الحملة على الدولة الإسلامية تختبر التزام أوباما تجاه حلفائه في الشرق الأوسط

الأربعاء 17 سبتمبر 2014 07:09 ص

بعد طيران استمر نحو 15 ساعة واجتماعات على مدى خمس ساعات تغلب النعاس أخيرا على وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في بغداد. وكانت الساعة السادسة وأربع دقائق مساء.

غطس كيري في مقعده بمنتصف طائرة النقل العسكرية من طراز سي 17 ووضع راحته خلف رأسه ورفع قدميه على مكتب ثم أسبل جفنيه.

وبدا الارهاق أيضا على مساعديه وهم يجلسون في مقاعدهم بعضهم يمسك بأوراق كتب على حوافها ملاحظات من الاجتماعات مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والحكومة التي شكلها قبل يوم واحد في التاسع من سبتمبر ايلول.

كان إرهاق كيري مفهوما بعد أن أمضى قرابة 24 ساعة من السفر المتواصل والاجتماعات.

أما الإرهاق الذي تشعر به الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فقصة مختلفة.

فالعراقيون الذين التقوا كيري قد يتساءلون عما إذا كان رئيسه باراك أوباما يملك الطاقة والجرأة للاقدام على ما ينتظره في بلد أمضى أغلب السنوات الست الأولى التي قضاها في منصبه وهو يحاول الابتعاد عنه قدر الإمكان.

ويسلط الضوء على هذا التحدي استطلاع للرأي اجرته رويترز/إبسوس أظهر يوم الجمعة أن الأمريكيين يؤيدون حملة الضربات الجوية التي وافق عليها أوباما على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لكنهم لا يؤيدون أن تطول هذه الحملة.

وتلوح في الأفق عدة اختبارات مهمة للتحالف الوليد الذي تتبناه الحكومة الأمريكية من أجل اضعاف تنظيم الدولة الإسلامية وإلحاق الهزيمة به بعد أن استولى على ثلث مساحة العراق وسوريا وأعلن الحرب على الغرب وذبح صحفيين أمريكيين وموظف إغاثة بريطاني.

ومن الممكن أن يستغرق القضاء على الدولة الإسلامية الذي يستلزم تحقيق الاستقرار في العراق وبناء قواته المسلحة وإنشاء قوة من المعارضة يدعمها الغرب في سوريا سنوات فيما يمثل اختبارا لمدى التزام أوباما ومن يخلفه عام 2017 بهذه المهمة.

وقال ديفيد شنكر المتخصص في شؤون سوريا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمستشار السابق بوزارة الدفاع لشؤون سوريا خلال حكم الرئيس جورج دبليو بوش «يوجد ارتياب عام حقيقي بين حلفائنا في المنطقة بشأن التزامنا بذلك لأننا كنا مفقودين في السنوات الثلاث الأخيرة».

وفي بغداد وعمان وجدة وأنقره والقاهرة وباريس وضع كيري خلال الأسبوع الأخير خططا لتحالف من القوى الإقليمية والخارجية تقوده الولايات المتحدة. ومهمة هذا التحالف هي ضرب مقاتلي الدولة الإسلامية وتجفيف منابع تمويل التنظيم والقضاء على الملاذ الآمن الذي يحتمي به في سوريا وتعطيل قدراته على تجنيد المقاتلين ومحاولة التصدي للفكر المتطرف.

ويصر كيري الذي سيرفع تقريره عن الرحلة لأوباما والكونجرس هذا الأسبوع على أن العملية هذه المرة تختلف عن العمليات الأمريكية السابقة في المنطقة.

فقد قال للصحفيين في باريس يوم الاثنين «هذه ليست حرب الخليج عام 1991».

وأضاف «كما أنها ليست حرب العراق عام 2003... فنحن لا نبني تحالفا عسكريا من أجل غزو. بل نبني تحالفا عسكريا بكل القطع الأخرى من أجل إحداث تحول بالاضافة إلى القضاء على داعش نفسها» مستخدما الاسم الذي اشتهر به التنظيم.

 

مسألة التزام

ومنحت القوى العالمية التي اجتمعت في باريس هذا الجهد دفعة رمزية فأيدت علنا القيام بعمل عسكري لمحاربة الدولة الإسلامية في العراق.

وأرسلت فرنسا طائرات في مهمة استطلاعية إلى العراق في خطوة قربتها من أن تصبح أول حليف ينضم للحملة الجوية التي تشنها الولايات المتحدة في العراق وقال مسؤول أمريكي إن بعض الدول العربية وعدت بالمشاركة أيضا.

ويوم الجمعة المقبل سيرأس كيري اجتماعا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك سيتيح الفرصة للدول التي أيدت التحالف الأمريكي سرا لابداء تأييدها علانية.

لكن علامات استفهام مازالت قائمة حول حجم الالتزامات التي سيكون كل طرف على استعداد لابدائها للمشاركة في حرب قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل يوم الثلاثاء إنها لن تكون سهلة أو قصيرة.

وفصلت وثيقة لوزارة الخارجية من 45 صفحة عروض المساعدة التي قدمتها نحو 40 دولة لكن أغلبها مساعدات إنسانية. أما التعهدات العسكرية فنادرة وقليلة.

فقد قالت ألبانيا على سبيل المثال إنها ستقدم 22 مليون طلقة لبنادق الكلاشنيكوف و15 ألف قنبلة يدوية و32 ألف قذيفة مدفعية للقوات الكردية في العراق.

