«فورين بوليسي»: كيف ينظر الرئيس الأمريكي إلى السعودية؟

الخميس 17 مارس 2016 05:03 ص

لقد ولت الأيام التي كان فيها الاحتكاك المشتعل منذ فترة ما بين الرئيس «أوباما» وقادة المملكة العربية السعودية قيد الكتمان في واشنطن. وقد أوضح «أوباما» صراحة أنه لم يعد يستسيغ التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. من جانبهم، فقد رد السعوديون عبر رسالة كتبها الأمير «تركي الفيصل»، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، والذي يتميز بتصريحاته الجريئة، والتي أظهره فيها كراهيته أن يتم انتقاد بلاده من قبل رئيس دولة قال إن بلاده ظلت تدعمها لعقود من الزمن.

كما هو الحال في معظم المشاحنات، فإن هناك بعض الحقيقية لدى كلا الجانبين. تحاول السعودية التقليل من حقيقة تأثير قيامها بتصدير الوهابية من خلال المدارس التي دعمتها في تطرف الكثير من المسلمين في جميع أنحاء العالم، من جنوب شرق آسيا إلى شمال ولاية فرجينيا. وقد قلل الرئيس الأمريكي، أو تجاهل تماما، مجموعة من الجهود السعودية التي عززت واشنطن سياسيا وعسكريا وساهمت في تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط وخارجه. وتشمل هذه القائمة دعم السياسات الأمريكية المعادية للسوفييت خلال الحرب الباردة وتوفير الدعم المالي لحلفاء الولايات المتحدة المتعثرين اقتصاديا مثل الأردن والمغرب، إضافة إلى تنسيق الجهود مع الولايات المتحدة لتخليص أفغانستان من السوفييت. كما تشمل قائمة التعاون بين البلدين أيضا العملية عاصفة الصحراء التي حررت الكويت من قبضة «صدام حسين» في عام 1991. كذلك فقد استضافت المملكة العربية السعودية القوات الأمريكية منذ التسعينيات، كما أخذت زمام المبادرة في دفع السلام مع (إسرائيل) من خلال مبادرة السلام العربية التي لم تعرها (إسرائيل) الانتباه مع الأسف، إضافة إلى تمويل المعارضة ضد «بشار الأسد» وضد «الدولة الإسلامية» على حد سواء.

قائمة الطرق التي قام بها السعوديون بدعم المصالح الأمريكية هي في الواقع أطول وأكثر عناء من يتم حصرها حتى من قبل «أوباما» نفسه . والأسوأ من ذلك أن ازدرائه للرياض على وجه الخصوص يزيد من ترسيخ حالة عدم الثقة لدى العديد من الدول العربية الأخرى في التحالف مع الولايات المتحدة، وهي الحالة التي نشأت مع عدم مبالاة واشنطن تجاه مصير حليفها طويل الأجل في مصر، «حسني مبارك». ومن الجدير بالذكر أن الأمير «تركي» قد ذكر «مبارك» في رسالته، ولكن الرئيس «أوباما» لم يذكر نظيره المصري السابق بأي شكل طوال حواره مع «جيفري غولدبرغ».

الشيء الذي تسبب في إحباط السعوديين حقا هي دعوة «أوباما» لهم لتقاسم النفوذ في الخليج مع إيران. هذا الأمر يختلف عن قيام واشنطن بالتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي. دول الخليج قد لا تكون مؤيدة لهذا النهج التفاوضي ناهيك عن الوصول إلى اتفاق فعلي، لكنها تتفهم جيدا دوافع واشنطن للسعي نحو هذا الاتفاق. ولكن قيام الرئيس الأمريكي بمساواة المملكة العربية السعودية، بل وسائر دول الخليج، مع إيران هو أمر مختلف تماما. إيران لم تخفض دعمها للفصائل التي تراها الولايات المتحدة فصائل إرهابية، سواء كانت حزب الله وحركة حماس أو حتى للحوثيين، أو غيرهم من العاملين في البحرين وغيرها. كما أن طهران لم تخفف من لهجة خطابها المعادي لـ(إسرائيل). كما أن دول الخليج ليست هي من أجرت تجارب على الصواريخ الباليستية المخطوط عليها شعار «الموت لإسرائيل» باللغة العبرية. ومع ذلك فإن «أوباما» يدعو إلى تقاسم النفوذ في المنطقة مع النظام الأكثر زعزعة للاستقرار فيها.

