«نيويورك تايمز»: لماذا لا تزال السعودية والولايات المتحدة بحاجة لبعضهما البعض؟

السبت 23 أبريل 2016 12:04 م

تبدو المملكة العربية السعودية مستاءة من سياسة الرئيس «أوباما» في الشرق الأوسط. حيث تشعر أن «أوباما» لا يلعب وفق القواعد التي حكمت التحالف السعودي الأمريكي لعقود من الزمن: والذي تقوم الولايات المتحدة خلاله بتقديم الضمانات الأمنية في مقابل الإشراف الموثوق لدول الخليج على احتياطياتها النفطية ودعم الهيمنة الإقليمية الأمريكية.

من وجهة نظر السعوديين، فإن السيد «أوباما» قد قام بخيانة مصالحهم في كثير من الأحيان لصالح عدوهم اللدود في طهران. وقد خلصت المملكة العربية السعودية إلى أن الولايات المتحدة لم تعد حليفا موثوقا به لذا ، لقد قررت أنها يجب أن تذهب وحدها كقوة إقليمية، في الوقت الذي تقوم فيه بتعزيز الاقتصاد المحلي للبلاد. في كلتا الحالتين، على الرغم من ذلك، فإن المملكة تكافح من أجل القيام بدور أكبر من متناول يديها. السعوديون في واقع الأمر لا يمكنهم في الوقوف في وجه إيران كما أنهم لن يكون بمقدورهم تطبيق برامج الإصلاح الداخلي في الوقت الذي يواصلون فيه التورط في الصراعات الإقليمية. فشل السعودية على كلا الجبهتين بإمكانه أن يسحب الولايات المتحدة من جديد نحو التورط العسكري في المنطقة.

وقد ظهر التعبير الرمزي عن الاستياء السعودي الأسبوع الماضي عندما تم استقبال الرئيس «أوباما» من قبل حاكم الرياض بدلا من الملك، وهو توبيخ نادر لرئيس أمريكي لا يزال في السلطة. ومع ختام الزيارة، فقد أكد مسؤولون أمريكيون أن الاجتماع قد نجح في تلطيف الأجواء فإن بوادر الخلاف التي خيمت على رئاسة «أوباما» كانت واضحة تماما.

وكانت العلاقات قد بدأت في التوتر منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول لعام 2001. عندما أصبح واضحا أن 15 من الخاطفين للطائرة كانوا مواطنين سعوديين. تزامنت زيارة «أوباما» مع الجدل الدائر حول مشروع قانون معروض أمام الكونغرس من شأنه أن يمكن ضحايا الهجمات من مقاضاة الحكومة السعودية. وقد هدد السعوديون بشن هجمات اقتصادية انتقامية إذا تم تمرير مشروع القانون على الرغم من تأكيدات البيت الأبيض أن الرئيس قد تعهد بإسقاطه.

ومع ذلك، فإن لدى السعوديين الكثير من الحق في أن إدارة «أوباما» قد قامت بإضعاف التحالف. شعر السعوديون بالصدمة حين قامت الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق في عام 2010 وتركت «نوري المالكي»، وهو شيعي موالي لإيران، في مقعد رئيس الوزراء. التخلي عن السنة في العراق ووضعهم تحت رحمة المالكي وسياساته الطائفية هو الذي تسبب في نهاية المطاف في صعود «الدولة الإسلامية» في العراق.

وجاءت القشة التي قصمت ظهر البعير مع توقيع الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015. ورغم أن الاتفاق قد اشترطت تجميد برنامج إيران النووي في مقابل فع العقوبات الاقتصادية، فإنه لم يضع أي قيود على قدرة إيران على الهيمنة، سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلاء، في جميع أنحاء المنطقة، من لبنان وسوريا إلى العراق واليمن.

وقد جاء الاتفاق بعد وقت قصير من صعود الملك الجديد إلى السلطة، الملك «سلمان» وابنه الأمير «محمد»، وهو نائب ولي العهد ووزير الدفاع، هما من أكثر الحكام الصقور طموحا في التاريخ السعودي الحديث. في الوقت الذي يستخدم فيه «أوباما» القوة الأمريكية بشكل أكثر حرصا، فقد كثف السعوديون جهدهم العسكري كما قاموا بدعم الجماعات الجهادية ضد حكومة «بشار الأسد» في سوريا وشن حرب جوية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. ويبدو أن المملكة لم تقنع فقط بتوجيه الضربات إلى وكلاء إيران، لذا فقد قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في يناير/كانون الثاني في أعقاب إعدام رجل دين شيعي سعودي.

