«ناشيونال إنترست»: كيف يغير انخفاض أسعار النفط دول الخليج؟

الأربعاء 20 أبريل 2016 04:04 ص

مع زيارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» إلى المملكة العربية السعودية لحضور قمة إقليمية، فإن العديد من الحكام الذين سوف يلتقيهم يواجهون تغييرات جذرية في بلادهم.

تراجع أسعار النفط وارتفاع العجز هي أمور تدفع نحو انقلاب في طبيعة العقد الاجتماعي القائم منذ عقود في دول الخليج.

في المنطقة التي اعتادت دوما على مبادلة السخاء الحكومي بالدعم الشعبي، فإن المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج يقومون بخفض الإنفاق وإجراء إصلاحات اقتصادية وخفض الدعم للمنح الدراسية ومشاريع البناء ويستعدون لفرض ضرائب جديدة على المواطنين غير المعتادين على هذا النهج.

ولم تقم هذه التخفيضات حتى الآن بتقييد السياسة الخارجية للدول الأكثر نشاطا في المنطقة، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، ولكنها قد تفعل قريبا.

قامت العديد من الدول بتخفيض برامجها الخارجية ومساعداتها حين واجهت مشاكل مالية.

وقد قامت السعودية بخفض ميزانيتها لعام 2016 بقيمة 30 مليار دولار، ولكنها قامت بزيادة ميزانية الدفاع إلى ما يقرب من 57 مليار دولار مما يجعلها ثالث أكبر منفق في العالم على الدفاع، الذي يشكل الآن ربع الإنفاق الحكومي السعودي.

لدى المملكة العديد من النفقات الأخرى: يتكلف التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن مئات الملايين من الدولارات شهريا.

وقد قامت الرياض مؤخرا باستضافة قوات 20 دولة إسلامية في إطار مناورات رعد الشمال التي شملت مئات الآلاف من القوات وفق الأرقام الرسمية.

وفي الوقت نفسه، عاد الملك «سلمان» مؤخرا من مصر، حيث أعلن عن خطط لبناء جسر ضخم يربط بين المملكة ومصر كما وقع صفقات بقيمة 20 مليار دولار لتمويل احتياجات مصر النفطية بشروط سخية. كما أعلن عن استثمارات في سيناء إضافة إلى استثمارات أخرى.

ويرى البعض أن هناك انفصال بين التقشف السعودي وبين إنفاق المملكة الخارجي إلى درجة تدفع إلى التساؤل حول عما إذا كان دول الخليج، المهووسة حول استقرارها الداخلي، عليها أن تشهر بالقلق من ارتدادات عنيفة. ذلك لأن النشاط الخارجي للمملكة في المنطقة من شأنه أن يغذي لا أن يقيد المخاوف الداخلية.

وفقا للرواية الخليجية، فإن هذه الدول تشعر أنها محاصرة من قبل إيران ووكلائها.

وعلى الرغم من التأكيدات الملموسة للولايات المتحدة ومبيعات الأسلحة الضخمة والمساعدة العسكرية ضد الحوثيين و«الدولة الإسلامية»، فإن العديدين هناك يرون أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة.

في هذا السياق، فإن قرار السعودية بالمضي قدما في الحزم الإقليمي والتحول الاقتصادي يعكس مدى شعورها بالقلق.

بالنسبة للملك «سلمان» ونجله وزير الدفاع نائب ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، فإن الحملة السعودية في اليمن مثلت فرصة لحشد الدعم المحلي من أجل قضية موحدة في لحظة من الزخم السياسي والاقتصادي.

بالنسبة إلى دول أخرى في الخليج، فقد ساعد هذا الصراع في تشكيل ما يشبه مهمة قومية بالنسبة إلى الإماراتيين. لدى كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت نوعا من التجنيد العسكري المؤسسي الذي يهدف في جزء منه إلى تعزيز الهوية الوطنية لدى شعوبها.

وقد أشار الخبير في شؤون الشرق الأوسط «كارين إليوت هاوس» في الشهر الماضي أن الإحباط الداخلي الذي يشعر به المواطنون في البلاد يجري تحويله ضد إيران.

هذه الكراهية لإيران تعكس قلق حكام المملكة ورعاياهم من السنة من أن نفوذ إيران لن يقتصر فقط على بيروت أو دمشق أو بغداد، لكنه سوف يمتد إلى صنعاء والمجتمعات الشيعية في شرق المملكة العربية السعودية.

