صحيفة إيطالية: مصر تتعمد تضليلنا بتحقيقات مقتل «ريجيني»

الخميس 16 يونيو 2016 06:06 ص

نشرت جريدة «كورييري دي لا سيرا» الإيطالية تقريرا مؤخرا تناولت فيه الأدلة المضللة المقدمة من قبل الشرطة المصرية حول مقتل الطالب الايطالي «جوليو ريجيني»، وكذلك نتائج تحقيقات النيابة المصرية التي أرسلت إلى روما.

وأبرزت «دي لا سيرا» المتعلقة بالبيانات التقنية تنفي مسؤولية التشكيل العصابي الذي تم تصفيته في 24 مارس/أذار الماضي، ما يعزز فرضية أن العثور على متعلقات «ريجيني» في منزل أحد افراد التشكيل العصابي هي قصة تم تدبيرها على طاولة اجتماعات.

 تناقض السجلات

ووفقا لرواية وزارة الداخلية المصرية، والتي أنكرتها النيابة بشكل غير رسمي، فإن التشكيل العصابي الذي قتل منذ ثلاثة أشهر بزعم تبادل إطلاق النار كان وراء قتل «ريجيني» بدليل العثور على متعلقاته بمنزل أحد أفراد العصابة، ولكن من بين الاوراق التي قدمت بعد إصرار المدعي العام في روما وجد المحققون تناقضا في هذه التصورات، ففي يوم 25 يناير/كانون الثاني، يوم اختفاء «ريجيني»، كان زعيم التشكيل العصابي المزعوم «طارق سعد عبدالفتاح إسماعيل» على بعد أكثر من 100 كيلومتر من القاهرة، ففي هذا التاريخ التقطت شبكة تليفونه في الساعة 16.00 و 17:33 والساعة 20.32 إشارات تظهر وجوده في منطقة اولاد صقر بمحافظة الشرقية شمال العاصمة المصرية، ما يعني أنه غير وارد ولا يمكن أن يكون موجودا عند منزل «ريجيني» أو حتى بالقرب من محطات المترو التي خطف من محيطها الباحث الإيطالي. 

تصريحات الزوجة

الرواية المريحة الصادرة عن السلطات المصرية في نهاية شهر مارس/أذار لمحاولة غلق ملف القضية كانت مدعومة بتفاصيل اخري: تصريحات زوجة «طارق»، «مبروكة أحمد عفيفي»، والتي اعتقلت في أعقاب عمليات البحث التي ظهرت من خلالها (بالقدرة الإلهية) الوثائق الخاصة بـ«ريجيني» رواية أخرى تصعب على التصديق، على الأقل في جزء جوهري منها.

فقد تم استجواب المرأة مرتين من قبل النيابة العامة بالقاهرة، وفقا للمحاضر التي تم تسليمها لروما، في المحضر الاول، تقول مبروكة إنها وصلت إلى المنزل بعد وفاة زوجها، لتجد حوالي 12 من ضباط المباحث في ملابس مدنية وقد دخلوا مختلف الغرف، واحد منهم وجد الحقيبة الحمراء بالرسم الكاروهات والتي تحتوي على جواز سفر أحمر، مكتوب عليه باللغة الإنجليزية، ومحفظة بنية اللون، وبطاقة سوداء، وثلاثة أو أربعة هواتف لا تتذكر ألوانها، وثلاث نظارات شمسية، وسماعة طويلة لهاتف محمول «هذا هو ما أتذكره».   

كانت هذه هي وثائق «ريجيني»، حسبما أخبرت الشرطة المصرية الصحافة الدولية وهي «دليل الإدانة الرئيسي» الذي يثبت تورط العصابة في قتل «ريجيني»، «سألني أحد أفراد الشرطة: لمن هذه الحقيبة الحمراء التي كان بها جواز سفر؟»، فقلت له: «هي ملكي»، وعندها صفعني، تقول «مبروكة»، ومرة أخرى عندما وجدوا جواز السفر بدأوا في تبادل التهاني، ثم التفتوا إلى أعلاهم رتبة وقالوا: مبروك يا فندم، «ليس لدي أي فكرة عن السبب».

ربما لأنهم وجدوا ما كانوا يبحثون عنه، وربما كانوا يعلمون مسبقا أين يجب أن يبحثوا، مجرد فرضيات.

غير أن المؤكد أنه لا يوجد سوى تصريحات «مبروكة» والتي تقر أن الحقيبة الحمراء أحضرها زوجها الي المنزل، وذلك قبل حوالي شهرين (أي في أوائل فبراير/شباط، بعد العثور علي جثمان ريجيني بيوم) وتقر بأنه أسر لها بالسطو علي هذا الشاب.

