«أريبيان بيزنيس»: قطر تنجح في تقليص تأثيرات انخفاض أسعار النفط

الجمعة 1 أبريل 2016 02:04 ص

كحال أخواتها من دول «مجلس التعاون الخليجي»، تُركز قطر على تنمية دور القطاع الخاص، الذي يحول دون الاعتماد الكامل للدولة على النفط، الذي تراجعت عوائده وأسعاره بشكل كبير؛ ما أثر أيضًا على قطاع الغاز الطبيعي الذي تُعتبر الدوحة ثالث أكبر مصدر له بالعالم.

وقال تقرير نشرته «أريبيان بيزنيس»، المجلة الإماراتية المتخصصة في قطاع الأعمال، أمس الخميس، إنه مع اهتمام قطر بتنمية القطاع غير النفطي، من المنتظر أن تتراوح الاستثمارات القطرية في مختلف المجالات خلال السنوات العشر المقبلة بين 150 مليارا و180 مليار دولار، موجهة أساسًا للقطاعات غير النفطية والبنى التحتية؛ ما يعني أن قطر نجحت في الابتعاد عن التأثيرات المحيطة، ولكنه لا يعني أنها لن تشهد تأثيرات طفيفة ولكنها لن تكون بنفس المستوى الذي شهدته دول مثل السعودية أو الكويت أو سلطنة عمان، بحسب آراء خبراء اقتصاديين.

القطاع غير النفطي

ووفق تقرير المجلة، ارتفعت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس الأخيرة؛ حيث وصلت نسبة نمو هذا القطاع في العام 2015 إلى 10.1%، لكن من المتوقع أن يتراجع الرقم قليلًا إلى 8% خلال العامين 2016 و2017، حسب تصريحات سابقة للدكتور «صالح بن محمد النابت»، وزير التخطيط التنموي والإحصاء القطري.

وأوضح الوزير في تصريحاته هذه أن قطاع البناء كان الأسرع نموًا حيث توسع نشاطه بنسبة 13% خلال عام 2015 مقارنة بالمستويات التي شهدها في العام 2014.

ومع توقعات «النابت» بأن يُعوض قطاع البناء، ولو جزئيًا، تأثير انخفاض أسعار النفط على معدلات النمو بوجه عام، إلا أنه أكد أن قطاع الخدمات هو الرائد بالمساهمة العامة في الاقتصاد، وتجميع معدل النمو في القطاع غير النفطي، والذي وصل نسبته إلى 9.8% في العام 2015، حيث توسعت عدة أنشطة خدمية بوتيرة متزايدة بسبب النمو السكاني، الأمر الذي يسهم في تعزيز مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري والنقل والاتصالات.

صناعة الهيدروكربون

أما فيما يتعلق بصناعة الغاز، فقد أصبح لقطر شأن كبير خلال السنوات الأخيرة في صناعة الهيدروكربون؛ حيث أصبحت من أوائل الدول المصدرة للغاز المسال في العالم، وكذلك هي الدولة الرابعة عالميًا على مستوى إنتاج البتروكيماويات ومادة اليوريا والأمونيا.

ورغم أن قطر منتج للنفط، إلا أن أسعار صادراتها من الغاز الطبيعي لا ترتبط بالنفط ارتباطًا وثيقًا؛ ما ساعدها على التكيف مع الانخفاضات المتكررة في أسعار النفط.

البنية التحتية والسياحة

كما تستمر الحكومة القطرية في الإنفاق على قطاعات البنية التحتية والسياحة؛ ما ساعدها أيضًا على مواجهة التراجع في عائدات النفط، بالإضافة إلى خزائنها المالية وأصولها الكبيرة، والعقود الآجلة لإنتاج الغاز الطبيعي التي وقعتها الدولة.

وهنا تشير دراسة تحليلية أعدتها «فايثفول – جولد»، التابعة لـ«مجموعة آتكينز»، المتخصصة في إدارة المشاريع والبرامج وتكاليف الاستشارات الإدارية بالعقارات والإنشاء والنقل والصناعة، إلى أن ارتباط قطر بعقود طويلة الأجل لإنتاج الغاز الطبيعي المسال، واحتياطياتها المالية التي توفر وسادة ضد انكماش اقتصادي موسع، ستبقيها محتفظة بمكانتها نسبيًا على مدى السنتين المقبلتين.

