قلق أمريكي إسرائيلي من إثارة بن غفير توترات في الأقصى خلال رمضان

الأحد 18 فبراير 2024 07:02 ص

تشعر الإدارة الأمريكية، وأجهزة الأمن الإسرائيلية، بقلق بالغ من أن وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير يسعى لإثارة التوترات في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ما يهدد بجر القدس والضفة الغربية إلى الصراع الجاري في المنطقة، فيما تسعى الولايات المتحدة إلى احتوائه.

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، عن مسؤولين أمريكي وإسرائيلي، القول إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من قيام بن غفير بزيارة الحرم القدسي، مرة أخرى، خلال رمضان، الذي يبدأ بعد نحو شهر.

وكان بن غفير قد قام بجولة في الأقصى 3 مرات، منذ أن أصبح وزيراً في ديسمبر/كانون الأول 2022، مما أثار الكثير من التوترات، وسيلاً من الإدانات في جميع أنحاء العالم، باعتبار ذلك جزءاً من خطته لتغيير الوضع الراهن في المسجد.

وبموجب الوضع الراهن، وهو الترتيب السائد منذ عقود بالاتفاق مع المملكة الأردنية، يُسمح لليهود وغيرهم من غير المسلمين بالتجول في الأقصى خلال ساعات معينة، شريطة أن يكون العدد محدداً ودون أي طقوس دينية، وهو وضع يحاول اليمين الإسرائيلي تغييره.

نجح اليمين المتطرف في السنوات الأخيرة بتنظيم اقتحامات يومية، وأحياناً بأعداد كبيرة جداً مع أداء صلوات تلمودية في الداخل، تجاهلتها الشرطة الإسرائيلية إلى حد كبير.

وهذه الاقتحامات كانت في السنوات الماضية شرارة انتفاضات وجولات تصعيد كبيرة.

والجمعة، طالب بن غفير، الحكومة بمنع دخول فلسطينيي الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى خلال رمضان، وتقييد دخول فلسطينيي القدس والداخل.

وذكرت القناة "12" العبرية (خاصة)، أنّ بن غفير، طالب الحكومة أيضا بمنع فلسطينيي الضفة الغربية من دخول إلى المسجد الأقصى "مطلقًا".

كما طالب بمنع دخول الفلسطينيين من القدس والداخل لمن هم تحت سنّ 70 عامًا.

فيما حذر الجيش الإسرائيلي و"الشاباك" (جهاز الأمن الداخلي) من أن سياسة بن غفير، ستؤدي لإشعال الميدان في مناطق كاملة، وتحول المسجد الأقصى لمكان يتحد حوله الفلسطينيون، وفق القناة ذاتها.

وأشارت القناة "12"، إلى أن نقاشًا حادًا سيطرح مطلع الأسبوع المقبل، خلال جلسة مجلس الوزراء، حول دخول الفلسطينيين للمسجد الأقصى خلال رمضان.

وحسب المصدر ذاته، فإنّ الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك"، طلبا تحديد العمر المسموح له لدخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى من 45 عاما فما فوق، في المقابل طالبت الشرطة الإسرائيلية بأنّ يسمح الدخول لمن هم فوق سن 60 عامًا.

وتفرض الشرطة الإسرائيلية منذ بداية الحرب قيودا على دخول المصلين الفلسطينيين من كافة المناطق إلى المسجد الأقصى، وبخاصة أيام الجمع.

من جانبها، ذكرت هيئة البث العبرية "كان" (رسمية)، السبت، أن الشرطة اقترحت إبقاء القوات على وجود مستمر في الحرم القدسي للتعامل مع أي شخص يلوح بأعلام حماس أو يحرض ضد إسرائيل.

في حين قال "الشاباك" إنه لا توجد حاجة لمثل هذا التواجد، ويمكن التعامل مع أي محرضين مع في وقت لاحق.

وفقا لتقرير منفصل للقناة "12" العبرية، يشعر بعض وزراء الحكومة الإسرائيلية أنه كان هناك "نقص في الاهتمام من جانب رئيس الوزراء وأيضا في مجلس الوزراء" بشأن هذه القضية، وأن نتنياهو تردد في اتخاذ قرار ضد بن غفير.

ونقل التقرير عن أحد الوزراء: "منذ أسابيع حتى الآن، أثيرت القضية مع الولايات المتحدة ولا توجد قرارات.. سيصبح الأمر خطيرا.. نحن ندخل فترة رمضان بشكل سيء.. إنه أمر دراماتيكي".

وأضاف الوزير الذي رفض الكشف عن هويته: "هناك شعور بأن بن غفير أخذ نتيناهو رهينة.. ونتيجة هذا خطيرة".

وضغطت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على المستوى السياسي في إسرائيل، من أجل إدخال تسهيلات قبل رمضان الحالي، تشمل السماح للعمال بالعودة إلى إسرائيل، والسماح لأعداد من الفلسطينيين بالوصول إلى الأقصى، ودفع خطوات لتعزيز السلطة.

