«فورين بوليسي»: روسيا تستهدف المدنيين وتصنيفها للفصائل السورية يغذي القتال

الثلاثاء 23 فبراير 2016 04:02 ص

اتفقت الولايات وروسيا أخيرا على خطة لوقف إطلاق النار في سوريا، ولكن التقرير الأخير للأمم المتحدة يوضح مدى صعوبة تنفيذ الاتفاق، في الوقت الذي توسع فيه القوى الكبرى من أدوارها العسكرية في سوريا، وتستمر في تمسكها بوجهات نظر مختلفة حول تصنيف الفصائل أيها إرهابية وأيها يمثل المعارضة المشروعة.

وقال مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه أمس الاثنين لا يشمل «الدولة الإسلامية»، أو «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة أو أي فصائل أخرى تصنف كمجموعات إرهابية من قبل مجلس الأمن الدولي. . وسوف تستمر هذه الجماعات عرضة للغارات الجوية الروسية. وفي واقع الأمر، فإن هذا سوف يجعل من وقف إطلاق النار أمرا غير مجد ويعتمد بشكل كبير على الطريقة التي تفسر بها موسكو مصلح «وقف الأعمال العدائية»، وهو المصطلح التقني لوقف إطلاق النار. في الأسابيع الأخيرة، ساعدت القوة الجوية الروسية القوات الموالية للرئيس السوري «بشار الأسد» في التقدم إلى معاقل المتمردين في حلب.

«الدولة الإسلامية»، في الوقت نفسه، لا تظهر أي علامات على إلقاء السلاح، أعلن التنظيم مسؤوليته عن مجموعة مميتة من التفجيرات في حمص ودمشق الأحد أسفرت عن مقتل 140 شخصا على الأقل وجرح مئات آخرين في واحدة من أكثر الهجمات دموية منذ بداية الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات.

وكان وقف إطلاق النار قد تم الاتفاق عليه بالأساس يوم الجمعة الماضي ولكنه تعرض للتأجيل أكثر من أسبوع في الوقت الذي واصل فيه عدد من أطراف الصراع عملياتهم القتالية على الأرض، بما في ذلك تركيا وروسيا.

وفي ظل هذه الخلفية الدموية، أفرجت لجنة التحقيق في القضية السورية التابعة للأمم المتحدة، وهي هيئة تتخذ من جنيف مقرا لها، وتحقق في انتهاكات حقوق الإنسان، تقريرا في 31 صفحة يتناول تفاصيل الفظائع التي وقعت في سوريا ما بين يوليو/تموز 2015 إلى يناير/كانون الثاني الماضي.

ويؤكد التقرير أن جميع الفصائل المقاتلة في سوريا قد ارتكبت انتهاكات جماعية لحقوق الإنسان بما يشمل القصف العشوائي والقصف الجوي للمدن والقرى ذات الكثافة السكانية العالية وتعذيب وإعدام المعتقلين وفرض الحصار، من قبل الحكومة في المقام الأول، بهدف تجويع الجماعات المنافسة لها لإجبارها على الخضوع والاستسلام.

ولكن الهجمات السورية المدعومة من روسيا قد أوقعت العدد الأكبر من الضحايا، وشملت ضرب المستشفيات والمخابز والمدارس وفرار عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال من منازلهم. وقد زادت هذه الضربات من شدة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم، وغيرت مجرى الحرب، وفقا للجنة الأمم المتحدة.

وقالت اللجنة على لسان رئيسها «باولو سيرجيو بينيرو» أنه : «مع تكثيف الغارات الجوية، فقد صار هناك عدد قليل من الأماكن الآمنة للمدنيين. إنهم يتعرضون للعنف أكثر من أي وقت مضى».

وتصر موسكو أنها تستهدف المنظمات الإرهابية، بما في ذلك «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة»، ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوربيين قد اتهموا الحكومة الروسية أنها تستهدف فصائل المعارضة التي تقاتل «الأسد» في محاولة لترسيخ الموقف العسكري للحكومة. في هذا التقرير الجديد، فإن اللجنة قد قدمت تفاصيل عن مجموعة من الهجمات الروسية، بما في ذلك تلك الهجمات التي استهدفت المدنيين بشكل أساسي، وليس المقاتلين الإسلاميين أو حتى فصائل المعارضة المعتدلة.

