«تشاتام هاوس»: انخفاض النفط ساعد الخليج في إصلاح قطاعات الطاقة والمياه والغذاء

الثلاثاء 14 يونيو 2016 03:06 ص

قال مركز «تشاتام هاوس» إن الانخفاض العالمي في أسعار النفط ساعد في تمكين دول الخليج المصدرة للنفط في العمل على إصلاح قطاع الطاقة والمياه وأسعار الغذاء في بلدانهم حيث أن أسعار الوقود المحلية في هذه البلدان سوف تبقى أقل من أسعارها في الأسواق الدولية.

وأضاف، في ورقة بحثية حول الإصلاحات في أسعار الوقود والغذاء وبقية المرافق في دول مجلس التعاون الخليجي، أن استمرار الإصلاحات سيعمل على التأثير في قطاع الأعمال والاقتصاد السياسي في دول الخليج خاصة في السعودية التي تعد الدولة الأقل في العالم من حيث قيمة الضرائب على الوقود والغذاء. كما أن التغيير في أسعار الغاز والديزل محليا سوف يؤثر في الصناعة، وربما يؤدي لإعادة النظر في بعض عقود الغاز في دولة الإمارات مثلا.

وتؤكد الورقة أن ارتفاع أسعار الوقود يجب أن يؤدي إلى زيادة الكفاءة في قطاع الطاقة والمياه والتحويلات المالية في داخل الحكومة وقطاع الخدمات اللوجيستية والصناعات الزراعية، وأنه، في بعض البلدان الخليجية، لن يتم تحفيز التغيير إلا من خلال تفكيك بعض المرافق.

وعلى الرغم من أن هذه الإصلاحات لا تعرض للمرة الأولى، لكنّها تمثل تهديدا للعقد الاجتماعي القائم في دول الخليج، فضلا عن أنها تأتي في ظل تهديدات إقليمية. كما أنها تتجاوز خفض الدعم إلى تنويع واسع النطاق وخطط لفرض ضرائب على بعض المنتجات لأول مرة.

وتؤكد الورقة البحثية على ضرورة الانتقال السلس في أنظمة التسعير لتكون أكثر كفاءة وأن يتم إعادة التوزيع بشكل ذكي خاصة في البحرين والسعودية وعمان مع العمل على الاستفادة القصوى من القطاعات الجديدة خاصة قطاع الطاقة المتجددة الذي ينبغي أن يلقى تشجيعا من الحكومة.

مشكلة سياسية

وترى الورقة إن إصلاح أسعار الوقود والمياه والكهرباء يمثل مشكلة سياسية في دول مجلس التعاون الخليجي، ليس فقط لأنها تمثل جانبا راسخا للعقد الاجتماعي ولكن أيضا لأنه لا الحكومة ولا المستهلكين يدركون تماما تكاليف وقيمة الموارد.

وتنوه إلى أن أسعار الطاقة والمياه في دول مجلس التعاون الخليجي هي من بين أدنى المعدلات في العالم.

وحتى وقت قريب ظلت المياه مجانية في قطر وإمارة أبوظبي وبأسعار ضئيلة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، على الرغم من ارتفاع كميات الوقود اللازمة لتحلية مياه البحر ومعالجتها.

وأدت السياسات السابقة إلى نمو الاستهلاك في دول المجلس في كافة القطاعات. وبدأت الحكومات خلال السنوات الأربع الماضية بالاعتراف علنا بأن الأمور تتجه إلى مستويات لا يمكن لها أن تتحملها في الإنفاق الحكومي. ولهذا وضعت خطط للإصلاح خلال الفترة الماضية لكنها لم تكن تعرض للجمهور. وجرت بعض التعديلات الطفيفة في الرسوم الجمركية وتسعير المياه مثلما حدث في دبي في 2008 و2011 وكذلك في السعودية وعمان.

الغاز الطبيعي

وتنوه الورقة إلى أن الغاز الطبيعي يعد أمرا أساسيا لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. حيث يرتبط به قطاع الطاقة والمياه، والبتروكيماويات إضافة إلى صناعات الأسمدة (كمادة وسيطة وكذلك لتوليد الطاقة) وغيرها من الصناعات في كل البلدان الستة.

ويتم تصدير الغاز الطبيعي بكميات كبيرة من قبل قطر وفي أحجام أصغر من أبو ظبي وسلطنة عمان. وعلى الرغم من امتلاك المنطقة 22% فقط من احتياطات الغاز المؤكدة في العالم إلا أن قيود العرض هي مصدر قلق لجميع الدول باستثناء قطر. فالبحرين حتى الآن نفذت عملية تدريجية لإصلاح سعر الغاز الداخلي: حيث أحدثت ارتفاعا قدره 11% في مايو/أيار 2015. وتضاعف سعر الغاز المنزلي في عمان في يناير/كانون الثاني عام 2015. وقد حذت السعودية حذوها في يناير/ كانون الثاني عام 2016. وللمرة الأولى، فصلت الحكومة السعودية سعر مبيعات الغاز (غاز الميثان)، ملزمة أساسا لقطاع توليد الطاقة، عن الإيثان الذي قفز بمعدل  133% ويؤثر هذا التغيير على القرارات التجارية في قطاع البتروكيماويات أيضا.

