التدخل الروسي في سوريا.. بوتين يسعى للسيطرة على سوق النفط والغاز

السبت 27 فبراير 2016 12:02 ص

يسعى الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لتنفيذ استراتيجية متكاملة للطاقة من خلال سيطرته على الأرض السورية، وتحالفه مع إيران، ليكون صاحب أكبر نفوذ وهيمنة في منطقة الشرق الأوسط، التي توجد بها أكبر احتياطات النفط والغاز والممرات المائية الرئيسية التي تربط بين آسيا وأوروبا.

وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، والعديد من الدوائر الغربية، تنظر إلى خطوة التدخل العسكري الروسي في سوريا، على أساس أنها مغامرة غير محسوبة، سترمي في النهاية بالرئيس «بوتين» في مستنقع ربما يعجل بنهاية نظامه، إلا إنه وبحسب تصريحات خبراء روس ومعلومات وزارة الدفاع الأمريكية، فإن روسيا خططت منذ مدة لاستغلال الصراع في سوريا، للتدخل في المنطقة العربية الحيوية لأمن الطاقة العالمي، وإنشاء قاعدة عسكرية تشكل تواجدا دائما لها في سوريا.

وإن كانت آراء الخبراء الغربيين قد انصبت، حتى الآن، في أهداف روسيا السياسية قصيرة المدى، والمتمثلة في أن الرئيس «بوتين»، يستهدف فك العزلة التي يعانيها دوليا، ودعم موقفه الداخلي في روسيا بإحياء أحلام «روسيا العظمى»، إلا أن الخبير الروسي «نيكولاي كوزانوف»، في مقال تحليلي بالمعهد الملكي البريطاني في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يرى أن «روسيا لديها أهداف إستراتيجية بعيدة المدى، وأن بوتين، أعد جيداً لهذا التدخل العسكري في سوريا».

وحسب «كوزانوف» وخبراء غربيين، فإن إستراتيجية «بوتين» تتمثل في أربع نقاط أساسية، أولها: «السيطرة على توجهات الطاقة العالمية وتحديد أسواقها في المستقبل».

فعلى المدى القصير، يرى «كوزانوف» أن «بوتين يستهدف «فتح حوار مع دول الخليج والسعودية، صاحبة القول الفصل في سياسات منظمة البلدان المصدرة للنفط، وربما ابتزازها مستقبلاً عبر تحالفه مع إيران».

وأضاف: «بالتالي سيكون له التأثير المباشر على سياسة الطاقة في منطقة الخليج، حيث يستهدف عبر تحالفه مع إيران السيطرة على الممرات الرئيسية لتصدير النفط والغاز الطبيعي إلى أنحاء العالم، وعلى رأسها الأسواق الآسيوية والأوروبية»، حيث أن روسيا عبر تحالفها مع إيران ستكون صاحبة النفوذ في خليج هرمز، الذي تمر به يومياً 17 مليون برميل إلى أسواق العالم، إضافة إلى أنها ستصبح على مقربة من قناة السويس وخليج عدن.

ويستطيع «بوتين»، عبر تواجده العسكري الدائم في سوريا، إدارة حكومة ضعيفة يقودها «بشار الأسد»، واستخدامها في الضغط على الدول العربية النفطية الخليجية متى شاء.

وبالتالي ستتمكن روسيا، بحسب «كوزانوف» من فرض مصالحها على منظمة «أوبك» لرسم سياسات نفطية تناسبها وتلبي حاجة الصين.

كما ينظر «بوتين» في الوقت الراهن إلى سياسات «أوبك» على أنها تلبي مصالح الإستراتيجية الأمريكية.

ثاني نقاط الاستراتيجية، تكمن في «ضمان سيطرة شركة غاز بروم الروسية، على سوق الغاز الطبيعي في أوروبا لأطول فترة ممكنة، واستخدام الغاز لابتزاز أوروبا، وشق صف الاتحاد الأوروبي، عبر التفاوض مع كل دولة بشكل منفرد، وتحديد أسعار متضاربة لوحدات الغاز الطبيعي، حسب مصالح موسكو السياسية».

وترمي إدارة «بوتين» عبر هذه الإستراتيجيات، إلى إضعاف القرار الأوروبي، ومنع نجاح خطط تنويع مصادر الطاقة في دول الاتحاد، وهي النقطة التي تعكف على تنفيذها منذ تدخل «بوتين» في أوكرانيا، وضم جزيرة القرم.