السعوديون وغير السعوديين على حد سواء قد اعتادوا الشكوى من الشلل الذي يصيب عملية صناعة القرار في المملكة العربية السعودية. هذا لم يعد قائما الآن. تتركز الشكاوى الآن حول القرارات المفاجئة والتحولات غير المنتظمة. وكانت النتيجة المزيد من عدم الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل. السعودية لن تكون قادرة على السيطرة عسكريا على إيران: لأنها ببساطة ليس لديها القوى العاملة والخبرة ولا الشبكة الواسعة من القوات بالوكالة التي يملكها الإيرانيون.

وقد اضطرت المملكة أيضا إلى التخلي عن الحذر في الساحة المحلية. بيت آل سعود يعرف بشكل واضح أنه ينبغي عليه تنويع اقتصاد البلاد والابتعاد عن النفط وتوفير مصادر جديدة للعمل للسكان الشباب. تظهر خطة بيع جزء من شركة النفط والغاز المملوكة للدولة، أرامكو، إضافة إلى خصخصة أجزاء من قطاعي الصحة والتعليم، المدى الذي تبدو الرياض على استعداد للذهاب إليه.

ومع ذلك، فإن الاقتصاد السعودي، الذي لا يزال يعتمد بشدة على الإنفاق الحكومي، من غير المرجح أن يولد 100 مليار دولار من الإيرادات النفطية غير النفطية السنوية المتوخاة في عام 2020. أما خارج قطاع النفط، فإن موارد البلاد شديدة المحدودية وقدراتها متقزمة جدا في القطاعات الخاصة. ويعتقد كثير من التكنوقراط المحنكين أن اللعب في إدارة شركة أرامكو السعودية، التي تعد إلى حد بعيد أفضل مؤسسة عاملة في المملكة، هو أمر محفوف بالمخاطر.

الرغبة المفهومة للمملكة في زيادة مكانتها الجيوسياسية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي تنطوي على مخاطر كبيرة. أمريكا يمكن أن تساعد في تخفيف هذه الحالة. تحتاج السعودية إلى التحالف الأمريكي من أجل التنمية الاقتصادية وكذا لأجل أسباب أمنية. كما أنها بحاجة إلى زيادة الاستثمار الأجنبي من أجل تمويل كل من برنامج الإصلاح والعجز المتضخم. الإشارة الواضحة إلى أن الولايات المتحدة سوف تواصل تعاونها الأمني مع السعودية من شأنه أن يسهل تدفق المستثمرين الأجانب وأن يجلب بعض الهدوء إلى القيادة السعودية.

وعلى الرغم من التوترات السطحية، فإن الملك «سلمان» والأمير «محمد» هما من أنصار للولايات المتحدة بحكم المزاج العام والقناعة التاريخية. وسوف تكون تلك فرصة ضائعة في حال فشلت واشنطن في الاستفادة من هذا الوضع.

قد يكون التعاون مع المملكة العربية السعودية هو أمر غير مستساغ للبعض ولكن قطع هذا التعاون هو أمر أسوأ. مهما كانت مشاعر الاستياء والغضب، لا أحد من الطرفين لديه بديل واقعي عن الآخر، وهو أمر من الواضح أن الرئيس «أوباما» يواجه صعوبات في قبوله.

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة أوباما العلاقات السعودية الأمريكية زيارة أوباما الملك سلمان الشرق الأوسط

28 صفحة سرية تهدد العلاقات السعودية الأمريكية

«بوليتيكو»: العلاقات السعودية الأمريكية تتدهور .. ولا أحد يمكنه إصلاح ذلك

«ذا أتلانتيك»: التعقيدات تخيم على أجواء العلاقات السعودية الأمريكية

«بروكينغز»: قراءة في أوراق التاريخ .. لماذا لا يمكن التخلي عن العلاقات السعودية الأمريكية؟

«فورين بوليسي»: كيف ينظر الرئيس الأمريكي إلى السعودية؟