زيارة «أوباما» إلى الرياض: التحالف التاريخي يواجه ضغوطا غير مسبوقة

الاثنين 18 أبريل 2016 01:04 ص

على مدار العقود السبعة الماضية، قدمت صور الرؤساء الأمريكيين وهم يقفون جنبا إلى جنب مع ملوك المملكة العربية السعودية أدلة بصرية على التحالف الاستراتيجي الدائم بين الولايات المتحدة والمملكة الغنية بالنفط في الشرق الأوسط.

يوم الأربعاء المقبل، سوف يضيف الرئيس «أوباما» صورة جديدة لهذا السجل من القصاصات عندما يصل إلى الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية من أجل لقاء الملك «سلمان»، العاهل السعودي البالغ من العمر 80 عاما.

لكن الصورة المتوقعة بين الزعيمين سوف تفشل في إخفاء حقيقة الضغوط على العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. خلال فترة «أوباما»، كان هناك حال من انعدام الثقة وعدم الاتفاق على كيفية احتواء إيران، والكفاح ضد «الدولة الإسلامية»، ومستقبل سوريا والحرب في اليمن. وقد أظهرت التعليقات الحادة للسعوديين على مقابلة «أوباما» التي أجريت مؤخرا المدى الذي بلغته حالة التشكيك في النوايا.

«العلاقات بين البلدين تعاني في الوقت الراهن»، وفقا لما قاله «فريدريك هري»، باحث بارز في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. ولكنه أضاف بالقول: «ولكنها ليست متجهة إلى الانهيار الوشيك».

ويرجع ذلك إلى أن البلدين يبدوان بحاجة إلى بعضهما البعض. وتقدم الولايات المتحدة الدعم العسكري والاستخباراتي للمملكة فيما يخص أمنها الإقليمي، ومن المتوقع أن تعلن دعما إضافيا خلال هذا الأسبوع. في المقابل، تساعد المملكة العربية السعودية في محاربة الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وتبقى ثاني أكبر مزود للنفط إلى الولايات المتحدة، بمعدل ربع مليون برميل يوميا.

والآن ومع دخول «أوباما» إلى غسق رئاسته، فإن السعوديين يتطلعون إلى خلفه، الفائز في الانتخابات الرئاسية المقرر أن يعلن عنه في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

«بالنسبة لهم، فإن سفينة أوباما قد أبحرت منذ فترة طويلة»، وفقا لـ«دانييل بليتكا»، نائب رئيس وحدة الدراسات السياسة الخارجية وسياسات الدفاع في معهد أميركان إنتربرايز. وأضاف: «إنهم، مثلنا، ليس لديهم أي فكرة عما سيأتي بعد ذلك».

على مدار سبعين عاما، ومنذ بدأ الرئيس «فرانكلين روزفلت» هذا التحالف في نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد ظل السعوديون يتطلعون إلى الولايات المتحدة في المقام الأول من أجل المساعدة على ضمان أمنهم في منطقة غير مستقرة. إنهم يريدون من الولايات المتحدة أن تكون في ظهرهم خصوصا في صراعهم المحتمل مع إيران، منافسهم الإقليمي طويل الأمد.

وهذا يعني، في الجزء الأكبر منه، المعدات العسكرية: الولايات المتحدة ساعدت المملكة العربية السعودية، الدولة ذات الأغلبية السنية في الحصول على أسلحة ردع في مواجهة إيران ذات الأغلبية الشيعية. وفي الآونة الأخيرة، سعى السعوديون للحصول أيضا على الدعم الاستخباراتي والتدريب. وقد منحت الولايات المتحدة السعوديين الدعم اللوجيستي لحربهم في اليمن.

ومن المتوقع أن الولايات المتحدة سوف تعلن هذا الأسبوع أنها ستعزز الدفاعات الصاروخية في المنطقة وسوف تقوم بتقديم دعم جديد للجهود السعودية لمواجهة الهجمات الإلكترونية من إيران وغيرها.

«وقد أصبحت السعودية أكثر اعتمادا على الجيش الأمريكي في الأمور الطارئة الخطيرة» وفقا لما قاله «أنتوني كوردسمان» من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

ما الذي تريده الولايات المتحدة؟

غالبا ما كانت الولايات المتحدة تنظر إلى المملكة العربية السعودية بوصفها مصدرا للاستقرار في الشرق الأوسط. وهي حليف ساهمت الاحتياطيات النفطية الأمريكية في الحد من أهميته بالنسبة للمصالح الأمريكية مؤخرا.

