الإرهاب والديانات: المسلمون ليسو أكثر عنفا من أتباع الديانات الأخرى

السبت 11 أكتوبر 2014 07:10 ص

نُشر هذا التقرير عام 2013، ونعيد نشره تزامنا مع إعادة إنتاج الحرب على الإرهاب“. 

على عكس ما يدّعيه المتعصبون أمثال بيل ماهر؛ فإن المسلمين ليسو أكثر عنفًا من أتباع الديانات الأخرى، ومعدل القتل في معظم العالم الإسلامي قليلٌ للغاية مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

بالنسبة للعنف السياسي؛ فإن المسيحيين في القرن التاسع عشر قتلوا عشرات الملايين خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية والاضطهاد الاستعماري. هذه المذبحة المروّعة لم تحدث لأنّ المسيحيين الأوروبيين كانوا أسوأ من غيرهم أو يختلفون عنهم، لكن لأنهم كانوا أول من يصنع الحرب ويسعون لنموذجٍ وطني. في بعض الأحيان قِيل إنّهم لم يتحركوا باسم الدين لكن باسم القومية. لكن في حقيقة الأمر؛ الدين والقومية يتداخلان بشدّة. العاهل البريطاني هو رأس الكنيسة في إنجلترا، وذلك كان يعني شيئًا في النصف الأول من القرن العشرين على الأقل. هل كانت الكنسية محليّة في كلٍ من السويد وإسبانيا؟ وهل كانت في واقع الأمر لا ترتبط بالكاثوليكية؟ هل كانت الكنيسة ومشاعر فرانشيسكو فرانكو تجاهها لا تلعب دورًا في الحرب الأهلية؟ ما ينطبق عليه ينطبق على غيره: معظم العنف من جانب المسلمين تسبب فيه أشكالٌ من القومية الحديثة أيضًا.

أنا لا أقول إن المسلمين قتلوا أكثر من مليوني شخص أو مثلهم من خلال عنف سياسي وقع على مدار القرن التاسع عشر، وأخص بالذكر حرب العراق-إيران 1980-1988م والحروب السوفيتية وما قبلها في أفغانستان التي يتحمل الأوروبيون جزءًا من مسئوليتها.

بنظرة مقارنة مع الحصيلة الأوروبية المسيحية؛ دعنا نقول 100 مليون (16 مليون في الحرب العالمية الأولى، و60 مليون في الحرب العالمية الثانية – برغم أن بعضهم كان ينتسب إلى البوذيين في أسيا – وملايين أكثر في الحروب الاستعمارية).

بلغاريا – نعم، غزت الكونغو وقُدّر عدد الضحايا بأكثر من نصف السكان آنذاك؛ والذي بلغ حوالي 8 مليون نسمة.

بين 1916-1930م؛ الإمبراطورية الروسية والقوات السوفيتية – التي كانت تواجه ثورة أسيا المركزية في محاولة للتخلص من المسيحيين (ثم الماركسيين)، الدور الأوروبي – القوات الروسية قتلت قرابة المليون ونصف. ولدان ترعرعا أو وُلدا في أحد هذه المناطق (كازاخستان) قتلا أربعة أفراد وأصابا العديد بجراحٍ خطيرة. إنه لأمرٌ فظيع، ومع ذلك لم يوجد شخص في روسيا أو أوروبا أو أمريكا الشمالية كان لديه فكرة بسيطة حول ما عانته مناطق أسيا الوسطى من مجازر خلال الحرب العالمية الثانية وقبلها وبعدها، وما ترتب على ذلك من سلب الكثير من ثروات سكانها. روسيا عندما غزت بوحشية منطقة القوقاز ووسط أسيا وسيطرت عليها كانت أرثوذكسية غربية، (بدا أنها تُعيد نشأتها كإمبراطورية مسيحية!).

بعد ذلك؛ مات بين نصف المليون والمليون شخص جزائري في حرب الاستقلال عن فرنسا 1954 – 1962م، في وقت كان عدد سكان الجزائر فيه لا يتخطى 11 مليون نسمة.

أستطيع أن أذكر أكثر وأكثر، ففي كل مكان غزته أوروبا في قارتي إفريقيا وأسيا تجد جثث الضحايا..الكثير من جثثهم.

وهذا ما أُفكر فيه الآن؛ ربما القول بأن مائة مليون شخص قُتلوا على أيدي أوربيين مسيحيين خلال القرن التاسع عشر هو عددٌ أقل من المتوقع بكثير.

أما بالنسبة للإرهاب الديني؛ وهذا أيضًا عالمي. باعتراف الجميع؛ نشرت بعض المجموعات الإرهاب كتكتيكٍ في أوقات دون أخرى لخدمة أهدافها. نشره الصهاينة في فلسطين خلال الانتداب البريطاني؛ حيث كان يمتلكون مجموعاتٍ إرهابية تتحرك لتنفيذ عمليات في فترة الأربعينيات من القرن الماضي. ومن وجهة النظر البريطانية وخلال الفترة بين 1965 – 1980م وضعت وكالة الاستخبارت الأمريكية (إف بي أي) رابطة الدفاع اليهودية على رأس أخطر المجموعات الإرهابية؛ (بعض أعضائها خططوا لاغتيال العضو الجمهوري داريل عيسى بسب لأصوله اللبنانية).

