مؤشرات على قرب تسوية أزمة «ريجيني» بين مصر وإيطاليا

الخميس 19 مايو 2016 11:05 ص

بعد توتر دام شهور في العلاقات الرسمية المصرية الإيطالية، شهدت الفترة الأخيرة ما رآه مراقبون بوادر انفراجة في الأزمة التي بدأت بالعثور على جثة الطالب الإيطالي «جوليو روجيني» مقتولاً على الطريق السريع بين القاهرة والإسكندرية، غرب القاهرة، في فبراير/ شباط الماضي.

وشهدت الآونة الأخيرة، عددا من التحركات والزيارات الرسمية المصرية إلى إيطاليا، بهدف استعادة العلاقات  التي شابها وفي هذا الإطار، تحدث وفد مصري يزور إيطاليا حاليًا، منذ الثلاثاء الماضي، عن انفراجة مرتقبة في العلاقات بين روما والقاهرة، رصد خبراء مصريون، في أحاديث منفصلة، ثلاثة مؤشرات إلى قبول مصر وإيطاليا تسوية مرتقبة لأزمة العلاقات المتوترة بينهما.

وقد توترت العلاقات بشكل حاد بين مصر وإيطاليا، على خلفية مقتل ريجيني (28 عاما)، الذي كان موجودًا في القاهرة منذ سبتمبر / أيلول 2015، لتحضير أطروحة دكتوراه حول النقابات العمالية. واختفى في 25 يناير / كانون الثاني الماضي بأحد أحياء محافظة الجيزة، المتاخمة للعاصمة المصرية، قبل العثور على جثمانه في 3 شباط / فبراير الماضي.

طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، اعتبر أن «استقبال روما وفودًا مصريّة خلال الأسابيع القليلة الماضية، أحد مؤشرات قبول البلدين تسوية للأزمة الطارئة، إضافة إلى تعيين سفير جديد لروما لدى القاهرة، واعتبارات أقتصادية أخرى».

وفي 4 أبريل / نيسان الماضي، وصل وفد مصري يضم قضاة وضباط شرطة، إلى روما، لإطلاع الجانب الإيطالي على آخر نتائج التحقيقات التي تجريها السلطات في القاهرة في الواقعة.

كما أوفد مجلس النواب في العاشر من أبريل/نيسان الماضي، لجنة إلى البرلمان الأوروبي لمتابعة مقتل ريجيني، وتوضيح حقيقة ما تناوله تقرير البرلمان الأوروبي بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر.

وفي العاشر من مارس / آذار الماضي، أدان البرلمان الأوروبي مصر بشدة بسبب «تعذيب وقتل ريجيني، وملف حقوق الإنسان المصري»، الذي يشهد انتقادات محلية ودولية تنفي صحتها السلطات المصرية عادة. وأعلنت رئاسة الوزراء الإيطالية الأربعاء الماضي تعيين جامباولو كانتيني سفيرا جديدا لدى مصر خلفَا للسفير السابق ماوريتسيو ماساري.

ووصف فهمي الزيارات البرلمانية والرسمية السابقة بـ «الموفقة»، مشيرا إلى أنها «أظهرت حرص الجانب الإيطالي على التقارب مع مصر، خاصة في أعقاب تعيين سفير جديد لروما بالقاهرة»، وهو ما اعتبرها «إشارات إلى بدء إنفراجة في الأزمة».

وبينما قال إنها ستمثل ضغطا على الجانب الإيطالي، شدد فهمي على «ضرورة أن يتم وضع تلك الزيارة في إطارها الصحيح بعيدا عن أي مزايدات»، وفقا لتعبيره.

ومن جهته اعتبر سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية في القاهرة، أن زيارة الوفد المصري الحالية «تأتي في إطار تسهيل عملية تمرير صفقات رسمية بين البلدين لحل الأزمة، من بينها دفع تعويضات، بعيدا عن الإعلام وحالات التصعيد».

وذكر أن «إيطاليا بدأت خلال الأيام الماضية تميل إلى التهدئة، بدليل تعيين سفير جديد لها في القاهرة»، معتبرا أن «المصالح المشتركة دفعت في هذا الاتجاه، والتي من بينها الملف الليبي، وملفات اقتصادية من بينها الغاز، خاصة شركة إيني الإيطالية التي تمتلك استثمارات ضخمة في مجال البترول والغاز بمصر».

واستطرد أن «زيارة الوفد الحالية ربما يتم استخدامها لإظهار أن ثمة تعاونا بين البلدين، وهو ما يسهل عملية تمرير صفقات رسمية (لم يحددها)، لافتا إلى أن «تلك التحركات تأتي في إطار لملمة الأزمة».

