صفقة البوينج تبطل قرارا منذ 1993 بحظر بيع الطائرات الأمريكية إلى طهران

الاثنين 20 يونيو 2016 09:06 ص

تكشف صفقة بعدة مليارات من الدولارات من قبل شركة بوينج لبيع طائرات مدنية لإيران عن انفراجة كبيرة في العلاقات المالية والدبلوماسية والنفسية بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، وتبطل هذه الصفقة قرارا سابقا من إدارة «بيل كلينتون» قبل 23 عاما حين منعت مثل تلك الصفقات وقامت بتوفير الطائرات للسعودية بدلاً من إيران.

تحدث «بروس ريدل»، المسؤول المخضرم بالأمن القومي في أربع إدارات للولايات المتحدة، إلى «المونيتور» حول حرص شركة بوينج وشركات الطيران الأمريكية على البيع لإيران عندما أتى «كلينتون» على رأس الإدارة في 1993. وأن الشركات قد جادلت أن مثل تلك الصفقات تعزز من سلامة الطيران وتدعم الانفتاح الدبلوماسي للولايات المتحدة مع إيران، ونفس تلك البراهين تذكر اليوم.

وأضاف «ريدل» أن «كلينتون» بالرغم من ذلك الجدال كان ملتزماً بالفعل بسياسة «الاحتواء المزدوج» للعراق وإيران التي تهدف لكبح جماح كلتا الحكومتين. لقد كان «حريصاً على ألا تتكبد بوينج الخسائر لصالح إيرباص مثلما كان حريصاً على الإحتواء المزدوج، لذا خرجنا بفكرة إمكانية جعل السعوديين يشترون من بوينج».

وتابع «ريدل»: «سافر وزير التجارة رون براون إلى الرياض لإقناع السعودية بشراء طائرات من بوينج تبلغ قيمتها 6 مليارات دولار. وبذلك لن تضغط بوينج لإتمام البيع لإيران». كما تابع «ريدل» أن الحديث كان حول أن «هذه الطائرات هي الأفضل في العالم. وإذا أتممتم هذه الصفقة سوف نمنع بوينج من البيع لإيران. وبذلك تضربون عصورين بحجر واحد».

لم يكن القرار فقط في ذلك الوقت بمنع البيع لإيران، القرار الأهم لإدارة «كلينتون» كان لمنع صفقة كبيرة للتنقيب عن البترول بين إيران وشركة كونوكو عام 1995وفرض حظر شامل على التجارة أو الاستثمار الأمريكي في إيران، بزعم أنها كانت تدعم الفصائل الفلسطينية للقيام بأعمال «إرهابية» ضد الإسرائيليين. وبينما استمرت العقوبات الأمريكية ضد إيران، ومنها ما يتعلق بالإرهاب، فإنّ الإتفاق النووي الأخير اشتمل استثناءً محدداً لتزويد إيران بالطائرات المدنية وقطع الغيار الخاصة بها والخدمات المتعلقة بها.

وأضاف «ريدل»: «لو تمت هذه الصفقة، ستكون تغيراً جذرياً في السياسة الأمريكية».

بالنسبة للإيرانيين، ستكون هذه الصفقة دليلاً قاطعاً على فوائد (خطة العمل الشاملة المشتركة) وستعالج المشكلة المزمنة للسلامة. فالعديد من الطائرات المدنية المملوكة لإيران قديمة، بما فيها طائرات البوينج التي اشترتها إيران قبل ثورة 1979، ولديها نوعاً من المشاكل والأعطال الميكانيكية القاتلة.

وقد استجاب مسؤول إيراني بارز بالرد على بريد إلكتروني من «المونيتور» بشرط عدم الكشف عن هويته، حيث صرح بأن صفقة البوينج «خطوة هامة تبين أن كل الأطراف يمكنهم الاستفادة من تطبيق (خطة العمل الشاملة المشتركة). إنّ إيران منفتحة على التعامل مع الشركات الأمريكية الأخرى، بما فيها جنرال إلكتريك وآخرين».

وبسؤاله عن تقييمه للأمر، تحدث «ناصر هاديان»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، في تصريح للمونيتور: «على الرغم من خطأ قرار العقوبة بمنع بيع الطائرات المدنية لإيران منذ البداية، فإنّ بيعها الآن بلا شك يعزز من القوة الناعمة للولايات المتحدة في نظر عامة الإيرانيين. كما يلعب في صالح مناصري الصفقة في إيران أيضاً. يمكنهم الآن البرهنة على أن ثمار (خطة العمل الشاملة المشتركة) قد بدأت في النضج تدريجياً وأصبحت سهلة المنال بشكل متزايد». وأضاف «هاديان»: «هي صفقة جيدة للإقتصاد الأمريكي بخلق فرص عمل جديدة، وجيدة للإيرانيين حيث يمكنهم الآن السفر بشكل آمن».