«كان الرؤساء الأمريكيون يميلون للحفاظ على علاقات لائقة مع البلد الذي يصدر نفطا أكثر من أي دولة أخرى في العالم»، وفقا لـ«غريغوري غوس» وهو أستاذ في كلية بوش للسياسات الحكومية والخدمة العامة في جامعة تكساس.

عملت المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة في حملة ضد تنظيم القاعدة، ومؤخرا ضد «الدولة الإسلامية»، وهي جماعة ينظر إليها على نطاق واسع أنها تمثل خطرا إقليميا وتهديدا مباشرا للأمن الأمريكي. وتسعى الولايات المتحدة للحصول على مساعدة المملكة العربية السعودية لإنهاء الحرب الأهلية السورية.

إدارة «أوباما» تريد أيضا إحداث تغييرات داخل المملكة العربية السعودية، حيث غالبا ما تواجه الأقليات الدينية والنساء التهميش. ويقول مسؤولون إن «أوباما» سوف يثير قضية حقوق الإنسان ولكن قلة هم الذين يتوقعون أن يطغى هذا الأمر على المخاوف الأمنية.

ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إن التحالف لا يزال قويا. وعلى الرغم من ذلك، فقد اعترف «روب مالي»، مستشار شؤون الشرق الأوسط للرئيس، خلال الأسبوع الماضي أن «وجهات نظرنا وتلك الخاصة ببعض شركائنا في المنطقة، والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، لم تكن دائما متوافقة بشكل تام».

كيف سارت الأمور بشكل خاطئ؟

من وجهة نظر السعوديين، فإن الثقة في دعم الولايات المتحدة قد تم تقويضها في عام 2011 بسبب ما اعتبروه فشل «أوباما» في دعم «حسني مبارك»، الرئيس المخلوع في مصر، إبان انتفاضة الربيع العربي. وقد اهتزت الثقة بشكل أكبر بعد تقاعسه عن القيام بعمل عسكري بعد قيام نظام «الأسد» بانتهاك خطوطه الحمراء باستخدام الأسلحة الكيميائية. وقال «أوباما» إنه فخور إنه نجح في التزام ضبط النفس حتى آخر لحظة إلا أن هذا الأمر قد أسهم في زيادة تشكيك السعوديين في مدى التزام الولايات المتحدة تجاه الدفاع عن حلفائها في المنطقة.

في السنوات التالية، تحول هذا التشكيك إلى قلق عميق، لاسيما بعد أن تشارك السيد أوباما مع إيران في مسعى للوصول إلى اتفاق بشأن برنامج الأسلحة النووية للبلاد. وقد أشاد مسؤولون أمريكيون بالاتفاق الذي تم إنجازه العام الماضي واصفين إياه بأنه قد نجح في منع إيران من أن تصير قوة نووية.

داخل المملكة العربية السعودية، فإن ذوبان الجليد بين الأمريكيين والإيرانيين ينظر إليه على أنه بمثابة تحول خطير في توازن القوى في المنطقة. السعوديون يخشون من الهجمات التقليدية والهجمات الإرهابية من إيران ويخشون أن الولايات المتحدة قد تتراجع عن التزامها الدفاعي منذ عقود.

«بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن ذلك يمثل تهديدا وجوديا» وفقا لـ«كوردسمان».«بالنسبة لنا فإن هذه تمثل مشكلة إقليمية أخرى».

هناك مشكلة أخرى أن هناك اشتباه منذ فترة طويلة بين البعض في الولايات المتحدة أن الحكومة السعودية أو بعض مسؤوليها قد شاركوا في التآمر في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. في الأيام الأخيرة، حذر مسؤولون سعوديون المشرعين الأمريكيين أنهم قد يقومون ببيع مليارات الدولارات من الأصول الأمريكية إذا أقر الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسمح بإدانة الحكومة السعودية بالمسؤولية عن الهجمات أمام المحاكم الأمريكية. ومع ذلك، فقد قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية أن العلاقات تشير بشكل أفضل في الوقت الراهن مما كان الوضع عليه قبل عامين بعد انتهاك الخط الأحمر الأمريكي في سوريا. جهود إصلاح العلاقات التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «جون برينان» أدت إلى مساعدة السعودية في التوسط للوصول إلى وقف إطلاق النار في سوريا والتعاون من قبل الولايات المتحدة في الحرب السعودية ضد القوات المدعومة من إيران في اليمن.

ما الذي يفكر فيه الرئيس حقا؟

إذا كانت العلاقة تتحسن، فإنها تتحسن على النقيض من التصريحات الحادة والكاشفة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» عن المملكة العربية السعودية خلال سلسلة من المقابلات التي أجراها لصحيفة ذي أتلانتيك مؤخرا.

