تقرير: حسابات سياسية وطائفية تعرقل حل ملف المعتقلين السعوديين في العراق

الأحد 27 مارس 2016 08:03 ص

أفاد تقرير صحفي بأن قضية المعتقلين السعوديين في العراق عادت إلى الواجهة من جديد بعد إعدام اثنين منهم في سجن الناصرية جنوب العراق مطلع العام الجاري بدون إبلاغ السفارة السعودية في بغداد أو عرض ملفات المعتقلين وإفاداتهم التي تمت على أساسها تنفيذ تلك الأحكام.

وتلاحق الحكومة العراقية والمؤسسة القضائية اتهامات بمنح الملف أبعادا سياسية وطائفية في ظل تأكيد مصادر عراقية مستقلة عدم قانونية الأحكام الصادرة بسبب تعريض المعتقلين للاعتراف تحت التعذيب، وتوقيعهم بالإكراه على إفاداتهم فضلا عن عدم وجود محامين لهم واتسام المحاكمات التي جرى أغلبها في عهد حكومات «نوري المالكي» بطابع سياسي وطائفي.

ويتراوح عدد المعتقلين السعوديين في العراق بين 60 و75 سجينا، إذ ترفض السلطات العراقية الإفصاح عن العدد الحقيقي في سجونها وسط تشكيك بوجود عدد أكبر والتكتم على آخرين يعتقد أنهم قضوا بالسجن جراء التعذيب أو المرض.

وبحسب صحيفة «العربي الجديد»، أشارت كثير من التحقيقات إلى أن عددا غير قليل من المعتقلين دخلوا البلاد بصفة سياح أو صيادين في بادية الأنبار والسماوة غرب وجنوب العراق، ولا سيما في الفترة المحصورة بين العام 2003 والعام 2006 وبعضهم ضل طريقه فدخل الحدود الصحراوية المقفرة للعراق والتي لا تختلف عن نظيرتها السعودية الملتصقة بها، فتم اعتقالهم أيضا.

وأكدت التقارير أن كثيرا منهم برأتهم محاكم أمريكية عسكرية إبان احتلال العراق وقبل انسحاب الولايات المتحدة من البلاد، إلا أن السلطات العراقية ترفض إطلاق سراحهم بعد إعادتها التحقيق معهم وانتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب في سجون تتشارك إدارتها وزارتا الداخلية والعدل جنوب العراق.

في المقابل، تتمسك السعودية بإعادة محاكمة المعتقلين السعوديين بسبب الظروف التي تمت فيها عملية التحقيق والمحاكمة خلال السنوات الماضية.

وكان السفير السعودي لدى العراق «ثامر السبهان»، قد أعلن في تصريحات صحفية قبل أيام أن السفارة تبذل جهودا كبيرة وحثيثة لمتابعة الملف، مضيفا: «كل ما نطالب به هو العدالة، والمذنب يتحمل نتيجة عمله».

وقال: «تردنا معلومات من السجناء السعوديين تفيد بأنهم تعرضوا لضغوط أثناء التحقيقات، وأنهم وقعوا على اعترافات أخذت منهم قسريا، كما أنه في لحظة القبض عليهم لم تكن هناك سفارة سعودية بالعراق ولم يحظ المعتقلون بحقوقهم في وجود محامين لهم ولم يتم متابعة قضاياهم وسيرها».

وأشار «السبهان» إلى أن السفارة طلبت من الحكومة العراقية تمكينها من مقابلة السجناء السعوديين لديها ويتراوح عددهم ما بين 69 و75 نزيلا بمدد متفاوتة، لافتا إلى وجود تواصل سابق بين لجان من المملكة والحكومة العراقية وتم الاتفاق على استلام عدد من السجناء انتهت محكوميتهم وصلت إلى حد تسليمهم وفي آخر لحظة تراجعت الحكومة العراقية لأسباب سياسية.

وقد نفذ العراق حكم الإعدام بحق اثنين من المعتقلين منذ مطلع هذا العام هم كل من «عبدالله عزام» و«محمد الشنقيطي»، فيما يقبع 8 آخرون في سجن أقصى جنوب العراق ويلوح العراق بإعدامهم بعد إدانتهم في محاكمات وصفت بـالصورية، وهم كل من: «بدر عوفان الشمري، وفيصل الفرج، وعلي بن حسن الشهري، وماجد البقمي، ومحمد العبيد، وعبد الرحمن القحطاني وعلي الحبابي، وبتال عميش الحربي».

ويرفض العراق إطلاق سراح من أنهى فترة حكمه في السجون بدون أن يوضح أي سبب للجانب السعودي الذي يطالب بدوره بإجابات مقنعة تمنع إطلاق مواطنيه بعد إنهاء حكمهم القضائي.

وفي ذات السياق، قال مسؤول عراقي بوزارة العدل في بغداد إن ملف السعوديين تحول إلى ملف سياسي بامتياز لدى الحكومة في بغداد.

وأضاف المسؤول (أحد أعضاء هيئة الادعاء العام ببغداد) أنه من العام 2010 وحتى العام 2013 أطلق «المالكي» سراح سجناء تونسيين ومصريين وأردنيين مدانين بالمادة الرابعة من الدستور العراقي المعروفة باسم (4 إرهاب) وهي نفسها التي حوكم وأدين بها المعتقلون السعوديون، موضحا أن هناك آخرين من جنسيات أخرى انتهت فترة حكمهم وتم إطلاق سراحهم وتسلمهم من قبل سفارات بلدانهم في بغداد باستثناء المعتقلين السعوديين، فهناك عدد كبير منهم أنهوا فترة حكمهم بين 8 و10 سنوات ولم يطلق سراحهم، كما أن المدانين بالإعدام وهم أغلبية المعتقلين، تفتقر ملفاتهم للشرعية، فلا أدلة ولا شهود عيان ولا تحقيقات بل مجرد اعترافات مكتوبة من المتهم ومذيلة بتوقيع منه، وهو أمر مخالف للقانون العراقي النافذ.

