«جلوبال ريسك»: بيع «أرامكو» .. 3 أمور لا بد أن نعرفها

الثلاثاء 19 أبريل 2016 05:04 ص

خلال الأسبوع الماضي، أكد نائب ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان» التكهنات المحيطة حول طرح اكتتاب أولي لشركة «أرامكو» السعودية، أكبر شركات النفط في العالم وأكثرها سرية. في مقابلة موسعة مع بلومبريغ، أكد «بن سلمان» أن آل سعود يستعدون لطرح اكتتاب عام خلال عام 2017 لحوالي 5% من قيمة الشركة على الرغم من أن أيا من احتياطاتها النفطية لن تكون متاحة للجمهور. وقد أكد نائب ولي العهد أن هذه الخطوة تأتي كجزء من خطة أوسع إنشاء صندوق الاستثمارات العامة الذي يهدف إلى تنويع اقتصاد البلاد.

البنوك والصناديق الاستثمارية تتدافع بالفعل للحصول على شريحة من الكعكة، حيث يصف البعض هذا الاكتتاب بأنه صفقة القرن. ليس فقط لكون قيمة الشركة تقدر بتريليونات الدولارات ما يجعلها أكثر قيمة من ألفابيت، جوجل سابقا، والتي تعد أكبر شركة مساهمة في العالم. ولكن هذا البيع أيضا يمثل بداية النهاية للعصر الذهبي للنفط الذي سادته الشركات المملوكة للدول. يقدم «جلوبال ريسك إنسايتس» 3 أشياء يجب أن نعرفها حول هذا الاكتتاب المنتظر:

أولا: كيف سيبدو هذا الاكتتاب؟

لم تقم المملكة العربية السعودية بعد بالإفصاح عن التفاصيل الرسمية للاكتتاب العام، ولكن نائب ولي العهد قد أعطى بعض التفاصيل حول الخطوط العامة والجدول الزمني للصفقة. وفقا لـ«بن سلمان»، فإن المملكة العربية السعودية تخطط لبيع أقل من 5 في المائة من قيمة شركة النفط الوطنية. وسوف يتم الطرح في بورصة تداول الرياض في موعد لن يتجاوز عام 2018. وربما تتبع ذلك عروض أخرى عل الرغم من أنه لن يتم طرح أي حصة مهيمنة على الأقل خلال السنوات القليلة القادمة.

بشكل حاسم، فإن الأصول الأكثر قيمة لـ«أرامكو» والتي تشمل ما قيمته نحو 260 مليار برميل من احتياطي النفط لن تكون مطروحة للبيع. وهذا يعني أن الطرح ينطوي على أسهم في شركات تابعة، من شأنها أن تشمل بعض الأصول المربحة في أنشطة المصب (داون ستريم) بما يشمل إمبراطورية المصافي المزدهرة. على الأرجح، سوف تظل إدارة الشركة بيد المملكة العربية السعودية. وهو ما يخيب آمال أولئك الذين كانوا يأملون أن في شراء حصة في أنشطة المنبع (أب ستريم) في البلاد. ولكن أصول المصافي لا تزال تمثل أعمالا تجارية عالمية كبرى وبخاصة مع انتشارها في جميع أنحاء العالم.

تبقى القيمة الإجمالية للاكتتاب العام غير واضحة، لأسباب ليس أقلها أن الأعمال الداخلية لأرامكو ظلت دوما محاطة بغلاف من السرية. ليس من المستغرب أن تقديرات قيمة الشركة الإجمالية تختلف بصورة عشوائية، تتراوح بين 1 و 10 تريليونات دولار أمريكي. في عام 2010، ادعت صحيفة «فاينانشيال تايمز» الأمريكية أن قيمة الشركة تبلغ تريليون دولار رغم أن هذا العام كان قد بلغ ذروة تقييم شركات الطاقة في الأسواق الناشئة. كما أن ذلك كان سابقا أيضا على ثورة النفط الصخري التي تسببت في هبوط أسعار النفط إلى مستويات قياسية. ورغم ذلك فإن هناك شيء واحد واضح: وهو أيا ما كانت قيمة الشركة فإن طرحا بقيمة 5 في المائة منها سوف يقدر بمئات المليارات من الدولارات، وسوف يقزم كل طرح آخر مقارنة به.

ثانيا: ما هي فرص المستثمرين؟

على الرغم من حجمه الهائل، فإن المحللين منقسمون حول ما إذا كان الاكتتاب سوف يقدم قيمة جيدة. في حين أن شركات النفط المملوكة للدولة غالبا ما يشوبها عدم الكفاءة والفساد على نطاق واسع فإن «أرامكو» ينظر إليها على أنها ذروة جميع شركات النفط التابعة للدولة، وفقا لـ«جيم كرين»، خبير الطاقة في جامعة رايس.

والإضافة إلى كونها يتم تشغيلها بكفاءة للحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح، وهو الاهتمام الأكبر لجميع المستثمرين، فقد أثبتت الشركة مرونة ملحوظة في الآونة الأخيرة حيث لا تزال الشركة توسع إنتاجها بالرغم من الأزمة الحالية. التصريحات التي صدرت مؤخرا من قبل الرئيس التنفيذي المعين حديثا، «أمين ناصر»، أن «أرامكو» تسعى لتصبح أكبر شركة تكرير في العالم بحلول عام 2025، من شأنها أن تغري شهية المستثمرين المحتملين.