وقد أخبر الرئيس «أوباما» السيد «جيفري غولدبرج»، مراسل الصحيفة، أن المملكة العربية السعودية عليها أن تجد وسيلة للتعايش مع إيران من خلال السلام البارد واقتسام النفوذ في المنطقة. وقد أشار «أوباما» إلى السعوديين وغيرهم من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة بوصفهم «راكبون بالمجان»، أي أنهم يستقبلون المساعدات الأمنية من الولايات المتحدة دون تقاسم العبء.

حاول مسؤولو البيت الأبيض التهوين من شأن تعليقات السيد «أوباما» مشيرين إلى أن الإدارة كثيرا ما كانت تحث حلفاءها على القيام بدورهم. لكن مصادر مطلعة على رد الفعل السعودي على تصريحات الرئيس أكدت أنه كان ردا عنيفا، وأن ينظر إلى هذه التصريحات على أنها تأكيد لشكوك السعوديين حول عدم التزام السيد «أوباما» تجاه مصالحهم.

ما وراء «أوباما»: من سيأتي بعد؟

وإذا كان السعوديون على استعداد لطي صفحة رئاسة «أوباما»، فإنهم قلقون أيضا حول ما يأتي بعد ذلك، خصوصا إذا كان الرئيس الأمريكي القادم هو «دونالد ترامب» أو «تيد كروز» سيناتور تكساس.

وقد انتقد السيد «ترامب» علنا المملكة العربية السعودية وقد أخبر صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي إنه قد يوقف جميع مشتريات النفط ما لم تقم السعودية ببذل المزيد من الجهد في الحرب ضد «الدولة الإسلامية». وأضاف بالقول أنه: «إذا كانت المملكة العربية السعودية دون مظلة الحماية الأمريكية فأنا لا أعتقد أنها سوف تظل موجودة».

وقال السيد «كروز» خلال مناظرة رئاسية في فبراير/شباط أن «على الولايات المتحدة أن تلفت نظر أصدقائنا أن الأصدقاء لا يمولون الجهاديين الذين يسعون إلى قتلنا. وحين يتعلق الأمر بالمملكة العربية السعودية فإننا بحاجة إلى تدقيق حقيقي وضغط حقيقي».

من وجهة نظر السعوديين، فإن رئاسة «هيلاري كلينتون» قد تمثل نوعا من العودة لتلك السياسة الخارجية الودودة التي ميزت عصر زوجها حين كان رئيسا للبلاد. ولكن لا شيء مؤكد في هذا الموسم السياسي، في حين أن السيناتور «بيرني ساندرز» من فيرمونت، المرشح الآخر للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، هو غير معروف بالنسبة إلى السعوديين.

ووفقا لما يؤكده البروفيسور «غوس» فإن «السعوديين مثلهم مثل الجميع لا يعلمون حقيقة ما يفكر فيه ترامب. ولا أحد يعلم حقيقة نوايا السيناتور كروز حيال هذا الأمر كذلك». وأضاف بالقول: «أعتقد أنهم سوف يكونون أكثر راحة مع هيلاري».

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة أوباما العلاقات السعودية الأمريكية زيارة أوباما أمريكا الملك سلمان

صحف السعودية: قمة الرياض ترسم علاقات ما بعد «أوباما»

«بروكينغز»: قراءة في أوراق التاريخ .. لماذا لا يمكن التخلي عن العلاقات السعودية الأمريكية؟

«فورين بوليسي»: ما ينبغي أن يعيه الرئيس «أوباما» قبل زيارته الرياض

«كلينتون» أم «ترامب»: كيف ينظر السعوديون إلى الانتخابات الأمريكية؟

«فورين بوليسي»: كيف ينظر الرئيس الأمريكي إلى السعودية؟

مراقبون: «ناياك» لوبي إيراني بأمريكا يعمل ضد السعودية

«الزياني»: القمة الخليجية الأمريكية ستبحث دعم إيران للإرهاب

أمير الكويت يغادر إلى السعودية للمشاركة في القمة الخليجية الأمريكية

زيارة أوباما .. هل من جدوى؟

زيارة «أوباما» للمملكة تتصدر اهتمامات صحف السعودية

رئيس «سابراك»: القمة السعودية الأمريكية ستتناول خروقات إيران للاتفاق النووي

بدء وصول قادة دول «مجلس التعاون» إلى الرياض

«الزياني»: اتفاق خليجي أمريكي لمنع تهريب السلاح الإيراني إلى اليمن

فرصة «أوباما» الأخيرة مع المملكة العربية السعودية

سياسة «أوباما» لا تقل خطوة عن «داعش»!