وعادة تخشى أجهزة الأمن الإسرائيلية تصعيداً في رمضان، وبلغت هذه المخاوف ذروتها هذا العام بسبب الحرب على قطاع غزة، والخشية من أن تتحول الضفة الغربية إلى جبهة ثالثة محتملة.

وقال المسؤول الإسرائيلي إنه بصفته الوزير المسؤول عن الشرطة، يلعب بن غفير دوراً حاسماً في تطبيق القانون في الموقع، وهناك قلق في واشنطن، وكذلك داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، من أن تؤدي توجيهاته للضباط في التشدد أكثر من اللازم في التعامل مع الفلسطينيين خلال رمضان، إلى إثارة أعمال عنف في القدس والضفة الغربية وخارجها.

ودق مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ناقوس الخطر قبل رمضان على مدى السنوات الثلاث الماضية، وحثوا إسرائيل على اتخاذ خطوات لتخفيف التوترات.

وأشاد المسؤولون الأمريكيون بحكومة بنيامين نتنياهو لاستجابتها العام الماضي، عندما رفض رئيس الوزراء دعوة بن غفير للسماح للمصلين اليهود بمواصلة الوصول إلى الحرم القدسي في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، خلافاً للسياسة الإسرائيلية القائمة منذ فترة طويلة.

وكان هناك قلق خاص في السنوات الأخيرة، بسبب تزامن شهر رمضان مع عطلة عيد الفصح، والذي يشهد أيضاً ارتفاعاً طفيفاً في عدد المقتحمين اليهود إلى الحرم القدسي.

لكن عيد الفصح هذا العام سيصادف بعد أسابيع من انتهاء شهر رمضان.

وكانت آخر زيارة قام بها بن غفير إلى الأقصى في يوليو/تموز الماضي، خلال يوم الصيام "تيشعا بآف"، ودفعت الزيارة البحرين إلى تأجيل رحلة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إلى المنامة.

وسعى بن غفير للقيام بجولة في الموقع مرة أخرى خلال موسم الأعياد اليهودية، الخريف الماضي، لكن رئيس الشاباك رونين بار أقنعه بالتراجع عن الفكرة.

وتعهد بن غفير بمواصلة زيارة الموقع، ودعا الحكومة بشكل متزايد إلى اتباع نهج أقل تصالحية خلال الحرب الحالية.

وبناء على ذلك، أعرب المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون عن قلقهم من أنه سيكون من الصعب إقناع وزير الأمن القومي بالتراجع هذه المرة.

وأوضح المسؤول الأمريكي أن هذه المخاوف هي جزء من سبب سعي إدارة بايدن إلى التوصل إلى هدنة إنسانية ممتدة في غزة، قبل رمضان.

وقال المسؤول: "إذا لم يتم إتمام ذلك بحلول ذلك الوقت، فسنواجه صورة أكثر خطورة"، مضيفاً أن بلينكن سوف يثير القضية مع القادة الإسرائيليين خلال اجتماعاته في تل أبيب.

إلا أن مكتب بن غفير رفض طلباً للتعليق على الأمر.

وسارع العديد من زملاء وزير الأمن القومي إلى محاولة السيطرة على الأضرار هذا الأسبوع، بعد أن أخبر بن غفير صحيفة "وول ستريت جورنال" أن تعامل إدارة بايدن مع الحرب "يصب في مصلحة (حماس)"، وأنه كان من الأفضل لإسرائيل التعامل مع إدارة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرة ثانية.

وفي وقت لاحق، شبه نجل بن غفير بايدن، بمريض "ألزهايمر"، في منشور دفع الوزير إلى الاعتذار والأمر بإزالته.

وحذر زعيم المعارضة يائير لابيد، الاثنين، من أنه إذا سُمح لبن غفير بتحديد سلوك الشرطة في الحرم القدسي وفي القدس خلال رمضان، فإن المدينة "سوف تشتعل".

وأضاف: "البلاد ليست مستعدة لذلك.. لا يوجد تحضير.. ولم تكن هناك مناقشات عملية وسياسية على المستوى المناسب.. نحن نتجه نحو كارثة، كارثة أخرى".

وتابع لابيد: "هذا ما يريده (بن غفير)، لكنه ليس ما تحتاجه دولة إسرائيل".

ودعا لابيد نتنياهو إلى تقييد سلطة بن غفير، وتعيين فريق للإشراف على استعدادات إسرائيل لهذه الفترة المضطربة.

وقال: "لم نكن بحاجة إلى مقابلة في صحيفة (وول ستريت جورنال) لتذكيرنا بأن بن غفير مهرج خطير يفضل إشعال النيران بدل إطفائها، ولكن خلال شهر رمضان، قد يتسبب ذلك في حريق شامل من شأنه أن يكلف أرواح البشر".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية"، للمرة الأولى منذ تأسيسها.

المصدر | تايمز أوف إسرائيل - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بن غفير الأقصى رمضان إسرائيل الضفة القدس

إعلام عبري: نتنياهو وافق على منع دخول الفلسطينيين الأقصى في رمضان

حماس تندد بتقييد إسرائيل دخول الفلسطينيين إلى الأقصى في رمضان