«و.س. جورنال»: ثلاثة أمور على الرئيس الأمريكي أن يدركها بخصوص السعودية

الأحد 24 أبريل 2016 03:04 ص

جاءت مشاركة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» في قمة دول مجلس التعاون الخليجي في المملكة العربية السعودية يوم الخميس في وقت يشتد فيه التنافس على النفوذ بين القوى الرئيسية في الشرق الأوسط. تشير معظم الروايات الرسمية أن الاجتماع كان بناء وأنه قد أكد سلسلة من المبادرات المشتركة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.

كانت هذه هي الزيارة الرابعة لـ«أوباما» إلى المملكة العربية السعودية خلال رئاسته، وهو أكثر عدد من الزيارات لرئيس أمريكي إبان توليه منصبه. ولا يوجد أي بلد آخر في الشرق الأوسط قد استضاف «أوباما» أثناء رئاسته لعدد أكبر من المرات، الأمر الذي يؤكد أهمية المملكة العربية السعودية المستمرة كشريك إقليمي للولايات المتحدة على الرغم من انخفاض اعتماد الولايات المتحدة على موارد النفط السعودية والجدل الدائر في الولايات المتحدة بسبب مزاعم تورط المملكة العربية السعودية في هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

أثناء رحلتي إلى الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قمت وبعض زملائي بإجراء مقابلات مع العديد من القادة السعوديين من أجل تقديم تقرير إلى مركز التقدم الأمريكي. وفيما يلي 3 انطباعات عن تلك المناقشات ذات الصلة من المهم للولايات المتحدة أن تعيها:

أولا: السياسة الحازمة للمملكة العربية السعودية ولدت لتبقى

هذا النهج الذي يشمل الحملة العسكرية للمملكة في اليمن المجاورة، وإرسال مساعدات اقتصادية كبيرة لدول مثل مصر، يأتي مدفوعا بعاملين رئيسيين: التصورات السعودية حول التهديدات القادمة من قبل إيران، والمخاوف من انهيار نظام الدولة القومية في أجزاء من الشرق الأوسط.

وقد أخبرني أحد القادة السعوديين في لقاء لي معه إن البصمات الإيرانية يمكن أن نلمسها في كل مكان. يقوم الإيرانيون بتصدير المشاكل وتعزيز الطائفية والتطرف نشاطات إيران في المنطقة، مثل دعمهم للجماعات الإرهابية (حزب الله في لبنان، على سبيل المثال)، وكذا دعم المتمردين الشيعة في اليمن والجهود العسكرية التقليدية مثل برنامجها الصاروخي (الذي تواصله رغما عن الأمم المتحدة)، وهي أمور تشعر المسؤولين السعوديين وغيرهم من المسؤولين في الشرق الأوسط بالكثير من القلق. يهدف الرئيس «أوباما» إلى طمأنة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى حول دعم الولايات المتحدة لمواجهة جهود إيران في المنطقة.

ويقول القادة السعوديون أيضا إنهم يريدون تعزيز وتقوية هياكل الدولة في الشرق الأوسط. وهم يؤكدون أن هدفهم الوحيد هو تحقيق الاستقرار في الدول غير المستقرة، وفق ما أخبرني به زعيم سعودي آخر إبان زيارتي في ديسمبر/كانون الثاني. والتحدي هنا هو أن المملكة العربية السعودية لديها خبرة قليلة في التعامل مع مثل هذه الأنشطة كما أن تصرفاتها لم تسفر حتى الآن عن نتائج كبيرة.  لم ينجح الصراع في اليمن بعد في تعزيز هياكل الدولة كما أن دولة مثل مصر التي تلقت كميات كبيرة من المساعدات السعودية لا تزال تواجه تحديات داخلية كبيرة.

ومع إدراكها لهذه القضايا الإقليمية والتهديدات المستمرة، فإن المملكة العربية السعودية ليست عرضة لتغيير مسارها، على الرغم من الضغوط الناجمة عن الجمع بين أنشطتها المكلفة وانخفاض أسعار النفط.

ثانيا: السعودية تستعد لإعادة تشكيل عقدها الاجتماعي

تستعد المملكة العربية السعودية لإجراء بعض الإصلاحات التي سوف تتناول إعادة كتابة عقدها الاجتماعي المستقر منذ عقود ولكن هذه الإصلاحات سوف تكون صعبة التنفيذ.

