أمريكا تواجه موقفا صعبا بسبب تردد حلفائها في مواجهة «الدولة الإسلامية»

الاثنين 15 سبتمبر 2014 08:09 ص

أبدت الولايات المتحدة ارتياحها بشأن تشكيل تحالف دولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» إلا أنها تخاطر بأن تجد نفسها في وضع يحيق به الخطر في ظل تردد حلفائها الغربيين وفي منطقة الشرق الأوسط.

وكان الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» قد كشف النقاب الأسبوع الماضي عن مشروع خطة لمحاربة متشددي «الدولة الإسلامية» في كل من العراق وسوريا في آن واحد مما يلقي بالولايات المتحدة مباشرة في أتون حربين مختلفتين تشارك فيهما كل دول المنطقة تقريبا بنصيبها.

وقبلت عواصم غربية بالمفهوم العام لمثل هذا التحالف فيما وافقت 10 دول عربية يوم الخميس الماضي منها السعودية وقطر، وهما دولتان متنافستان على الانضمام إلى حملة عسكرية منسقة.

وقال دبلوماسي فرنسي رفيع يتعين أن يتسم هذا التحالف بالكفاءة وان يكون محدد الهدف، وأضاف «علينا بالحفاظ على استقلاليتنا.، ولا نريد أن نكون مقاولين من الباطن للولايات المتحدة، فهم لم يوضحوا لنا نواياهم حتى هذه اللحظة».

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قد انسحبتا من خطة لضرب الرئيس السوري «بشار الأسد» العام الماضي وذلك قبل ساعات من الموعد المقرر لانطلاق مقاتلات فرنسية مما وضع الرئيس الفرنسي «فرانسوا أولاند» في موقف حرج ومعزول.

وزير الخارجية الفرنسي السابق «أوبير فيدرين» قال إن التحالف يجب أن يتسم بأكبر قدر ممكن من الشرعية، وإنه بحاجة إلى أعضاء من «مجلس الأمن» وأكبر عدد ممكن من الدول العربية ويتعين أن تكون هناك متابعة، ويجب أن تكون هناك رؤية طويلة الأمد.

وتلك هي فكرة عقد مؤتمر في باريس، اليوم، 15 سبتمبر/أيلول الجاري الذي يضم السلطات العراقية جنبا إلى جنب مع نحو 20 جهة دولية، وتأتي هذه المحادثات قبل اجتماع وزاري في مجلس الأمن الدولي في 19 سبتمبر/أيلول واجتماع آخر لرؤساء الدول بـ«الجمعية العامة للأمم المتحدة» في نهاية الشهر الجاري.

وقال «أولاند» وهو أول زعيم غربي يتوجه إلى العراق منذ التقدم الذي أحرزه تنظيم الدولة الإسلامية» في يونيو/حزيران الماضي للصحفيين في بغداد الجمعة الماضية إن الهدف هو تنسيق المساعدات والدعم والتحرك من أجل وحدة العراق وضد هذه الجماعة الإرهابية.

وقد أرسلت فرنسا حتى الآن أسلحة ومعونات إنسانية لمقاتلين أكراد في العراق، ومن المرجح أن ترسل نحو 250 من أفراد القوات الخاصة للمساعدة في توجيه ضربات تقوم بها مقاتلات من نوع «رافال».

إلا أن ما يمكن أن تقدمه فرنسا لا يزال محدودا لأن القوات الفرنسية موزعة في مناطق عدة منها أكثر من خمسة آلاف فرد في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، وأضاف أن بلاده خصصت ميزانية حجمها 450 مليون يورو للعمليات الدفاعية الخارجية لعام 2012 في وقت تتعرض فيه الحكومة لضغوط شديدة لخفض الإنفاق.

بريطانيا حريصة بدرجة ما

أما بريطانيا حليفة «واشنطن» الرئيسية في عام 2003 فقد بعثت برسائل متباينة، فقد أكدت بريطانيا أنه يتعين ألا يعلو الغرب على جهود القوى الإقليمية آو أن يهمل أهمية تشكيل حكومة عراقية تضم جميع الأطياف ولا تقصي أحدا.

ومثلها مثل فرنسا فقد التزمت بريطانيا التحفظ بشأن أي عمل في سوريا بسبب الجوانب المتعلقة بالمشروعية والدفاعات الجوية للحكومة السورية.

وبالنسبة للعراق فقد قدمت بريطانيا معونات إنسانية ونفذت عمليات مراقبة وأمدت الأكراد بأسلحة ووعدت بالتدريب.

وفيما يتعلق باتخاذ عمل عسكري تساند بريطانيا توجيه ضربات جوية أمريكية وقال رئيس الوزراء «ديفيد كاميرون» مرارا إن بريطانيا نفسها لا تستبعد شيئا إلا إرسال قوات مقاتلة برا.