كان لـ«طارق» تاريخ من جرائم الاحتيال، لكنه في الآونة الأخيرة «ارتكب جرائم أخرى بمعاونة ابنه أحمد وزوج ابنته صلاح علي سيد محمد»، وثلاثتهم تم قتلهم يوم 24 مارس/أذار، وتقول السيدة إنها شاهدت في التلفزيون صورا لجوليو، وإن طارق اعترف لها بأنه نفس الشاب الذي كانوا قد حاولوا سرقته قبل أيام، وإن ريجيني حاول المقاومة، وهنا «قال لي طارق إنه ضربه في وجهه، وابتعد عنه هربا. ثم قام صلاح بضربه حتى سقط على الأرض»، بعد ذلك تحدث على الهاتف مع شخص آخر، ونبٰهه زوجها إلى ما حدث: «مصطفى، الرجل مات». 

قناعات المحققين الإيطاليين

وذكرت الصحيفة أنه إذا كانت القصة حقيقية حسب ما روتها السيدة، فإنه ينبغي أن تكون قد حدثت يوم 25 يناير/كانون الثاني، وهو اليوم الذي اختفى فيه «ريجيني»، ولكن طارق في ذلك اليوم لم يكن في القاهرة، وإنما على بعد 130 كيلومترا إلى االشمال، كما يتضح من النسخة المطبوعة من سجلات المتابعة الهاتفية المراقبة للهاتف المحمول التي كان المحققون من الدائرة المركزية للشرطة الايطالية وقطاع العمليات الخاصة لقوات الدرك «ROS» تمكنوا من تحليلها الأسبوع الماضي فقط (وهي وحدها المفيدة للتحقيق: فالمدعي العام في روما يقول إنه طلب كل تلك البيانات الخاصة بالعصابة المكونة من الخمسة المقتولين،  ولكن ما تلقاه كان بيانات أربعة منهم فقط: واحد لم تظهر لهاتفه أي تحركات، بينما اثنان آخران احتوت السجلات المقدمة لهما على الاتصالات الجارية فقط من يوم 20 مارس/أذار، لذلك لا يمكن مقارنتها مع تواريخ اختطاف ريجيني). 

في هذه المرحلة، أصبح المدعي العام في روما «جوزيبي بينياتوني» ونائبه «سيرجيو كولايوكو» تقريبا شبه متأكدين من أن توجيه مسار القضية تجاه التشكيل العصابي ليس فقط غير صحيح، ولكنه أيضا تم فبركته على طاولة اجتماعات، ولذلك فإنهم يجهزون الآن للمرة الثالثة طلب إنابة قضائية إلى السلطات المصرية يحوي عددا من الأسئلة المباشرة لفهم من الذي قام بذلك وكيف نظمه.

تجدر الإشارة إلى حقيقة أن مكتب النائب العام المصري قد رفض أن يأخذ في الاعتبار واقعة العصابة الإجرامية، وبالتالي نصل إلى السؤال المركزي في محاولة تسليط الضوء على وفاة «ريجيني»: الكشف الآن عن هوية من قام بالتضليل المتعمد هو السبيل الوحيد للوصول إلى المسؤولين عن هذه الجريمة.

المصدر | الخليج الجديد + متبعات

  كلمات مفتاحية

مصر إيطاليا جوليو ريجيني

نيابة روما: فرضية مصر بشأن مقتل «ريجيني» على يد عصابة إجرامية كاذبة

مستند سري يؤكد: «ريجيني» كان ضحية الصراع بين الأجهزة الأمنية المصرية

مؤشرات على قرب تسوية أزمة «ريجيني» بين مصر وإيطاليا

مصر تسلم إيطاليا تحقيقات ووثائق جديدة تتعلق بمقتل «ريجيني»

اختراق مصري لـ«إيميل» الإيطالي «ريجيني» يجدد التساؤلات حول مقتله

إيطاليا تشترط صدور تقييم النيابة في قضية «ريجيني» قبل عودة سفيرها لمصر

مصر تتهم «العفو الدولية» بالتحريض ضدها في مقتل «ريجيني»

حملة إلكترونية للتذكير بمقتل الباحث الإيطالي «ريجيني» في مصر

البرلمان الإيطالي يلغي توريد قطع غيار حربية لمصر على خلفية أزمة «ريجيني»

«إيني» تتلقى عروضا لبيع 20% من حصتها في حقل ظهر شمالي مصر