لا يزال السعوديون في المرحلة الأولى من إدارة التغيير بعناية في القيادة. منذ أن تولى الملك «سلمان» السلطة في مطلع عام 2015 خلفا لأخيه غير الشقيق، فقد وضع خططا لإجراء تغييرات في السياسات الاقتصادية والحكم من شأنها أن تغير جذريا العقد الاجتماعي للبلاد وتحرك اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على عائدات النفط.

تنطوي هذه الخطط على جهود لخفض الدعم وفرض ضرائب جديدة وخصخصة بعض الشركات المملوكة للدولة والبدء في إنشاء صندوق جديد للثروة السيادية وهي إصلاحات تتطلب تغيير في الوضع القائم منذ عقود. هذه التغييرات رغم ذلك تفتح طريقا أمام الولايات المتحدة للانخراط مع المملكة العربية السعودية في الوقت الذي تسعى فيه إلى لزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر وتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد السعودي.

ثالثا: على واشنطن أن تزيد من معدل انخراطها مع الرياض

توسيع انخراط الولايات المتحدة مع السعودية هو الطريق الأكثر احتمالا للنجاح في صقل الأعمال السعودية في الداخل والخارج في الاتجاه الذي يحقق نتائج أكثر إيجابية.

سوف تستمر المملكة العربية السعودية كقوة كبرى في الشرق الأوسط ، ومن المرجح أن توفر هذه الإصلاحات الاقتصادية المنتظرة مجالا أكبر للانخراط الأمريكي. حاليا، يتركز التعاون الثنائي إلى حد كبير على الدفاع، والطاقة، ومكافحة الإرهاب. تتشارك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أهدافهما المعلنة بشأن تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط والتصدي للدور السلبي للجماعات الإرهابية وإيران، على الرغم من وجود اختلافات كبيرة حول وسائل تحقيق هذه الغايات.

وعلى الرغم من المصالح الاستراتيجية المشتركة، يواجه البلدان فجوة رئيسية في القيم. المملكة العربية السعودية تفرض بعضا من أقسى القيود على مستوى العالم في مجال حرية التعبير والنقاش وتتوسع في الاتهامات بالكفر والردة التي يعاقب عليها بالإعدام. هذه أمور لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، فإن هذا الخلاف لا يمنع من السعي لتحقيق المصالح المشتركة. في الوقت الذي تبدأ فيه المملكة في إحداث تغييرات هامة في الاقتصاد والسياسة الخارجية فإن الولايات المتحدة يمكنها أن تحقق مكاسب عبر الضغط على السعودية لاتخاذ إجراءات أكثر إيجابية في الداخل والخارج. لا يوجد قوة أخرى خارج المنطقة، سواء روسيا أو الصين، لديه ما يلزم من النفوذ من أجل التأثير على الحكومة السعودية بالقدر الذي تحوزه الولايات المتحدة.

ما هو المسار الأفضل للولايات المتحدة؟ إن عليها ببساطة أن تقوم بتوظيف مناطق نفوذها المتعددة من الضغط على المملكة العربية السعودية لتشجيعها على اتخاذ إجراءات بناءة، وخطوات تقدمية في الداخل والخارج.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران أوباما مصر اليمن الحوثيين العلاقات السعودية الأمريكية

فرصة «أوباما» الأخيرة مع المملكة العربية السعودية

«بوليتيكو»: العلاقات السعودية الأمريكية تتدهور .. ولا أحد يمكنه إصلاح ذلك

«بروكينغز»: قراءة في أوراق التاريخ .. لماذا لا يمكن التخلي عن العلاقات السعودية الأمريكية؟

«فورين بوليسي»: كيف ينظر الرئيس الأمريكي إلى السعودية؟

مخاوف الخليج التي لا يفهمها «أوباما» .. لماذا قررت السعودية الاعتماد على نفسها؟

«هافينغتون بوست»: العلاقات السعودية الأمريكية لا تتجه للقطيعة رغم الخلافات

«بروكنغز»: تقييم العلاقات السعودية الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب

شهادات أمريكية حول السعودية: «شريك ضد الإرهاب»

الرئيس الأمريكي القادم .. جدول أعمال لأمن الخليج وسوريا والعراق

التعاون الثنائي في مكافحة الإرهاب والتغيرات في القيادة السعودية