تؤكد الصفقة، التي تقدر بحسب مصادر في شركة بوينج بنحو 17 مليار دولار وتشمل تسليم 100 طائرة في خلال 10 سنوات، على أن إيران ستستمر في تنفيذ (خطة العمل الشاملة المشتركة).

واستجابةً لاستفسار من «المونيتور» أرسلت شركة بوينج بياناً تعترف فيه بأن الصفقة تتوقف على موافقة حكومة الولايات المتحدة، والتي أعطت الشركة الضوء الأخضر لبدء المفاوضات مع طيران إيران.

وجاء في البيان: «نحن نتفهم أن الوضع في المنطقة معقد وغير مستقر. وإذا تعين على حكومة الولايات المتحدة العودة لفرض عقوبات تمنع بيع الطائرات التجارية لخطوط طيران إيران، فستوقف الشركة كل أنشطة البيع والتسليم وفقاً لقانون الولايات المتحدة».

ومضى البيان بالقول بأن شركات الطيران الغير أمريكية «تسوق منتجاتها وخدماتها بشراهة لخطوط الطيران الإيرانية». بما فيها إيرباص التي حصلت على موافقة من البرلمان ببيع 118 طائرة لإيران بـ 25 مليار دولار.

وأضاف البيان: «يمكن للسوق الإيراني الذهاب لشركات الطيران في البلدان الأخرى، إضافةً إلى الوظائف التي تذهب مع فرص التجارة تلك، أو يمكن للشركات والعمال الأمريكيون المشاركة فيما يتوقع له أن يكون سوقاً نامياً لعقود قادمة». وتابع البيان: «وفقاً لوزارة التجارة، فإنّ صادرات الطيران تدعم مئات الألوف من الوظائف الأمريكية».

واعترفت الشركة أن مصادر تمويل الصفقة لم تحدد بعد حتى الآن، ولكنها عقبت: «سيتم الدفع وفق الامتثال الكامل للعقوبات الأمريكية».

 لازالت البنوك الأمريكية ممنوعة من التعامل المباشر مع إيران، ف يحين أن البنوك غير الأمريكية الكبيرة تمانع عودة الدخول في السوق خوفاً من المخاطر السياسية ومخاطر التأثير على سمعتها.

وفي تصريح لـ«إيلين لايبسون»، وهي زميلة بارزة في المجلس الأطلسي ومركز ستيمسون، والتي خدمت أيضاً في مجلس الأمن القومي خلال فترة إدارة «كلينتون»، أخبرت «المونيتور» أن الطيران المدني كان دائماً مجالاً واعداً للتعاون الأمريكي الإيراني. وقالت: «هناك منطق في ذلك». ولكنها حذرت: «هذا أيضاً هو البداية الأولى لعملية من الممكن أن تنتهي إلى تعامل أضعف أو ربما لا تحدث أبداً».

يتعين على إيران إعطاء ضمانات حول استخدام الطائرات في الأغراض المدنية فقط، وأنها لن تحولها لتوفير الأسلحة والمواد الأخرى لفصائل مثل حزب الله أو حكومة «بشار الأسد» في سوريا. ومما جاء على لسان «ريدل» أن إيران قد استخدمت طائرات مدنية في الماضي في مثل تلك الأغراض العسكرية.

يرى «ريدل» أن تلك الصفقة ربما تصبح ورقة في السياسات الرئاسية، وقال أنه من الأفضل أن يتم الدفع بها لتتميمها خلال عام 2017.

وأضاف «ريدل»: «أراهن على أن هيلاري كلينتون لن تدافع عن شركات الطيران إذا ما كان السؤال حول التساهل مع إيران. أما ما ستفعله بعد يناير/كانون الثاني فهو شيء يمكن لأي أحد تخمينه».

 

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

إيران الولايات المتحدة صفقة البوينج السعودية

إيران تنتظر موافقة الحكومة الأمريكية على شراء 100 طائرة من «بوينغ»

الاتحاد الأوروبي يرفع اسم «الخطوط الإيرانية» من اللائحة السوداء المتعلقة بالسلامة

إيران تعقد صفقة طائرات مع «بوينج» للمرة الأولى منذ عام 1997

مصدر: إيران مهتمة بشراء 50 طائرة «إمبراير»

إيران تشتري 40 طائرة ركاب من «ATR» الأوروبية بقيمة مليار يورو

100 طائرة «بوينج» أمريكية لإيران خلال 10 سنوات

مسؤول إيراني: صفقة «بوينج» تتضمن 109 طائرات

واشنطن عن صفقة إيران و«بوينغ»: لن نغض الطرف عن دعم طهران للإرهاب