظهرت جبهة الخلاص الوطني؟

بعد 25 يوليو كان هناك "نظام مواطني" ضد الانقلاب الذي مس الحريات ووضع العديد من القادة السياسيين والنواب تحت المتابعة الأمنية والقضائية والإقامة الجبرية؛ مما أدى إلى نشوء حركة مواطنية سميت بحركة "مواطنون ضد الانقلاب".

وتلك الحركة كانت الإطار المدني للنضال السلمي السياسي ضد الانقلاب للدعوة إلى استئناف الحياة الدستورية وعودة الحياة الديموقراطية. وتطور هذا الحراك إلى نشأة جبهة الخلاص الوطني وكانت استجابة لنداء الزعيم والقيادي أحمد نجيب الشابي الذي دعا إلى وحدة قوى المعارضة من أحزاب وشخصيات وطنية ومكونات مدنية لمقاومة الانقلاب والدعوة إلى استئناف الحياة الدستورية.

"الإسلام الديمقراطي"

إلى أين تتجه تونس؟

بعد فشل خارطة الرئيس في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022 (مقاطعة الانتخابات التشريعية)، واجهت السلطة محاولة توحيد المعارضة بالزج بقادتها ورموزها في قضايا تحت عنوان "التآمر ضد أمن الدولة"، بينمها هدف الجبهة هو عرض بديل وخارطة طريق تُخرج البلاد من الأزمة.

لكن واضح أن هناك تصلبا من جهة السلطة والرئيس برفض كل دعوات الحوار ورفض التعامل مع المعارضة السلمية المدنية التي يصفها سعيد بأبشع النعوت ويعتبرها خائنة وعميلة وفاسدة ولا يعتبر أنّ هناك معارضة يستحق أن يتعامل معها.

وهذا النهج في إدارة أوضاع البلاد هو نهج تصلبي ولا يمكن أن يقود إلا إلى مزيد من الفشل، وهذه السلطة عاجزة عن إدارة أوضاع البلاد وإدارة الحوار ولا يمكن مواجهتها إلا بالنضال السلمي المدني والحرص على العودة إلى الشعب في القريب العاجل، فنضالنا مستمر للعودة إلى انتخابات رئاسية وتشريعة.

وكيف ترى مستقبل أطروحة "الإسلام السياسي" وحركاتها بعد الإخفاق في تثبيت حضورها في الحكم بغض النظر عن الثورات المضادة المناهضة لها؟

النهضة منذ مؤتمرها العاشر (2016) خرجت من مقاربة الإسلام السياسي التي هي مقاربة هلامية وعامة تضم في داخلها مكونات لا يجمع بينها في المنهج وأسلوب العمل والتغيير والمضامين أشياء موحدة.

فلا يمكن أن نجمع بين حزب العدالة والتنمية التركي وتجارب الإسلام المتشدد الراديكالي العنيف التي عرفتها مجتمعاتنا العربية الإسلامية، وهي بعيدة كل البعد عن مفاهيمنا ونظرتنا للإسلام.

لذلك، النهضة غادرت مربع الإسلام السياسي نظريا على الأقل منذ مؤتمرها العاشر وبحثت لها عن وعاء أسمته بـ"الإسلام الديموقراطي"؛ ممثلا في قدرة الجمع بين الإسلام والديموقراطية والعدالة الاجتماعية. الإسلام يكون في خدمة الناس ولا يقسّم مجتمعاتنا ويكون في خدمة المبادئ الكبرى من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية.

أردنا أن ننحى بتجربة خاصة بنا في تونس تستمد مراجعها ومضامينها من الفكر الإسلامي التونسي والتجربة التونسية وتجربة النهضة نفسها على امتداد هذا التاريخ الطويل في النضال السياسي والديموقراطي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس حركة النهضة راشد الغنوشي قيس سعيد انتخابات مبكرة عماد الخميري

أردوغان: نبذل جهودا مع الحكومة التونسية بشأن الغنوشي

عضو بهيئة الدفاع: قاضي التحقيق يأمر بسجن راشد الغنوشي

تضامن دولي وعربي وتونسي واسع مع الغنوشي.. ومطالبات بإنهاء اعتقاله

رؤية أمريكية: اعتقال الغنوشي مكسب للمتطرفين وخسارة للغرب

لغياب الغنوشي.. النهضة التونسية تكلف منذر الونيسي بتسيير شؤونها مؤقتا