في 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قصفت الطائرات الروسية والحكومية قرية تير معلة وقد قامت باستهداف مخبز للقمح مما أسفر عن قتل 12 مدنيا بالإضافة إلى القائد المحلي للجيش السوري الحر المدعوم من الولايات المتحدة. وفي اليوم نفسه، قامت روسيا والقوات السورية الموالية للأسد بشن غارات جوية ضد قرية الغنطو المجاورة مما أسفر عن مقتل 47 مدنيا، بينهم 12 طفلا من عائلة واحدة، خلال يومي 8 و9 نوفمبر/تشرين الثاني، شنت القوات الموالية للحكومة هجمات جوية على بلدة الصوانة الشرقية، مما أسفر عن مقتل العديد من المدنيين من بينهم طفلين، ولم يتم توثيق أي حالة وفاة بين المقالين، حسبما أورد التقرير.

ويؤكد التقرير أيضا على الصعوبات في التمييز ما بين المتطرفين والمعتدلين، وتحديد الجماعات التي يمكن أن تشارك في محادثات السلام، مشيرا إلى أن «جبهة النصرة»، التي يجري تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة، تتداخل بشكل كبير مع عدد من الفصائل الأكثر اعتدالا التي تقاتل ضد «الأسد»، تسيطر «جبهة النصرة» على الأجزاء الرئيسية من إدلب، وهي أحد أبرز معاقل المعارضين للرئيس السوري، بينما تمارس نفوذا كبيرا في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في درعا وحمص والمناطق الريفية المحيطة بدمشق وفقا للتقرير.

وعلى الرغم من خلافاتهم حول الأمور السياسية وقضايا الحكم، فإن «جبهة النصرة» والعديد من الجماعات المعتدلة المناهضة للحكومة يقومون بتنسيق يقومون بتنسيق معظم عملياتهم العسكرية، وفق ما أكده تقرير اللجنة. يتم استهداف التنظيم بشكل مكثف من قبل الهجمات الجوية المناصرة للأسد في كل من إدلب واللاذقية.

في سبتمبر/أيلول الماضي، نفذت الجبهة وغيرها من الجماعات المسلحة حكم الإعدام بحق سبعة أشخاص في حمص بتهمة ممارسة المثلية الجنسية، وفي الشهر نفسه، قام التنظيم بمحاصرة قاعدة أبو الظهور الجوية في إدلب من سلاح الجو السوري، وقام بإعدام أكثر من 70 جنديا نظاميا.

وحكى التقرير واقعة أخرى مثيرة للقلق وهي أن جيش الإسلام، أحد الفصائل الإسلامية المدعومة من المملكة العربية السعودية، قد قام بحبس مجموعة من المنتمين للطائفة العلوية التي ينتمي إليها رئيس النظام السوري، في أقفاص معدنية وطاف بهم في شوارع الغوطة الشرقية، وذلك ردا على الغارة الجوية في دوما والتي أودت بحياة 50 مدنيا.

وقد جاء إعلان وقف إطلاق النار يوم أمس الاثنين في أعقاب مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» ونظيره الروسي «فلاديمير بوتين». ووفقا للبيت الأبيض، فإن «أوباما» قد أكد على أن الأولوية الآن تتركز على ضمان ردود الفعل الإيجابية من قبل النظام السوري والمعارضة المسلحة وكذلك مراقبة التنفيذ الدقيق للاتفاق من قبل جميع الأطراف من أجل التخفيف من معاناة الشعب السوري، ودفع العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة، والتركيز على هزيمة «الدولة الإسلامية».

من جانبها، فإن «الدولة الإسلامية» تواصل تحويل تكتيكات القتال في الفترة الأخيرة من الحرب أكثر التقليدية إلى زيادة الاعتماد على الهجمات الإرهابية غير المتماثلة.

المصدر | فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا وقف إطلاق النار المعارضة السورية بشار الأسد الدولة الإسلامية جبهة النصرة

إنشاء مركز تنسيق روسي في قاعدة «حميميم» بسوريا لمراقبة اتفاق «وقف إطلاق النار»

«داود أوغلو»: المرحلة القادمة اختبار لروسيا والنظام السوري لتطبيق وقف إطلاق النار

«كيري» يعلن التوصل لاتفاق مؤقت مع روسيا لوقف إطلاق النار في سوريا

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

الأهداف الاستراتيجية للتدخل الروسي في سوريا

«كيري»: روسيا تدعم «الأسد» و إيران و حزب الله ضد «العالم السني»

موسكو ودمشق .. فجوة أم جفوة؟!

روسيا ترد على السعودية: لماذا لا تنتقدين أمريكا بقصفها العراق وسوريا؟