ولكن التوقعات ليست وردية تماما. ففي حين تدار الشركة بشكل جيد فإن المستثمرين المحتملين لن يكون لهم أي نفوذ على عملياتها واستراتيجيتها، وهو الأمر الذي سبق أن أغضب المستثمرين في شركة جازبروم الروسية العملاقة المملوكة للدولة الروسية، والتي يتم استخدامها في بعض الأحيان كذراع لوزارة الخارجية الروسية. في حالة المملكة العربية السعودية، فإن اتخاذ قرار بتخفيض الإنتاج من أجل إعادة التوازن للأسعار وتحقيق المصالح الوطنية للبلاد، من شأنه أن يمثل مشكلة. بينما يحذر الاقتصاديون أن التجارب السابقة لبيع حصص في شركات النفط الوطنية قد حققت نتائج متباينة.

ينبغي أن يعي المستثمرون أيضا أن العالم يبشر بنموذج نفطي جديد مع ثورة النفط الصخري والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة حيث من المتوقع أن تبقى الإمدادات عالية مع انخفاض في الطلب. وهذا يعني انخفاض أسعار النفط في الوقت الحاضر. هذه الصورة القاتمة قد تروع المستثمرين على الرغم من قيمة الأصول العامة لـ«أرامكو».

وفي نهاية المطاف، فإن السعوديين قد يقدمون على تصفية أصولهم قبل أن يتحول النفط إلى فحم جديد. وكما قال محلل بارز في «بلومبيرغ» في وقت سابق من هذا العام: «المملكة العربية السعودية تقوم بتجهيز بعض مصادر التمويل تحسبا لبيئة طويلة جدا من انخفاض أسعار النفط . إذا كنت أدير شركة للنفط فأنا في واقع الأمر أسير نحو الجحيم».

ثالثا: ماذا يعني هذا الاكتتاب بالنسبة إلى الاقتصاد السعودي؟

ويبقى أيضا أن ننظر إلى تأثير هذا الاكتتاب على حالة الاقتصاد في المملكة العربية السعودية. في مقابلة له، كان «بن سلمان» مبادرا إلى نفي فرضية أن الاكتتاب هو مجرد وسيلة لكسب السيولة لتغطية الاحتياجات المالية السعودية على المدى القصير. بدلا من ذلك، فقد قام بسرد مجموعة من المزايا التنافسية التي ستجلبها عملية البيع بما في ذلك تنويع اقتصاد البلاد وزيادة رأس المال للمشاريع الجديدة مثل الطاقة المتجددة والبناء والبتروكيماويات. حيث تأمل البلاد أن تصبح مركزا اقتصاديا رئيسيا في المنطقة.

ووفقا لـ«بن سلمان»، فإن هذا البيع سوف يشكل حصة ضمن صندوق أكبر للاستثمارات العامة في العالم بقيمة تبلغ 2 تريليون دولار، حيث ستحل الاستثمارات محل النفط كمصدر رئيسي لإيرادات الحكومة. في الوقت الذي تواجه فيه الدول النفطية مستقبلا محفوفا المخاطر وسط انخفاض الأسعار والتحول نحو الطاقة النظيفة، وبينما يرى كثيرون أن ذروة النفط تقترب من نهايتها، فإن الحاجة إلى التنويع قد صارت أكثر وضوحا.

لكن المخاوف قد أثيرت حول قدرة الرياض على تحويل اقتصادها بعيدا عن النفط. الصادرات الرئيسية الأخرى في البلاد، بما في ذلك البتروكيماويات، لا تزال تعتمد اعتمادا كبيرا على النفط، في حين أن خطط التحول نحو الطاقة الشمسية قد أثبتت أنها طموحة أكثر مما ينبغي.

في الوقت نفسه، فإن القطاع العام المتضخم في المملكة العربية السعودية والأجور العالية التي يمنحها لموظفيه تجعل أسواق العمل في المملكة غير فعالة، حيث تثبط الأفراد عن الانخراط في القطاع الخاص. منطقة الملك عبد الله المالية، والمركز المالي الذي تم إنشاؤه حديثا في الرياض، كانا من المفترض أن يسهما في تغيير هذا الأمر عبر جذب البنوك والمستثمرين الأجانب لكنهما يقفان موقفا عاجزا في ظل سيطرة المركز المالي العالمي في دبي.

هذا لا يعني أن المملكة العربية السعودية لا يمكنها أن تثبت خطأ العديدين من منتقديها وتثبت أن البيع الجزئي لشركة «أرامكو» سوف يكون مصحوبا بتعديلات مالية نحو الابتعاد عن ثقافة المورد الأوحد التي طالما اعتمدت عليها. ولكن ذلك لن يكون سهلا بحال.

  كلمات مفتاحية

السعودية أرامكو الخصخصة انخفاض أسعار النفط محمد بن سلمان التحول الوطني الاكتتاب العام

«أرامكو»: 6% حصة السعودية من إجمالي المنتجات البتروكيماوية في العالم

أسهم «أرامكو» السعودية للاكتتاب العام؟!

«أرامكو السعودية» ومشروع التخصيص

«ناشيونال إنترست»: لماذا قد تتعطل عملية خصخصة «أرامكو» السعودية؟

مستشار سابق لـ«المالية السعودية»: خصخصة «أرامكو» خطوة في مسار إيجابي للمملكة

«بن سلمان»: ندرس طرح أسهم «أرامكو» للتداول .. ونعتزم خصخصة التعليم والصحة

السعودية تختار بنكا وخبيرا عالميا للمشورة بشأن بيع «أرامكو»

«البترول» السعودية: بورصة نيويورك مناسبة لإدراج مزدوج لـ«أرامكو»

«أرامكو» تطلق شركة «أرلانكسيو» بالشراكة مع ألمانيا لإنتاج مواد المطاط الصناعي

«الفالح»: تعقيدات قانونية تؤخر طرح «أرامكو» في بورصتي «لندن» و«نيويورك»