«بروكنغز»: كيف يمكن أن تستفيد دول الشرق الأوسط من انخفاض أسعار النفط؟

الخميس 7 أبريل 2016 08:04 ص

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بؤرة للتطرف. لديها أعلى معدلات للبطالة في العالم النامي، مع معدلات مضاعفة لأعداد النساء والشباب. ولكن اقتصادات هذه الدول هي من بين أقل اقتصادات العالم تنوعا وفقا لمؤشر «هيرفندال»، وهو مؤشر لقياس تركيز الصادرات في عدد قليل من السلع والذي تتراوح قيمته بين 0.6 إلى 1 في معظم البلدان. وتعاني المنطقة العدد الأكبر من انقطاعات الكهرباء شهريا. نسبة العاملين في القطاع العام إلى القطاع الخاص في المنطقة تعد من بين الأعلى في العالم. في حين أنه، حتى وقت قريب، كان معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 4-5%، وهو رقم يخفي في طياته مسارا شديد التقلب للنمو.

وترتبط هذه النتائج إلى حد كبير بسياسات المنطقة قبل عام 2014. الشرق الأوسط هي موطن لـ8% من سكان العالم إضافة إلى 5% من إجمالي الناتج العالمي ناهيك عن كونه يستهلك 48% من دعم الطاقة في العالم. هذه الإعانات هي حافز للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، والتي غالبا ما تنشط فيها الشركات القديمة الكبيرة. هذه الشركات لا تخلق العديد من فرص العمل. وحدها الشركات الصغيرة الشابة هي التي تستطيع القيام بذلك. لذلك فإن دعم الطاقة يعمل كضريبة على العمالة وهو يسهم في ارتفاع معدلات البطالة. دعم الطاقة المرتفع أيضا يقلل من حوافز الترشيد والحفاظ على الشبكة مما يؤدي إلى انقطاعات متكررة للتيار الكهربي. ويعطي دعم الديزل الحوافز للمزارعين لأجل ضخ المياه، والمساهمة في جعل الشرق الأوسط أحد أكثر الأماكن التي تعاني من ندرة المياه في العالم. وأخيرا، فإن دعم الوقود يحث الناس على الإفراط في استخدام السيارات في كثير من الأحيان. ازدحام حركة المرور على طول أحد عشر ممرا في القاهرة وحدها يكلف الاقتصاد المصري 2 مليار دولار سنويا بسبب فقدان التنافسية.

تقريبا في جميع بلدان المنطقة، فإن العاملين في القطاع العام يحصلون على أجور أعلى مقارنة بنظرائهم العاملين في القطاع الخاص ونتيجة لذلك، فإن الشباب يظهرون تفضيلا واضحا للعمل في القطاع العام. في بعض دول مجلس التعاون الخليجي فإن الحكومة تقوم بتحمل عبء رفع رواتب الموظفين العاملين في القطاع الخاص. وغني عن القول أنه مع هذا العدد الكبير من العاملين في القطاع العام بأجور مرتفعة فمن الصعب أن يصبح القطاع الخاص أكثر ازدهارا وتنوعا. وأخيرا، فإن النمو في هذه البلدان يشهد تقلبا لأنه نادرا ما يكون لديها أي قواعد مالية لإدارة تقلبات الأسعار. عندما يرتفع سعر النفط على سبيل المثال فإنه يكون من الصعب على هذه الدول مقاومة إغراء المزيد من الإنفاق مما يعني أنه عندما تنخفض الأسعار، فإن على هذه الدول أن تشد أزمتها وأن تواجه مشاكل تباطؤ النمو.

