«ذا أتلانتيك»: التعقيدات تخيم على أجواء العلاقات السعودية الأمريكية

الأربعاء 20 أبريل 2016 01:04 ص

في الوقت الذي يبدأ فيه الرئيس «أوباما» زيارته إلى الرياض، هددت المملكة بسحب مئات المليارات من الدولارات في الاستثمارات بسبب مشروع قانون مجلس الشيوخ المتعلق بأحداث 11 سبتمبر/أيلول.

قبل نحو 11 عاما، وفي أبريلِ/ نيسان 2005، زار الملك الراحل وولي العهد آنذاك الأمير «عبد الله» عاهل السعودية الرئيس «جورج بوش» في مزرعته في كراوفورد بولاية تكساس. وقد كانت مناسبة ودية. وكانت لعائلة «بوش» علاقات جيدة مع العائلة المالكة السعودية استمرت لفترة طويلة. وعلى الرغم من أن الحرب في العراق لم تكن تسير بشكل جيد، فإن السعوديين كانوا سعداء لذهاب «صدام حسين»، وأصدر الرجلان بيانا مشيدا «بالصداقة الشخصية والعلاقات بين البلدين». وتحدثا عن ضرورة «إقامة علاقة جديدة بين بلديهما، وتعزيز الشراكة التي تبني على شراكتهما الماضية، في مواجهة التحديات و الفرص التي ستواجه الدولتين في السنوات الستين المقبلة».

يتوجه الرئيس «أوباما» إلى المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع (وصل صباح اليوم)، ويبدو أن الأمل لم يتحقق، والعلاقات بين الحليفين متوترة للغاية. فالرئيس السابق «بوش» قد ابتعد عن منصبه والملك «عبد الله» قد مات، وحل محله أخوه غير الشقيق «سلمان»، والرياض وواشنطن على خلاف بشأن مجموعة من القضايا. حيث لا توافق الولايات المتحدة على التدخل السعودي المستمر في اليمن وكانت غاضبة من تنفيذ المملكة العربية السعودية لحكم إعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» في وقت مبكر من هذا العام. ويريد السعوديون من الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهد في سوريا، وعلى وجه الخصوص، لا تزال الرياض مستاءة من الاتفاق النووي الذي وقعته الولايات المتحدة مع إيران.

مبدأ «أوباما»

إن المسألة الأكثر إلحاحا على الأجندة هي أقدم من ذلك بكثير: إنها هجمات 11 سبتمبر/أيلول. ففي حين كان «أوباما» يستعد للسفر، كان الكونغرس ينظر في مشروع قانون من شأنه أن يفتح الباب حول مسئولية السعودية عن الهجمات أمام المحكمة. وكما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في مطلع الأسبوع إن الحكومة السعودية تهدد ببيع ما يقرب من تريليون دولار من الأصول الموجودة في الولايات المتحدة إذا مر مشروع القانون.

وقد حاول أسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول رفع دعوى قضائية ضد السعودية للعب دور في تلك الهجمات، ولكن وفقا لقانون عام 1976، فإن الحكومات الأجنبية لديها حصانة من أنواع عديدة ضد الدعاوى القضائية في المحاكم الأميركية. لكن مشروع القانون قيد النظر الآن يتجاوز القانون الحالي، بحيث يمكن أن يضع الحكومات الأجنبية قيد المساءلة إذا حال تورطها في هجمات على الأراضي الأمريكية لقتل الأميركيين.

ويحظى القانون بدعم من الحزبين بشكل غير عادي، وقد شارك في رعاية مشروع القانون أفراد من فرق القيادة في الحزبين: من الحزب الديمقراطي «تشاك شومر» من نيويورك، الزعيم المفترض عندما يتقاعد السناتور «هاري ريد»، والجمهوري «جون كورنين» من ولاية تكساس، كما حظى بدعم من أعضاء آخرين من «تيد كروز» إلى «كريس كونز» ومن «تشاك غراسلي» إلى «كيرستن جيلبراند».

وفي اليومين الماضيين، قال كل من «هيلاري كلينتون» والسيناتور «بيرني ساندرز»، المرشحان الديمقراطيان للرئاسة أنهما يدعمان ذلك.