كما ذكر رئيس الوزراء القطري وزير الداخلية، «عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني»، في تصريحات صحفية سابقة، أن الدولة ستحافظ على الإنفاق في القطاعات الرئيسية مثل البنية التحتية والنقل والصحة والتعليم مخصصة مبلغًا قدره 200 مليار دولار بين الآن والعام 2022.

ويوضح «مارك أينجير»، المدير التنفيذي لـ«فايثفول-جولد» في قطر، أنه رغم انخفاض أسعار النفط، فإن قطر لا تزال قوية نسبيًا على مدى العامين المقبلين؛ حيث ستنفق على البنية التحتية مبلغًا قدره 200 مليار دولار بين الآن وعام 2022، ولكن ما لا يدركه الكثير أن 10% فقط من هذا الإنفاق مكرس للتحضير لمشاريع كأس العالم 2022، ويبقى مبلغ ضخم مخصص لمشاريع البنية التحتية الأخرى في مجالات النقل، وبناء المناطق الحضرية، والإسكان، والصحة، والتعليم.

وبحسب ما أعلنت الحكومة القطرية سابقًا، فإن إجمالي مخصصات الموازنة في القطاعات الرئيسية بلغ 91.9 مليار ريال (25.1 مليارات دولار) في الصحة والتعليم والبنية التحتية، وهو ما يمثل 45.4% من إجمالي المصروفات في موازنة العام 2016.

كما زادت مخصصات المشاريع الرئيسية بمبلغ 3.3 مليار ريال لتصل إلى 90.8 مليار ريال (24.9 مليارات دولار) مقارنة بـ87.5 مليار ريال (24 مليار دولار) في السنة المالية الماضية؛ وهو ما يؤشر إلى إيجابية أداء البنوك القطرية التي ستلعب دورًا بارزًا في تمويل هذه المشاريع، وهذا سينعكس إيجابًا على أدائها.

وإلى جانب تخصيص هذا المبلغ لمشاريع البنى التحتية، اعتمدت قطر تقديرًا منخفضًا لسعر البرميل في الموازنة القطرية بمستوى متحفظ عند 48 دولارًا من 65 دولارًا.

 وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت قطر عن ميزانيتها لعام 2016، متوقعة عجزا ماليًا يقدر بمبلغ 12.8 مليار دولار.

وتستند هذه النظرة إلى المشاريع الرأسمالية التنموية الكبرى التي تنفذها الدولة في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والنقل خاصة مشاريع الريل، بالإضافة إلى المشاريع المرتبطة باستضافة كأس العالم 2022.

في الوقت نفسه، بلغت تقديرات إجمالي الإيرادات في الموازنة العامة لسنة 2016 ما يقدر بـ156 مليار ريال (42.8 مليارات دولار) مقابل 226 مليار ريال (62 مليار دولار) في الموازنة العامة للسنة المالية السابقة؛ ما دفع الحكومة إلى التواصل مع المصارف للمساعدة بمبلغ 5.5 مليار ريال (1.5 مليارات دولار) للحد من الاقتراض الداخلي.

وقدرت إجمالي المصروفات في الموازنة الجديدة 202.5 مليار ريال (55.4 مليارات دولار) لعام 2016 مقابل 218.4 مليار ريال (نحو 60 مليار دولار) في الموازنة السابقة.

وستقوم الدولة بتمويل هذا العجز من خلال إصدار أدوات دين في أسواق المال المحلية والعالمية، دون اللجوء إلى الاحتياطي النقدي أو الصندوق السيادي للدولة.

كما تمكنت الدولة من الاحتفاظ باحتياطيات مالية قوية لدى مصرف قطر المركزي واستثمارات كبيرة، عبر جهاز قطر للاستثمار في فترة ارتفاع إيرادات النفط والغاز، وتعتزم الحفاظ على هذه الاحتياطيات والاستثمارات.

ونقلت وكالات أنباء دولية عن مسؤولين مطلعين أن الدوحة تجري بالفعل محادثات مع مصارف دولية للحصول على قرض مجمع بما يصل إلى 10 مليارات دولار بحلول نهاية العام.

وكانت آخر مرة لجأت فيها قطر إلى سوق السندات الدولية عام 2004 عندما اتفقت على قرض قيمته 355 مليون دولار لأجل 5 سنوات.