أحد مخاطر بقاء أسعار النفط على هذا القدر من الانخفاض أنها تعمل على زيادة الحوافز السياسية التي تؤجج هذا النوع من المشاعر المعادية لإيران التي اندلعت في يناير/كانون الثاني الماضي في أعقاب إقدام السعودية على إعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» والهجوم على السفارة السعودية في طهران.

في الواقع، فقد قامت دول الخليج بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية خلال الشهر الماضي.

ولكن إذا استمرت أسعار النفط منخفضة لسنوات، كما يتوقع البعض، فإنها سوف تتطلب رقابة مالية في نهاية المطاف.

السعودية لديها أكثر من 600 مليار دولار من الثروة السيادية ولكن صندوق النقد الدولي قد حذر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنه بدون المزيد من العائدات وخفض الإنفاق، فإن الرياض يمكن أن تفلس بحلول عام 2020.

الدول الصغيرة مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر تمتلك وسادات أكبر بكثير، ولكنها تواجه خطر التأثير على الأجيال القادمة من خلال استنفاذ الثروة السيادية المخصصة للمستقبل.

ويبدو قرار الحكومة السعودية بوقف حزمة المساعدات المقدرة بقيمة 4 مليارات دولار إلى الحكومة اللبنانية مدفوعا بميل بيروت تجاه طهران.

ولكنه قد يعطي أيضا مؤشرا على المستقبل. وفي ذات الإطار يمكن أن نفسر أيضا قرار قطر بإيقاف عمل شبكة «الجزيرة أميركا» وقيامها بخفض عدد كبير من الوظائف في المنظمة الأم التي يقع مقرها في الدوحة.

في حال جفت المساعدات الخليجية ولو بشكل طفيف فإن انعكاسات ذلك سوف يتم الشعور بها في كل مكان، من مخيمات اللاجئين الأردنية، إلى البنوك المركزية في الدول العربية المجاورة الأكثر فقرا، إلى الدول التي مزقتها الحرب الأهلية التي تترقب الاستثمارات الخليجية لإعادة الإعمار بعد وقف القتال.

أحد حالات الاختبار المحتملة هي مصر التي تطلبت عدة مليارات من الدولارات من الخليج لإبقاء اقتصادها وافقا على قدميه منذ منتصف عام 2013 ونظرا لتحديات الاقتصاد الكلي المستمرة، فإنها سوف تطلب المزيد حتى أكثر مما وعد به الملك «سلمان» أثناء زيارته.

في مقابلة أجريت معه مؤخرا، تحدث الرئيس «أوباما» عن حاجة السعودية وإيران إلى إيجاد وسيلة فعالة لتقاسم النفوذ وإقامة نوع من السلام البارد. وإذا قدر لوقف إطلاق النار الهش في كل من سوريا واليمن أن يستمر فإن ذلك قد يسهم في تخفيف حدة الصراعات الطائفية في المنطقة.

وهناك احتمال أنه في حال ظلت أسعار النفط منخفضة في العام المقبل وما بعده، فإن ذلك قد يجبر السعودية على الالتفات بشكل أكبر إلى السياسة الداخلية ويساهم في خفض التوتر بين السعودية وإيران.

بالطبع فإن إيران، والتي قامت بدورها في زيادة التوتر في المنطقة مشاركة في هذا الأمر أيضا. وتشارك إيران في النقاش الداخلي الناري حول السلاح والزبد.

وحتى لو انتعشت الأسعار بشكل ما فوق تلك المستويات المتدنية فإن دول الخليج سوف تواجه ضغوطا من أجل توفيق أوضاعها المالية. ولكن الأسباب التي دفعت دول الخليج لاختيار البنادق على الزبد ربما تثبت أنها أكثر قوة على المدى القصير وسوف تواصل جعل المنطقة أكثر تقلبا خلال هذه العملية.

  كلمات مفتاحية

السعودية الإمارات قطر انخفاض أسعار النفط النفط أسعار النفط الخليج نفط الخليج حرب النفط

«بروكنغز»: كيف يمكن أن تستفيد دول الشرق الأوسط من انخفاض أسعار النفط؟

«أريبيان بيزنيس»: قطر تنجح في تقليص تأثيرات انخفاض أسعار النفط

«ف.تايمز»: السعودية لم تربح معركة الحصة السوقية رغم انخفاض أسعار النفط

«بلومبيرغ»: انخفاض أسعار النفط يزيد الضغوط على الأسواق الخليجية

انخفاض أسعار النفط يهدد قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات

ما الذي ينبغي على دول الخليج أن تفعله بعدما فقدت بطانتها من النفط الرخيص؟

«جلوبال ريسك»: النظام النفطي الجديد