وأشار إلى أن سجني الكاظمية والمثنى شمال ووسط بغداد شهدا في السنوات الماضية وفاة عدد من المعتقلين السعوديين جراء التعذيب أو المرض قبل أن يتم نقلهم إلى مدينة الناصرية جنوب العراق خوفا من هجمات تستهدف السجون ببغداد".

بدوره، أكد «مهند العيساوي» رئيس مركز بغداد لحقوق الإنسان، من أبرز المنظمات المعنية بملف السجون العراقية، أن المشكلة التي تلف مصير المعتقلين السعوديين تتلخص في كونهم تعرضوا لمحاكمات غير عادلة.

وبين «العيساوي» أن المحاكمات لم تتوفر فيها أي متطلبات أو شروط العدالة، وإذا كان المعتقلون العراقيون، وهم أبناء البلد، تعرضوا لانتهاكات وظلم وتسييس وطائفية، فبكل تأكيد أن السعوديين كان نصيبهم أكبر بسبب التوجه الطائفي الحالي للحكومات العراقية وحتى القضاء.

وأكد أن جميع المعتقلين السعوديين تعرضوا للتعذيب، وهناك سجناء اعتقلوا بعد تجاوزهم الحدود لكن تم تعذيبهم وإجبارهم على الاعتراف بجرائم إرهابية، مضيفا: «لدينا تقارير وثقناها وأدلة حول عمليات تعذيب مستمرة للمعتقلين السعوديين، من بينها عندما فازت السعودية على العراق بتصفيات آسيا في العام 2013، يومها اقتحمت قوات من فوج الطوارئ سجن الرصافة الرابع التابع لوزارة العدل وانهالت على المعتقلين السعوديين بالضرب والشتم والركل».

وتابع: «إذا كانت عقلية السلطة بهذه الطريقة فيمكنك أن تتخيل القضاء الذي يتبع لها، والحكومة لا تتسم بالمصداقية في هذا الملف الذي يفتقر لأدنى درجات حقوق الإنسان».

ولفت «العيساوي» إلى أن عائلات المعتقلين قدمت طلبات (للتواصل مع ذويها)، لكن وزارة العدل السابقة بقيادة الوزير «حسن الشمري» والحالي بقيادة «حيدر الزاملي» رفضتها، في قرار يخالف القانونين العراقي والدولي، ما يجعلنا نعتقد بصدقية الاتهامات بأن الملف طائفي سياسي، كاشفا عن إصابة عدد كبير من المعتقلين بالجرب والتدرن وأمراض جلدية وصدرية نتيجة سوء أحوال السجون والتعذيب وقلة التغذية.

وكان محامي المعتقلين السعوديين في العراق، «حامد أحمد»، قد ذكر في تصريحات سابقة لوسائل إعلام سعودية تعرض سجناء للتعذيب من قبل جهة تحقيق تابعة إلى رئاسة الوزراء العراقية وشمل التعذيب كافة السجناء.

من جانبه، قال المحامي «علي القيسي»، عضو نقابة المحامين العراقيين في بغداد، إن عددا من ذوي المعتقلين السعوديين أرسلوا لنا طلبات لمراجعة ملفات أبنائهم المعتقلين، لكن وزارة العدل رفضت حتى السماح لنا برؤيتهم أو الحديث معهم.

وأوضح أن عددا من المحامين أبلغوا وزارة العدل أنهم يخالفون نص المادة 157 والمادة 153 من قانون المحاماة العراقي للعام 1964 النافذ بالبلاد، كما أنها مخالفة دستورية أيضا للمادة الخامسة من الدستور العراقي. 

واعتبر «القيسي»، أن ملف المعتقلين السعوديين في العراق حبيس الحسابات السياسية والطائفية للحكومة العراقية والأحزاب المتنفذة، وهو ما بدا واضحا لدينا أخيرا واعتذرنا عن تسلم عدد من قضاياهم.

هذا، ويضغط زعماء وقادة ميليشيات «الحشد الشعبي» بالعراق على الحكومة لتنفيذ أحكام الإعدام بحق المعتقلين السعوديين ضمن ما يسمونه «الرد على إعدام الرياض رجل الدين البارز نمر النمر».

وقد دعا زعيم ميليشيا «العصائب»، «قيس الخزعلي»، في تصريحات لوسائل إعلام محلية بالعراق إلى الرد على إعدام «النمر» بإعدام جميع المعتقلين السعوديين في العراق.

  كلمات مفتاحية

السعودية العراق معتقلين ثامر السبهان إعادم النمر نوري المالكي الطائفية

«النجيفي»: القرار السياسي في العراق بيد طهران والتحالف الشيعي

مبعوث «أوباما»: السعودية لا يمكنها القتال في العراق دون موافقة بغداد

هل تخطط السعودية لمحاربة الميليشيات الشيعية في العراق؟

السفير السعودي لدى بغداد: ما زال السفر إلى العراق ممنوعا

وصية السعودي «القحطاني» قبل إعدامه في العراق

إعدام سعودي في العراق و11 آخرون ينتظرون المصير نفسه