ومع ذلك، فقد عارضت إدارة «أوباما» مشروع القانون. وضغط البيت الأبيض على الكونغرس لعدم تمرير مشروع القانون، وهدد الناطق «جوش أرنست» يوم الاثنين باستخدام حق الفيتو الرئاسي ، قائلا: «من الصعب أن نتخيل سيناريو سيوقع فيه الرئيس على مشروع القانون بصيغته الحالية». وفي فبراير/ شباط، قال «جون كيري»، وزيرالخارجية، في مجلس الشيوخ أن مشروع القانون من شأنه أن يشكل «سابقة رهيبة» يمكن أن تدفع بلدان أخرى لفتح قضايا مماثلة للولايات المتحدة، على الرغم من اللغة المصممة بعناية. أفاد تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» أن كبار المسؤولين في الدولة ووزارة الدفاع حذروا النواب في جلسة مغلقة من أن القانون قد يعرض الجنود والدبلوماسيين الأمريكيين في الخارج للمساءلة.

وقد أثار التهديد السعودي بسحب الاستثمارات المزيد من الاهتمام بتلك التحذيرات، حيث تشمل أصولا بقيمة 750 مليار دولارفي سندات الخزانة، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات الأخرى، التي يمكن أن تخشى الحكومة السعودية أن يتم تجميدها بقرار من المحاكم الأمريكية. وهناك قدر كبير من التشكك من قبل الاقتصاديين والمشرعين حول التهديد الذي يمكن أن يكون مدمرا للاقتصاد الأمريكي، لكونه يحمل أثرا مدمرا أيضا على الاقتصاد السعودي المتضرر أصلا بفعل انخفاض أسعار النفط.

ولكن، ما هو الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية حقيقة في الهجمات؟ أفاد تقرير لجنة 11 سبتمبر/أيلول بما يلي: »لم نعثر على أية أدلة على أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو كبار المسؤولين السعوديين لهم دور في تمويل أفراد المنظمة».

وقال «بوب كيري»، عضو مجلس الشيوخ السابق وعضو اللجنة مؤخرا:«لا يمكنك توفير المال للإرهابيين وثم تقول ليس لدي أي علاقة مع ما يفعلونه». بشكل عام، اللجنة لم تحصل لم تحصل كل تفاصيل المؤامرة. لم يكن لدينا الوقت، لم يكن لدينا الموارد. نحن بالتأكيد لم نتابع كامل التحقيق فيما يتعلق المملكة العربية السعودية».

حتى ذلك الحين، هناك بعض المعلومات التي تم جمعها حول التدخل السعودي ولكنها ليست متاحة للجمهور حتى الآن. وهناك تحقيق مشترك في الكونغرس أجري في عام 2002 مكون من 28 صفحة بقيت سرية ، والتي يقال أنها تسلط الضوء على تدخل سعودي محتمل في الهجمات ربما يمس بعض السعوديين على مستوى أقل، أو بعض العناصر من الحكومة ولكن ليس الحكومة كمؤسسة. ويسعى السناتور السابق «بوب غراهام»، الديمقراطي الذي ترأس لجنة مجلس الشيوخ ، منذ سنوات للإفراج عن هذه الصفحات من التقرير.

«أعتقد أن الشعب الأمريكي يستحق أن يعرف حقيقة ما حدث. وهذه هي العدالة لأفراد الأسر الذين عانوا من هذه الخسارة، والذين يشعرون بالإحباط إلى حد كبير من قبل حكومة الولايات المتحدة في جهودهم الرامية إلى الحصول على بعض التعويضات».

وقد تم تصنيف صفحات التحقيق بناء على طلب من مكتب التحقيقات الفيدرالي. وتشير وكالة الاستخبارات المركزية أنه كان هناك سبب وجيه للحفاظ على سرية الوثيقة.

تورط السعودية

ووصف مستشار «أوباما»، «بن رودس»، طبيعة التورط السعودي بقوله: «دون الدخول في ذلك على وجه التحديد لأنه لا يزال سريا، إنها ليست سياسة الحكومة السعودية بدعم تنظيم القاعدة، ولكن كان هناك عدد من الأفراد الأثرياء جدا في المملكة العربية السعودية الذين من شأنهم أن يساهموا، في بعض الأحيان مباشرة، في دعم الجماعات المتطرفة، وأحيانا من خلال الجمعيات الخيرية كانت تقوم بغسل الأموال وتوريدها إلى هذه الجماعات».