كما اعتبر صادق أن «استمرار تصعيد الأزمة يُؤثر سلبا على الجانب الاقتصادي، خاصة أن حجم التبادل التجاري بين مصر وإيطاليا يبلغ حوالي 6 مليارات يورو»، مشيرا إلى أن «تحركات بدأت من أجل لملمة الأزمة من المشاحنات الشعبية لتمرير حل رسمي (لم يحدده).

على جانب آخر، قال «سعيد اللاوندي»، خبير العلاقات السياسية والدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن «كبار المسؤولين في البلدين بدأوا البحث عن طرق لحلحلة الأزمة، خاصة في ظل تعقيدات كبيرة في الأزمة كان منبعها الإعلام المصري»، على حد قوله.

واشار إلى زاوية أخرى، تتعلق بـ«محاولة تحسين الصورة لدى الرأي العام الإيطالي بشأن ملابسات الواقعة»، إذ سيلتقي الوفد عددا من رؤساء تحرير الصحف الإيطالية. وهو ما سيعطي المباحثات الرسمية فرصة لتسوية مرتقبة، خاصة أن الضغط الشعبي كان له تأثير على الحكومة الإيطالية، على حد قوله.

وفي 8 نيسان / أبريل الماضي، أعلنت إيطاليا استدعاء سفيرها في مصر للتشاور معه بشأن القضية، التي شهدت اتهامات من وسائل إعلام إيطالية للأمن المصري بالتورط في قتله وتعذيبه، بينما تنفي السلطات المصرية صحة هذه الاتهامات.

وأوضحت السلطات المصرية أن روما استدعت سفيرها على خلفية رفض القاهرة طلب الجانب الإيطالي في الحصول على سجل مكالمات مواطنين مصريين، مؤكدة أن هذا الطلب لا يمكن الاستجابة له لأنه «يمثل انتهاكا للسيادة المصرية».

ضرر اقتصادي

وبحسب مراقبين فإن استمرار الأزمة اقتصادية ستعانى منه الشركات والمصانع الإيطالية قريبًا، بعد توتر الأجواء الدبلوماسية بين الدولتين على خلفية مقتل الطالب، وسحب السفير الإيطالى للتشاور، وهى درجة من درجات الاحتجاج الرسمى، وذلك لتأثر عدد من الصناعات التحويلية وصناعات الأغذية والغزل والنسيج والمنتجات الزراعية والخدمات المصرفية والرخام والأثاث، والتى بلغ حجمها 6 مليارات دولار بنهاية 2014، إضافة إلى استثمارات شركة «إينى» البترولية والتى تبلغ 12 مليار دولار. 

العلاقات المصرية الإيطالية قديمة، لكنها بدأت بقوة مع العودة للتمثيل الدبلوماسى بعد الحرب العالمية الأولى عام 1914، وزادت حتى تخطى التبادل التجارى السنوى حاجز 6 مليارات دولار، أغلبها سلع استهلاكية ومعمرة إيطالية يتم تصديرها لمصر، فى مجالات عديدة، لتصبح إيطاليا هى الشريك التجارى الأوروبى الأول لمصر، والثانى على مستوى العالم، وخامس دولة فى مجال الاستثمار فى مصر. 

ورغم أحداث ثورة 25 يناير 2011، لم تتراجع الاستثمارات الإيطالية داخل مصر فى ظل توتر الأوضاع الاقتصادية والسياسية، لتظل ثابتة حتى منتصف عام 2013، لتعود مرة أخرى للزيادة خلال 2014، متغلبة على الصين صاحبة التواجد الاستثمارى الأكبر فى مصر، وتمتد الاستثمارات للقطاع المصرفى والمالى، كما يمثل مجال السياحة عاملاً مهمًّا فى العلاقات المتبادلة بين البلدين

 

  كلمات مفتاحية

جوليو ريجيني توتر العلاقات سحب السفير الإيطالي احتجاج رسمي إدانة أوربية مؤشرات إيجابية

«رويترز» تتمسك بروايتها عن «ريجيني» وتنفي مثولها للتحقيق

إيطاليا تستدعي سفيرها بالقاهرة وتوقف التعاون مع فريق التحقيق في مقتل «ريجيني»

5 روايات حول مقتل «ريجيني» بمصر.. وإيطاليا تحذر: نريد الحقيقة

إيطاليا تهدد مصر بـ«عواقب» إذا لم تتعاون في تحقيقات مقتل «ريجيني»

«البرلمان الأوروبي» يبحث مقاطعة مصر أمنيا وعسكريا على خلفية مقتل «ريجيني»

النيابة المصرية تجدد حبس محامي «ريجيني» 45 يوما

مستند سري يؤكد: «ريجيني» كان ضحية الصراع بين الأجهزة الأمنية المصرية

صحيفة إيطالية: مصر تتعمد تضليلنا بتحقيقات مقتل «ريجيني»

مصر: محامي «ريجيني» يبدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على حبسه في قضية تظاهر