الغذاء والوقود

سوف تبقي الحكومات عينها على أسعار الغذاء التي ستميل للارتفاع مع ارتفاع قيمة وقود النقل وهذا يمكن أن يصبح وقودا للثورات الشعبية مثل ما حصل في مصر 2011 ونيجيريا 2012 ، حيث تستورد دول الخليج 90% من احتياجاتها وقد كانت الأسعار منخفضة مع انخفاض أسعار النفط.

كما فتح ملف رفع الأسعار في مجال وقود النقل نقاشا كبيرا في دول الخليج حيث يعد من أكثر القضايا حساسية نظرا لتأثيراته على كبار المستهلكين وعلى مجالات أخرى مثل أسعار المواد الغذائية. من ناحية أخرى هناك أمور مثل الازدحام في المدن والتلوث اللذان يحثان نحو اتخاذ قرار بإصلاح الأسعار.

من زاوية أخرى فإن ارتفاع أسعار الوقود اللازمة في الصناعة سوف تؤثر على مجال الكهرباء وضخ المياه والزراعة والقطاعات الصناعية مثل قطاع الاسمنت التي ستتأثر أيضا لكن ارتفاع وقود النقل مع دول مثل السعودية التي يوجد بها مسافات بين المدن سوف يكون له التأثير النفسي الأكثر إلحاحا حيث يهرع الناس في طوابير في السعودية لملء الخزانات عند محطات البنزين قبل ارتفاع الأسعار وهو ما حدث سابقا أيضا.

الدفاع عن إصلاح الأسعار

وأفادت الدراسة أن المدافعين عن إصلاح الأسعار في دول الخليج يدورون حول 3 أسباب وهي:

1- الارتفاع الحاد في أسعار النفط الذي كان عاملا مهما في ميزانية الحكومات في العقد الماضي، وأن الاعتماد على النفط ازداد بقوة في دول مجلس التعاون حتى القطاعات غير النفطية التي هي في الحقيقة معتمدة على النفط بشكل أو بآخر. ولهذا لابد من إصلاح أسعار الوقود والغذاء والخدمات حتى يتم تحقيق التوازن في الميزانية العامة.

2- وجود احتمالات لعصر يبلغ فيه سعر النفط في حدود 50 دولارا مع عدد الآبار الكبير التي يتم حفرها في الولايات المتحدة والتي ستجلب للسوق كميات ضخمة من الإنتاج، وأن اتجاه الأسواق في المستقبل هو وفرة العرض.

3- التوجه نحو نظم الطاقة الأنظف والأكثر ذكاء والأكثر مواكبة للارتفاع السريع في الاستهلاك.

تشير الإصلاحات أن التغيير التدريجي في دول مجلس التعاون يعد ممكنا، ونظرا لالتقاء المصالح وزيادة الضغوط الاقتصادية، فإن الإصلاحات لن تستمر على نحو سلس حيث يوجد بعض العثرات حيث هناك قلق من الآثار التضخمية في مجال العمالة الوافدة وتكلفة أجورها في كافة القطاعات وخاصة قطاع النفط الذي قد يعيش شللا أو تراجعا.

يتعين على الحكومات أن تضمن برامج تدريجية في ترشيد استخدام الوقود وفي رفع الأسعار حيث أن اضطرابات المنطقة تخلق حساسية كبيرة في مجالات التغيير المطلوبة في السياسات الداخلية.

واختتمت الدراسة بعدة استفسارات مستقبلية مفتوحة حول إمكانية ضبط التوازن بين الفئات الأكثر ثراء والأكثر فقرا في الخليج ومنع حدوث الشعور بعدم العدالة، وكذلك السؤال المهم حول مدى إمكانية الاستفادة من الفرص التي يتيحها ارتفاع الأسعار لتطوير القطاعات الجديدة .

المصدر | تشاتام هاوس

  كلمات مفتاحية

السعودية دول الخليج أسعار الوقود الدعم إصلاح الدعم انخفاض أسعار النفط النفط رفع الدعم

«ستراتفور»: كيف يمكن أن تؤثر سياسة النفط السعودية على خطط الإصلاح الاقتصادي؟

«بلومبيرغ»: التغييرات الحكومية السعودية جزء من خطة الإصلاح الاقتصادي

«صندوق النقد»: خطط الإصلاح الاقتصادي لدول الخليج مشجعة

400 ألف سعودي من مستحقي الدعم ينتظرون الفرز الثاني للإسكان

«بلومبيرغ»: لماذا تخشى السعودية المضي قدما نحو الإصلاح الاقتصادي؟

10 نقاط جديرة بالنظر حول رفع الدعم عن البنزين ومشتقات البترول في الإمارات

بشرى للعرب؟!

دول «التعاون الخليجي» ضمن العشر الأكثر عالميا في شح المياه

واشنطن بوست: ميزانيات البيوت تنضب وخزائن شركات النفط تنتفخ