ومع اقتراب موعد الانتخابات بعد أقل من تسعة أشهر من الآن تدرك الحكومة البريطانية معارضة الرأي العام لدور بريطانيا في غزو العراق مع الولايات المتحدة في عام 2003.

ولا ينسى «كاميرون» أيضا ذكرى هزيمة برلمانية قاسية الصيف الماضي حينما استدعى أعضاء البرلمان أثناء عطلة صيفية ثم فشل في كسب موافقتهم على ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية اتخاذ عمل عسكري ضد سوريا.

وقال أعضاء الحكومة إنهم سيحاولون مرة أخرى طلب تفويض من البرلمان للمشاركة في أي ضربات إلا إذا أصبح من الضروري المسارعة للتحرك بسبب أزمة إنسانية أو خطر على بريطانيا.

ويبدو أن معظم البلدان الأوروبية الأخرى تحجم عن المشاركة فيما هو أكثر من المساعدات الإنسانية واللوجستية.

فقد وعدت ألمانيا وجمهورية التشيك بتسليح الأكراد، لكن برلين تصر على أنها لن تشارك في هجمات جوية.

فيما أبدى «حلف شمال الأطلسي» استعدادا لتسهيل وتنسيق نقل الإمدادات جوا وقد يعرض توفير التدريب للقوات العراقية.

وقالت وزيرة الدفاع الإيطالية «روبرتا بينوتي» "يجب أن نحاول مساندة المقاتلين المحليين الذين قد يكون بمقدورهم إيقاف الدولة الإسلامية واحتواؤها في تلك المناطق»، مضيفة أن الأمريكيين اختاروا تنفيذ ضربات جوية ولم نختر نحن ذلك بعد.

ويريد الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة الحصول على مساندة عسكرية فعالة من دول الشرق الأوسط على أقل تقدير لتجنب الظهور بمظهر شن «حرب صليبية» غربية.

وفي الحملة التي استهدفت إسقاط الزعيم الليبي «معمر القذافي» في عام 2011 ساهمت الإمارات العربية المتحدة بتنفيذ ضربات جوية بينما قدمت قطر أسلحة للثوار.

ولكن في العراق تبدو مخاطر مشاركة لاعبين إقليميين أكبر، ومن غير المحتمل أن تقبل السعودية وتركيا والأردن ومصر القيام بدور رئيسي في العمليات العسكرية.

فتركيا - وهي عضو في «حلف شمال الأطلسي» ولها حدود طويلة مع سوريا والعراق - قد تجنبت بشكل واضح حتى الآن أن تلتزم بالمشاركة في الحملة العسكرية.

وهون المسؤولون الأمريكيون من الآمال بإقناع «أنقرة» بالقيام بدور قتالي وركزوا بدلا من ذلك على جهود تركيا لوقف تدفق المقاتلين الأجانب الذين يعبرون أراضيها وتقديم المساعدات الإنسانية.

ومنذ الأيام الأولى للصراع في سوريا ساندت تركيا مقاتلي المعارضة السنة في أغلبهم الذين يحاربون الأسد، ومع أن تركيا تشعر بالقلق من صعود الدولة الإسلامية فإنها تخشي أن يضعف أي عمل عسكري خصوم «الأسد»، وهي تخشى أيضا تقوية الأكراد في العراق وسوريا.

بينما يشن المقاتلون الأكراد في تركيا نفسها تمردا على الدولة التركية منذ ثلاثة عقود وينخرطون في عملية سلام حساسة، وقد أشادت صحف موالية للحكومة يوم الجمعة بإعراض أنقرة عن القيام بدور في خط المواجهة في الائتلاف وتساءلت هل العمل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة هو الحل وأوردت الصحف مقارنات مع ما حدث في عام 2003 حينما رفض البرلمان طلب الولايات المتحدة استخدام الأراضي التركية في غزو العراق.

وقال دبلوماسي فرنسي آخر أنه ليس من المتوقع أن يفعل المشاركون في التحالف أشياء واحدة فالبعض يمكنه تقديم مساعدة إنسانية والبعض الآخر مساعدة مالية وآخرون دعما عسكريا، وأن المهم  هو التجانس والتناسق.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية فرنسا أمريكا بريطانيا أوباما

الحرب على "داعش" وبناؤها الصراعي

اجتماع باريس يقر المزيد من الدعم للعراق والمقاتلات الفرنسية تنطلق من أبوظبي

أمريكا ودول عربية في "تحالف مواجهة داعش" .. وتركيا تمتنع عن توقيع بيان جدة

التحالف ضد «الدولة الإسلامية» تركيبة عجيبة وأسئلة مريبة؟

محلل أمريكي: السعودية هي الحليف الأهم للولايات المتحدة وليس إسرائيل

الحرب المفتوحة بدأت ولن تنتهي

الضربات الأمريكية في سوريا تدفع «جبهة النصرة» للتقارب مع «الدولة الإسلامية»

هل هناك حقا استراتيجية للقضاء على «داعش»؟!