وقد شنت المقاتلات الأمريكية أكثر من 160 هجوما جويا على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق مستأنفة العمليات العسكرية التي كان أوباما وكثير من الأمريكيين يأملون ألا تتكرر عندما انسحبت القوات الأمريكية من البلاد عام 2011.

وأثار الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة يوم الثلاثاء إمكانية أن تضطلع القوات الأمريكية بدور أكبر في الحرب البرية في العراق رغم أن أوباما استبعد ارسال قوات مقاتلة.

ويقلل المسؤولون الأمريكيون من احتمال شن هجمات جوية قريبا على التنظيم في سوريا ومن غير الواضح ما إذا كانت أطراف أخرى ستشارك في هذا الجهد.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الولايات المتحدة ستقدم مبررات قانونية قبل أي عمليات في سوريا تبرر توجيه ضربات مبنية إلى حد كبير على أساس حماية العراق من المتشددين الذي يهددون سيادته ويحتمون بملاذهم في سوريا خلال الحرب الأهلية الدائرة منذ ثلاث سنوات.

 

المنسق العام

ومن شأن دخول المجال الجوي السوري تعميق صراع يمس قضايا طائفية. فالدولة الإسلامية تنظيم من المقاتلين السنة يحارب الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق والحكومة السورية التي تقودها الطائفة العلوية الشيعية.

وقال كيري للصحفيين في باريس إن مناقشات عدة جرت مع وزراء الخارجية حول كيفية هزيمة الدولة الإسلامية داخل سوريا. ولم يخض في التفاصيل لكنه شدد على أن الأمر لا يقف عند الضربات الجوية فقط.

وكثيرا ما يصف كيري ومستشاروه الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية بأنها شاملة متكاملة.

وتحددت ملامح هذا النهج في بيان من ست فقرات صدر في 11 سبتمبر ايلول ووقعت عليه عشر دول عربية هي مصر والعراق والاردن ولبنان ودول الخليج العربية الست.

ووافقت الدول العربية على ثماني مهام رئيسية تتمثل في وقف تدفق المقاتلين الأجانب ومكافحة تمويل الدولة الإسلامية والتصدي للفكر المتطرف وضمان عدم إفلات مخطيء من العقوبة وتقديم المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار المناطق التي تضررت من وجود التنظيم ودعم الدول التي تواجه تهديدات حادة من الدولة الإسلامية و«المشاركة في الجوانب العديدة لحملة عسكرية منسقة حسبما يقتضي الحال».

وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية إن الولايات المتحدة أرادت على وجه التحديد إضافة عبارة «حسبما يقتضي الحال».

وأضاف المسؤول «أردنا أن نكون المنسق العام لهذا المجهود. ولهذا فإن عبارة حسبما يقتضي الحال تعني في إطار خطة عامة للحملة ومع استمرار تطورها».

 

​متطوعون جدد 

على صعيد آخر لكن متصل، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأربعاء إن مقاتلين جددا انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية منذ أن أعلن الرئيس الامريكي باراك أوباما في الاسبوع الماضي عزمه توسيع نطاق الغارات الجوية ضد التنظيم لتمتد لمعاقله في شمال سوريا وشرقها.

وقال المرصد إن 162 شخصا انضموا لمعسكرات تدريب الدولة الإسلامية في حلب منذ العاشر من سبتمبر ايلول حين أعلن اوباما أنه لن يتردد في توجيه ضربات للدولة الإسلامية في سوريا.

ولا يمثل المتطوعون الجدد إضافة كبيرة لمقاتلي التنظيم. وتقدر وكالات المخابرات ان عددهم بين 20 ألفا و30 الفا في سوريا والعراق لكنه يبرز خطر ان يكسب التنظيم المزيد من الانصار مع قيادة الولايات المتحدة جهودا لسحقه.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد ان القواعد الرئيسية للتنظيم موجودة في شمال وشرق سوريا في محافظتي الرقة ودير الزور المتاخمتين للعراق. وكانت الجماعة تقدمت غربا إلى حلب في أغسطس آب واستولت على أراض من جماعات معارضة أخرى واحتلت قمم جبال استراتيجية. وقال رامي ان المتطوعين الجدد انضموا لمعسكرين للتدريب في المنطقة.

ويقدر المرصد السوري الذي يجمع معلومات من جميع أطراف الصراع في سوريا أن عدد مقاتلي التنطيم في سوريا يتجاوز 50 ألفا.

وقال المرصد إن أربعة من المتطوعين الجدد من مواطني استراليا و15 من العرب من خارج سوريا دخلوا البلاد من تركيا أما الباقون فسوريون ومعظمهم قاتلوا في السابق مع جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا.

 

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية أوباما العراق

رئيس الأركان الأمريكي: الضربات الجوية ليست كافية للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية»

هل حلفاء الولايات المتحدة يعتمد عليهم في محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»؟

من يرغب بـإزالة داعش من سوريا لا يترك شراكة إيران

التحالف الدولي وإيران

أميركا وأهوال الشرق الأوسط

الحرب المفتوحة بدأت ولن تنتهي

«أوباما»: المخابرات الأمريكية استهانت بتنظيم «الدولة الإسلامية»

هل هناك حقا استراتيجية للقضاء على «داعش»؟!