دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.. العدل الدولية تفاقم عزلة الدولة العبرية

الخميس 11 يناير 2024 06:11 ص

سلطت مجلة "فورين أفيرز" الضوء على نظر محكمة العدل الدولية، الخميس، في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا لاتهام إسرائيل بممارسة "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة، مشيرة إلى أن الدعوى قد لا يترتب عليها أثر عملي بالضرورة، لكنها تؤكد عزلة الدولة العبرية دوليا.

وذكرت المجلة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن إسرائيل وصفت اتهام جنوب أفريقيا بأنه "لا أساس لها من الصحة" واتهمت بريتوريا بـ "التعاون مع منظمة إرهابية".

وأضافت أن دولا إسلامية، مثل تركيا والأردن، دعمت دعوى جنوب أفريقيا، في حين عرضت دول أخرى، مثل ماليزيا، دعمها للدعوى علنًا، ووصفت وزارة خارجيتها الإجراءات الجنوب أفريقية بأنها "خطوة ملموسة وفي الوقت المناسب نحو المساءلة القانونية عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل".

وتطلب الدعوى من محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير مؤقتة للتعليق الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة و"اتخاذ جميع التدابير المعقولة" لمنع الإبادة الجماعية بالقطاع.

وفي عريضة الدعوى، المؤلفة من 84 صفحة، تستشهد جنوب أفريقيا بتحريض كبار المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك وزير الجيش، يوآف جالانت، الذي وصف الفلسطينيين في غزة بأنهم "حيوانات بشرية"، بالإضافة إلى تشبيه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للفلسطينيين بقصة أمة العماليق، التي أمر الله بني إسرائيل بإبادتها في الكتاب المقدس عند اليهود.

وتقول بريتوريا إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تعرف الإبادة الجماعية بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير، كليًا أو جزئيًا، لمجموعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية".

وتؤكد الدعوى أنه "لا يمكن تبرير قتل أكثر من 22000 فلسطيني، بما في ذلك أكثر من 7000 طفل".

وعلى عكس القضايا السابقة في المحكمة الجنائية الدولية، والتي قاطعتها إسرائيل لأنها لا تعترف بسلطة تلك المحكمة، ليس أمام الدولة العبرية خيار سوى المثول أمام محكمة العدل الدولية باعتبارها دولة موقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية.

وأرسلت بريتوريا خبير القانون الدولي الجنوب إفريقي، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جون دوجارد، محاميا عنها، بينما سيدافع عن إسرائيل في محكمة العدل الدولية المحامي البريطاني، مالكولم شو، الخبير في النزاعات الإقليمية، وأهارون باراك، رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية المتقاعد، وهو أحد الناجين من المحرقة النازية ومنتقد شرس لخطة الإصلاح القضائي التي وضعتها حكومة نتنياهو، وهو ما يزيد من مصداقيته في نظر منتقدي نتنياهو.

وتشير "فورين بوليسي" إلى أن الدعوى تثير ضررًا محتملاً بسمعة الولايات المتحدة، حسبما براين فينوكين، من مجموعة الأزمات الدولية، موضحا: "يخاطر المسؤولون بالتواطؤ إذا استخدمت إسرائيل الدعم الأمريكي لارتكاب جرائم حرب".

كما تتزايد عزلة الولايات المتحدة باعتبارها واحدة من الدول القليلة التي وقفت بحزم خلف إسرائيل في العدوان على غزة، وسط انتقادات دولية متزايدة بشأن الأزمة الإنسانية الأليمة في القطاع.

وفي السياق، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، الأسبوع الماضي: "نرى أن هذا الاتهام لا أساس له من الصحة، ويؤدي إلى نتائج عكسية، ولا أساس له في الواقع على الإطلاق".

وتلفت "فورين بوليسي"، في هذا الصدد، إلى أن العداء بين إسرائيل وجنوب أفريقيا له جذور عميقة، إذ توترت علاقات إسرائيل مع معظم الدول الأفريقية بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، في حين نمت علاقاتها مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا عندما بدأت في بيع كميات كبيرة من الأسلحة له.

وأصبحت إسرائيل حليفًا رئيسيًا وشريكًا دفاعيًا لحكومة التفوق الأبيض خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حتى عندما بدأت دول أخرى في فرض عقوبات على بريتوريا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صوت برلمان جنوب أفريقيا لصالح تعليق العلاقات الدبلوماسية مع البلاد إلى حين التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

وحاولت حكومة جنوب أفريقيا تأكيد نفسها كمنارة أخلاقية في العالم، ودانت نفاق الغرب بشأن الحرب في أوكرانيا، وقامت بحملة من أجل نظام عالمي متعدد الأقطاب.

وتنوه "فورين أفيرز" إلى أن أي حكم يصدر عن العدل الدولية يمكن أن يشكل سابقة قانونية لأن بريتوريا تستند في دعواها جزئيًا إلى إجراءات غامبيا ضد ميانمار في عام 2020، والتي نجحت فيها غامبيا في الدفع بأن لديها حق في اتهام نظام ميانمار باعتبارها طرفا في اتفاقية الإبادة الجماعية، بينما حاولت ميانمار الدفع بأن غامبيا ليست طرفاً "متضرراً"، وبالتالي لا يمكنها رفع دعوى.

ومنذ بدء الحرب، قيدت إسرائيل دخول الأدوية والمياه والوقود إلى سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، باستثناء المساعدات المحدودة عبر مصر التي يقول العاملون في الأمم المتحدة إنها أقل بكثير من المطلوب مع اقتراب الوضع في القطاع من المجاعة.

ومن خلال عدم السعي إلى إصدار حكم نهائي في الدعوى، بل مجرد اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب المادة 74 من قواعد محكمة العدل الدولية، يتم خفض عتبة ما يتعين على جنوب أفريقيا إثباته، إذ يمكن للمحكمة أن تقرر أنها تتمتع بالاختصاص القضائي للمضي قدماً في الدعوى كما جرى في قضية غامبيا ضد ميانمار.

وبوسع المحكمة أيضاً أن تختار فرض بعض التدابير المؤقتة التي طلبتها جنوب أفريقيا من دون اتخاذ قرار بأن سلوك إسرائيل في غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

ورغم أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة، إلا أنها لم تكن قابلة للتنفيذ بالضرورة، إذ سبق أن تحدت روسيا حكمها بتعليق العمليات العسكرية في أوكرانيا.

المصدر | فورين أفيرز/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جنوب أفريقيا محكمة العدل الدولية إسرائيل بريتوريا تركيا الأردن ماليزيا جون كيربي الإبادة الجماعية

77 منظمة قانونية تدعم قضية تتهم بايدن بعدم حماية أرواح المدنيين في غزة

العدل الدولية تبدأ أولى جلساتها بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية

جنوب أفريقيا تطالب محكمة العدل بإلزام إسرائيل بتعليق فوري لعدوانها على غزة

هل تخفي إسرائيل أسماء ضباطها خشية ملاحقتهم قضائيا؟

أمام محكمة العدل.. إسرائيل: تعرضنا لإبادة جماعية والحرب على غزة دفاع عن النفس

سجال في محكمة العدل بشأن حرب غزة.. هذا ما تخشاه إسرائيل

إسرائيل تعلن انتهاء الاجتياح البري المكثف شمالي غزة