يشار إلى أن روسيا وقعت مع ألمانيا اتفاقاً لمضاعفة إمداداتها النفطية عبر أنبوب جديد للغاز يمر تحت بحر البلطيق، ويضيف هذا الأنبوب عند اكتماله 55 مليار متر مكعب من إمدادات الغاز الروسي الجديدة في ألمانيا.

ويتعارض هذا الأنبوب مع المنطق الأوروبي الرامي إلى تقليل الاعتماد على الغاز الروسي في أوروبا وليس زيادته، ولكن تستخدم «غاز بروم» الشركات الأوروبية وتغريها بالأسعار الرخيصة للغاز لضمان كسبها وتمردها ضد خطط توحيد سياسات الغاز في أوروبا.

ثالث نقاط الاستراتيجية، هي «محاولة استخدام تحالف الطاقة القائم مع إيران، التي تسيطر ضمنياً على النفط والغاز في العراق، لخدمة أهداف بعيدة المدى، من بينها خنق إمدادات الغاز إلى تركيا، والتأثير على قرارات منظمة البلدان المصدرة للنفط».

النقطة الرابعة في الاستراتيجية الروسية هي أن «موسكو تستهدف إلغاء نظام البترودولار في المستقبل، وهو النظام الذي تعتمده منظمة أوبك، منذ السبعينيات لبيع النفط بالدولار».

ولدى الرئيس بوتين خطة مشتركة مع الصين يعمل على تنفيذها منذ سنوات للقضاء على سيطرة الدولار كـ«عملة احتياط» دولية، وانضمت إلى هذه الخطة أخيراً إيران ودول مجموعة «بريكس»، التي تضم إلى جانب الصين، كلا من البرازيل وجنوب أفريقيا والهند والصين.

ويرى «بوتين»، بحسب «كوزانوف» أن القضاء على بيع النفط بالدولار سيعني عملياً القضاء على قوة الدولار كـ«عملة احتياط دولية»، وذلك لأن دول العالم جميعاً تحتاج للدولار لشراء البترول، وفي حال القضاء على البترودولار، أو تثبيت بيع النفط بعملات أخرى مثل اليورو واليوان والمقايضة، فإن ذلك سيعني عملياً القضاء على حاجة دول العالم للدولار في رصيدها الأجنبي.

يشار إلى أن إيران طلبت من المشترين في أوروبا قبل أسبوعين، دفع أثمان تعاقداتها النفطية باليورو وليس بالدولار، كما أن روسيا استخدمت صفقات المقايضة باليوان في صفقات الغاز ومبيعات النفط إلى الصين، حيث تستهوي هذه الفكرة الصين التي تعمل على تدويل عملتها اليوان خلال الأعوام المقبلة.

وبدأت روسيا بمهاجمة مدن وبلدات ومواقع في سوريا، منذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وتقول موسكو إن هذا التدخل «يستهدف مراكز تنظيم الدولة الإسلامية» الأمر الذي تنفيه كل من واشنطن، وعواصم غربية، وقوى المعارضة السورية التي تقول بدورها إن أكثر من 90% من الأهداف التي يضربها الطيران الروسي لا يوجد التنظيم فيها، وإنما تستهدف المعارضة، ومواقع للجيش للحر.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بوتين الشرق الأوسط سوريا النفط

روسيا تخسر 600 مليار دولار نتيجة العقوبات المفروضة وانخفاض أسعار النفط

تأثير التدخل الروسي في سوريا على حوار موسكو والرياض بشأن أسعار النفط

وزير الاقتصاد الروسي: سنحقق نموا بأقل من 1% مع استقرار النفط عند 50 دولارا

العقوبات على روسيا قد ترتد على أصحابها

كيف يستخدم تنظيم «الدولة الإسلامية» النفط السوري لتغذية حملته؟

الخيارات العقلانية .. ما الذي يريده «بوتين» حقا في سوريا وأوكرانيا؟

«بوتين» و«السيسي» يبحثان هاتفيا مكافحة الإرهاب في ليبيا واليمن

«فورين أفيرز»: لعنة النفط.. كيف يجعل النفط العالم أكثر استبدادا؟