ولعل السعوديين والشركاء في الخليج يمكن أن ينالوا بعض العزاء في كونهم لم يكونوا الهدف الوحيد للكمات «أوباما». الأوربيون أيضا نالهم نصيب من الأمر، وكما هو معروف سلفا، فإن «أوباما» قد ضار ذرعا بالإسرائيليين منذ وقت بعيد.

توضح مقالة «غولدبيرغ» أنه من الواضح أن الرئيس الأميركي يفضل الابتعاد عن منطقة الشرق الأوسط وتركها تسير وفق آلياتها الخاصة. وللأسف فإن فعل ذلك لن يؤدي إلى ذلك العالم المستقر السلمي الذي يحلم به السيد «أوباما». على العكس من ذلك: فإن دفن الولايات المتحدة لرأسها في رمال الشرق الأوسط لن يسفر إلا عن المزيد من الصراعات في المنطقة نفسها، وزيادة في تدفق اللاجئين الذين يرهقون أوروبا. ولكن بعد ذلك، يبدو «أوباما» أيضا أقل اهتماما بمتاعب أوروبا، ما يسميه «غولدبرغ» بأنه «عقيدة أوباما» ينبغي أن تتم إعادة تسميته بـ«عقيدة النعامة» وهذا يؤكد مدى الفجوة في النظرة الأمريكية عن حقيقة التحديات التي تواجه سياسات واشنطن.

  كلمات مفتاحية

السعودية أوباما الولايات المتحدة عقيدة أوباما تركي الفيصل

«دعمناك وخذلتنا»: رد فعل سعودي عنيف على عقيدة «أوباما»

«تركي الفيصل» يفتح النار على «أوباما»: لا خطوط حمراء وانحرفت بالهوى لإيران

كيف يدير «أوباما» ظهره إلى السعودية وحلفائها السنة؟

«أوباما»: لن تنتهي فوضى الشرق الأوسط إلا بسلام بين السعودية وإيران

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

«كلينتون» أم «ترامب»: كيف ينظر السعوديون إلى الانتخابات الأمريكية؟

هل يمكن أن تستمر العلاقة الخاصة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة؟

«فورين بوليسي»: ما ينبغي أن يعيه الرئيس «أوباما» قبل زيارته الرياض

البيت الأبيض: «أوباما» سيطالب الخليج بدعم إضافي في حرب «الدولة الإسلامية»

«شركاء» وليسوا «حلفاء»: إعادة توصيف العلاقات الخليجية الأمريكية

«بروكينغز»: قراءة في أوراق التاريخ .. لماذا لا يمكن التخلي عن العلاقات السعودية الأمريكية؟

زيارة «أوباما» إلى الرياض: التحالف التاريخي يواجه ضغوطا غير مسبوقة

الطلاق الطويل: كيف صارت العلاقات السعودية الأمريكية أكثر برودة في عهد «أوباما»؟

«ذا أتلانتيك»: التعقيدات تخيم على أجواء العلاقات السعودية الأمريكية

«بوليتيكو»: العلاقات السعودية الأمريكية تتدهور .. ولا أحد يمكنه إصلاح ذلك

السعودية تروج لسياساتها في أمريكا عبر شبكة ضخمة من شركات الضغط والعلاقات العامة

«نيويورك تايمز»: لماذا لا تزال السعودية والولايات المتحدة بحاجة لبعضهما البعض؟

«و.س. جورنال»: ثلاثة أمور على الرئيس الأمريكي أن يدركها بخصوص السعودية

حليف جيد أم سيء: كيف يمكن أن ينظر صناع القرار في واشنطن إلى السعودية؟

كيف سينظر الرئيس الأمريكي القادم إلى السعودية؟

«هافينغتون بوست»: العلاقات السعودية الأمريكية لا تتجه للقطيعة رغم الخلافات

«ناشيونال إنترست»: لماذا تحتاج السعودية واشنطن إلى جوارها؟

«بروكنغز»: تقييم العلاقات السعودية الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب

الرئيس الأمريكي القادم .. جدول أعمال لأمن الخليج وسوريا والعراق

«كارنيجي»: الجرأة الإقليمية السعودية تعكس قلق المملكة بشأن انهيار النظام الإقليمي

«و.س. جورنال»: «بن سلمان» يسعى إلى تحسين صورة السعودية في واشنطن

المملكة العربية السعودية «تسوق» أهميتها الاستراتيجية للولايات المتحدة

العلاقات السعودية الأمريكية.. الاتفاق حول المصالح أهم من الخلاف حول القيم

السعودية لا تشعر بالتفاؤل تجاه أي من «كلينتون» و«ترامب»

اللوبي السعودي في واشنطن: المملكة استثمرت 10 ملايين دولار لتحسين علاقاتها مع أمريكا