في أعقاب أحداث الربيع العربي عام 2011، مع ارتفاع أسعار النفط، فإن حكومات الدول المصدرة والمستوردة للنفط على حد سواء قد اختارت أن زيادة الدعم والأجور في القطاع العام، وهو ما يجعل الأمور أكثر سوءا. وقد شملت حزمة الرعاية في المملكة العربية السعودية رفع أجور موظفي الحكومة، وظائف جديدة، وإعفاءات للقروض بقيم بلغت 93 مليار دولار. الدول المستوردة للنفط مثل تونس ومصر، مدعومة بالتحويلات أو المساعدات المالية من قبل الدول المصدرة للنفط، قامت أيضا بزيادة الدعم ومخصصات الخدمة المدنية. بالنسبة إلى الدول المصدرة للنفط، فقد كانت إعانات الطاقة ورفع أجور العمالة في القطاع العام وسائل غير فعالة لإعادة توزيع عائدات النفط على المواطنين. بالنسبة للدول المستوردة، التي تعتمد على التحويلات والإعانات من الدول المصدرة، فإنها تمتلك جميع صفات الدول الريعية ولكن فقط بدون موارد.

الانخفاض العام في أسعار النفط الذي نشهده منذ منتصف العام 2014 قد أسهم كثيرا في تغيير هذه الصورة. قامت جميع الدول المصدرة للنفط تقريبا بخفض الدعم على الوقود والكهرباء والغاز والمياه. قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإلغاء الدعم على الوقود بشكل كلي. قامت بعض الدول، مثل الجزائر، بمحاولة خفض الإنفاق العام عبر تجميد التوظيف في القطاع العام. أدخلت المغرب والعديد من دول مجلس التعاون الخليجي تحسينات لزيادة كفاءة الطاقة وخفض انبعاثات الكربون. الدول المستوردة للنفط مثل المغرب، ومصر، والأردن، بدأت في إصلاح الدعم خلال عام 2014 وتحول بعضها من السعر المحلي الثابت لوقود ليصبح أكثر ارتباطا السعر العالمي.

باختصار، فإن انخفاض أسعار النفط يدفع في اتجاه إحداث تغييرات جوهرية في سياسة الشرق الأوسط من شأنها أن تساعد المنطقة على التغلب على العديد من المشاكل التي ابتليت بها لفترة من الوقت. ومن المؤكد أن هذه التغييرات في السياسات ليست سوى البداية. من أجل الاستفادة بشكل أكبر من انخفاض أسعار النفط فإن دول المنطقة سوف تكون بحاجة إلى التحرك على ثلاث جبهات على الأقل: أولها هو إصلاح الخدمة المدنية بشكل كبير بحيث ينظر إلى القطاع العام على أنه مسؤول أمام المواطنين وهذا بدوره سوف يجعل المواطنين أكثر أريحية في دفع أسعار الخدمات العامة. ثانيا، اعتماد قواعد مالية من شأنها أن تسمح بدورة استهلاك متجانسة خلال فترات صدمات الأسعار التي بدو أنه لا مفر منها. ثالثا، بالنسبة إلى البلدان المصدرة للنفط، يجب النظر في طرق أكثر فاعلية لتوزيع عائدات النفط على المواطنين بما قد يشمل التوزيع المباشر لدفعات الأموال.

  كلمات مفتاحية

السعودية دول الخليج انخفاض أسعار النفط خفض الدعم خطط التقشف

«أريبيان بيزنيس»: قطر تنجح في تقليص تأثيرات انخفاض أسعار النفط

مسؤول إماراتي: انخفاض أسعار النفط لن يؤثر على مشروعات التنمية

«بلومبيرغ»: انخفاض أسعار النفط يزيد الضغوط على الأسواق الخليجية

انخفاض أسعار النفط يهدد قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات

«التليجراف»: السعودية قد تفلس قبل أن تستطيع لي ذراع صناعة النفط الأمريكية

الكويت وإيران تخفضان أسعار بيع الخام لآسيا

لأول مرة منذ 4 أشهر.. سعر النفط يتخطى 43 دولارا للبرميل

لماذا تستثمر السعودية في منصات الحفر رغم انخفاض الأسعار؟

«أويل برايس»: أسعار النفط سوف تنتعش قبل نهاية عام 2016

«ناشيونال إنترست»: كيف يغير انخفاض أسعار النفط دول الخليج؟

‏فاينانشيال تايمز: قوى جديدة داخل العائلة المالكة تتدخل في السياسة النفطية السعودية

ما الذي ينبغي على دول الخليج أن تفعله بعدما فقدت بطانتها من النفط الرخيص؟