القطاع العقاري

وأشار اقتصاديون إلى التباطؤ المحتمل في زخم ارتفاع الأسعار بالقطاع العقاري مع إمكانية تراجع الأسعار في العام 2016 خلافًا للمنحى المتصاعد في 2015 .

وهنا تتساءل الشركات العالمية المتخصصة في الاستشارات العقارية عن التأثيرات القادمة على السوق العقاري حيث تتوقع أن يؤدي استمرار تراجع أسعار النفط ومراجعة الحكومة لخطط الإنفاق إلى الضغط على سوق العقارات في قطر، لكنه لن يؤثر على أسعار الإيجارات على وجه السرعة، وسيتسبب ذلك في مزيد من المرونة في شروط التأجير.

وهنا تقول شركة «دي تي زد»، المتخصصة في الاستشارات العقارية بقطر، إن الشهور الثلاثة الأخيرة من العام 2015 شهدت تراجعًا في الطلب على المكاتب الإدارية بالسوق، ومن المتوقع أن يستمر في الشهور الستة التالية، ولكن ذلك سيخلق المزيد من الفرص، وسيُبدي أصحاب تلك العقارات مزيدًا من المرونة نوعًا ما، ليتفقوا مع المستأجرين لصالحهما، وكفرص تجارية، حسب رأي «إد بروكس»، مدير عام «دي تي زد».

وفيما يتعلق بالقطاع السكني، تري «دي تي زد» أن الطلب مرتفع على المساكن الخاصة بذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة، مع وجود وفرة في الشقق الكبيرة التي تخفض قطاعات النفط والغاز والقطاع العام الطلب عليها.

عام التحديات

وفي ظل الاستعداد لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022، يرى «جوني آرشر»، المدير المساعد في «دي تي زد»، أن تواجه قطر احتمال زيادة المعروض من الغرف الفندقية.

ويضيف: «أتصور أن السوق القطرية مهددة بخطر زيادة المعروض من الغرف الفندقية، وأعتقد أن تقديم غرف فندقية جديدة ينبع من الطلب ومتطلبات نهائيات كأس العالم الذي ينظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في 2022 بقطر، لا أرى أن تلك الغرف الفندقية كانت ستُبنى إذا كانت بطولة كأس العالم لن تقام في قطر، لذا أتصور أن هناك خطر زيادة المعروض، وأن الأمر يتعلق بكيفية تخطيط الإمارة الخليجية لصناعة الفنادق على المدى البعيد».

ومثلما تشير البوادر، سيكون العام الحالي هو عام التحديات بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي إلى شهدت تقلبات في اقتصاداتها نتيجة انهيار أسعار النفط، خاصة الدول التي تعتمد عليه في إيراداتها، فيما يؤكد الخبراء على أن كلًا من قطر والإمارات باتتا في منأى عن مزيد من التأثيرات السلبية بفضل السياسات الاقتصادية الناجحة التي اتبعتاها على مدار السنوات الأخيرة وخفض الاعتماد على النفط من خلال إيجاد بدائل جديدة ومصادر للدخل.

  كلمات مفتاحية

قطر استثمارات النفط أسعار النفط القطاع غير النفطي

«إيكونوميست»: الكويت وقطر والإمارات قادرة على تدبر أمرها لعقد من الزمان

قطر.. مشاريع سياحية جديدة بتكلفة 8 مليارات دولار

تطلعات قطرية لزيادة إمداداتها من الغاز المسال إلى موانئ بريطانيا وهولندا

قطر: 46.7 مليار دولار فائض الميزان التجاري السلعي في 2015

وزير الاقتصاد القطري: لدينا فرص استثمارية أكبر من أي وقت مضى

النفط يستعيد رونقه.. والذهب يربح أكثر من 171 دولارا

الكويت تأمل في تعاون منتجي النفط بـ«أوبك» وخارجها في استقرار السوق

غرفة قطر تستقبل وفدا اقتصاديا سودانيا لبحث إقامة شراكات بين الجانبين

«بروكنغز»: كيف يمكن أن تستفيد دول الشرق الأوسط من انخفاض أسعار النفط؟

«ناشيونال إنترست»: كيف يغير انخفاض أسعار النفط دول الخليج؟

أزمة ارتفاع تكاليف السكن تواجه المستثمرين في قطر

«ميرسك» الدنمركية قد تخسر حقلا قطريا هو أكبر أصولها النفطية

اقتصاد قطر يتصدر أفضل أداء بالمنطقة رغم تراجع أسعار النفط