وبين زيادة التوتر مع السعوديين، ورحلة «أوباما»، ومشروع قانون الحصانة، يبدو أن هناك المزيد من الضغط للإفراج عن الوثيقة ذات الـ 28 صفحة الآن أكثر من أي وقت مضى. ومن المثير للاهتمام، أن السعوديين أنفسهم في الماضي قد دعموا تلك الجهود. وفي عام 2003، دعا وزير الخارجية «سعود الفيصل» للإفراج عنها مؤكدا أن المملكة العربية السعودية قادرة على الدفاع عن نفسها.

وقال «نريد أن نراها لسببين، إذا كانت هناك اتهامات ضد المملكة العربية السعودية، فنحن نريد الرد عليها، لأننا نعلم أننا واضحون. وإذا كان هناك أي معلومات حول أنصار للإرهابيين، نريد أن نعرف عنها لمتابعة الوضع». ولكن يبقى الموقف الحالي للحكومة السعودية عن رفع السرية غير واضح.

هناك الآن بعض المؤشرات على أن حكومة الولايات المتحدة قد تفعل ذلك في الواقع. وقد قال «جراهام» لفي تصريحات صحفية الأسبوع الماضي أن البيت الأبيض قال له إن اتخاذ القرار بشأن رفع السرية من عدمه قادم ضمن خلال شهر إلى شهرين. وهذا يعني ليس قبل زيارة «أوباما» إلى الرياض على افتراض أن القرار هو رفع السرية.

يأتي ذلك في حين يثير المسؤولون الأمريكيون تناقضا في نظرتهم حول الحكومة السعودية، مشيرين إلى السجل الكئيب للمملكة في مجال حقوق الإنسان والمشاركة في تصدير الإسلام المتطرف، وهناك قرع طبول جديدة من الأسئلة حول قيمة هذه العلاقة.

يناسب هذا المزاج الجديد كلا من الليبراليين الذين دائما ما يكرهون المملكة العربية السعودية، ويرون العلاقات الأمريكية السعودية على أنها مثيرة للسخرية، وكذا المحافظين الذين يعتقدون أن المملكة لم تفعل شيئا يذكر لوقف الإرهاب. لكن الولايات المتحدة لا تزال تعتمد على الحكومة السعودية في كثير من الأمور، ولاسيما في تحويل الدعم للمتمردين السوريين الذين يعارضون نظام «الأسد».

وعلى الرغم من التحرك حول تقرير الـ 28 صفحة، ومشروع قانون الحصانة، فإنه ليس من الواضح ما إذا كان «أوباما» سوف يناقش ذلك مع الملك. وعلى الرغم ضغطه ضد مشروع القانون الحالي، ورفض رفع السرية عن التحقيق في الكونغرس حتى الآن، فقد أظهر «أوباما» نفسه قلقا من الحكومة السعودية، وتشككا نحو العائلة المالكة أكثر من سلفه.

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية الأمريكية أوباما الملك سلمان السعودية زيارة أوباما 11 سبتمبر القمة الخليجية الأمريكية

الطلاق الطويل: كيف صارت العلاقات السعودية الأمريكية أكثر برودة في عهد «أوباما»؟

ستراتفور: هل يمكن أن تنفذ الرياض تهديدها ببيع الأصول الأمريكية؟

«بروكينغز»: قراءة في أوراق التاريخ .. لماذا لا يمكن التخلي عن العلاقات السعودية الأمريكية؟

«فورين بوليسي»: كيف ينظر الرئيس الأمريكي إلى السعودية؟

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

«بوليتيكو»: العلاقات السعودية الأمريكية تتدهور .. ولا أحد يمكنه إصلاح ذلك

محلل أمريكي: واشنطن بدأت تنظر إلى الشرق الأوسط من عدسة لا ترتاح لها الرياض

السعودية تروج لسياساتها في أمريكا عبر شبكة ضخمة من شركات الضغط والعلاقات العامة

«نيويورك تايمز»: لماذا لا تزال السعودية والولايات المتحدة بحاجة لبعضهما البعض؟

فرصة «أوباما» الأخيرة مع المملكة العربية السعودية

«محمد بن سلمان» يبدأ جولة خارجية الأحد يلتقي خلالها «أوباما» و«بان كي مون» ورئيس فرنسا

أمريكا تنفي أي توتر مع السعودية على خلفية الأزمة السورية

البيت الأبيض: «محمد بن سلمان» يلتقي «أوباما» صباح الجمعة

شبهات حول دور أمريكي ملتبس!

«ذا هيل»: رحلة الملك «سلمان» القادمة إلى الصين رسالة قوية إلى الولايات المتحدة