والآن عرف القوميون اليهود طريقهم بشكل كبير ما دفعهم للتخلي عن الإرهاب، لكنهم قد يعودون إليه على الأرجح إذا فقدوا بوصلة طريقهم مجددًا. في الحقيقة؛ فإن أحد الادعاءات التي يسوقها الساسة الإسرائيليون كمبررٍ لاحتلالهم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية التي اغتصبوها هو أن هذه المحاولة لإعادة انسحابهم قد تتسبب في اندلاع عنف؛ وأعني بذلك: المستوطنون لا يمارسون الإرهاب فقط ضد الفلسطينيين، لكن يشكّلون تهديدًا يتربص بأمن إسرائيل (تمامًا كما كشف رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين).

وحتى في الآونة الأخيرة؛ فإنه من الصعب رؤية مزيدٍ من الاختلاف بين تيمورلان تسارناييف الشيشاني وباروخ جولدشتاين الذي مرتكب مجزرة الخليل.

لقد كان هناك قصفٌ وحشيٌ لمزار «أجمير» الهندي من قِبل «بهافيش باتل» وعصابة القوميين الهندوس، وبصورة تقشعر لها الأبدان فقد أصابهم القلق والضيق عندما أخطأ القصف الثاني؛ لأنهم لم يشبعوا نهمهم من الدمار الذي حلّ وقد كانوا يريدونه بشكل أكبر. مزار «أجمير» يزوره الصوفيون والهندوس، وأرادت العصابة المتعصبة وقف الخطابات الروحية والمخاطبة للعقل لأنهم يكرهون المسلمين.

البوذيون ارتكبوا الكثير من الإرهاب والعنف بكافة أشكاله أيضًا. فالكثير من أتباع البوذية الموجودين في اليابان دعموا التسلط العسكري في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وقد قدّمت قياداتهم اعتذرًا لاحقًا عن هذا الأمر. وفي الثلاثينيات من القرن الماضي كانت هناك عملية اغتيال أونو شيرو في اليابان. واليوم الرهبان المسلحين في بورما/ميانمار يحرّضون على الإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهينجا.

بالنسبة للمسيحيين؛ فإن جيش الرب الأوغندي شن أعمالاً إجرامية تسببت في نزوح مليوني شخص. وعلى الرغم من أنها طائفية إفريقية، إلا أنها مسيحية في نشأتها، وخرجت من رحم البعثات التنصيرية الغربية العاملة في القارة السمراء. وإذا وجهنا اللوم للدعاة الوهابيين في السعودية بسبب طالبان، فلماذا لا نلوم البعثات التنصيرية على ما أنتجته؟

على الرغم من أعداد الأوروبيين المسلمين الكبيرة؛ فإنه بين 2007 – 2009م جاءت أقل من 1% من العمليات الإرهابية في تلك القارة ارتكبها أفراد من نفس المجتمع.

الإرهاب هو تكتيكٌ للمتطرفين الذين يوجدون في كل دين، كما يوجدون في الأديان العلمانية أمثال الماركسية أو القومية. لا يوجد دين – بما فيها الإسلام – يُشجّع على العنف العشوائي ضد الأبرياء.

قد يُعتبر نوعٌ غريب من العمى أن يُنظر إلى مسيحيي أوروبا على أنهم لطفاء بينما المسلمون لا يعرفون سوى العنف، بعد كل ما ذكرته عن آلة القتل خلال القرن التاسع عشر. الإنسان هو الإنسان، والأجناس صغيرة ومتشابكة للغاية لدرجة أنك تستطيع أن تفرق بشكل ملحوظٍ بين مجموعة وأخرى. ويلجأ الناس للعنف بدافع الطموح أو الانتقام، وكلما كانوا أقوياء كلما ارتكبوا عنفًا أشد. الأخبار الجيّدة تكمن في أن عددًا من الحروب تتراجع بمرور الوقت، وأن الحرب العالمية الثانية – أضخم مقبرة للجثث في التاريخ – لم تتكرر.

المصدر | جون كولي، إنفورميد كومينت

  كلمات مفتاحية

الإرهاب

ردا علي هجوم «شارلي إيبدو»: وقوع اعتداءات مسلحة على مساجد ومطاعم في فرنسا

«شارلي إيبدو»: مغالطات كارثية

رئيس الرابطة الكاثوليكية الأمريكية: رسامو «شارلي إبدو» تصرفوا كبلطجية فاجرين

رئيس وزراء فرنسا السابق: «الدولة الإسلامية» وليد مشوه لسياسات الغرب «المتغطرسة»

فرنسا بين الإرهاب والعنصرية

مذيعة «فوكس نيوز» تستشهد بـ«السيسي» وتدعو لإبادة «الإسلاميين الرادكاليين»!

«ميركل»: الإسلام جزء من ألمانيا .. وعلي علماء المسلمين توضيح صورته الحقيقية

جامعة أمريكية تسمح لطلابها المسلمين برفع الأذان من أعلى برج كنيسة بالحرم الجامعي

لا تجرحوا مشاعرنا.. فتألموا من غيرنا

جذور وأسباب العنف الإسلامي في الغرب

«الإندبندنت» تستنكر تجاهل الإعلام الغربي مقتل 3 طلاب مسلمين في أمريكا

الإسلام «أخَّر» أوروبا !

الإسلام والتوحش: معالم من معارك الغرب الدعائية

الاستهبال الدولي

بعد منع اللحية والحجاب .. طاجيكستان تعتزم منع تسمية «الأسماء العربية»!

سياسي فرنسي يدعو لحظر الإسلام في بلاده وطرد المسلمين وسحب جنسيتهم

الجيش الألماني يُعين إماما من أجل الجنود المسلمين

رئيس وزراء فرنسا: الإسلام جزء من بلادنا وسيبقى فيها

نائبة بريطانية ثمانينية تطالب بحماية المسلمات من «الشريعة»