مستند سري يؤكد: «ريجيني» كان ضحية الصراع بين الأجهزة الأمنية المصرية

الجمعة 10 يونيو 2016 02:06 ص

كشفت صحيفة إيطالية، عن وجود مستند، تم الكشف عنه مؤخرا يؤكد أن الباحث الإيطالي «جوليو ريجيني» كان ضحية الصراع بين الأجهزة الأمنية المصرية.

وقالت صحيفة «لاريبوبليكا» الإيطالية، إنها حصلت على أدلة جديدة من مصادر مخابراتية وتحقيقية، حيث حصلت على مستند باللغة العربية بتاريخ 25 أبريل/نيسان 2016، تم إرساله إلى السفارة الإيطالية في سويسرا، والذي أُرسل إلى نيابة روما في الأسابيع المنصرمة.

ووفق الصحيفة، تعد هذه الوثيقة المجهولة هي الثانية من نوعها (الأولى تم إرسالها إلى جريدة لاريبوبليكا) والتي أمدت بمعلومات حول قضية «ريجيني» واردة من مؤسسات رئيسية تمثل السلطة التنفيذية في مصر.

ويواصل التقرير استعراض التفاصيل (وهو الآن في حوزة نيابة روما)، فيقول إنه في نهاية نوفمبر/تشرين ثاني 2015، تقريباً، قام عميد الأمن الوطني الذي يباشر التحريات حول «ريجيني» بتقديم معلومات جديدة للواء «صلاح حجازي» رئيس الأمن الوطني مفادها أن «جوليو» الذي تم اتهامه بالتجسس، كان على اتصال بشاب مصري يدعى «وليد»، وهو أحد الشباب المنتمين إلى «الاشتراكيين الثوريين» والسبب في الاهتمام الزائد من قبل المخابرات أن «وليد» لم يكن شابا عاديا بل كانت تجمعه صلة قرابة من الجنرال «صلاح حجازي».

وفي 19 ديسمبر/كانون أول 2015 تم نقل الجنرال «صلاح حجازي» من منصب رئيس الأمن الوطني وتم تعيين اللواء «محمد شعراوي» بدلا منه وذلك لسببين أولهما تقاعسه في إدارة ملف «ريجيني»، وثانيهما سحب ملف «ريجيني» من عميد الأمن الوطني الذي اكتشف وجود اتصال بين «ريجيني» و«وليد» الشاب الذي يمتّ بصلة قرابة للواء «صلاح حجازي».

وقام عميد الأمن الوطني على إثر ذلك بالشكوى للواء «عباس كامل»، وهو أحد الرجال ذوي النفوذ والذراع اليمنى القوية الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» ورئيس مكتبه، والذي ما كان منه إلا أن قام بسحب قضية «ريجيني» من الأمن الوطني وتحويلها للمخابرات الحربية، تحت قيادة اللواء «محمد فرح الشحات» وأصبح الملف تحت إشراف قائد جديد للتحريات، هو الضابط «جلال الدباغ» المعروف باسم «الذباح» والذي جاء وصفه في التقرير بأنه رجل غضوب، متكبر، بارع في تطبيق كل ما هو جديد في مجال التعذيب، وحش آدمي.

صراع الأمن الوطني والمخابرات الحربية

وبحسب الصحيفة، بدأ «الذباح» في العمل على «ريجيني»، والذي كان يجهل أنه مراقب، وفي تلك الأثناء اشتعل الصراع بين الأمن الوطني والمخابرات الحربية، واللذان تنازعا على الشاب الباحث كما لو كان غنيمة، ودخل أيضا وزير الداخلية «مجدي عبدالغفار» في الصراع المحموم، وذلك عن طريق إرسال خطاب إلى «السيسي» (تضمن التقرير فحوى الرسالة) يشكو فيه من تحويل القضية غير القانوني، والمهانة التي تعرض لها الأمن الوطني جراء هذا النقل، وعن عمله ونجاحه في إماطة اللثام عن الشاب الإيطالي والشبكة التآمرية المرتبطة به، مطالبا بعودة القضية من جديد للأمن الوطني.

ويقول التقرير، إنه في فجر 3 فبراير/شباط 2016، قامت المخابرات الحربية بتسليم جثمان «ريجيني» إلى الأمن الوطني، وأمرته بالإسراع في دفن الجثة مع متعلقاته الشخصية في منطقة 6 أكتوبر، وهي منطقة تُستخدم من جانب الشرطة المصرية في إخفاء المحجوزين بشكل غير قانوني والمجهولين، ولكن لم يتم تنفيذ الأوامر كما أرادت المخابرات الحربية.

ففي ذلك الصباح، وفجرا، تواصل مسؤول الأمن الوطني في منطقة ٦ أكتوبر هاتفيا باللواء «الشعراوي»، وأبلغه بالذي حدث وبالأوامر التي تلقاها، اعترض اللواء الشعراوي وأمر ضابطه بأن يتخلص بسرعة من الجثة وأن يتركها في مكان مكشوف، في طريق من الطرق الصحراوية بالقرب من المبنى الذي تم فيه تسليم الجثة من المخابرات الحربية، وأن يحفظ المتعلقات الشخصية لريجيني ويتوجه لمكتبه على الفور ليسلمه إياها.

وهو نفسه «الشعراوي» الذي سوف يخطر بعد ذلك وزير الداخلية «عبد الغفّار» بأنه حفظ المتعلقات الشخصية لـ«ريجيني في خزانه الأمن الوطني».

وقالت الصحيفة، إن رواية التقرير المجهول تطابقت مع ما عاينته على أرض الواقع، فالمسافة بين المركز ونقطة العثور على جثة «ريجيني» لا تتجاوز 2 كيلو متر، أيضا هناك معلومة أخرى تُضفي نوعاً من الصلابة على الرواية وهي أنه في صباح 3 فبراير/شباط الماضي، وعند العثور على الجثة، ذُكر في محضر معاينة الشرطة المصرية بأنه تم العثور على «غطاء يستخدم في العادة من جانب العسكريين» بجوار الجثة (بطانية جيش)، مما يوحي بأن من تخلص من جثة «ريجيني» كانت لديه النية في ترك آثار تؤدي إلى الوصول إلى قاتليه.

لم تنته قصة «جوليو» بموته، بل إنها بدأت، فقد قام «السيسي» في 14 مارس/آذار 2016، بعمل لقاء صحفي مع رئيس تحرير ونائب رئيس تحرير جريدة لاريبوبليكا، وألزم نفسه وبلده بالبحث عن الحقيقة في قضية «ريجيني».

وبعد ذلك وقبل مرور 5 أيام، وفي 19 مارس/آذار الماضي، قام رئيس مكتب «السيسي» اللواء «عباس كامل» بإبلاغ وزير الداخلية بقرار إقالته من منصبه هو واللواء «محمد الشعراوي» رئيس جهاز الأمن الوطني وبأنهم يجب عليهم دفع الثمن نتيجة عدم إطاعتهم للأوامر في دفن الجثة، وبأنهم سوف يكونوا كبش فداء سياسي سوف يقدم لتهدئة الرأي العام في إيطاليا وأوروبا.

وفي هذا اليوم، وليس من قبيل المصادفة، أعلنت جميع وكالات الأنباء الغربية بأن ثمة تعديل وزاري وشيك، لكن في القاهرة أعلن وزير الداخلية تحديه للقرار ولـ«عباس كامل»، وقال له: «إذا كُنتُم رجال فافعلوا، اطردوني إن استطعتم، سوف أتوجه الآن فوراً إلى مكتبي وسأنتظر أن يتم إخطاري رسمياً»، بحسب الصحيفة.

وفي اليوم التالي 20 مارس/آذار 2016 توجه «عباس كامل» مسرعا إلى مكتب وزير الداخلية، واعتذر عما حدث في الليلة السابقة، وأبلغه ببقائه في منصبه مع اللواء «الشعراوي»، بعد ذلك بأربعة أيام وفي ٢٤ مارس/آذار تم تصفية ٥ أشخاص مصريين أبرياء والإعلان عن أنهم من تورطوا في قتل «ريجيني».

وتوترت العلاقات بشكل حاد بين إيطاليا ومصر، على خلفية مقتل «ريجيني» البالغ من العمر 28 عامًا، والذي كان متواجداً في العاصمة المصرية، منذ سبتمبر/أيلول الماضي لتحضير أطروحة دكتوراه حول النقابات العمالية في مصر، لكنه اختفى يوم 25 يناير/ كانون الثاني الماضي في أحد أحياء محافظة الجيزة، المتاخمة للقاهرة، قبل العثور على جثمانه ملقى بجانب أحد الطرق السريعة، غرب المدينة، في 3 فبراير/ شباط الماضي.

وعلى خلفية الواقعة، أعلنت إيطاليا، في 8 أبريل/ نيسان، استدعاء سفيرها في مصر، للتشاور معه بشأن القضية، التي شهدت اتهامات من وسائل إعلام إيطالية للأمن المصري، بـ«التورط في قتل الباحث، وتعذيبه»، بينما تنفي السلطات المصرية صحة هذه الاتهامات.

يشار إلى أن استطلاعًا للرأي، أجراه التلفزيون الرسمي الإيطالي الشهر الماضي، كشف عن اعتقاد غالبية الإيطاليين، بـ«مسؤولية السلطات المصرية عن مصرع ريجيني».

وكانت تقارير غربية عدة، اتهمت الداخلية المصرية بـ«التورط في قتل الطالب الإيطالي»، لكن وزير الداخلية اللواء «مجدي عبد الغفار»، نفى ذلك الاتهام، خلال تصريحات صحفية سابقة، وأعلن فتح تحقيقات في الحادث.

 

  كلمات مفتاحية

ريجيني إيطاليا الأجهزة الأمنية المصرية العلاقات الإيطالية المصرية

مؤشرات على قرب تسوية أزمة «ريجيني» بين مصر وإيطاليا

مصر تسلم إيطاليا تحقيقات ووثائق جديدة تتعلق بمقتل «ريجيني»

مصر تسلم إيطاليا سجلات اتصالات هاتفية متعلقة بقضية «ريجيني»

اختراق مصري لـ«إيميل» الإيطالي «ريجيني» يجدد التساؤلات حول مقتله

«إريك لانج».. «ريجيني» جديد قديم في مصر

نيابة روما: فرضية مصر بشأن مقتل «ريجيني» على يد عصابة إجرامية كاذبة

صحيفة إيطالية: مصر تتعمد تضليلنا بتحقيقات مقتل «ريجيني»

إيطاليا تشترط صدور تقييم النيابة في قضية «ريجيني» قبل عودة سفيرها لمصر

مصر تتهم «العفو الدولية» بالتحريض ضدها في مقتل «ريجيني»

«إيني» تتلقى عروضا لبيع 20% من حصتها في حقل ظهر شمالي مصر